الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أمهاتنا من زاوية آخرى

احمد عبدول

2015 / 12 / 30
الادب والفن


يولد الانسان من ابوين , حيث يضعه آباه في الذ اوقاته ,واسعد حالاته ,اما امه فتحمله وهنا على وهن , وتنوء بثقله ضعفا على ضعف ,فيكون له من انفاسها نصيب مقسوم, ويقتطع له من روحها قدر معلوم ,حتى اذا وضعته وهي تقترب من شهقات الموت ,وتعاني نزعات الطلق ,ليخرج للنور وليدا , وليبصر الضياء واجما ,تعهدته بالرعاية ,واحاطته بالعناية ,ترضعه خالص لبنها ,وتغذيه من بين حنايا اضلعها ,فاذا ما شب عن الطوق ,تجدد خوفها ,وتزايد فرقها ,ترمقه بنظراتها ,وتلاحقه بتنهداتها , تتبعه اتباع الفصيل اثر امه ,وترافقه مثل ظله ,فهي اقرب اليه من حبل الوريد ,وهكذا يستمر مشوارها ,وتطول مسيرتها, مع فلذة كبدها ,وثمرة فؤادها , ليبقى الابن بعد ذلك كله ,صغيرا في نظر والدته, قاصرا في عين من سهرت عليه اناء الليل واطراف النهار ,وكيف لا وقد عجنت بماء الرحمة ,وسقيت من كأس الرأفة ,جراء كل ما تقدم يشب الولد, ويكبر الابن ,وقد رسم لوالدته صورة ناصعة , كالثوب الابيض او هي اشد بياضا ,وهو في ذلك غير ملوم ,وبما ذهب غير معنف ,وكيف لا وقد تتدلى غصنه من تلك الشجرة ,وتفرع عوده من تلك الدوحة ,والمرء لا يلام على حب امه, ولا يؤخذ بغرام والدته, وقد وضعت تحت اقدامها الجنات, وازلفت ابواب المكرمات ,فحازت مالم يحوزه حائز ,وفازت بما لم يفز به فائز .
كل ذلك ونحن ننظر الى امهاتنا بمنتهى الاكبار, ونرنو لهن بأقصى درجات الاجلال ,ونحن في ذلك لا نوفيهن عشر معشار افضالهن علينا صغارا وصبية ورجالا وشيبة ,الا ان هنالك امرا لا بد من التوقف عنده ,والتصدى لحقيقته .فنحن كأبناء وبحكم ما تمتلكه امهاتنا من منازل رفيعة ومراتب سامقة في نفوسنا , قد لا نستطيع النظر الى طبيعتهن الا انها اقرب الى طبيعة الملائكة منها الى طبيعة البشر, وهن لا شك كذلك في ما يخص ابناءهن وابناء ابناءهن من احفاد واسباط , الا ان الامر قد يختلف كثيرا بالنسبة الى امهاتنا خارج نطاق اسرهن وابناءهن .نحن جميعا ننظر الى امهاتنا على انهن لا يخطئن ولا يذنبن ولا يقصرن ,فلا يجوز عليهن ما يجوز على سائر ابناء البشر, من خطأ وزلل ومعصية ,الا ان حقيقة الامر ليست كذلك , فمن يحتكم على قدر معلوم من الفطنة , نصيب محدود من التبصر ,يصل الى حقيقة لا مفر منها , ولا مهرب من مواجهتها , يتخوفها للوهلة الاولى ,لكنه سرعان ما يجد نفسه ازاء امر لا بد منه .ان من يجد قوة النقد داخل نفسه يصل لا محالة ان والدته ليس ملاكا, وامه ليس مثالا, كما كان يتصور في مراحل صباه ,وبواكير ايامه فأنما والدته بشر يجري عليها ما يجري على غيرها ,من حب وكره, وضعف وقوة ,وشر وخير , الى اخر تلك الاعراض التي جبلت عليها الانفس وعجنت الطبائع فأمهاتنا لم يبعثن الى الدنيا كما عهدناهن ,ولم يأتين كما عرفناهن ,فقد مررن بأدوار الطفولة ,وخبرن ايام الصبا ,وجربن مراحل النضج والاكتمال .
ان من يتصفح احوال والدته خارج نطاق عيالها ,يجد ان الكثير من حولها قد يشكلون عليها, ويؤشرون على عدد من العيوب والمساؤى التي تتميز فيها وتنفرد بها عمن سواها , فقد يصل الامر ببعض الامهات ان يكن سببا في عقوق ابناءهن, وخراب بيوتهن .
الحق ان من يتوافر على مساحة معينة , من النقد اتجاه اقرب الناس اليه واعزهم على فؤاده ,سوف يكون على مستوى عال من ممارسة النقد اتجاه كل ما يحيطه من افكار واعراف وتقاليد ومعتقدات وهو امر قد يحتاجه الكثير منا عاجلا ام اجلا .
اخيرا قد يكون هذا اخر ما سوف اكتبه لعام 2015, لذلك لا يسعني الا ان اشكر كل من تفضل علي بقراءة ما اكتب, من غث وسمين ,,وضعيف وقوي , وجديد ومكرر, ضار ونافع , متمنيا للجميع عاما تتحقق فيه امالهم ,وتتجسد طموحاتهم ,كذلك اثني على ادارة موقع الحوار المتمدن, الذي من علينا بنشر ما يجول في دواخلنا ,ويمور في افئدتنا , فكان في ذلك غايتنا النبيلة, ووجهتنا الجليلة, والله الموفق.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الصدمة علي وجوه الجميع.. حضور فني لافت في جنازة الفنان صلاح


.. السقا وحلمى ومنى زكي أول الحضور لجنازة الفنان الراحل صلاح ال




.. من مسقط رأس الفنان الراحل صلاح السعدني .. هنا كان بيجي مخصوص


.. اللحظات الأخيرة قبل وفاة الفنان صلاح السعدني من أمام منزله..




.. وفاة الفنان المصري القدير صلاح السعدني عن 81 عاما