الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السؤال المطروح : كيف نفهم الوجود ..

سلمان محمد شناوة

2015 / 12 / 24
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


السؤال المطروح : كيف نفهم الوجود ..

ووجود الله ثم وجودي تحديدا ...

فهل أقول لان الله موجود .... فيتبع ذلك بتتابع منطقي إني إنا ( الإنسان ) موجود , لاني إنا احد مخلوقات الله , لا بل المخلوق المفضل عند الله , وبناء ذلك إني إنا الإنسان حين أصل إلى أول درجات الإدراك اعتقد إن الله موجود كمسلمة لا يجوز الحياد عنها وابني عليها وجودي وإيماني بهذا الكون ...

أم أقول إني إنا موجود ثم يتبع ذلك إني ابحث عما حولي فأقول إني لي كيان منفصل وحقيقي وموجود وان لي عقل يفكر بوجودي الخاص , ثم ابحث عن ذاتي والتي اكتشفها بأدواتي الخاصة وعن طريق الحواس والتي تعطيني معرفة أكيدة عما حولي ثم أخضعها للعقل والذي يحلل هذا الوجود .. ثم أصل إلى نتيجة , إن هذا الخلق كله ( الإنسان الحيوان والكون ) موجود , وابحث عن أصل الكون والإنسان حتى أصل إلى نتيجة مفادها انه لابد إن يكون للكون صانع , وانه يستحيل وجود كون بدون صانع , مثل ما هو مستحيل وجود سيارة بدون شركة تصنعها , أو بيت بدون وجود مهندس عامل يبنيه , فاصل إلى نتيجة إن الله موجود .... فيكون نتيجة لذلك يكون الله هو جزء منى .. وثم أصل إلى نتيجة .. إن الله موجود لوجود الإنسان ... وإذا اختفى الإنسان , لأي سبب كان عن وجوه الأرض , يختفي الله معه ...

اعتقد هذه النتيجة ملتبسه , وهي لا ترضي المتدينون , فمن ناحية تؤكد انه لابد إن يكون لكل مصنوع صانع , تصل بك النتيجة , انه إذا اختفى الإنسان يختفي معه الخالق ... وكأنها نتيجة ملغومة , بنيانها الوهن , تدمر نفسها , فماذا يعني انه لا وجود للإله بدون الإنسان , فكأنك تقول انه لولا المخلوق ما كان الخالق , وهي نتيجة عكسية تماما , تدمر ربما كل الفكر الديني , وتؤدي إن يعبد الإنسان نفسه , وتؤدي إن انهيار كثير من القيم الأخلاقية والتي تبنى على أساس العبودية لله ...

اعتقد جازما إن هناك أزمة إيمان وأزمة معرفة لدى الإنسان وهذه الأزمات هي التي تولد عند الإنسان (( القلق والحيرة واليأس والاغتراب )) وهي أهم الأسباب الفكر والذي يولد حقائق يومية للإنسان , وطالما كان الإنسان يبحث عن ما وراء الكون وعن الله وعن الواجد وعن الرازق وعن الأمان والراحة والاطمئنان , لذلك كان دائما بحاجة إلى اله انأ كان هذا الإله . ( الله أو يهوه أو بوذا أو المسيح أو برهما ) ومشكلة الأديان والإنسان.. إن الإنسان في بحثه الدائم عن الإله , يبحث من يعطيه القدرة على الاستمرار بهذه الكون خصوصا مع النقص الواضح في المعرفة , لذلك احتاج للإيمان لان الإيمان يسد النقص المعرفي للإنسان , أو بعبارة أخرى المناطق المتسعة جدا من الفراغات في الحياة والمعرفة , ليصل إلى نتيجة يقتنع بها ويطمئن لها .

أنها المشكلة الأبدية ...مع الإيمان الغبي أو المعرفة الملحدة ...

