الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


منهجية التخطيط والاستثمار

محمد عادل زكي

2016 / 1 / 3
العولمة وتطورات العالم المعاصر


تمهيد وتقسيم
الاستثمار هو، من وجهة نظر المجتمع، استخدام جزء من الموارد الإنتاجية المادية والقوة العاملة الموجودة تحت تصرف المجتمع بقصد الإضافة إلى القدرة الإنتاجية للمجتمع عن طريق خلق وسائل إضافية.
جوهر عملية الاستثمار إذاً هو أن يخصص جزء من القوة العاملة ووسائل الإنتاج في الجماعة، في خلال فترة زمنية معينة، للقيام بنشاط لا يؤدي إلى زيادة السلع الاستهلاكية مباشرة، وإنما بطريق غير مباشر من خلال زيادة إنتاجية العمل في النشاطات التي تنتج سلعاً للاستهلاك النهائي.
ولكي يتمكن هذا الجزء من القوة العاملة من القيام بذلك يتعين أن تكون إنتاجية العمل في النشاطات المنتجة لسلع استهلاكية من الارتفاع لدرجة تسمح للمشتغلين في هذه النشاطات بإنتاج قدر من السلع يزيد عن حاجتهم ليستخدم في إعاشة من يعملون في النشاطات التي تنتج سلعاً إنتاجية.
بعبارة أخرى إذا تصورنا الجماعة مقسمة إلى فريقين: فريق ينتج سلعاً لإشباع حاجات الاستهلاك النهائي، وفريق آخر ينتج سلعاً تستخدم كوسائل إنتاج، فإن إمكانية قيام الفريق الثاني بالنوع الأخير من الإنتاج مشروطة بقدرة الفريق الأول على إنتاج كمية من السلع استهلاكية لا تكفي فقط لإشباع حاجات الاستهلاك النهائي لهذا الفريق ذاته، وإنما كذلك لإشباع حاجات الاستهلاك النهائي للفريق الثاني، الأمر الذي يعني أن الفريق الأول قادر على أن ينتج من السلع الاستهلاكية فائضاً يزيد عن حاجته من هذه السلع. حجم هذا الفائض من السلع الاستهلاكية يمثل إذاً أحد المحددات الجوهرية لمدى النشاط الاستثماري الذي يمكن للمجتمع أن يقوم به.
تحقيق الفائض الاقتصادي إذاً هو شرط البدء في خطة استثمارية طموحة تهدف مصلحة المجتمع بأسره، ولكن تلك الخطة، الطموحة، لا يمكن أن يتحقق وجودها دونما الأدوات الفكرية المستقاة من العلم. بناء عليه سوف نقسم البحث إلى فصلين، ينشغل الفصل الأول بمعالجة الإطار النظري، أي المحددات الأساسية التي تشكل معالم الدراسة العلمية. وفي هذا الفصل ندرس فكرة الفائض الاقتصادي الذي يعد الركيزة الاستثمارية، ثم نتعرف إلى أهم المساهمات النظرية في شأن تجديد الإنتاج الاجتماعي وبصفة خاصة عند فرنسوا كينيه وكارل ماركس وجون مينارد كينز. أما الفصل الثاني فينشغل بتحليل أهم القضايا المركزية في إشكاليات الاستثمار، والتي يمكن تلخيصها في محاولة تكوين الصورة الأكبر الأوضح عن إشكاليات الاستثمار من جهة حجم الاستثمارات. وتوزيعها. وكيفية اختيار الفن الإنتاجي. وأخير مسألة التخطيط الإقليمي لتوطين الاستثمارات المطلوبة. إجمالاً سوف نقسم البحث على النحو التالي:
الفصل الأول: الإطار النظري
المبحث الأول: فكرة الفائض الاقتصادي
المبحث الثاني: الأدوات الفكرية عند فرنسوا كينيه.
المبحث الثالث: الأدوات الفكرية عند كارل ماركس.
المبحث الرابع: الأدوات الفكرية عند جون مينارد كينز.
الفصل الثاني: الإشكاليات المنهجية
المبحث الأول: حجم الاستثمارات.
المبحث الثاني: توزيع الاسثمارات.
المبحث الثالث: اختيار الفن الإنتاجي.
المبحث الرابع: توطين الاستثمارات.
خاتمة.
الفصل الأول: الإطار النظري
المبحث الأول: فكرة الفائض الاقتصادي
إن الكثير من الدراسات التي اهتمت بالتنظير للتنمية الاقتصادية اعتمدت على شقين رئيسيين لمفهوم التراكم الرأسمالي، حيث ربطته بمفهومي الادخار والاستثمار غير أن بعض الدراسات بينت أن ما يخصص للاستثمار من مدخرات لا يتعدى أحد العوامل المؤثرة على سرعة نمو الناتج المحلي.
كما أن المدخرات الفعلية المتحققة بالأجزاء المتخلفة من النظام الرأسمالي العالمي المعاصر لا تكفي لتمويل تنمية الاقتصاد للأسباب المعروفة. لذلك فقد اعتبر الفائض الاقتصادي التي ظهرت فكرته منذ زمن بعيد الدعامة التي ترتكز عليها الاستثمارات في شتى مجالاتها.
والفائض الاقتصادي الفعلي هو الفرق بين الإنتاج الفعلي الجاري للمجتمع واستهلاكه الفعلي الجاري، وهو بذلك يتطابق مع الادخار الجاري، ولكنه يتميز عنه من حيث أن الادخار يأخذ مفهومه من الفرق بين الدخل الفعلي والاستهلاك الفعلي، أي أنه يعتبر الفرق الأمثل بين المفهومين السابقين، والذي يتأثر بالعلم والعقل والترشيد الأقصى لإمكانيات المجتمع، وفقا لأسس موضوعية ولهذا فالفائض الاقتصادي في نظر شارل بتلهايم اكثر إيجابية من الادخار، كما يعتبره الأداة الفعالة للحد من مشكلة الندرة التي تتميز بها اقتصاديات الدول النامية.
وقد يسمو هذا المفهوم إلى درجة المثالية وبالتالي التأثير الإيجابي عندما يتدخل العقل البشري لكي يعمل على ترشيد وعقلانية العوامل المؤثرة فيه، وهي الإنتاج ثم الدخل والاستهلاك، ويفترض تحقيق هذا الفائض قبل كل شيء إعادة تنظيم المجتمع نتيجة القيام ببعض التحويلات في هياكل البناء الاجتماعي، وذلك بترشيد استخدام الموارد بين استهلاك الضروري وغير الضروري، وبين العمل المنتج وغير المنتج، وهذا ما يجعل الفائض الاقتصادي الذي تم ترشيده وتعبئته لأغراض التنمية الاقتصادية أداة لتوسيع الجهاز الإنتاجي وترشيد استخدام الموارد مما يؤدي إلى النهوض بمستوى الدخل الحقيقي. وقد تطرق الباحثون في معالجة هذا البحث إلى التفرقة بين أنواع الفوائض الاقتصادية وتمثلت هذه التفرقة بين ما أطلقوا عليه بـ: الفائض الاحتمالي، والفائض الفعلي والفائض المخطط وسنتعرض باختصار إلى توضيح هذه التفرقة بتعريف كل من هذه المصطلحات فيما يلي:

أولا: الفائض الاحتمالي
وهو عبارة عن الفرق بين الإنتاج الذي يمكن تحقيقه في ظل الظروف الطبيعية والتكنولوجية للمجتمع محل الاعتبار، استخداماً للموارد الإنتاجية الموجودة تحت تصرف القوى العاملة، وبين ما يمكن أن يعد من قبيل الاستهلاك الضروري.
