الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة في رواية - في كانون يموت الحب حياً- أحمد الحرباوي

نائلة أبوطاحون
(Naela Abutahoun)

2015 / 12 / 23
الادب والفن


بداية أود أن أشكر زميلي الأديب والكاتب الأخ أحمد الحرباوي على إبداعه الأدبي في باكورة أعماله لرواية " في كانون يموت الحب حياً"، وهي الرواية التي قرأتها بتمعنٍ أتفحص المتناقضات في عنوان الرواية حيث كانون ذروة البرد، والحب ذروة الدفء، وكذلك متناقض الموت والحياة.
يكشف هذا التناقض عن علاقة القوة بين أخذٍ وردٍ فيما بين كانون والحب، وبين الموت والحياة حيث يلمس بالسرد الأدبي فعل كانون القوة والقسوة في البرد على المشاعر ورد فعل الحب عبر مسارات الدفء ودهاليز الذاكرة، وبتجاوز كانون الزمان ترحل الحياة وكأنها رحلت إلى موت أو سبات مؤقت.
هنا في التناقض يكمن التوازن الذي تُخضِع فيه بطلة الرواية كلَّ شيء لمشاعرها ورغباتِها، وكأنها تحاول ودون طائل أن تجد التغيير المطلوب نحو مُجمل منظومة الثقافة والقيم والعادات والتقاليد والأعراف علَّ وعسى أن يخرج من تحت عباءة تجربتها ما يقدم للمرأة حلولاً أكثرُ سعةٍ ورحابة لما قد ترى فيه حقاً لحياتها، كما تشتهيها وتحبها، فهي لم تُسدل الستار على تجربتِها بل أخذت منها الدرس والعبرة وقررت أن تواصل مشوارها كامرأة جاء بحر واقعها كما لا تشتهي سُفُنِها، فأبحرت من جديد نحو مسار الاستثمار بالذات، واثبات الذات الأنثوية وقدرتها على الوصول لمواقعَ ونقاطِ ارتكاز تمنحها القوة، فكان التعليم العالي ضمانة استمرارها في البحث عن حلول لواقع المرأة في مَعمعان الثقافة والقيم القائمة على ثقافة العيب، وكأنَّ الذي أرادت أن تقوله أن لا عيبَ مع العلم والمعرفة ، وهو المنحنى الصاعد نحو مجتمعات أفضل.
من الطبيعي أن الكاتب قد قدم للحب عبر روايته أكثر من معنى، فكان معنى الحب العذري إذا جاز التعبير، وكان الحب الوطني للمكان والزمان الفلسطيني، فلم تغفل عين بطلة الرواية عن دورها في حماية معالم ثقافتها وتاريخها حيث تنتمي إلى بيئتها ودورها الوطنيين رغم أنها تفتقد للحماية مما يطوق مشاعرها وأحاسيسها من كل جانب بثقافة العيب على الرغم من أن الحلال بَيّن والحرام بَيّن.
إن إضفاء الحدث والدور الوطني على الرواية، وإلقاء الضوء على الجانب السياسي فيما تعاني منه المدن والأماكن التاريخية في فلسطين من نهب وتزوير لتاريخها عبر ممارسات المحتل الإسرائيلي هذا الإضفاء قدم للحب معنى آخر أوسع وأشمل من الذات، وهي أيضاً الممارسات التي طالت بطلة الرواية سواءً بفقدان خالها شهيداً في مجزرة الحرم الإبراهيمي، أم في اعتقالها ومحاولة ابتزازها وكان قرارها نعم للإخلاص في حبها لوطنها ولا للاحتلال.
جاءت الرواية على وتيرة واحدة أشعرتني بأن الكاتب لم يترك قلمه منذ البداية حتى النهاية بأسلوب سردي على لسان بطلة القصة "ندى" التي نقلت لنا الأحداث من منظورها. فقد أبدع الكاتب في التعبير عن مشاعر وأحاسيس ورغبات بطلة الرواية، وقد أدارت البطلة الأحداث بفردية وكيفية جميلة مشوقة ، حيث صور الكاتب أنثى نهضت من ركام وزحام أحداث قد تكون بالنسبة لامرأة رقيقة هي أحداث جسام لا تقدر عليها بقوتها التي تتصف رغم ذلك عرفاً بأنها ضعيفة، وهي التي استجمعت إرادتها وقرارها بعد دموع انهمرت وصدر حكمها على حب تَمَلَّكَها " بأن أخرج يا ذلك الحب من روحي" فكانت لحظة مصيرية حسمت التناقض ما بين برد كانون ودفء الحب وما بين الموت والحياة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفنان الجزائري محمد بورويسة يعرض أعماله في قصر طوكيو بباريس


.. الاخوة الغيلان في ضيافة برنامج كافيه شو بمناسبة جولتهم الفني




.. مهندس معماري واستاذ مادة الفيزياء يحترف الغناء


.. صباح العربية | منها اللغة العربية.. تعرف على أصعب اللغات في




.. كل يوم - لقاء في الفن والثقافة والمجتمع مع الكاتب والمنتج د/