الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يا بلادنا لا تنامي... ولكن من سيتبرع للوقوف بالصف الأمامي؟!

حسين محمود التلاوي
(Hussein Mahmoud Talawy)

2016 / 1 / 12
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


لـ"عبد الحليم حافظ" أغنية بعنوان "يا بلدنا لا تنامي" من كلمات الشاعر الراحل "عبد الرحمن الأبنودي". يطلب الشاعر في الأغنية من بلاده ألا تنام سعيًا وراء الحلم الثوري مطالبًا إياها بأن تسعى لحشد العناصر المثلى ليشكلوا الصف الأمامي في الاندفاع نحو تحقيق هذا الحلم. ونحن في أجواء الـ25 من يناير — ذلك الحراك الذي استحق في مرحلة ما تعبير "ثورة" قبل أن يبدأ الكثيرون ومنهم كاتب هذه السطور في إخضاع هذا التعبير للتدقيق — نطلق الدعوة نفسها لمصر مطالبين إياها بألا تنام سعيًا وراء الحلم الثوري. ولكن في خضم هذه الدعوة، يبرز العديد من التساؤلات، وعلى رأسها: من الذي سيتبرع بأن يقف في الصف الأمامي؟ بل هل البلاد نفسها سوف تستجيب للدعوة؟ هل المناخ الاجتماعي المصري العام مؤهل لتقبل دعوة ثورية جديدة؟!
في الأسطر التالية، سوف نحاول إلقاء الضوء في عجالة على الواقع المصري العام الذي يؤكد بكل مفرداته أن الثورة باتت حلمًا بعيد المنال، وأن مجرد التفكير في استخدام الشارع كوسيلة لإسقاط النظام الحالي هي مجرد أضغاث أحلام لدى الرومانسيين الثوريين. ولكن لما كان الوضع هكذا، لماذا إذن هذا المقال؟! ما الجدوى من مناقشة مسألة محسومة؟! الفكرة هي أنه رغم كل التأكيد على استحالة فكرة الثورة، أرى أنه من الضروري على كل من يرغب في إسقاط النظام المصري القائم أن ينزل للشارع في 25 يناير. كيف ذلك؟! ولماذا؟!
يتعين في البداية أن نلقي الضوء على العوامل التي تؤكد أن الثورة مستحيلة، وبعد ذلك ننطلق نحو تبرير الدعوة للنزول. ولنتذكر جميعًا أن الأمور التي تبدو متضاربة قد تكون هي الأكثر تطابقًا بين جميع المفردات المتاحة لمعضلة ما. لنتذكر هذا جيدًا.

الواقع
من الضروري إلقاء الضوء على الواقع المصري العام لمعرفة مفرداته قبل تقديم أية رؤية سواءً بتسويته أو بتعديله أو بأي شيء يتراءى لنا. فإذا ألقينا الضوء على مفردات المشهد المصري، لوجدنا أن هذه المفردات تؤكد أن الثورة مستحيلة. كيف ذلك؟!