ثانيا: الفائض الفعلي
ويعبر عن الفرق بين ما يمكن للمجتمع أن ينتجه فعلاً وبين ما يمكن أن يستهلكه المجتمع فعلاً، وهذا لا يختلف في مفهومه عن مفهوم الادخار، وهو يعتمد فعلاً على ما هو متراكم من أصول مالية متنوعة.
ثالثا: الفائض المخطط
ويعبر عن الفرق بين الإنتاج والاستهلاك المخطط ويمتاز وجود هذا النوع في الاقتصاديات المخططة. ويشير الاقتصادي بول باران إلى اوجه الضياع التي يتشتت الفائض الاقتصادي الاحتمالي والتي يعد هو العنصر الأساسي في تدعيم تمويل التنمية الاقتصادية في الاستهلاك الكمالي أو غير الضروري، وفي النشاط غير المثمر الذي تقوم به مجموعات كثيرة من الأفراد التي لا يضيف عملهم إلى ثروة المجتمع شيئا كالمرابين والمضاربين والسماسرة كذلك الطاقات المادية المعطلة التي تمتص جانبا من الاستثمارات الجارية في ظل تنظيم غير رشيد، بسبب الممارسة الاحتكارية بالإضافة إلى تبديد جهد كبير من قوة عمل المجتمع والمتمثل في البطالة المقنعة وغيرها. وثمة دراسة قام بها د. عبد الهادي النجار، بحث من خلالها ظاهرة تعبئة الفائض المنتج في القرية، كما بحث ظاهرة فصل الريف عن المدينة، والتناقض بينهما، في إنجلترا والولايات المتحدة ومصر، ولكن لا تتجاوز الدراسة حدود الإنتاج الزراعي بل هي تجد الفائض الزراعي مرادفاً للفائض الاقتصادي! الأمر الَّذي يوحي، وهو غير صحيح، بأن الفائض لا ينتج إلا في القطاع الزراعي. وإن صح ذلك تاريخياً بحكم الأهمية النسبية الَّتي احتلتها الزراعة في خطط الاستعمار، فالطرح يمكن استكماله، لأن المدينة وإن كانت تؤدي دور الموزع للفائض الَّذي تتحصل عليه من الريف وتعيد ضخه إلى الاقتصاد الأم (المتبوع)، فهي الآن تفعل الأمر نفسه، ولكن بطريقة أخطر، وهي تسريب، بلا وعي غالباً، القيمة الزائدة الَّتي تنتج بسواعد الطبقات المطحونة داخلياً، وبصفة خاصة في قطاع الزراعة والصناعة، إلى الأجزاء المتقدمة من النظام الرأسمالي العالمي. ولنا عودة لمناقشة تلك الإشكالية لاحقاً.
المبحث الثاني
الأدوات الفكرية عند فرنسوا كينيه
(1) تجديد الإنتاج البسيط عند فرنسوا كينيه
يهدف فرنسوا كينيه من بناء نموذجه، هدفاً مزدوجاً يتمثل، كما يقول أستاذنا الدكتور محمد دويدار، في: (1) التعرف على طبيعة عملية الإنتاج الاجتماعي كعملية للإنتاج ولتجدد الإنتاج في الفترة التالية، والتوصل بهذه المناسبة إلى أصل الناتج الاجتماعي وبيان كيفية إنتاجه وتوزيعه بين الطبقات الاجتماعية. (2) التعرف على كيفية تحقيق شروط تجدد إنتاج الناتج الاجتماعي في أثناء عملية التداول، وما يفترضه من تجدد إنتاج الرأسمال الاجتماعي كشرط ضروري لاستمرارية العملية الاقتصادية من فترة إلى أخرى.
لتحقيق هذا الهدف المزدوج يتصور كينيه العملية الاقتصادية عند مستوى معين من التجريد ككل عضوي مكون من أجزاء توجد بينها علاقات اعتماد متبادل. فهو يتصور الأمة مكونة من ثلاث طبقات اجتماعية تتحدد بحسب وظائفها الاقتصادية:
- الطبقة المنتجة: وحيث أن كينيه يرى ان الزراعة هى النشاط الإنتاجى الوحيد والعمل الزراعى هو العمل المنتج الوحيد؛ فإن الطبقة المنتجة هى تلك الطبقة المنشغلة اساساً بالإنتاج الزراعى،
- وهناك الطبقة العقيم: وهى التى تعمل فى أى مجال أو نشاط آخر غير الزراعة والإنتاج الزراعى،
- ثم تأتى أخيراً طبقة الملاك: وهى الطبقة الإجتماعية التى تملك الأرض ولا تسهم فى عملية الإنتاج، وتؤهلها تلك الملكية من التمكن من الريع الذى تدفعه لها الطبقة المنتجة.
ولإستيعاب الجدول الإقتصادى بوجه عام وفكر الفيزيوقراط بوجه خاص فإنه ويتعين أن يتسلح الباحث بثلاث حزم فكرية تمثل فى الوعى بالتقسيم الطبقى الذى اعتمده كينيه فى جدوله، كما تتمثل فى الفروض التى ينهض عليها الجدول، وتتمثل أخيراً فى الوعى بمجموعة مِن الأدوات المنهجية والضبط الإصطلاحى؛ فهناك:
أولاً، مصطلح: Avances Annulles وقد عربه أستاذنا الجليل الدكتور/محمد دويدار، إلى إصطلاح التسبيقات السنوية، وهو الذى يُمثل ذلك الجزء من رأس المال الذى يُخصص للحصول على المواد الأولية التى يجرى تحويلها فى أثناء عملية الإنتاج،.
وهناك ثانياً: Avances Primatives وعربه كذلك أستاذنا الدكتور/ محمد دويدار، إلى إصطلاح التسبيقات الأولية، وهى التى تمثل ذلك الجزء من رأس المال الذى يتمثل فى أدوات الإنتاج المعمرة التى تستخدم فى أكثر من عملية إنتاجية كالمبانى والألات.
وهناك أخيرا: التسبيقات العقارية والتى تتمثل فى ذلك الجزء من رأس المال الموجه لإستصلاح الأرض وتحسينها وشق الترع والمصارف.
وعن الفروض التى يقوم عليها الجسم النظرى للجدول الإقتصادى، فيمكن إجمالها فى:
- أولاً: العمل الزراعى هو العمل الوحيد المنتج،
- ثانياً: لا يأخذ الجدول الإقتصادى فى إعتباره سوى المبادلات التى تتم بين الوحدات الثلاث فقط.
- ثالثاً: إفترض الجدول ان النظام الإقتصادى يعمل فى ظل المنافسة الحرة،
- رابعاً: يفترض الجدول الاقتصادى أداء الإقتصاد القومى بمعزل عن التجارة الخارجية.
(2) الجدول الاقتصادي لفرنسوا كينيه
الناتج الزراعي الذي تبلغ قيمته 5 مليار لا يدخل كلية في التداول الذي يتم بين الطبقات الثلاث. إذ لا يدخل في هذا التداول إلا منتجات زراعية قيمتها 3 مليار وتستبقي الطبقة المنتجة ما قيمته 2 مليار من المنتجات الزراعية داخل القطاع الزراعي لتقوم بدور الرأسمال المتداول في أثناء الفترة القادمة، وهي تأخذ الشكل العيني لمواد استهلاكية ضرورية لمعيشة من يشتغلون بالزراعة (1 مليار) ومواد أولية لازمة للإنتاج الزراعي (1 مليار) كما تدخل في التداول كذلك منتجات صناعية قيمتها (2 مليار). وتكون كل السلع المعدة للتبادل (5 مليار: 3 زراعية + 2 صناعية) محلاً للمبادلات الآتية:
أولاً: تبدأ طبقة الملاك في إنفاق دخلها (وقدره 2 مليار نقود) الذي حصلت عليه في شكل ريع الأرض تدفعه الطبقة المنتجة، تبدأ هذه الطبقة في الإنفاق بشراء مواد غذائية قيمتها (1 مليار) تشتريها من الطبقة المنتجة وتخصصها لاستهلاكها النهائي.
