الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يجب ان يكون التخارج بين الورثة لمورث واحد

سالم روضان الموسوي

2016 / 1 / 4
دراسات وابحاث قانونية


بسم الله الرحمن الرحيم
إني قاضي محكمة الأحوال الشخصية في الرصافة القاضي سالم روضان الموسوي قررت بتاريخ 13/ربيع الأول/1437هـ الموافق 24/12/2105 ما هو آت :ـ
المتخارج / خ ، إ ،ح أولاد ح ب
المتخارج له / ش، ن، ش
للطلب المقدم من المتخارجين (خ ، إ ،ح أولاد ح ب) ويطلبون فيه إعلان تخارجهم عن سهامهم في القسام الشرعي الموحد الصادر من المحكمة العدد ---/2014 في 9/2/2014 إلى الوارث (ش، ن، ش) لقاء مبلغ إجمالي مقبوض ومقداره ستة عشر مليون دينار بمعدل ثمانية ملايين دينار إلى المتخارج خ وأربعة ملايين دينار إلى كل واحدة من المتخارجات (إ ح بنات ح ب) وان الاتفاق حصل بينهم على وفق ما تقدم ويطلبون تسجيل التخارج وإصدار حجة بذلك . ثم اطلعت المحكمة على القسام الشرعي الموحد العدد --/2014 في 9/2/2014 ووجد انه صدر بناءاً على طلب المتخارج (خ) لتوحيد القسام الشرعي المرقم (---/2013) في 16/4/2013 الصادر عن هذه المحكمة الذي اثبت وفاة (ن) بتاريخ 25/1/2011 وانحصار ارثه بورثته وهم كل من زوجته الثانية (ل،ح،ب) دون أن يعقب منها فرع وارث أولاده الراشدون الذكور (ش، ز والأنثى الراشدة ص من زوجته الأولى المتوفاة قبله ن، ع) وان والديه متوفيان قبله ولا وارث سواهم ويطلب توحيده مع القسام الشرعي الصادر عن هذه المحكمة أيضاً بالعدد ----/2013 في 9/12/2013 الذي اثبت وفاة (ل،ح ،ب) بتاريخ 28/8/2013 وانحصار ارثها بورثتها أشقائها الراشدين كل من (خ ، إ ،ح أولاد ح ب) ولا وارث سواهم وتم توحيد القسامين وأعيد احتساب المسألة الإرثية على وفق التفصيل الوارد في القسام الموحد . ولوحظ إن المتخارجون (خ ، إ ،ح أولاد ح ب) هم ورثة المتوفاة (ل، ح، ب) بينما المتخارج له (ش، ن، ش) هو وريث المتوفى (ن، ش،ا) وكل طرف منهم يرث شخصاً آخر غير مورث الآخر، وبما إن التخارج لابد وان يكون بين الورثة حصراً بمعنى أن يكون الطرفان يدلون إلى مورث واحد لان القانون عرف التخارج بأنه اتفاق جميع أو قسم من الورثة أو أصحاب حق الانتقال على إخراج بعضهم من الميراث وعلى وفق ما ورد في المادة (246) من قانون التسجيل العقاري رقم 43 لسنة 1971 المعدل التي جاء فيها الآتي (يقصد بالتخارج اتفاق جميع أو قسم من الورثة أو أصحاب حق الانتقال على إخراج بعضهم من الميراث أو الانتقال بعوض معلوم من التركة أو غيرها ويسجل بالاستناد إلى حجة صادرة من المحكمة المختصة) وبهذا الصدد أشار معظم شراح القانون إلى أن عقد التخارج الذي أجازته الشريعة الإسلامية في أحوال الميراث هو عقد يتنازل بموجبه احد الورثة أو بعضهم إلى الورثة الآخرين ويقول العلامة السنهوري (إن الوارث إذا باع حصته من التركة لوارث آخر ، كان هذا هو التخارج المعروف في الفقه الإسلامي) وعلى وفق ما