الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصحافة هى مهنة البحث عن الوجع

حمدى السعيد سالم

2016 / 1 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


يقال ان الخليفة عبدالملك بن مروان سأل شاعرا : أنت لم تعد تقول شعرا الآن ؟!..
فأجاب الشاعر : كيف اقول وأنا لا اشرب ولا أطرب ولا أغضب ؟! ...
لذلك لا اتعجب عندما وصف الشاعر الامير / عبدالله الفيصل نفسه ب(الشاعر المحروم) وهو الامير الثرى جدا !!..
ولكنه محروم من ألا يكون أميرا وألا يكون فقيرا معدما معذبا جائعا فاشلا مضطهدا مقهورا يدق ابواب الناشرين ويتلمس ابواب النقاد لانه يبحث عن خرم أبرة يطل منه على الدنيا !!..
من هذا الشعور بالحرمان يتولد الشعر عنده !!..
ويكون الشعر نوعا من التحدى لكل هذه الظروف العاتية التى لاتريده أن يكون شاعرا !!..
والصحافى الذى ينادى بالحرية والانطلاق مثلى يكره الابواب والنوافذ والاغلال والقيود ...
هذ الصحافى محبوس فى مقالاته وكلماته ولابد ان يقول كلاما له معنى !! فالصحافى لايجلس فى الهواء الطلق او فى المكاتب المكيفة يكتب مقالاته او يقطفها من على الاشجار !!....
انه يعانى وقد يجلس ساعات امام اوراقه وجهاز الكمبيوتر الخاص به فلا يكتب !! ..
ولكنه يكتب فى آخر لحظة !! وهو يختار آخر لحظة لكى يخلق فى داخله رغبة الاستعجال !! ..
ومن هذا التحدى ينتصر على نفسه وعلى الظروف والاجواء الغير صحية فيكتب لكى تتمتع انت بالحقيقة وحدك !!..
لذلك ينشد الصحافى الباحث عن الحقيقة العزلة الآمنة والدفء والألم والقلق فى اضيق مكان !!!..
فى هذا السجن الانفرادى الاختيارى تولد اجمل الافكار والمقالات !!..
واستاذنا العظيم هو حيوان اللؤلؤ !!...
ذلك الحيوان المسكين الضعيف الهزيل الهلامى الذى يعيش فى صومعة صماء بعيدا عن الضوضاء والضياء !!..
وفى هذه العزلة يوارب أبوابه ليعيش على كائنات صغيرة فى الماء !! وتتسرب اليه ذرة من الرمل !!! هذه الذرة من الرمل تقف على لحمه الهلامى الحساس فيتوجع ويغلق ابوابه على هذا الألم ويفرز مادة فضية حول هذه الذرة لكى يعزلها عن بقية جسمه !!..
ومن هذه المادة الفضية تتكون حبة اللؤلؤ !!..
فليست حبة اللؤلؤ الا محاولة مستمرة مرهقة لسنوات لاحتواء الوجع والألم !!..
على الرغم من انه هو الذى ادخل الوجع وهو الذى يعزله !!..
ومن احتواء الألم وعزله واظهاره وابرازه يكون الفن الابداعى الجميل : حبات من اللؤلؤ !! حبات من العرق !! حبات من الدمع !! حبات من العناء ليلا ونهارا !! فنحن لم نكن نعرف مواجعه ولكن هذه اللؤلؤة أكدت لنا ذلك !!...
فاذا كان الألم قبيحا فان التعبير عنه تحفة فنية رائعة !!! .....
واذا كنا لم نرى الحيوان وهو يتوجع فنحن رأيناه وهو يتسامى بالألم !! حتى رحنا نهتف معه وله : يعيش الألم اذا كانت نتيجته حبات من اللؤلؤ !!....
وكذلك يعيش الصحافى حياته وسط كم كبير من الاحباطات والألم والمعوقات التى تعوق عمله !!....
ولكنه يتغلب عليها كلها من أجل حبة اللؤلؤ (الحقيقة ) التى يقدمها للقارىء !!..

حمدى السعيد سالم
صحافى ومحلل سياسى واستراتيجى








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماذا نعرف عن انفجارات أصفهان حتى الآن؟


.. دوي انفجارات في إيران والإعلام الأمريكي يتحدث عن ضربة إسرائي




.. الهند: نحو مليار ناخب وأكثر من مليون مركز اقتراع.. انتخابات


.. غموض يكتنف طبيعة الرد الإسرائيلي على إيران




.. شرطة نيويورك تقتحم حرم جامعة كولومبيا وتعتقل طلابا محتجين عل