ثانياً: تشتري طبقة الملاك، استخداماً للجزء المتبقي من دخلها النقدي، من الطبقة العقيم سلعاً صناعية قيمتها (1 مليار) تقوم باستهلاكها.
ثالثاً: تشتري الطبقة العقيم من الطبقة المنتجة مواداً غذائية زراعية ضرورية لمعيشتها بقيمة (1 مليار).
رابعاً: لاستبدال الجزء المستهلك سنوياً من الرأسمال الثابت (وهو يساوي 10% من التسبيقات الأولية، أي 1 مليار) تشتري الطبقة المنتجة من الطبقة العقيم سلعاً صناعية إنتاجية (تأخذ الشكل العيني لسلع إنتاجية) قيمتها (1 مليار)
خامساً: أخيراً، تشتري الطبقة العقيم من الطبقة المنتجة مواد أولية زراعية قيمتها (1 مليار)
عن طريق العمليتين (أولاً)، (ثانياً) تنفق طبقة الملاك كل دخلها على شراء سلع استهلاكية، كما تبين العمليات (ثانياً)، (رابعاً) كيف أن الناتج الصناعي ينتقل في مجموعه إلى طبقة الملاك (للاستهلاك النهائي) والطبقة المنتجة (لاستبدال ما استهلك من الرأسمال الثابت)، ومن ثم لا يبقى للطبقة العقيم مما ينتجه، إذ هي لا تستخدم، وفقاً لفرنسوا لكينيه، الرأسمال الثابت، كما انها لا تستهلك منتجات صناعية في استهلاكها النهائي.
المبحث الثالث
الأدوات الفكرية عند كارل ماركس
عقب أن أتم ماركس تحليله للقيمة، وصولاً إلى ثمن الإنتاج، كان عليه أن ينتقل لدراسة تجديد الإنتاج الاجتماعي. وعلى طريقة فرنسوا كينيه، يقسم المجتمع إلى طبقتين: طبقة الرأسماليين، وطبقة العمال المأجورين. ويفترض أن النشاط الاقتصادي يتم من خلال قطاعين: الأول: ينتج أدوات الإنتاج، والثاني: ينتج مواد الاستهلاك. ويوظف كل قطاع قدراً محدداً من الرأسمال الثابت وقدراً آخر من الرأسمال المتغير، وفي نهاية عملية الإنتاج، الَّتي تمثل نقطة بدء لعملية الإنتاج التالية، يتم إنتاج قدراً من فائض القيمة وفقاً لمعدل ثابت، يفترض ماركس هنا كما في كل مكان في رأس المال، مقداره 100%.
وتكون محصلة عملية الإنتاج على صعيد التوزيع أن يحصل الرأسماليون في القطاعين على هذا الفائض في القيمة، والعمال المأجورون، في القطاعين كذلك، على الأجور. وهذا ما يمثل تيار التدفق النقدي. أما التدفق العيني فيتمثل في كتلة من السلع الإنتاجية، أنتجها القطاع الأول، وكتلة من السلع الاستهلاكية، أنتجها القطاع الثاني.
وابتداءً من تلك الافتراضات؛ سوف يستهلك رأسماليو القطاع الأول (كل فائض القيمة)، كما سوف يستهلك العمال المأجورون في القطاع الأول (كل الأجر) في صورة جزء من مواد الاستهلاك الَّتي أنتجها القطاع الثاني. ولكن الرأسمالين والعمال المأجورين في القطاع الثاني يحتاجون أيضاً إلى مواد الاستهلاك الَّتي ينتجونها، ومن ثم سوف يستهلك الرأسماليون في هذا القطاع (كل فائض القيمة)، كما سوف يستهلك العمال المأجورون في القطاع الثاني(كل الأجر) من أجل شراء جزءً من مواد الاستهلاك الَّتي ينتجونها هم. ولأن القطاع الثاني يحتاج إلى مواد الإنتاج الَّتي ينتجها القطاع الأول فسوف يستهلك رأسماليو القطاع الثاني (الَّذين تلقوا لتوهم تدفقاً نقدياً من رأسماليي وعمال القطاع الأول) في صورة جزء من تلك المواد الَّتي ينتجها رأسماليو القطاع الأول. وبالمثل، ولأن القطاع الأول يحتاج إلى مواد الإنتاج الَّتي ينتجها هو، فسوف يستهلك رأسماليو القطاع الأول (الجزء المتبقي تحت تصرفه اجتماعياً) في صورة شراء لجزء، في الواقع الجزء الباقي، من تلك المواد الَّتي ينتجونها هم. ووفقاً لتلك المبادلات أعلاه يتم تجديد الإنتاج البسيط.
وابتداءً من تركيم جزء من فائض القيمة، أي عدم استهلاك فائض القيمة كليةً من قبل رأسماليي القطاعين واستخدام أحد أجزائها كرأسمال (بإضافة: شغيلة جدد، ووسائل إنتاج)، يتم تجديد الإنتاج الاجتماعي على نطاق واسع.
المخطط التوضيحي لتجديد الإنتاج البسيط عند ماركس كالأتي:
-----------------------------------------------
(I) قطاع إنتاج وسائل الإنتاج:
الرأسمال: 4000 ث + 1000 م = 5000
الناتج السلعي: 4000 ث + 1000 م + 1000 ف ق = 6000 في هيئة وسائل إنتاج.
(II) قطاع إنتاج مواد الاستهلاك:
الرأسمال: 2000 ث + 500 م = 2500
الناتج السلعي: 2000 ث + 500 م + 500 ف ق = 3000 في هيئة مواد استهلاك.
وتتم المبادلات على النحو التالي: سوف يستهلك رأسماليو القطاع الأول (1000ف ق)، كما سوف يستهلك العمال المأجورون في القطاع الأول (1000 م) في صورة جزء من مواد الاستهلاك الَّتي أنتجها القطاع الثاني.
ولكن الرأسماليين والعمال المأجورين في القطاع الثاني يحتاجون هم أيضاً إلى مواد الاستهلاك الَّتي ينتجونها هم، ومن ثم سوف يستهلك الرأسماليون في هذا القطاع (500 ف ق)، كما سوف يستهلك العمال المأجورون في القطاع الثاني (500 م) من أجل شراء جزءً من مواد الاستهلاك الَّتي ينتجونها هم.
ولأن القطاع الثاني يحتاج إلى مواد الإنتاج الَّتي ينتجها القطاع الأول فسوف يستهلك رأسماليو القطاع الثاني (2000) في صورة جزء من تلك المواد الَّتي ينتجها رأسماليو القطاع الأول.
وبالمثل، ولأن القطاع الأول يحتاج إلى مواد الإنتاج الَّتي ينتجها هو، فسوف يستهلك رأسماليو القطاع الأول (4000) في صورة شراء لجزء، في الواقع الجزء الباقي، من تلك المواد الَّتي ينتجونها هم. وابتداءً من تركيم جزء من فائض القيمة، أي عدم استهلاكها كليةً من قبل رأسماليي القطاعين، واستخدام أحد أجزائها كرأسمال، يتم تجديد الإنتاج الاجتماعي على نطاق واسع، ويقدم ماركس مخططتين توضيحيين: مع افتراض أن الرأسماليين يستهلكون نصف القيمة ويراكمون النصف الآخر.
المخطط التوضيحي لتجديد الإنتاج الموسع عند ماركس كالأتي:
-----------------------------------------------
المثال الأول:
القطاع (I) 4000 ث + 1000م + 1000ف ق= 6000 في هيئة وسائل إنتاج.
