الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حول -الهوية الدرزية-...

فاضل الخطيب

2016 / 1 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


يدور الحديث هذه الأيام بين الدروز السوريين حول مبادرة تحمل عناوين عن أهمية وضرورة ترميم وحماية "الثقافة الدرزية"، وذلك بعد تهميش وتشويه من نظام الأسد وصل إلى غالبية مفاصل "المجتمع الدرزي"، وقد يكون هذا مفهوماً ومبرراً من البعض، وقد يصب هذا في حماية جانب من الثقافة العامة للمجتمع السوري المتنوع، وطبعاً لا يجوز أن يخلق ردات فعل وتشنج في غير محلها، ولا يجب أن يعني هذا أو يحمل تحريضاً ضد ثقافة الآخرين، وهذا لا يمنع، بل من الواجب الاستئناس بآراء دروز الدول المجاورة. لماذا الحديث عن الفكرة المطروحة حول ما يسمى "الهوية أو الثقافة الدرزية" يحمل تشنجاً وردود فعل انفعالية يقرأها البعض بشكل أوتوماتيكي أنها تعني "الانفصال"؟ لماذا لا يحمل تفنيداً وحججاً تبين مخاطره أو صعوبة تحقيقه؟ لست من أنصار الفكرة ولست من "رعايا" راعيها، بل قد تكون لي ملاحظات وأسباب تجعلني أبعد عنه من الكثيرين، لكنه يجب التعامل مع الموضوع بطريقة بعيدة عن مفردات الخزان الثقافي المثقوب حول اللحمة الوطنية وتعابير إنشائية أكلها الصدأ. مناقشة الفكرة لا تعني فتح جبهات أو حفر خنادق، ولا تستوجب إفناء الآخر في مستنقع التخوين، حتى لو كان هناك ما يدعو للأسئلة والشكوك.
يجب الاعتراف أن هناك خلل كبيرٌ، أو أن ما كان بالأمس مناسباً أو مقبولاً، قد لا يناسب غداً، وهذا جوهر رأيي وملاحظاتي حول الموضوع، والذي كتبته في ردي ضمن رسائل داخلية وصلتني قبل شهور قليلة:
(الداخل هو الحلقة الرئيسية، والخارج متمم مساعد للداخل وليس بديلاً عنه.. الرؤية السياسية الإدارية؟ هل حكم ذاتي؟ أم تطوير وتفعيل الإدارة المحلية؟ أم إعلان الاستقلال؟ أنا أعتقد أنه قد يكون السير نحو شكل بين تطوير وتفعيل وتوسيع الإدارة المحلية وبين الحكم الذاتي، والسعي لتوضيح حقيقة العلاقة بين دين الدروز والأديان الأخرى، وإظهار التباين بدون تقية وتأكيد المصادر الرئيسية الفلسفية لدين الدروز والإقرار بكل صراحة على اعتبار دين الدروز ليس مذهباً إسلامياً، وأعتقد أن القضايا التي تمس الدين يجب التشاور حولها مع رجال الدين والزمان في لبنان وفلسطين والمهجر أيضاً.. كيف يمكن الوثوق إلى "هيئات الإسلام السني" التي لم تفعل شيئاً لمنع تسنين دروز إدلب من قبل جبهة النصرة؟ أنا لست مع فتح أي جبهة "دينية" مع أي فريق أو جماعة، لكنني مع السعي الحثيث للخروج من ذلك النفاق المتبادل حول قول مشيخة العقل أن الدروز جزء من الإسلام وقول رجال الدين الإسلامي الكبار أن الدروز جزء من الإسلام، وأعتقد أن كلا الطرفين لا يقول الصراحة والصدق، وشاهدنا صراحة جبهة النصرة مع دروز إدلب..
"أنا لا أشكك بالنوايا الطيبة وراء ذلك "المشروع"، لكنها ربما تحمل مخاطر كبيرة، وقد لا تكفي "الجرأة" في طرح وتبني هكذا مشروع..
قد أتفق مع الكثير من توصيفك لأكثر القضايا التي طرحتها في هذه المسودة، لكنني أعتذر أن أكون عضواً في هذه الحركة..).

الاهتمام بالثقافة ورعايتها وتطويرها شيء، وشيء آخر محاولة استعمالها حصان طروادة للانعزالية وما في حكمها، أو جسراً لإقامة كيان درزي مستقل. بصراحة لا يوجد عندي رأي إيجابي عن بعض المدافعين عن ما يُسمى "حماية الهوية أو الثقافة الدرزية"، وقد تكون الأسئلة المطروحة والغائبة أو المخفية حول تلك المبادرة أكثر من التي ظهرت للعلن، لكن ذلك لا يستدعي التخندق بهذه الطريقة التي لمسناها خلال الأيام الماضية وذلك بعد تسريب أخبار عن لقاء قد يدعو للتساؤل ووضع إشارات الاستفهام حوله، وأنا هنا لا أعتقد أن كل تلك الأفكار بريئة، بل ربما هناك مشجعين سياسيين من خارج الحدود. ما أريد قوله وبدون تشنج، ربما يعتقد أصحاب الفكرة تلك أن التقسيم قاب قوسين، إن لم يكن بعد سقوط الأسد سيكون لاحقاً، وأعتقد حتى لو كان لتلك الهواجس ما يبررها، لكنه أن يبدأ الدروز بطرح ذلك والعمل عليه قبل غيرهم يحمل ذنباً تاريخياً وأخلاقياً، رغم أن السياسة و"حق تقرير المصير" لا يخضع للقيم الأخلاقية. أنني ضد قيام كيان درزي مستقل، وبصراحة ليس بسبب اللحمة الوطنية وما في حكمها من شعارات، بل بسب استحالة العيش والتنمية في ظل ظروف ومعطيات الجبل وموقعه الجغرافي وثرواته الطبيعية الضعيفة جداً، وبسبب خصوصية دين الدروز ورؤية الإسلام له بدون تغليف ونفاق متبادل، يعني بصراحة أن مقومات حياة هذه الجزيرة الدرزية الصغيرة الفقيرة ضمن ذلك المحيط السني الغني بكل مقومات الحياة تكون أكثر صعوبة، لكنني مع العمل وبكل قوة لجعل منطقة الجبل أو محافظة السويداء تتمتع بإدارة ذاتية حقيقية وبشيء من الخصوصية الإدارية التي يمكن أن تكون قريبة من "الحكم الذاتي" ضمن إطار الجمهورية السورية..
فاضل الخطيب، شيكاغو 2 ينايار 2016..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أهلا بكم في أسعد -أتعس دولة في العالم-!| الأخبار


.. الهند في عهد مودي.. قوة يستهان بها؟ | بتوقيت برلين




.. الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين تزداد في الجامعات الأمريكية..


.. فرنسا.. إعاقات لا تراها العين • فرانس 24 / FRANCE 24




.. أميركا تستفز روسيا بإرسال صورايخ سراً إلى أوكراينا.. فكيف ير