طالما قالوا إن الإيمان يعطيك كل الاطمئنان ولا يعطيك معرفة , وان المعرفة تعطيك الفكر والفهم والمنطق , ولكن تولد دائما أسئلة تتبعها أسئلة في مسيرة لا نهاية لها وكأن الإنسان محكوم عليه للعودة للإيمان .. حتى يستطيع حل كل الأسئلة الحرجة في حياته , انه القلق والحيرة والاضطراب , والبقاء أحيان في حالة صمت يتأمل هذا الكون ويبحث عن أجوبه مستحيلة , وإيمان مفروض عليه , ولا بد منه لحل نهائي لمشكلة وجوده وقدره وحريته وإرادته والتي يقف دائما في مفترق الطرق بين إن أكون أو لا أكون , وبين إن املك ذاتي , وان يسيرني المحيط حولي , فهل نقول إن القلق والحيرة والاغتراب واليأس , أمور لابد منها حتى يواصل الإنسان البحث عن الحقيقة والتي تكشف له أسباب الوجود ومن هو صانع هذه الطبيعة الطاغية عليه ... أم هو قدر الإنسان والذي ميزه الله عن غيره من المخلوقات وهل بالعقل وحده ميز الله الإنسان , أم انه ميزه كذلك بهذه الطاقات الموجعة , حقيقي موجعة , من القلق والحيرة واليأس والاغتراب , حتى يبقى في حالة أزمة دائمة تفرض عليه الاستمرار بالسير إلى الإمام , حتى يعرف كيف يحول حياته إلى إبداع من كل نواحي الحياة , ولو لم يكن هذا القلق والحيرة موجودة في حياته ما تمكن الإنسان من صنع المستحيل في حياته , ولظل مثل باقي المخلوقات وجودها اليوم مثل وجودها قبل مليون سنة لم يتغير فيها شيء ...

حقيقة إن مجرد التفكير في الإنسان وقدراته وحريته ومسئولياته والنظام الأخلاقي لديه , هو تفكير مذهل بالدرجة الأولى , لأنه الوحيد من الكائنات الحية والذي يستطيع إن يصنع قدره ومستقبله وواقعه .. وحتى يخطط لمستقبله ... هو كيان خاص وكأن له القدرة بالتحكم بالكون .. لأنه بكل بساطة ييأس ويحتار ويقلق كثيرا فيفكر فيخرج بالحلول الناجحة لحياته ...

يقول سارتر ((وقد عبر سارتر عن الفكرة الجوهرية في هذا الشأن بقوله: ( كان لابد أن يشعر جيلان بوجود أزمة في الأيمان وأزمة في ميدان العلم، لكي يضع الإنسان يده على تلك الحرية الخلاقة التي كان ديكارت قد أودعها بين يدي الله وحده، ومن أجل أن يطمئن الناس أخيرا إلى تلك الحقيقة التي تعد الأساس الرئيسي في كل نزعه إنسانية وهي: أن الإنسان هو الوجود الذي يتوقف وجود العالم على ظهوره) .

" الإنسان هو الوجود الذي يتوقف وجود العالم على ظهوره " ماهذا الكلام ماذا يعني , انه كلام خطير يتوقف عليه نتائج مزعجة , فعلا مزعجة , وهل يريد إن يقول لنا سارتر إن الإنسان هو الأساس وما بقى هو شيء ثانوي , وان الكون كل الكون هذا لا يساوي شيء بدون الإنسان , وكأن هذا الكلام غلو في قيمة الإنسان , وكأن هذا الكلام يجعل الإنسان هو الخالق والمخلوق في نفس الوقت ...

اخشي إن يقول الكثيرون ماهذا الهراء ....

وربما هو هراء حقا , وربما هو كلام غير مفهوم , وربما هو كلام يجعل المؤمن يتوقف عن إيمانه ويفكر قليلا , ويقول , لماذا إنا موجود , ولماذا وجودي يختلف عن وجود غيري , ولماذا إنا بالذات لا شبه لي أبدا في هذه الإنسانية كلها , لماذا حياتي تختلف , وإعمالي تختلف , وبداياتي ونهاياتي تختلف , هل يمكن في جدل غبي ربما .. إن نقول انه لا يمكن أي شخص يأخذ دور شخص أخر , انه وجود محير فعلا , يدمرنا بالسؤال والحيرة والقلق , ثم ومره أخرى يجبرنا للعودة للإيمان مجبرين لا مخيرين ...

كم هم سعداء هؤلاء المؤمنون حقا , بأيمانهم لأنهم تركوا الأسئلة والبحث لأمثالنا نحن المغرمون بمغامرة العقل الأولى والأخيرة ... نبحث لأنفسنا عن هدف ومعنى , وهؤلاء المؤمنون ناموا براحة وابتسامة وتركوا القلق لنا نحن نبحث بهذا الليل بين نجوم السماء ومسافات المجرات البعيدة عن هذا الكون الفضفاض جدا لدرجة الإبداع والقلق والحيرة .