القطاع (II) 1500ث + 750 م + 750 ف ق = 3000 في هيئة مواد استهلاك.
المثال الثاني:
القطاع (I) 5000 ث + 1000م + 1000ف ق= 7000 في هيئة وسائل إنتاج.
القطاع (II) 1430ث + 285م + 285 ف ق= 2000 في هيئة مواد استهلاك.
المبحث الرابع
النظرية العامة لجون مينارد كينز
على صعيد الفكر: يمكن التمييز بين واقع الحياة العملية حيث سيادة الفكر الاشتراكي والماركسي بين صفوف التنظيمات العمالية في أوروبا، وبين سيادة أفكار النيوكلاسيك في الأوساط الأكاديمية. وهنا تحتل النظرية الحدية في الأثمان المسرح الأكاديمي. وبالنسبة للتحليل على صعيد الاقتصاد الكلي، الَّذي ينشغل بآداء الاقتصاد القومي في مجموعه، فقد كانت هذه النظرية ترى أن الآداء التلقائي للاقتصاد الرأسمالي يضمن تحقيق العمالة الكاملة لقوى الإنتاج الموجودة تحت تصرف المجتمع. فإذ ما واجهنا النظرية بواقع الاقتصاد الرأسمالي، حيث البطالة للقوة العاملة وتعطل الموارد المادية وجدناهم يرجعون أسباب الأزمة إلى: أولاً: تنظيم العمال عن طريق تكوين النقابات. وثانياً: بتدخل الدولة في سوق قوة العمل.
على صعيد الواقع: يتحدد تحليل كينز بالاقتصاد البريطاني الَّذي كف عن السير في مرحلة الأزمة في شكلها الدوري، أو الكساد الكبير الذي بدأ بأزمة 1929، ووصل إلى عمقه في 1931/1932 واستمر فعلياً حتى نشوب الحرب العالمية الثانية في 1939.
منهج كينز فى التحليل
1- على الرغم من أن كينز يوجه نقده لفكر يسميه الفكر الكلاسيكي إلا أن الأمر لديه يتعلق أساساً بأفكار للنيوكلاسيك مبنية على بعض أفكار الكلاسيك.
2- تحليل كينز من قبيل التحليل الجمعي الذي ينشغل بآداء الاقتصاد القومي في مجموعه عن طريق التركيز على تقاطع الطلب والعرض الكليين.
3- ينشغل كينز بتحليل آداء الاقتصاد الرأسمالي في الزمن القصير، أي في الزمن الذي تكون فيه الموارد الاقتصادية معطاة دون تغيير في كمياتها.
4 - يتم التحليل في صورة تدفقات نقدية؛ إذ ينشغل التحليل أساساً بدائرة التداول، وينشغل بها ابتداءً من مظهرها النقدي.
5 - منهج كينز له طابع التحليل الاستاتيكي المقارن.
الفروض الأساسية
1- ان كمية الرأسمال، وحالة التكنولوجيا، وأذواق المستهلكين، والأجور النقدية، والأثمان، والهيكل الاجتماعي الذي يحدد نمط توزيع الدخل القومي، كلها ثابتة لا تتغير خلال فترة التحليل.
2- سيادة المنافسة في اقتصاد يسعى فيه المنظمون إلى تحقيق أقصى ربح.
3- ان الاقتصاد مغلق؛ أي لا يدخل في علاقات مع بقية أجزاء الاقتصاد العالمي.
4 - أن المشروعات متكاملة؛ أي أن المشروع يقوم بكل العمليات اللازمة للإنتاج: من إنتاج المواد الأولية حتى تجارة التجزئة.
5 - أن وحدات العمل متجانسة؛ أي متساوية في الكفاءة أو الفعالية.
6- يبني كينز مجمل نظريته على أساس مبدأ مركزي هو مبدأ الطلب الفعال؛ ومؤدى هذا المبدأ:
- ان العمالة الكلية تتوقف على الطلب الكلي.
- ان البطالة تنتج عن عدم كفاية الطلب الكلي.
- مع زيادة حجم العمالة يرتفع مستوى الدخل.
- مع زيادة الدخل الحقيقي يزيد الاستهلاك، وإنما بأقل من الزيادة في الدخل.
- أن الدخل يستخدم في شراء السلع الاستهلاكية والسلع الاستثمارية.
- لكي يكون لدينا طلب كاف لتحقيق الزيادة في العمالة، يتعين أن يزيد الاستثمار زيادة تكون مساوية للفرق بين الدخل وبين الطلب على الاستهلاك.
- يتحدد الطلب على الاستثمار بنوع من الموازنة التي يقوم بها المستثمرون بين الكفاءة الحدية للرأسمال وسعر الفائدة.
- يتحدد مستوى العمالة بتلاقي العرض الكلي والطلب الكلي، أو بتلاقي ما يسميه كينز بدالة العرض الكلي ودالة الطلب الكلي.
أهم الأدوات الفكرية
يستخدم كينز في تحليله مجموعة من الأدوات الفكرية أهمها:
- دالة الاستهلاك الكلي: تعبر العوامل التي تحدد الانفاق على الاستهلاك الخاص، عند مستوى معين من العمالة، عن نفسها على شكل علاقة دالية هي دالة الاستهلاك. هذه الدالة تربط الاستهلاك بالعمالة أو الدخل الحقيقي. ويبين كينز أن الاستهلاك يتغير وفقاً للدخل وفي نفس اتجاه تغير الدخل. بمعنى آخر أن الاستهلاك يتوقف أساساً على الدخل الحقيقي. وتتحدد دالة الاستهلاك هذه بنوعين من العوامل:
1- عوامل ذاتية: تتمثل في نمط سلوك الأفراد الذي تحدده نفسانية الطبيعة الإنسانية، والمؤسسات الاجتماعية وما يجري عليه العمل اجتماعياً. وهذه العوامل لا تتغير في الزمن القصير إلا تحت تأثير أحداث اجتماعية كبيرة ومفاجئة (كحرب أو ثورة) أما في الظروف العادية فهي تتغير ببطء تحت تأثير التقدم الاجتماعي الذي يستغرق زمناً طويلاً.
2- عوامل موضوعية: وأهمها هذه العوامل، التي يمكن أن تؤدي إلى انتقال دالة الاستهلاك الكلي: التأثير في وحدة الأجور. أو التغير غير المتوقع في قيمة الأصول الرأسمالية، أو التغير في السياسة المالية للدولة، أو التغير في سعر الفائدة، أو التغير في توقعات المستهلكين.
وعليه، ينتهي كينز إلى أن الميل للاستهلاك يظل مستقراً في الزمن القصير. فإذا تغير الإنفاق على الاستهلاك فهذا ينتج عن تغير في مستوى الدخل. ولكن إذا كانت المشكلة هي مشكلة زيادة الدخل (عن طريق زيادة العمل) يمكن للعمالة أن تزيد فقط مع زيادة الاستثمار. لزيادة الطلب الكلي الفعال (وبالتالي العمالة) يتعين زيادة الإنفاق على الاستثمار، وهو ما يتحدد بالدافع للاستثمار.
- الدافع للاستثمار: ذكرنا سابقاً أن الاستثمار هو، من وجهة نظر المجتمع، استخدام جزء من الموارد الإنتاجية المادية والقوة العاملة الموجودة تحت تصرف المجتمع بقصد الإضافة إلى القدرة الإنتاجية للمجتمع عن طريق خلق وسائل إضافية.