واقع معيشي مأزوم
منذ ثورة يناير، تعيش البلاد في حالة معيشية مأزومة، وهي الحالة التي تعد طبيعية في جانب منها؛ إذ مرت مختلف البلاد التي اشتعلت بها الثورات بأزمات معيشية نتيجة الاضطراب السياسي المصاحب للفعل الثوري، ولكن هذه الأزمة في العديد من جوانبها الأخرى مصطنعة لجعل الشعب المصري يلعن الثورة ومن أشعلها. من الذي اصطنعها؟ فلول النظام القديم، وأولئك الذين رأوا في أنفسهم أنهم يستحقون أن يكونوا سادة مصر الجدد بعد التخلص من القوى الثورية، وتلك التي كانت معارضة للنظام القديم.
وقد نجحوا في تحقيق هدفهم بامتياز.
كان تعبير "المواطنون الشرفاء" الذين يتصدون للمظاهرات بعد ثورة يناير وكذلك في أعقاب 30 يونيو يدل على البلطجية المأجورين لإفساد تلك المظاهرات. ولكن بعد 5 سنوات من الأزمة المعيشية، بات من يتصدى لتلك المظاهرات هم أناس بعيدون كل البعد عن البلطجة، ولكنهم ملوا بالفعل من الاضطراب السياسي، ويريدون أن "يأكلوا عيش" وفق التعبير المصري الدارج الذي يشير للرغبة في الحياة المستقرة معيشيًّا.
لكن المصريين رغم تصديهم للمظاهرات لم يأكلوا العيش، بل استمرت حالة التردي المعيشي من سيء إلى أسوأ؛ لأن النظام القائم يتبع الأسلوب نفسه الذي اتبعه من قبله الرئيس الراحل محمد أنور السادات والرئيس المخلوع محمد حسني مبارك في إدخال الشعب في حالة من الأزمة المعيشية التي تخنقه دون أن تقتله لإلهائه عن الممارسة السياسية. الأمر نفسه يتكرر بحذافيره، وكذلك إتاحة بعض الفوهات لإخراج الدخان الذي يتراكم جراء السخط منعًا للانفجار العام.

جماعات سياسية متشرذمة
لنبدأ بجماعة السادس من أبريل، والتي كانت رأس الحربة في ثورة 25 يناير، وكذلك في حراك 30 يونيو. تشيع في سلسلة الحلقات الكارتونية "جرانديزر" فكرة تكررت في مصر مع بعض الفوارق. الفكرة هي أن يطلب فيجا الشرير قائد القوات المتحالفة من أحد رموز الكواكب التي احتلها أن يدمر جرانديزر الآلي الذي لا يُقهر، ويقتل قائده "دوق فليد" اللذين يقفان عقبة أمام غزو فيجا لكوكب الأرض، والمقابل؟! تحرير كوكب هذا المقاتل. وطيلة الحلقة، يحاول "دوق فليد" أن يقنع هذا المقاتل بأن فيجا لن يفي بوعده مطلقًا، ولكن المقاتل يستمر في القتال إلى أن يدمره "دوق فليد"، وتبقى الأرض حرة.
الأمر نفسه فعله النظام القائم مع حركة السادس من أبريل حيث أغراها بأن البلاد سوف تعيش في ديمقراطية، إن هم أسهموا في إسقاط الإخوان المسلمين في 30 يونيو. استجاب الأبريليون، وشاركوا في تلك المظاهرات المشئومة، وأسقطوا بالفعل الإخوان، وكان مصيرهم السجن.
فيجا لا يفي بوعده مطلقًا!!
الإخوان المسلمون ليسوا "دوق فليد"؛ فهم لم يكونوا قط على هذه الدرجة من النبل والأخلاقية، ولم تكن حركة السادس من أبريل هي التي أسقطتهم بمفردها، ولكنهم سقطوا بجراح داخلية قبل أن تكون خارجية، والدليل هو التشرذم الحالي الذي تعيشه الجماعة بين قيادات في الخارج تلعق حذاء الغرب لكي يقف معها في مواجهة نظام برهن على أنه ذكي بإقناعه الغرب بأنه البديل عنه هو الفوضى على الحدود الشرقية مع الكيان الصهيوني، وهي الحدود الأكثر خطورة من الشمالية مع سوريا، وبين قيادات في الداخل تعاني السجن، أو القمع، أو التشتت بين مطالب الصمود من الخارج، والقمع الذي يتعرض له الأنصار في الداخل.
لقد برهن الإخوان المسلمون على أنهم أكبر كذبة في تاريخ الحركات السياسية المصرية؛ حيث أقنعوا الشعب المصري أنهم القوة الأكثر تنظيمًا وقدرة من غيرها بعد ثورة يناير، ولكن البلطجي منتفخ العضلات كذلك، إلا أنها عضلات بلا عقل، دومًا يكون هناك ذلك الزعيم النحيف الضئيل شديد الذكاء الذي يقود قطيع البلطجية منتفخي العضلات. تطوع البريطانيون في السابق للعب هذا الدور بقيادة قطيع عضلات الإخوان المسلمين قبل ثورة 1952، والآن يتطوع الأمريكيون للعب هذا الدور!!