أن الفلسفة الوجودية حينما قامت إنما جاءت مناقضة صريحة وعاملة في اتجاه مضاد لتلك الحركات الجماعية وتلك الفلسفات التي تدعو إلى صب الناس في قوالب معينة من ناحية الاعتقاد والتفكير وأسلوب الحياة ونوع السلوك. فهي فلسفة في وضع مقابل لكل حركة تقيميه، ولكل مشروع جماعي ولكل طائفة تتخذ ضروباً معينة لا تتعداها من القواعد والآراء.

يقول ياسبرز: (يكفي للفرد أن يوجد، فبهذه الواقعة نفسها نتجاوز الموضوعية. وهذا هو مبدأ كل فلسفة للوجود. ولا أهمية لها إلا في نظر الأشخاص الذين ارتضوا أن يكونوا أنفسهم، واختاروا الوجود الحقيقي الأصل، لا الوجود الزائف المبتذل , وهذا الوجود يبدأ من الصمت، وينتهي بالصمت، وغايته الوحيدة هي التعبير عن الوجود والوصول إلى الوجود ).

وأهم خاصية تميز هذا النمط من التفلسف هي أنه يبدأ من الإنسان ولا يبدأ من الطبيعة. إنه فلسفة للذات Subject، أكثر منه فلسفة للموضوع Object فالذات هي التي توجد أولاً… والذات التي يهتم بها الوجوديون ليست هي الذات المفكرة، بل هي الذات الفاعلة، الذات التي تكون مركز للشعور… الذات التي تدرك مباشرة وعينياً في فعل الوجود المشخص.

يرى مارسيل أنه حينما يشعر الإنسان بالاغتراب وما يصاحبه من يأس وقلق، يشعر في قرارة نفسه بالحاجة إلى الوجود الحق، ويتولد لدى الإنسان الإحساس بأن هذا العالم ليس إلا حيز من واقع مستور محجوب عنه. حينها يكون بمواجهة سر من الأسرار، ولا حل له، لأنه ليس مشكلة، وهو حاضر حضوراً دائماً، ونحن نشارك في هذا السر دون أن نمتلكه، ونتعرف عليه ونشعر به وبدون أن نحيط بمعرفته أو نسبر غوره تماما .

وأخيرا ...

من نحن حقاً ... فإذا تجرد الإنسان من اسمه وقبيلته وجنسه ووطنه ولونه , ماذا يكون , فهل هي أسماء سميتموها انتم وإباءكم , فهي صنعة إنسانية ليس إلا , فحين نختار اسم المولد فأنت ميزته عن باقي الأسماء .. وحين يولد عربي أو عجمي أو أمريكي أو إفريقي .. فهو اخذ هذه الصفة وظل يحافظ عليها طوال حياته , وأصبحت قدره وربما حياته وموته .. وكذلك وطنه وجنسه ..فالذكر والأنثى يولدون لا يعرفون معنى الذكورة والانوثه .. إلا بعد ما يفهمونها من مجتمعهم الإنساني .. والوطن وتمسك الإنسان به محكوم بولادته في مجموعة بشرية معينة ... ونقول ماذا يكون الإنسان حين يتجرد من هذه الصفات كلها , ماذا يكون حقا , اعتقد انك حتى تصف تحتاج إلى اللغة واللغة محكومة أيضا بواقعنا الإنساني وصناعتنا الإنسانية ...

إذا كل شي محكوم بواقعنا الإنساني , أليس هذا الواقع الإنساني هو صناعة إنسانية ..

اجل أنها صناعة إنسانية بحته , حتى في بحثنا الدائم عن الخالق هي صناعة إنسانية , الإنسان هو الذي يقوم بتا منذ الولادة إلى الوفاة , ولقد كانت وسيلة الله إلى الإنسانية هم الأنبياء , وهؤلاء بشر , وحتى الملائكة لم يكن لهم قدر الإنسان وحكمته وقسوته ودمويته , مجرد إن تغمض عينيك , وتحاول إن تفك قيود الإنسانية فيك , من اسم ووطن وجنس ولون .. تصبح كائن أخر لا يمكن أبدا وصفك بأي صفة , فماذا تكون ؟

اخبرني أنت بعد ان تفكر ... ماذا تكون ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دعوات في بريطانيا لبناء دفاع جوي يصُدُّ الصواريخ والمسيَّرات


.. جندي إسرائيلي يحطم كاميرا مراقبة خلال اقتحامه قلقيلية




.. ما تداعيات توسيع الاحتلال الإسرائيلي عملياته وسط قطاع غزة؟


.. ستعود غزة أفضل مما كانت-.. رسالة فلسطيني من وسط الدمار-




.. نجاة رجلين بأعجوبة من حادثة سقوط شجرة في فرجينيا