جوهر عملية الاستثمار إذاً هو أن يخصص جزء من القوة العاملة ووسائل الإنتاج في الجماعة، في خلال فترة زمنية معينة، للقيام بنشاط لا يؤدي إلى زيادة السلع الاستهلاكية مباشرة، وإنما بطريق غير مباشر من خلال زيادة إنتاجية العمل في النشاطات التي تنتج سلعاً للاستهلاك النهائي. ولكي يتمكن هذا الجزء من القوة العاملة من القيام بذلك يتعين أن تكون إنتاجية العمل في النشاطات المنتجة لسلع استهلاكية من الارتفاع لدرجة تسمح للمشتغلين في هذه النشاطات بإنتاج قدر من السلع يزيد عن حاجتهم ليستخدم في إعاشة من يعملون في النشاطات التي تنتج سلعاً إنتاجية.
ولكن، الاستثمار (من وجهة نظر الفرد/الرأسمالي) قد يختلف. فمن الممكن أن يوجد الاستثمار دون أن يرتب زيادة في الطاقة الإنتاجية الموجودة تحت تصرف المجتمع. فالفرد الرأسمالي الحائز لرأسمال نقدي يستطيع أن يستخدمه، لا في بناء طاقة إنتاجية جديدة، وإنما في شراء قيم منقولة (أسهم وسندات) وهي صكوك تمثل أصولاً رأسمالية موجودة بالفعل. فالمشتري لأسهم شركة صناعية مثلاً إنما يشتري صكوكاً تمثل جزءً من رأس مال الشركة الموجودة بالغعل. وهذا الفعل يعد استثماراً (من وجهة نظر الرأسمالي) أما بالنسبة للمجتمع فهو لم يضف أية طاقة إنتاجية جديدة!
في تحليل كينز، يقتصر مفهوم الاستثمار على شراء السلع الإنتاجية بقصد الإضافة إلى الطاقة الإنتاجية الموجودة في الاقتصاد القومي؛ لأن هذا الفعل وحده هو الذي يخلق عمالة وناتج اضافيين.
ويتعين في هذا الصدد أن نفرق بين نوعين من الاستثمار: الاستثمار الذاتي (المستقل)، والاستثمار المشتق (التابع).
1- الاستثمار الذاتي: فيتمثل في كل استثمار يتم اتخاذاً لقرارات مستقلة عن مستوى الدخل، أي دون أن تكون له علاقة مباشرة بمستوى الدخول الجارية.
2- الاستثمار المشتق: فهو ذلك الاستثمار الذي يتقرر استجابة لزيادة في الطلب على السلع الاستهلاكية، وهذه الزيادة عادة ما تتحقق تحت تأثير الزيادة في الدخل.
- العرض الكلي: الأصل العام في النظام الرأسمالى أن المنظم يتخذ قرار الإنتاج على نحو مستقل من أجل البيع وتحقيق الربح النقدي، وإذا ما توقعوا تحقيق ايرادات في فترة مستقبلة؛ يقدمون على الانفاق على شراء المدخلات المختلفة المستخدمة في عملية الإنتاج وعلى الأخص شراء القوة العاملة. وعليه يكون لدينا نوع من العلاقات المنتظمة بين عدد العمال الذين يرغب المنظمون في تشغيلهم والايرادات الكلية التي يتوقعونها.
- الطلب الكلي: إذا كانت الإيرادات المتوقعة تحدد قرارات التشغيل، فإن هذه الأخيرة تؤدي إلى إنتاج سلع وخدمات وتكون مناسبة لخلق تدفقات نقدية تذهب لأصحاب عناصر الإنتاج: تدفقات من الأجور النقدية، وتدفقات من الريع النقدي والفائدة، وتدفقات من الأرباح. هذه التدفقات النقدية تمثل دخول أصحاب عناصر الإنتاج. وهي دخول يمكن إنفاقها على شراء السلع والخدمات الاستهلاكية، كما يمكن انفاقها على شراء السلع والخدمات الاستثمارية.
الفصل الثاني: الإشكاليات المنهجية
المبحث الأول: حجم الاستثمارات
من أول الإشكاليات التي تحدد جهود أية سياسة استثمارية هي تلك المتعلقة بحجم الاستثمارات، أي تحديد النسبة من الدخل القومي التي تخصص للاستثمار، وتلك التي تخصص للاستهلاك. إذ أن تحقيق معدل مرتفع للتطور الاقتصادي في المستقبل يستلزم نسبة كبيرة من الدخل القومي تزيد بزيادة معدل التطور المراد تحقيقه. زيادة القدر من الدخل القومي الذي يستثمر يعني قدراً أقل من الاستهلاك. فكأن إذاً السرعة التي يتم بها تحقيق الهدف تتوقف على القدر من الفائض الاقتصادي الذي تستطيع الجماعة تعبئته بقصد توسيع الجهاز الإنتاجي على نحو يحقق المعدل المرغوب لزيادة الدخل القومي في المستقبل.
الأمر الذي يوجب علينا هنا إعادة طرح فكرة الفائض الاقتصادي، (وبصفة خاصة: الفائض الاقتصادي الاحتمالي) على نحو أكثر تركيزاً وعمقاً من عرضنا السابق لها في الفصل الأول.
ولعل فكرة الفائض الاقتصادي الاحتمالي هي التي تثير الاهتمام الأكبر، وهو عبارة، كما ذكرنا سابقاً، عن الفرق بين الإنتاج الذي يمكن تحقيقه في ظل الظروف الطبيعية والتكنولوجية للمجتمع محل الاعتبار، استخداماً للموارد الإنتاجية الموجودة تحت تصرف القوى العاملة، وبين ما يمكن أن يعد من قبيل الاستهلاك الضروري، وذلك إذا ما أعيد تنظيم المجتمع اجتماعياً وسياسياً.
وفي اقتصاد ينتمي إلى أحد الأجزاء المتخلفة، فإنه يمكن تصور هذا الفائض تحت الصور الآتية:
- الاستهلاك الكمالي للطبقات المالكة لوسائل الإنتاج، بما فيها الأرض.
- الإنتاج الضائع على المجتمع لوجود أفراد غير منتجين (ملاك الأراضي الإقطاعيين، المرابون،...)
- الإنتاج الضائع على المجتمع نتيجة لوجود التنظيم غير الرشيد للجهاز الإنتاجي.
- الإنتاج الضائع على المجتمع نتيجة لوجود بطالة ظاهرة أو مستترة.
هذا الفائض الاقتصادي يمثل مصدر كل تراكم في وسائل الإنتاج. ومن ثم تصبح المشكلة الأساسية هي كيفية تعبئة هذا الفائض لأغراض الاستثمار في نواحي النشاط الاقتصادي المختلفة وبصفة خاصة النشاط الصناعي. وهو ما يوجب علينا إجراء التفرقة بين الأشكال المختلفة الذي يتخذها الفائض الاقتصادي الاحتمالي، وفي هذه التفرقة يمكن استخدام أحد المعياريين الأتيين: معيار طبيعة النشاط الاقتصادي الذي يخلق فيه الفائض، أو معيار نوع روابط الإنتاج.
المعيار الأول: معيار طبيعة النشاط الاقتصادي الذي يخلق فيه الفائض، وهنا يمكن التفرقة بين الفائض الاقتصادي الزراعي، والفائض الذي يتحقق في النشاط الاستخراجي.
المعيار الثاني: معيار نوع روابط الإنتاج: وهنا يمكن التفرقة في نطاق الإنتاج الزراعي بين فائض يخلق في الوحدات التي تقوم بالنشاط فيها عائلة الفلاح التي تستأجر مساحة صغيرة من الأرض من المالك الكبير أو تملك هذه المساحة. والفائض الذي يخلق في وحدة زراعية يتم الإنتاج فيها على أسس رأسمالية.
أما إذ ما نظرنا إلى الفائض الاقتصادي في شكله النقدي فإنه يوجد في الدخول الآتية:
- ريع الأراضي الزراعية.
