الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثورة الإسلام على الظلم

فوزي بن يونس بن حديد

2015 / 12 / 25
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



زعمت الثورة الفرنسية أنها الأولى التي رفعت شعار الحرية والعدل والمساواة بعد أن ذاق الشعب الفرنسي ويلات العذاب من الكنيسة الكاثوليكية التي كانت مسيطرة على الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية مما أدخل البلاد في ظلم وظلمات لم تر مثلها، وكان الفرنسيون يعيشون في عصور الظلام تحت وطأة القهر والاستبداد والانحطاط الخلق والإنساني، مارست على إثرها الكنيسة كل طقوس العبودية والإذلال للإنسان وجعلت مصيره بأيدي الكهنة والمشعوذين من الطائفة الكاثوليكية، وبعد أن وصل الفرنسيون بهذه المذلة إلى مرحلة من الاقتناع أنه لا بد من الفكاك من الارتباط الديني لأنه لا يمنح الإنسان الاطمئنان ولا العيش بسلام، انقضوا على النظام القائم آنذاك وافترسوا كل مبادئ الكنيسة المعتادة، وخلّصوا أنفسهم من كل ارتباط روحي وبدني، وأشعلوا ثورتهم التي كتب التاريخ أنها من أشهر الثورات ضد الظلم والاستبداد في تاريخ البشرية.
وقد تأثر كثير من أبناء الأمة الإسلامية بهذا المنحى، وظن أن ذلك ينطبق على الإسلام باعتباره دينا يكبّل الحريات ويقضي على كل ما هو حرية، خاصة بعد ظهور جملة من الفتاوى الدينية التي تعسّر على الناس حياتهم وتجعلهم كأنهم يعيشون حياة القساوسة والرهبان، فانبرت مجموعة من الشباب المسلم إلى هذا الفكر ونشره بين الجموع مستنيرين مبادئهم من الثورة الفرنسية كما يزعمون وكأنها هي المرجع الحقيقي للقيم التي رفعوها: حرية، عدل ، مساواة، وحاولوا غرس هذه القيم باعتبارها قيما ناضل من أجلها الغرب لفك ارتباطه بالدين، وقد نجح في ذلك وبنى ديمقراطيات ودولا ما زال أثرها إلى اليوم باقيا.
غير أن العاقل الذي يبحث في التاريخ الإنساني ومتى وقعت الثورة الفرنسية يرى بوضوح ومما لا يدع مجالا للشك أن هذه المبادئ الثلاثة التي ناضل من أجلها الفرنسيون جاء بها الإسلام منذ أربعة عشر قرنا من الزمان، حين كانت الجاهلية في أوج ظلمها واستبدادها وتخلفها، كان العرب يتقاتلون، ويأكل القوي منهم الضعيف، ولا حظّ للمرأة في شأن من شؤون الحياة فهي متاع للرجل، لا ترث ولا تورث وتصير نجسة عندما تعتريها حالات الحيض والنفاس فيثقلونها بالأغلال ويرهقونها بالمهمات، كان الضعفاء منهم يعيشون القهر والظلم والاستبداد والتخلف، وكانت تجارة الرقيق والعبيد منتشرة بينهم بشكل غير مسبوق، ونظام الجواري لم يحدثه الإسلام بل كان العرب الأثرياء هم من كانت لهم جوارٍ كثيرات وحسب الرغبة والقدرة، وفي ظل هذا الوضوع المأساوي الذي كان يعيشه الإنسان العربي عموما في ذلك الوقت حدثت ثورة دينية، وتدخلت العناية الربانية وشاءت القدرة الإلهية أن تبعث فيهم رسولا منهم يخرجهم من الظلمات إلى النور، من ظلمات الجهل والتخلف والأمية، إلى نور العلم والتقدم والازدهار.
فقد كان مولده صلى الله عليه وسلم ومن ثم بعثته ثورة في تاريخ البشرية، ثورة على مبادئ العبودية والإذلال والظلم والاستبداد التي كان عليها العرب في الجاهلية إلى مبادئ الحرية والعدل والمساواة، هذه الثلاثية التي تفرد بها الإسلام ونادى بها، نادى بتحرير العبيد من العبودية، وبتحرير المرأة من الإذلال والمهانة، والإنسان من التبعية والتقليد إلى التأمل والاجتهاد، وأقام العدل والمساواة " لا فرق بين عربي وأعجمي ولا بين أبيض وأسود إلا بالتقوى" فلا المال ولا الجاه ولا السلطان ولا اللون ولا العرق ولا الحسب ولا النسب كان المعيار، بل المعيار الوحيد المقبول هو التقوى، أي مدى قربك لله بالالتزام بمبادئ الدين وفعل الخير والإقبال على مساعدة الغير وتحقيق إنسانية الإنسان.
فالقول بأن الثورة الفرنسية لها السبق في نشر مبادئ الحرية والعدالة والمساواة قول ينطوي على مغالطات تاريخية كبيرة ينبغي لأبناء الأمة التحقق منه، حتى لا يتحملون وزر التاريخ، فالأمة الإسلامية لها رصيد كبير في هذا المجال يفوق الثورة الفرنسية بأضعاف ما جاءت به والدليل على ذلك الدولة الإسلامية التي أقامها سيد المرسلين محمد صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة فقد كانت مثالا رائعا ونموذجا غير مألوف من الترابط بين الدين والسياسة، جعلت الدين في خدمة السياسة ، فازدهرت بذلك الأمة ووصل علماؤها إلى آفاق العلم المتطورة في وقت كانت تعيش أروربا أسوأ عصورها ومن يريد أن يخفي هذه الحقيقة كمن يريد أن يخفي ضوء الشمس بغربال.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحية لك : أنا لا أخفي الشمس بالغربال
سيلوس العراقي ( 2015 / 12 / 25 - 16:29 )
شكرا لمقالك الرائع جدًا
في الحقيقة ان
الدولة الإسلامية التي أقامها سيد المرسلين محمد صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة فقد كانت مثالا رائعا ونموذجا غير مألوف من الترابط بين الدين والسياسة، جعلت الدين في خدمة السياسة، فازدهرت بذلك الأمة ووصل علماؤها إلى آفاق العلم المتطورة في وقت كانت تعيش أروربا أسوأ عصورها ومن يريد أن يخفي هذه الحقيقة كمن يريد أن يخفي ضوء الشمس بغربال

