الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أقباط مصر ومحمد عبد المطلب

بيتر ابيلارد

2005 / 11 / 8
حقوق الانسان


باديء ذي بدء أنا لا أقصد محمد بن عبد المطلب نبي المسلمين بل أقصد محمد عبد الملطب المطرب الشعبي المصري.كثيرا ما أسمع أغنية لا تروق لي؛ ولكن نادرا ما أسمع أغنية ولا استطيع أن أنسها بسبب عدم إعجابي بها، واحدة من هذه الأغاني هي أغنية عبد الملطب (هاتوا لي حبيبي). ولكن ما هي علاقة كل هذا بأقباط مصر؟
في العقود الأخيرة إتضح لي أن أقباط مصر يتعاملون مع جميع المواقف الإجتماعية بمنطق هاتوا لي حبيبي حتى أني تخيلت أن هناك إتفاق غير معلن لجعل عبد المطلب منظرا للحركة الإجتماعية القبطية. لا يستطيع أحد أن ينكر ما يتعرض له أقباط مصر في الفترة الأخيرة من غُبن وظلم سواء على يد النظام الحاكم أو على يد الإجماعات الإسلامية وأخيرا حتى من الأفراد العاديين، طبعا عندما أقول لايستطيع أحد أن ينكر هذا فأنا أقصد العقلاء والغير مشاركين في هذا الظلم. فالحكومة ستنكر، والجماعات ستنكر؛ وكما قالوا في المثل المصري "قالوا للحرامي أحلف". المهم أن مايعنيني في الأمر هو كيفية تعامل الأقباط مع كل هذه القضايا.
أولا: يتم إخبار صحافة العالم إما سراً أو من خلال أقباط المهجر سواء كان هذا كعمل تطوعي منهم أو من خلال تسريب المعلومات من بعض رجال الأكليروس في مصر.
ثانيا: تُعقد المؤتمرات في الخارج ويدعى لها كل من له علاقة بالقضية من بعيد أو من بعيد جدا ويستبعد عن قصد أو دون قصد من له علاقة مباشرة بالقضية القبطية.
ثالثا: تقام المظاهرات في دول المهجر عادة عندما يكون الموقف متعلقا بأي شيء يخص الشعب القبطي، وتقام بعض ردود الفعل ونادرا مظاهرات في الداخل عندما يتعلق الأمر برجال الأكليروس – باستثناء أحداث الفيوم – فكل ما حدث من مظاهرات في مصر كان مرتبطا بشكل وثيق بالكهنة، سواء كان الإعتداء على أحدهم، أو أسلمة أو إسلام زوجة أحدهم، أو فضح أعمال أحد المطرودين،... إلخ إلخ
وبعد ذلك تهدأ الأمور وتعود إلى مجراها الغير طبيعي، وطبعا لن ننسى العرائض والشكاوى التي تقدم للجميع سواء في الداخل أو الخارج.
ولكن ماعلاة كل هذا بعبد المطلب؟
إني أرى تشابها غريبا في الأيدلوجية فعبد المطلب كأقباط مصر لا يكف عن الشكوى من هجر حبيبه وتركه له، ولكنه في نفس الوقت لا يوجد لديه أدنى استعداد أن يفعل شيء سوى التذمر والطلب من الأخرين أن يأتوا له بحبيبه. وأقباط مصر سواء في الداخل أو الخارج يفعلون نفس الشيء، لا يكفون عن التذمر من الإضطهاد – وهو حقيقة واقعة – وغياب حبيبهم المجتمع المدني أو حبيبتهم الحرية، ولكنهم في نفس الوقت غير مستعدين لفعل شيء سوى التذمر، ويريدون من الأخرين أن يأتوا لهم بحبيبهم. ولا يوجد فارق كبير سواء كان الأخر هنا هو النظام المصري أو النظام الأمريكي أو أي نظام في الكون بال سيكام لا يهم المهم أن يأتي لهم أحد بحبيبهم. وربما يتسائل البعض وهل يوجد شيء آخر يمكن فعله؟
يكفي أن نفكر ما استطاع فعله بضعة مئات من الألاف من الطلبة في بيروت وتمكنهم من إقالة حكومة كاملة، ويكفي أن نتذكر ما حدث في الثورة البرتقالية،... وغيرها وغيرها
هل يتصور أحدكم ما يمكن أن يفعله أقباط الداخل في حال قرروا الحصول على حريتهم غصبا؟ هل يتصور أحدكم ما يمكن أن يقوم به عدة ملايين من البشر؟ وأنا لا أعني بهذا الحرب الأهلية ولكن مجرد العصيان المدني، مجرد الإعتصام الصامت أما الكنائس، مجرد رفض استخدام التليفونات أو المواصلات العامة لفترة أسبوع واحد، مجرد رفض قراءة الصحف الحكومية،...
هناك مئات الطرق التي يمكن بها تغيير نظام هش كالنظام المصري الراقد على أنفاس الجميع من زمن بعيد.
وهنا تأتي نقطة في غاية الأهمية وقد قالها لي صديق بالأمس وهي أنه لو حاول الأقباط الحصول على حقوقهم بأي طريقة فسيتم تطهير مصر منهم للأبد، وبالرغم من أن هذا الصديق ليس قبطيا، وبالرغم من أنه كان يقولها بأسلوب "طيب ياريت يعملوها وإحنا نفرجهم" إلا أن هذه النقطة تحديدا تمثل أكبر مخاوف أقباط الداخل والخارج؛ ألا وهي الخوف من الإبادة الجماعية. ولكن لنفكر في الأمر قليلا.. هل تعتقدون أن هناك أي نظام في العالم حاليا لديه القدرة على أن يتخلص من عدة ملايين من مواطنيه هكذا دون عناء؟ هل تعتقدون أن النظام المصري قادر وبالتعاون مع الجماعات على فعلها؟
لنفترض أن هذا الطرح سليم وأن هناك قدرة على التخلص من جميع أقباط مصر في نصف ساعة كما قال صديقي.
وماهي المشكلة؟ إننا نسمع الأقباط ليل نهار وهم يقتبسون الإنجيل قائلين "مع المسيح ذلك أفضل جدا" "إن عشنا فاللرب نعيش وإن متنا فاللرب نموت" فلماذا إذن نردد كلمات لا نريد ولا نستطيع أن نعيشها؟
ولو أراد أقباط مصر الإكتفاء بكلام الإنجيل "الرب يدافع عنكم وأنتم صامتون" إذن فعليهم الإلتزام بالصمت وأنا أثق أنه سيدافع عنهم. لكن أن نحاول الصراخ والعويل دائما ثم نقول الرب سيدافع عنا فهذا قلب للأمور كلها رأساً على عقب.
فإما أن يبدأ أقباط مصر بالتحرك الجاد في داخل مصر للحصول على كل حقوقهم كمواطنين كاملي المواطنة أو ليكفوا عن الشكوى والصراخ. أما عن الموت فإذا كان منه بدٌ فعار عليك أن تموت جبان.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. طلاب الجامعة الأمريكية في القاهرة يتظاهرون بأسلوبهم لدعم غزة


.. إعلام فرنسي: اعتقال مقتحم القنصلية الإيرانية في باريس




.. إعلام فرنسي: اعتقال الرجل المتحصن داخل القنصلية الإيرانية في


.. فيتو أميركي ضد مشروع قرار منح دولة فلسطين العضوية الكاملة في




.. بن غفير: عقوبة الإعدام للمخربين هي الحل الأمثل لمشكلة اكتظاظ