- الفائدة على الديون في الريف.
- الأرباح التي تتحقق في النشاط المنجمي.
- دخول الملكية الأخرى.
ولتحقيق الاستثمارات اللازمة للتطور يتعين تعبئة الجزء الأكبر من هذه الدخول، الأمر الذي يثير مسألة التعرف على العوامل التي تحدد القدر من الفائض الاقتصادي الذي يمكن تعبئته للاستثمار، هذا القدر يتوقف على:
1- مدي التحمل الاجتماعي والسياسي للحد من الاستهلاك في خلال فترة معينة من المرحلة الأولى من التطور، وذلك مقابل معدل أعلى لزيادة الاستهلاك فيما بعد. والحد من الاستهلاك لا يعني خفض مستوى الاستهلاك. وإنما قد يتمثل في الزيادة بمعدل أقل من معدل زيادة القدر المخصص للاستثمار. وهو ما يعني، من زاوية أخرى، زيادة النصيب النسبي للاستثمار في الدخل القومي من سنة إلى أخرى.
2- أثر مستوى معين من الاستهلاك على الدافع للإنتاج لدى القوة العاملة وعلى كفاءة هذه القوة في الإنتاج. فتحديد مستوى الاستهلاك يتعين أن يأخذ في الاعتبار المستوى الذي يزيد الدافع على العمل، ويحقق المستوى المعيشي الذي يزيد من كفاءة العمل.
3- إمكانية ونفقة تعبئة الجزء من الفائض اللازم للاستثمار، وهي إمكانية تتحدد بنوع التنظيم الاجتماعي لعملية الإنتاج وللوحدات الإنتاجية في المجالات المختلفة للنشاط الاقتصادي.
أياً ما كان الأمر، فإن الحد من الاستهلاك، وهو ما يمثل قضية جوهرية، وإن كان لا يعني خفض مستوى الاستهلاك إلا أنه يثير مسألة "التضحية"، وهي تضحية نسبية قد تلزم في المرحلة الأولى لتطوير الاقتصاد القومي. هنا تثور المشكلات المتعلقة أولاً بضمان التكافؤ في التضحية بين أفراد المجتمع. أي أن تحتوي التضحية كافة الطبقات الاجتماعية. وتتعلق ثانياً بالإجراءات المادية الملموسة التي تحد من استهلاك كل طبقة أو فئة على نحو يخلق تناسباً في التضحية؛ آخذين في الاعتبار الدخول التي تحصل عليها كل فئة من الفئات الاجتماعية.
المبحث الثاني: توزيع الاسثمارات
(1)
الإشكالية الثانية التي ننشغل بها في مبحثنا الراهن، هي تلك التي تتعلق بتوزيع القدر المحدد من الموارد الاستثمارية بين النشاطات المختلفة، فإذ ما تحدد الجزء من الدخل القومي الذي سيجري استثماره تعين توزيع الاستثمار، وفقاً للنمط العام في الأولوية، بين فروع النشاط المختلفة. هذه الخطوة المنهجية يمكن تقسيمها في الواقع إلى خطوتين:
(أ)
الخطوة الأولى: تهدف إلى توزيع الموارد الاستثمارية بين الاستثمار في حقل النشاط المادي والخدمات المتعلقة به (أي في مجال النشاط الزراعي والصناعي وخدمات المواصلات والتجارة المتعلقة بها) والاستثمار الذي ينتج عنه خلق وسائل القيام بالخدمات الاجتماعية والوسائل المخصصة للاستهلاك الذي يتم على دفعات زمنية (كالاستثمار في بناء المساكن والمستشفيات، دور السينما،....إلخ)، وبين مخصص الاحتياطي، أي الجزء من الموارد الإنتاجية التي تستخدم كمخزون (احتياطي) في مختلف النشاطات الاقتصادية.
(ب)
الخطوة الثانية: تهدف هذه الخطوة إلى توزيع الموارد الاستثمارية المخصصة لمجال النشاط المادي بين الفروع المختلفة للنشاط المادي، بين الزراعة وأنواع النشاط الأولي (كالصيد والتعدين) من جانب، والصناعة من جانب آخر. وكذلك توزيع الجزء من الموارد الاستثمارية المخصص للصناعة بين الفروع المختلفة من النشاط الصناعي (بما فيها صناعة التشييد) وخاصة بين الصناعات التي تنتج سلعاً إنتاجية والصناعات الاستهلاكية.
(2)
توزيع الاستثمارات بين نواحي النشاط المختلفة أي بين قطاعات الاقتصاد القومي وفروع نشاطه (مع مراعاة أن هذا التوزيع لا يتعدى مستوى فروع النشاط الاقتصادي) يتم وفقاً لنمط معين من الأولوية يحدد مكان كل فرع من فروع الإنتاج في قائمة الأولوية، وهو مكان يتحدد على أساس الاستراتيجية العامة لتطور الاقتصاد القومي في المرحلة محل الاعتبار وبعد استخدام معايير معينة تبين أثر الاستثمار في نشاط معين على نواحي معينة (على زيادة الدخل القومي، على حجم العمالة، على تنويع النشاط الاقتصادي لتقليل اعتماده على الظروف الطبيعية أو على تقلبات السوق، على نمو السكان وتوسع الحياة الحضرية، على ميزان المدفوعات، .... إلخ)
(3)
ويجب أن نلاحظ أنه ينتج عن توزيع الموارد الاستثمارية أن يختص كل فرع من فروع النشاط الاقتصادي بكمية معينة من الموارد الإنتاجية تخصص لبناء المشروعات الإنتاجية الجديدة في نطاق هذا الفرع، وكذلك لاستبدال ما استهلك من وسائل إنتاج ثابتة.
المبحث الثالث: الفن الإنتاجي المناسب
(1)
المسألة الثالثة التي تثور، هي تلك المتعلقة باختيار الشكل الفني للاستثمار على مستوى الوحدة الإنتاجية، أو ما يعرف بمشكلة اختيار الفن الإنتاجي، أو (التكنيك) للمشروعات الجديدة. إذ عن طريق اختيار الفن الإنتاجي يتحدد نصيب كل مشروع جديد في الاستثمارات المخصصة لهذا الفرع من فروع النشاط الاقتصادي.
فالأمر يتعلق إذاً بقرار من قرارات السياسة الاستثمارية خاص بالوحدة الإنتاجية مؤداه اختيار الفن الإنتاجي الذي سيتم بناء الوحدة الإنتاجية وفقاً له، وكذلك الفن الإنتاجي الذي سيتم الإنتاج في الوحدة الإنتاجية بعد بنائها وفقاً له.
ويحدد مستوى التطور الفني الذي يعمل عنده الاقتصاد (ابتداءً من مستوى التطور الفني الذي بلغته الإنسانية في مجموعها، بصفة خاصة في الوقت الذي فيه تنتشر وسائل إنتقال المعرفة بين وحدات المجتمع العالمي) نقول: يحدد مستوى التطور الفني الذي يعمل عنده الاقتصاد الطرق الفنية المختلفة التي يمكن بواسطتها بناء وحدة إنتاجية معينة، وكذلك الطرق الفنية التي يمكن تشغيلها بواسطتها.
(2)
الطريقة الفنية إذاً هي التي تحدد النسبة التي يتم وفقاً لها استخدام المدخلات المختلفة للإنتاج (بصفة خاصة العمل وأدوات الإنتاج) في بناء مشروع معين أو في تشغيل وحدة إنتاجية معينة.