كل ما سبق وغيره الكثير مما لا يتسع له المقال يؤكد أن الوضع في مصر صار غير قابل للثورة. ولكن رغم ما سبق، أخاطب فقط تلك الفئة التي لا يخلو منها الشعب المصري؛ تلك الفئة غير المؤدلجة التي ترفض الظلم وتسعى للقصاص من قتلة من سقطوا أثناء ثورة يناير، ومن سقطوا في مذبحة فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة، وتريد الإجابة من عبد الفتاح السياسي على عدة أسئلة، والكل على يقين من أنه لن يجيبها.
وسوف أسأل السيسي سؤالًا منها لا علاقة له بالأداء السياسي أو الاقتصادي: من ارتكب فعل القتل في أثناء ثورة يناير؟! الإخوان المسلمون وعناصر من حركة المقاومة الإسلامية حماس سوف تكون الإجابة. حسنًا، ولكن كيف دخلت هذه العناصر للبلاد من منطقة يفترض أنها تحت سيطرة المخابرات العسكرية التي كنت رئيسها؟! من الذي أطلق سراح الـ3000 آلاف معتقل من المدانين بالإرهاب؟! إنه سلفك المشير محمد حسين طنطاوي. لم يكن الإخوان المسلمين ولم يكن القوى الثورية.
إن كان السلاح قد دخل البلاد من الحدود الشرقية مع قطاع غزة؛ فقد دخل من تحت أنفك أنت، وإن كان الإرهابيون يتحكمون في سيناء فسلفك ومثلك الأعلى هو من أطلقهم.
أعود وأكرر، رغم كل ما سبق، أخاطب تلك الفئة غير المؤدلجة؛ تلك الفئة التي ترفض الظلم أيًّا كان لونه أو نوعه؛ تلك الفئة التي لا يهمها من يتولى حكم البلاد طالما حكم بالعدل والرشادة؛ تلك الفئة التي لن تنام إلى أن تنزاح هذه الطغمة الحاكمة من فاشية عسكرية ودينية في مصر.
أخاطب تلك الفئة التي تثير الخوف في نفوس الطغاة؛ لأن المؤدلجين ينسحبون من الشارع فور حدوث تفاهمات بين قادتهم وبين الطغمة الحاكمة، أما الفئة غير المؤدجلة فتستمر في نضالها، وإن طال الأمد.
وأقول للسيسي إن الصراع لم ينته، ولا يزال مفتوحًا بيني ومن هم على شاكلتي من ناحية، وبينك ومن تمثلهم من طغاة فاسدين من ناحية أخرى. لم ينته الصراع، ولا يزال مفتوحًا على أقصى مداه مهما طال الزمن.
أكرر مخاطبًا السيسي: الصراع لم ينته، ولا يزال مفتوحًا. وإذا كان انتهى، الغ قانون التظاهر، ولكنك أجبن من أن تفعل ذلك؛ لأن الصراع لم ينته... لم ينته.
******








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. يونس سراج ضيف برنامج -شباب في الواجهة- - حلقة 16 أبريل 2024


.. Support For Zionism - To Your Left: Palestine | الدعم غير ال




.. كلام ستات | أسس نجاح العلاقات بين الزوجين | الثلاثاء 16 أبري


.. عمران خان: زيادة الأغنياء ثراء لمساعدة الفقراء لا تجدي نفعا




.. Zionism - To Your Left: Palestine | الأيديولوجية الصهيونية.