الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القطار والسينما

احمد عبدول

2016 / 1 / 16
الادب والفن


منذ اختراع القاطرة البخارية في اوروبا على يد المهندس (جورج ستيفنسن ) عام 1825 والذي كان له الفضل في انشاء اول خط سكة حديد , والقطار يشكل انعطافه كبرى في تاريخ التقدم العلمي ,الذي ترك اثاره على مجمل التحولات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية لدول اوروبا, حيث ساعدها ذلك الاختراع على توسيع رقعتها الاستعمارية ,وهي تشرع بمد شبكات السكك نحو مستعمراتها, كما حدث لألمانيا وبريطانيا , في منطقة الخليج والعراق في بداية القرن الماضي .اهمية القطار بالنسبة للسينما ,لم تكن اقل اهمية منه في عالم السياسة والاقتصاد ,فقد كان له اثرا كبيرا في المادة الصورية والصوتية , فصوت القطار الهادر يشكل عنصرا مهما يدخل ضمن نطاق المؤثرات الصوتية, التي تعطي للمشهد السنيمائي زخما جماليا وفنيا ,كما ان اعمدة الدخان المتصاعد من اعلى سقوفه يضيف للمشهد بعدا جماليا اخرا .
كان لفلم ( وصول القطار الى محطة لاسوت ) للإخوان لومبير عام 1895 وقعا كبيرا على المتفرجين ,عندما غادروا قاعة العرض لما دخلهم من الهلع والفزع, وهم يرون صورا حية لحركة تلك الالة الحديدية الجبارة ,وهي تتجه نحوهم داخل شاشة العرض , فيلم (جريمة في قطار الشرق السريع ) والمأخوذ عن رواية (اجاثا كريستي) عام 1975 هو الاخر, قد جسد مدى قوة الترابط بين القطار والسينما التي استثمرت تلك الثيمة الحضارية ,بعد ان وجدت الادب قد سبقها الى ذلك خلال الروايات والقصص العالمية ,على يد اشهر الكتاب آنذاك .افلام (الويسترين) وهي الافلام التي صورت احداث نهاية القرن 19 ,حيث المعارك الشرسة بين الأمريكان واصحاب الارض (الهنود الحمر ),هذه الوجبة من الافلام التي كانت تنتج بالتعاون بين اميركا ودول اوروبا لاسيما ايطاليا ,كانت تبرز دور القطار واهميته في احداث ذلك القرن ,حينما كان القطار يشكل حلقة الوصل بين الولايات المتباعدة ,حيث يحمل المؤن والاموال والسجناء ,مما يعرضه الى الاستهداف المسلح ,من قبل عصابات خارجة على القانون , وهذا ما كان جليا في فلم (سرقة القطار العظيمة) عام 1903 الذي استغرق (12) دقيقة , وتدور احداثه حول مجموعة مجرمين يقومون بسرقة قطار بريدي ,لتتولى مجموعة من الشبان مطاردتهم , اضافة الى عشرات الافلام التي يشكل فيها القطار علامة فارقة , تدخل ضمن سير الحدث الدرامي ,فضلا عما يضفيه القطار من جمالية عبر ازيز عجلاته وصافراته, التي تشير الى وصوله الى هذه المحطة او تلك, كما في فيلم (القطار الاخير ) الذي جسد ادوار البطولة فيه الراحلين (كيرك دوغلاس ) و(هينري فوندا) وفيلم (الشمس الحمراء ) الذي جسد ادوار بطولته مجموعة من المع النجوم واشهرهم آنذاك منهم (الن ديلون ,تشارلس برونسون ,ارلوسا اندراوس)عام 1974 والذي نشاهد فيه القطار في المشهد الاول والاخير, لعدة اعتبارات فنية قصدها المخرج حينها .
المخرجون العرب كذلك نظروا الى اهمية القطار وما يمكن ان يقدمه للسينما من عنصر, يسهم وبشكل مباشر في انجاح مشاريعهم الفنية ,فاخذوا ينتجون الكثير من الافلام السياسية والاجتماعية , فقد كان هناك فيلم (ساعة ونص) الذي يحكي اوجاع المصريين في رحلة قطار للصعيد , متناولا الاسباب التي تؤدي الى حوادث القطارات في مصر بسبب الفقر والتجاوز على خطوط السكة ( المعابر غير النظامية ),بالإضافة الى فلم (الباب الحديد ) 1958 للراحل (يوسف شاهين) والذي صنف في المركز الرابع من بين (100) فلم مصري في تاريخ السينما المصرية ,وفلم الارض 1970 لذات المخرج ,والذي يسلط الاضواء على ارتباط الفلاح المصري بارضه ,حيث يتم تجريف ارض الفلاح محمد ابو سويلم ,لغرض مد خطوط للسكة الحديد, التي يشير من خلالها المخرج الى الاستعمار ومشاريعه التوسعية , وغيرها من الافلام مثل فلم (القطار) للمخرج (احمد فؤاد) عام 1986 وفيلم (رحلة الاسد) الذي يحكي حياة المستشرق النمساوي (ليوبولد مايسن) والذي اسلم فيما بعد ( محمد اسد) .السينما العراقية ومنذ نشأتها في اربعينيات القرن الماضي ,كانت سباقة لاستثمار دلالة القطار ورمزيته الفنية ,عندما اقدمت على انتاج فلم (قطار الساعة 7) عام 1962 للمخرج (حكمت لبيب) وهو فلم يقوم على عنصر المفاجأة والتشويق .
للقطار حضور مميز في فلم عراقي اخر وهو (المسألة الكبرى ) عام 1983 للمخرج (محمد شكري جميل ) ويحكي الفلم تصدي العراقيين للاحتلال الانكليزي الذي كان يعتمد القطار, في نقل جنوده ومعداته واسلحته الثقيلة والمتوسطة داخل العراق ,عبر خطوط السكك الحديد التي كان يوليها اهتماما بالغا منذ ايام الاحتلال الاولى .اليوم تشهد الشركة العامة للسكك الحديد العراقية, ترسيخا لمعادلة ارتباط السينما العراقية بالقطار ,حيث تشهد اروقة الشركة احداث الفلم العراقي, الرحلة للمخرج (محمد الدراجي ) وهو فلم يركز الضوء على ظاهرة الارهاب, عندما يتم تجنيد احدى الانتحاريات لاستهداف جموع المسافرين داخل المحطة المركزية, بمناسبة افتتاحها رسميا عام 2006, جموع المسافرين داخل المحطة , تشير الى عودة الحياة الطبيعية الى العراق والعراقيين ,لذا فأن الارهاب يتربص بتلك العودة شرا ,عبر احدى الانتحاريات ,ومن المتوقع ان يكون للفلم حضورا كبيرا في المهرجانات السينمائية ,وقد قدمت الشركة العامة للسكك الحديد العراقية كافة التسهيلات, لكادر الفلم وابطاله ,ايمانا منها بذلك الدور الذي تسهم به السينما العراقية وهي تعرف الرأي العام الاقليمي والعالمي , بخطورة الارهاب , وضعف متبنياته الفكرية والعقائدية الظلامية المتحجرة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وداعا صلاح السعدنى.. الفنانون فى صدمه وابنه يتلقى العزاء على


.. انهيار ودموع أحمد السعدني ومنى زكى ووفاء عامر فى جنازة الفنا




.. فوق السلطة 385 – ردّ إيران مسرحية أم بداية حرب؟


.. وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز




.. لحظة تشييع جنازة الفنان صلاح السعدني بحضور نجوم الفن