فالبنسبة لبناء خزان كبير مثلاً أو حفر ترعة ما يمكن القيام بذلك من خلال فن إنتاجي غير متقدم كاستخدام عدد كبير جداً من العمال الذين لا يحتاجون إلى تدريب مهني كبير للقيام بعملية البناء أو الحفر مع استعمال أدوات إنتاج شبه بدائية كالفؤوس مثلاً وما شابه ذلك. في هذه الحالة يكون القيام ببناء المشروع مستلزماً لكميات كبيرة من العمل بالنسبة لأدوات الإنتاج، وحينئذ يقال أن الفن الإنتاجي في هذه الحالة فن مستخدم لنسبة أكبر من العمل (Labour- intensive Technique) ويترتب عليه إنتاجية معينة للعامل عادة ما تكون منخفضة. كما يمكن القيام بنفس العمل وفي نفس الفترة الزمنية (أو في فترة أقصر) باستخدام عدد أقل من العمل ذوي مهارة فنية معينة يقومون بالبناء أو الحفر باستعمال آلات أكثر حداثة على نحو يكون معه نصيب العامل الواحد من أدوات الإنتاج كبيراً الأمر الذي يؤدي إلى زيادة إنتاجيته. وفي هذه الحالة يقال أن الفن الإنتاجي فن مستخدم لنسبة أكبر من أدوات الإنتاج (Capital- intensive Technique)
أما بالنسبة لتشغيل الوحدة الإنتاجية، فعادة ما توجد عدة طرق فنية لإنتاج ناتج معين. كمية معينة من المنسوجات القطنية مثلاً يمكن إنتاجها إما باستخدام عدد من العمال ذوي مهارة محدودة مستعملين أنوالاً يدوية وإما باستخدام عدد أقل من العمال ذوي مهارة أخرى مستعملين آلات حديثة لصناعة النسيج. كل من هذين الفنين الإنتاجيين يتضمن نسبة معينة بين العمل وأدوات الإنتاج ويؤدي إلى إنتاجية معينة للعمل. إذ ما تقرر إنشاء وحدة إنتاجية لصناعة النسيج مثلاً أي من هذين الفنين الإنتاجيين نختار؟
في حالات أخرى يوجد عدد أكبر من الفنون الإنتاجية. وفي حالات ثالثة لا يوجد إلا فن إنتاجي واحد. مشكلة الاختيار إذاً لا تثور إلا في حالة تعدد الفنون الإنتاجية مع عدم وضوح الفن الإنتاجي الذي يؤدي إلى تحقيق النتيجة الموجوة بأقل تكلفة.
(3)
مشكلة اختيار الفن الإنتاجي تتمثل إذاً في اختيار الحزمة من الفنون الإنتاجية التي يتم عن طرقها بناء وتشغيل المشروعات الجديدة في مختلف فروع النشاط الإنتاجي على نحو يضمن للموارد التي توجد تحت التصرف أحسن استخدام في سبيل تحقيق الهدف المراد إنجازه في الزمن الطويل. ويمكننا هنا إبراز أربع ملاحظات منهجية:
- الأمر يتعلق باختيار مجموعة من الفنون الإنتاجية للمشروعات الجديدة، مع إجراء التفرقة بين بناء الوحدة الإنتاجية وتشغيلها.
- اختيار الفنون الإنتاجية يتعين أن يتم دائماً من وجهة نظر الهدف الذي يتعين تحقيقه في الزمن الطويل.
- ولو أن لاختيار يتعلق بوحدة إنتاجية معينة إلا أنه يتعين أن يتم من وجهة نظر الاقتصاد القومي.
- مشكلة اختيار الفنون الإنتاجية مرتبطة نظرياً بمشكلة توزيع الموارد الاستثمارية بين الفروع المختلفة للنشاط الإنتاجي، إذ أن اختصاص فرع معين من فروع النشاط بكمية معينة من الموارد الإنتاجية بقصد تحقيق هدف معين يعني اختياراً ضمنياً للفنون الإنتاجية التي ستستخدم في سبيل تحقيق الهدف. من الناحية العملية مشكلة توزيع الاستثمارات بين فروع الإنتاج تحل عن طريق استخدام متوسطات للمعدلات الفنية للإنتاج، بينما تحل مشكلة اختيار الفن الإنتاجي بالنسبة للوحدة الإنتاجية عن طريق استخدام معدلات فنية ملموسة.
إذا ما تم اختيار المجموع من الفنون الإنتاجية المتعلقة ببناء وتشغيل الوحدات الإنتاجية الجديدة على نحو يضمن تحقيق الهدف الذي وضع للاقتصاد القومي في الزمن الطويل متضمناً أكفأ استخدام للموارد الإنتاجية لم يبق فيما يتعلق بالسياسة الاستثمارية إلا اتخاذ قرار بخصوص ما يسمي بالتوطين، وهو ما نعالجه في المبحث التالي.
المبحث الرابع: توطين الصناعات
(1)
توطين الاستثمارات يبدأ بداية سليمة منهجياً وموضوعياً ابتداءً من التخطيط الاقليمي. والتخطيط الاقليمي هو أحد مستوى من مستويات التخطيط وهو همزة الوصل بين التخطيط القومي الشامل والتخطيط المحلي.
ولقد بدأ مفهوم التخطيط الاقليمي خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر مواكباً للثورة الصناعية، وبدأ يأخذ شكل العلم مكتمل النضوج في منتصف القرن الـعشرين، في التعامل مع مكونات الاقليم وخصائصه المختلفة والعلاقات والتفاعلات فيما بينهما، يقوم بالتوزيع المكاني لاستثمارات الخطة القومية في اطار المحددات والإمكانيات التي يمليها التخطيط العمراني المحلي علي نحو لا يتعارض مع القواعد التخطيطيه السليمة التي تحقق للتجمعات العمرانية الحياة الصحية المريحة .
الدراسات الاقليمية
تعتبر الدراسات الاقليمية أهم مراحل التخطيط الاقليمي ومن خلالها يتم اتخاذ القرارات اللازمة والمناسبة لتخطيط الاقليم وهي بمثابة قاعدة بيانات متكاملة تبنى عليها خطة تنمية الاقليم ... وهذه الدراسات تنقسم إلى:
- الدراسات البيئية والطبيعية.
- الدراسات السكانية والديموجرافية.
- الدراسات الاجتماعية/ الاقتصادية.
- الدراسات الاقتصادية.
- دراسة الخدمات.
- دراسة البنية التحتية.
- الدراسات القانونية.
- الدراسات العمرانية.
وتختلف هذه الدراسات من اقليم لآخر تبعاً لطبيعة الإقليم مع احتفاظ هذه الدراسات بنفس المسميات.
الدراسات البيئية والطبيعية: وفيها يتم دراسة ظروف البيئة الطبيعية وكيفية توظيفها لتخدم الخطة المتبعة لتنمية الاقليم ويتم فيها دراسة لكل من الأرض:
- الموقع الجغرافي: وذلك بدراسته للدولة بأكملها ومناطق الانشطة الاقتصادية.
- الطبوغرافيا: وذلك بدراسة الخرائط المساحية والصور الجوية وصور الاقمار الصناعية أو الرفع المساحي للأراضي. ويتم استخدامها في معرفة المعالم ذات الأهمية من السهول والوديان واوقات السيول وأماكنها ومنابعها ومصبانها وخطورتها وإمكانية علاجها وغيرها ويتم استغلال هذه المعلومات لصالح التنمية وهذه الدراسة تساعد في تكوين صورة مبدئية عند وضع المخطط الهيكلي للاقليم.