جاء في كتابه الموسوم (الوسيط في شرح القانون المدني – الجزء 4- منشورات مكتبة الحلبي الحقوقية طبعة بيروت ص 259) وآخرون عرفوا التخارج على انه ( تنازل احد الورثة عن حصته لواحد من الورثة بعينه او لجميع الورثة وذلك لقاء مال يدفع إليه) مثلما ذكر البعض الآخر إن (التخارج هو صلح بين الورثة على إخراج بعضهم من الميراث في مقابل شيء معلوم) وهذا ما أشار إليه الدكتور صالح احمد اللهيبي في بحثه الموسوم (عقد التخارج ـ دراسة قانونية مقارنة في إطار القانون المدني العراقي وقانون المعاملات المدنية الإماراتي ـ منشور في مجلة الشريعة والقانون العدد التاسع والأربعون ـ السنة السادسة والعشرون صفر 1433هـ يناير 2012ـ التي تصدر عن كلية القانون ـ جامعة الإمارات العربية المتحدة) فضلا عن بعض القوانين قدت أشارت إلى تعريف عقد التخارج ومنها ما ذكر سلفا في قانون التسجيل العقاري العراقي رقم 43 لسنة 1971 المعدل وقانون المواريث المصري رقم 77 لسنة 1943 في المادة (48) التي جاء فيها (التخارج هو ان يتصالح الورثة علي إخراج بعضهم من الميراث علي شيء معلوم) أما على مستوى الفقه القضائي فان العلامة السنهوري ذكر في كتابه الملمع عنه آنفاً قرار صادر عن محكمة التمييز المصرية المؤرخ في(14/ديسمبر/1939) يشير إلى أن (التخارج لا يحصل إلا من وارث لوارث فالبيع الصادر من وارث في صحته في التركة لغير وارث يعتبر بيع استحقاق في التركة) كما تجد المحكمة إن الفقه الإسلامي وهو مصدر عقد التخارج قد أشار فقهاء الشريعة إلى تعريف التخارج ومنهم ابن عابدين وعرفه بأنه (تصالح الورثة على إخراج بعضهم عن الميراث على شئ من التركة عين أو دين) وذكر ذلك في كتابه (حاشية رد المحتار منشورات دار الفكر للنشر والتوزيع بيروت عام 1995 الجزء 1 ص 407) وكذلك التعريف الذي أورده الشيخ سيد سابق حيث قال إن (التخارج هو أن يتصالح الورثة على إخراج بعضهم عن نصيبه في الميراث نظير شيء معين من التركة أو من غيرها . وقد يكون التخارج بين اثنين من الورثة على أن يحل أحدهم محل الآخر في نصيبه في مقابل مبلغ من المال يقدمه له) وعلى وفق ما جاء في كتابه الموسوم (فقه السنة ـ منشورات دار الكتاب العربي بيروت الطبعة الأولى عام 1971 ـ الجزء 3 ص 658) ومن ذلك نجد إن عقد التخارج ذو طبيعة خاصة ومن العقود الناقلة للملكية له سماته الخاصة التي تميزه عن غيره فان لم تتوفر هذه السمات في التصرف لا يعد ذلك عقداً للتخارج ومنها أن يكون طرفي عقد التخارج هم الورثة حصرا ولا يصح أن يكون التخارج بين وريث وأجنبي ولابد أن يكون الطرفان يتسمون ويتصفون بصفة الوارث وعلى وفق ما أشار إليه الدكتور صالح احمد اللهيبي نقلاً عن بعض شراح القانون المدني حيث يقول (إن المتخارجين يجب أن يكونوا وارثين لمورث واحد وإلا فان التصرف ليس بالتخارج باستثناء الأحفاد بموجب الوصية الواجبة المشار إليها في المادة (74) أحوال شخصية الذين حجبوا عن