انا أشجع كل المسلمين في العالم ليعيدوا بناء دولة الرسول محمد دولة العدالة والحرية والمساواة
لأن الشعوب العربية والاسلامية اليوم وغدا بحاجة ماسة اليها جدا على كافة المجالات
وليخسأ الغرب وأنظمته غير العادلة والظالمة والمتعسفة والمستعبدة والحقيرة

ليس للمسلمين من مستقبل ولا حياة ممكنة لهم خارج نظام دولة اسلامية كالتي أسسها النبي محمد
وليخسأ ويفشل ويخسر أشد خسارة كل أحمق يدعو المسلمين الى نظام غير اسلامي بحسب سنة ودستور النبي
احترم رأيك الصريح والواضح جدا جدا
لأن هذه هي الحقيقة الوحيدة التي يجب أن يكون عليها المسلم المؤمن
ومن المستحيل أن يغطيها أحد بالغربال
تقبل احترامي

.


2 - مقال لا سند له ولا مراجع. مجرد ثرثرة
أمية بن أبي الصلت ( 2015 / 12 / 25 - 18:13 )
عزيزي الكاتب، ليس كل القراء من جماعة سمعنا وأطعنا وجماعة آمين. عندما تكتب يجب عليك ذكر مصادر ومراجع والإستدلال بالتاريخ. فإن لم تفعل فمقالك لن يكون إلا مجرد ثرثرة وترديد ببغائي لا نفع منه.
هذا زيادة عل الخرافات التي في مقالك من قبيل أن الجاهليين كانوا متخلفين وأن الإسلام حرر المرأة وأعطاهاحقوقا. لا تضحك على ذقوننا فكل كتب التراث الإسلامي تكذّب إدعاءاتك.


3 - نعم والف نعم ان الاسلام ثورة على الظلم
فهد لعنزي ـ السعودية ( 2015 / 12 / 26 - 11:17 )
الاخ الكريم فوزي بن يونس بن حديد بعد التحية: نعم والف نعم انها ثورة على الظلم والذي لا يصدقك اقول له تعال ـ الى السعودية ـ وسترى العدل واساسه هو لا يجوز الخروج على الحاكم وان كان ظالم. اطعه وان جلد ظهرك وهتك عرضك. ان كان الحاكم عادلا فله الاجر ـ يالله ـ وعليك الشكر .وان كان طالما فعليك الصبر وعليه الوز. (يا الله ما اروعها من عدالة). لعلك تقول ان هذا ليس من الاسلام. ان هذه الفتوى هو استناد على احاديث وردت في هذا الشان وبتاييد من دار الفتوى والبحوث والذي يراسها عبد العزيز آل الشيخ بل آل الشيخ. اخي الكريم العآئلة الحاكمة تسكن القصور ونحن نسكن القبور وفضلهم علينا لانهم ظل الله في ارضه.السؤآل متى كان الاسلام ثورة ضد الظلم ومؤسسيه قاتلوا بعضهم بعضا لان فيهم ظالم ومظلوم فعن اي ثورة تتكلم؟.هل المتاجرة بالبشر ثورة على الظلم؟؟. هل غزو البلدآن الامنة ثورة على الظلم والغازون هم الظالمون؟. اخي الكريم هذا هو الاسلام منذ نشاته اللهم الا اذا كان هناك اسلام لا نعرفه او مثاليات غير قابلة للتطبيق .عندما قامت الثورة الفرنسية كانت الدولة العثمانية نحكم المسلين فهل الثورة اخذت مبادءها من عدل آل عثمان ؟

اخر الافلام

.. فلسطينية: العالم نائم واليهود يرتكبون المجازر في غزة


.. #shorts - 49- Baqarah




.. #shorts - 50-Baqarah


.. تابعونا في برنامج معالم مع سلطان المرواني واكتشفوا الجوانب ا




.. #shorts -21- Baqarah