(2)
ويعتمد التخطيط الاقليمي على دراسة ومسح شامل للاحوال السكانية على مستوى القليم والدولة ككل ويساهم وذلك كثيرا في خدمة السكان والنهوض بهم وهو الهدف الأساسي لخطة التنمية وفي بعض الحالات تكون الاقاليم موسمية السكان لاسباب اقتصادية واجتماعية أو سياحية أو دائمة السكان ويجب أن يغطي المسح جميع انماط السكان المتواجدين وذلك لعمل الهيكل السكاني الذي يقوم بدراسة الهرم السكاني للاقليم وكذلك دراسة خصائص السكان سواء كانوا موسميين أو دائمين السكان الدائمين من حيث الاصل أو إذا كانو مستوطنين لاغراض العمل والاستقرار وكذلك اعدادهم وكيفية توزيعهم وانتمائتهم.
السكان الموسميين : من حيث النوعية إذا كانوا زوار أو عمالة مؤقتة وكذلك دراسة اعدادهم ونشاطهم الأصلي ومدة اقامتهم
الدراسات الاجتماعية/الاقتصادية: وتسمى وتشمل دراسة الهيكل الاجتماعي الحالي والمتوقع للسكان على مستوى التجمعات العمرانية بالاقليم وكذلك الأمراض الاجتماعية ان وجدت ودراسة القوى العاملة وأماكن العمل والحركة وتفيد هذه الدراسات في تقييم وتقدير الطاقة الاستيعابية للمناطق الأكثر حاجة للتنمية وكذلك معرفة الاحتياجات المطلوبة للتنمية وتوزيعها باتزان.
الدراسات الاقتصادية
تعتبر دراسات الانشطة الاقتصادية المختلفة والتي تمثل الدعامات الرئيسية لرفاهية وتقدم الدولة وتساهم هذه الدراسات في تقدير جزء كبير من اعداد العمالة وكذلك عدد فرص العمل المتوفرة بالاقليم وهذه الانشطة تتمثل في:
- قطاع الزراعة.
- قطاع التعدين.
- قطاع الصناعة.
- قطاع السياحة )الداخلية – الخارجية – المقومات السياحية(
- قطاع التجارة.
دراسة الخدمات
لاشك ان نجاح عملية التنمية لأي منطقة أو اقليم يرتبط الي حد كبير بالخدمات المتوفرة كما وكيفا ، من ناحية أخرى فان مجموع العمالة في الخدمات الإنتاجية والاجتماعية يصل الي حوالي 45% من العمالة بوجه عام لذلك من الضروري دراسة الخدمات المتوفرة للاقليم للتمكن من معرفة ما تحتاجة عملية التنمية الشاملة وذلك من حيث نوعية الخدمات وأعداد العاملين بها والاستمرارية أو الموسمية
دراسة البنية الأساسية
تقوم بحصر ودراسة محطات وشبكات البنية الأساسية للاقليم أو المخطط ومعرفة طاقتها الاستيعابية ومدي قابليتها للتدعيم والتطوير.
عناصر البنية الأساسية
- النقل والمرور وتشمل :
- شبكة الطرق الحالية وحالتها وقدرتها علي استيعاب حركة النقل والمرور الحالية والمستقبلية
- خطوط السكك الحديدية الموجودة والمخطط لها وسعتها وتطويرها.
- المطارات والمواني، وحالتها وقدرتها علي استقبال الأحجام المختلفة من الطائرات والبواخر.
- علاقة شبكة الطرق داخل الاقليم بالطرق الاقليمية علي مستوي الجمهورية.
- الأنفاق والكباري علي المستوي الاقليمي.
- الطاقة، وتشمل: الطاقة التقليدية :تتمثل في الكهرباء من حيث مصدرها ومقدار الجهد والكفاءة والإمكانية المستقبلية. كما تشمل: الطاقة الجديدة والمتجددة: تتمثل في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة المتولدة من حركة الامواج. وتشمل أيضاً: الطاقة النووية: أي دراسة كفاءة المفاعلات النووية الموجودة.
الاتصالات: وتشمل التليفون والمحمول والأنترنت والفاكس والبريد والتلغراف.
الدراسات القانونية: تهتم أساسا بالملكيات القانونية والتعديات ووضع اليد واساليب التعامل معها، وكذلك تشمل أسعار الأراضي والعوامل المؤثرة عليه.
الدراسات العمرانية: وهي مصب الدراسات المختلفة حيث أن الدراسات المتوازنة للسكان والانشطة الاقتصادية وكافة الدراسات يؤدي الي نجاح التنمية والارتقاء بالمستوى العام للسكان وهذا هو الهدف وتشمل هذه الدراسة توزيع التجمعات العمرانية واتدرجها من حيث الحجم والنسق العمراني واتجاهات النمو العمراني ودراسة استعمالات الأراضي بالاقليم.
خاتمة
تأسيساً على أن الانشغال الرئيسي للبحث هو محاولة تقديم عناصر طرح منهجي لإشكاليات الاستثمار، فقد قمنا بإثارة تلك الإشكاليات دونما مناقشة تفصيلية، فالهدف هو التعرف على المشكلات، وكيف أنها تثور على مستويات مختلفة من التجميع أو التجريد.
على أعلى مستوى تثور مشكلة تحديد القدر من الدخل القومي الذي سيخصص للاستثمار، والمتبقي سيكون للاستهلاك، كدخل يأخذ أساساً صورة أجور في مجتمع يقوم بتوزيع الدخل القومي فيه على مقدار ونوع العمل، ومن هنا جاء ارتباط هذه المشكلة الأولى بسياسة الأجور.
وعلى مستوى أدنى من التجميع يتم تقسيم الجزء المخصص للاستثمار على قطاعات وفروع النشاط المختلفة محددا ً بذلك نصيب كل فرع من الموارد الاستثمارية. وعلى مستوى الوحدة الإنتاجية يتم اختيار الفن الإنتاجي الخاص ببناء وتشغيل الوحدات الإنتاجية التي يتحدد مكانها كذلك على إقليم الدولة.
في جميع المراحل يتم العمل المتعلق بالاستثمار في صورة عينية وفي صورة نقدية. في التخطيط الاستثماري يتم التعبير عن علاقات كمية بين أشياء عينية يستوي في هذا أن يتعلق الأمر بمنتجات أو بقوى إنتاج. بعبارة أخرى الأمر يتعلق بالإنفاق العيني من السلع والخدمات والناتج العيني لهذا الإنفاق. فمسألة ما إذا كانت الجماعة قادرة على القيام ببناء مشروع ما أو عدة مشروعات تتوقف على ما إذا كان تحت تصرفها القدر الكافي من القوة العاملة والمواد الإنتاجية، وما إذا كان من الممكن تجنب هذا القدر من الموارد وإبعاده عن الاستخدمات الأخرى. كما تتوقف كذلك على ما إذا كان هذا القدر جاهزاً لاستخدامه في بناء هذه المشروعات. الأصل إذاً في حساب الأهداف الإنتاجية والاستثمارية، وفي حساب الاحتياجات من الموارد الإنتاجية اللازمة لتحقيق هذه الأهداف أن يتم في صورة عينية. إلا أنه لما كان تحضير الخطة الاستثمارية يتمثل في النزول من مستويات مرتفعة من التجميع إلى مستويات أقل، ولما كان توزيع الجزء من الناتج الاجتماعي الصافي المعد للاستهلاك، يتم عن طريق حصول الأفراد على دخول نقدية وإنفاقها في سوق التجزئة لتلك السلع، استلزم الأمر إلى جانب هذا الحساب العيني حساباً يأخذ صورة نقدية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الطائرات من دون طيار الفاعل الرئيسي الجديد في الحروب


.. سيول جارفة ضرب ولاية قريات في سلطنة عُمان




.. دمار مربع سكني بمخيم المغازي جراء القصف على غزة


.. المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي: سنرد على إيران وقاعدة نيفاتيم




.. بايدن ينشغل بساعته الذكية أثناء حديث السوداني عن العلاقة بين