ميراث جدهم لوفاة أصلهم والدهم أو والدتهم التي تدلي بهم إلى المورث جدهم فان تصرفهم يصح فيه التخارج لعدة أسباب منها إن هذا الشخص (الحفيد) هو أصلا وارث لكن حجب عنه الميراث بسبب موت والده والوصية الواجبة أعيدت له اعتباره على وفق الإرادة المفترضة لجده وانه لا يتقاضى حصته قبل الورثة مثل الموصى لهم الآخرين وإنما يدخل مع الورثة بوصفه حل محل والده بما لا يزيد عن الثلث) وذلك على وفق ما ورد في بحثه الملمع عنه (عقد التخارج ص 38) لذلك فان عنوان الوارث بالمتخارج من الواجب توفره في المتعاقدين في عقد التخارج وان الوارث كان قد عرفه قانون الأحوال الشخصية العراقي النافذ رقم 188 لسنة 1959 المعدل إذ عرف الوارث في المادة (86/آ/2) بان (الوارث : وهو الحي الذي يستحق الميراث) وهذا الوارث حتى يكون وريثاً للمورث لابد وان يتصل به بسبب من الأسباب التي تؤهله لأن يكون في الميراث وهذه الأسباب أشارت إليها المادة (86/ب) أحوال شخصية وحصرتها بنوعين من الأسباب (أسباب الإرث اثنان هما القرابة والنكاح الصحيح) ويقصد بالقرابة أن يكون الوريث من أقرباء المورث المتوفى والذين يدلون إليه إما عن أصوله أو فروعه أو الحواشي وهم ( النسب : القرابة الحقيقيَّة : والنسب هو الاتصال بين إنسانين في ولادة قريبة كانت أو بعيدة , فكلّ إنسان بينك وبينه صلة ولادة قربت أو بعدت , من جهة الأب أو من جهة الأم ، أو منهما معاً ، فهو قريبك ‘ وهذا السبب هو أقوى أسباب الإرث وان القرابة الوارثون ينقسمون إلى ثلاثة أقسام : (1)- الأصــول : وهـم أبو الميت ، وأبو أبيه ، وإن علا بمحض الذكور . وأم الميت ، وكلّ جدة تُدلي بوارث ، أو وارثة . (2)- الفروع : وهم أبناء الميت ، وابن ابنه وإن نزل ‘ وابنة ابنه وإن نزل أبوها (3)- الحواشي : وهم إخوة الميت وأخواته مطلقاً ، وأبناء إخوته الذكور لغير الأمّ ـ أي أبناء الإخوة الأشقاء وأبناء الإخوة لأب ـ وأعمام الميت الأشقاء ولأب وإن علوا ، وبنو الأعمام ، وإن نزلوا ) وهذا ما أشار إليه ابن عطية الأندلسي في كتابه الموسوم (المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز ـ منشورات دار الكتب العلمية لبنان الطبعة الأولى ـ عام 1993 ـ الجزء الرابع ـ ص 214) وكذلك من الأسباب الأخرى التي حصرها القانون العراقي والمتمثلة بالنكاح وهو إن الزوجين يتوارث بعضهم من بعض عند وجود عقد زواج صحيح وأشار إلى ذلك الإمام الرحبي المارديني عندما أشار في منظومته الرحبية الى إن:ـ
اسباب ميراث الورى ثلاثة كل يفيد ربه الوراثة
وهي نكاح وولاء ونسب ما بعدهن للمواريث سبب
التي شرحها وعلق عليها الشيخ البقري عندما قال إن ( ان القرابة بالنسب هم الأولاد والأبوان ومن يدلون بهم ) بكتابه الموسوم (الرحبية في علم الفرائض للإمام الرحبي المارديني – منشورات دار القلم – دمشق الطبعة الثامنة عام 1998 ص33) .
وبذلك فان الورثة بالقرابة هم من يتصلون بالمتوفى عن عصبة او رحم بمعنى ان تكون بينهم رابطة دم فإذا انعدمت هذه الرابطة لا يعد وريثاً لانقطاع سبب القرابة وهذا ما عضده من الكتاب المحدثين المرحوم القاضي علاء الدين خروفة في كتابه الموسوم (شرح قانون الأحوال الشخصية – مطبعة المعارف عام 1963 ج2 ص379).
ومن خلال ما تقدم فان المتخارجون (خ ، إ ،ح أولاد ح ب) لم يكونوا من ورثة مورث المتخارج له (ش، ن، ش) وليس من الأقرباء المشار إليهم في المادة (86/ب) أحوال شخصية. وإنما كانوا ورثة (ل، ح، ب) شقيقتهم وكان سبب التوارث بينهم وجود رابطة القرابة بالأخوة كونهم إخوةً لها ولا وارث لها سواهم، بينما المتخارج له (ش، ن) كان من بين ورثة (ن، ش) فقط ولم يكن وريثاً للمتوفاة (ل، ح، ب) وإنما هي كانت وريثة معه لمورثهم (ن، ش) ولو تخارجت هي حال حياتها لصح تخارجها لأنها و المتخارج له ورثة من طبقة واحدة لمورث واحد هو المتوفى (ن، ش) بينما بعد وفاتها فان سهام المتخارج له تكون فقط في وعاء التركة التي آلت له إرثاً من مورثه (ن، ش، ا) ، أما المتخارجون (خ ، إ ،ح أولاد ح ب) فان سهامهم في تركة مورثتهم (ل،ح) فقط، ولا تتعدى إلى تركة (ن، ش، ا) لان حصة المتوفاة (ل) من تركة المتوفى (ن، ش،ا) انتقلت إليها حال وفاة مورثها وأصبحت ملكاً خالصاً لها وخرجت عن تركة (ن، ش،ا) على وفق حكم المادة (189) تسجيل عقاري وهذه الأموال هي التركة التي تمثل ارثها وتكون وعاءً لسهام ورثتها والذين ثبت إنهم (خ ، إ ،ح أولاد ح ب) ولم يكن من بينهم المتخارج له (ش، ن) . وبذلك فان طرفي عقد التخارج لم يكونوا ورثة لمورث واحد وإنما كل واحد منهم أجنبي عن مورث الآخر وان ورود أسمائهم ضمن القسام الموحد لا يعني تغيير مراكزهم بوصفهم ورثة وإنما هو إجراء تنظيمي لوجود تركتين متداخلتين مع بعضهم ومنها تركة مورثة المتخارجين مع تركة مورث المتخارج له والتي هي اسبق في الوجود من تركة المتخارجين لان وفاة (ن، ش) كانت اسبق من وفاة (ل، ح، ب) وحيث إن مناط عقد التخارج هو وجود صفة الوارث بين المتخارجين وليس وجود التركة وبذلك يكون طلب المتخارجين غير متوفر على شروطه القانونية لأنهم ليسوا ورثة مورث المتخارج له ولا المتخارج له وريث لمورثتهم. لذلك قررت الآتي:ـ
1. رفض طلب التخارج المقدم من الطرفين واعتبار القرار ولائياً قابلاً للتظلم والتمييز استنادا لأحكام المواد 152، 153، 301 ، 305 ، 309/3 مرافعات وافهم علناً في 13/ربيع الأول/1437هـ الموافق 24/12/2015 م .
2. يسجل القرار في سجلات المحكمة.

القاضي
سالم روضان الموسوي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اعتقال موظفين بشركة غوغل في أمريكا بسبب احتجاجهم على التعاون


.. الأمم المتحدة تحذر من إبادة قطاع التعليم في غزة




.. كيف يعيش اللاجئون السودانيون في تونس؟


.. اعتقالات في حرم جامعة كولومبيا خلال احتجاج طلابي مؤيد للفلسط




.. ردود فعل غاضبة للفلسطينيين تجاه الفيتو الأمريكي ضد العضوية ا