الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثورات الربيع العربي و بداية عصر النهضة الثاني

محيي الدين محروس

2016 / 1 / 17
مواضيع وابحاث سياسية



بدايةً، لا بد من التذكير بأن عصر النهضة الغربية، استمر من القرن الرابع عشر و حتى القرن السابع عشر، أي مايقارب 300 سنة ! أما عصر النهضة العربية فكان منذ عام 1798 وحتى عام 1914 أي أكثر من مئة عام!

ثورات الربيع العربي بدأت مسيرتها منذ مايقارب الخمس سنوات فقط! و هي في مسيرة العمليات الاجتماعية طويلة الأمد، لا تزال في بداياتها، و لكنها قد بدأت و لن تقف. لماذا؟
لأن هذه الثورات السياسية قامت بها الجماهير الواسعة، من خلال حراك جماهيري، كانت بدايته حراكاً سلمياً، و من ثم تم حمل السلاح في بعض الدول.. كما في ليبيا و اليمن و سوريا، لأسباب ٍ مختلفة.
ما يميز ثورات الربيع العربي هو العامل المشترك في أنها قامت ضد الأنظمة الاستبدادية التي مارست قهر الإنسان و منظماته المدنية لعشرات السنين، إلى جانب استغلاله اقتصادياً و تدني مستواه المعاشي. فرفعت الثورات شعارات: الحرية و الكرامة و العدالة الاجتماعية. هذه الشعارات أضحت اليوم في عقول و قلوب الملايين في كافة البلاد العربية، حتى التي لم يدخل إليها الربيع العربي، و لكنه قادم إليها بالتأكيد.
من المعروف بأن الثورة تمر في ثلاث مراحل:
المرحلة الأولى هي الحراك الجماهيري السلمي أو المسلح من أجل إسقاط النظام، و ليس فقط رؤوسه. استطاع هذا الحراك إسقاط النظام في تونس. و استطاع إسقاط رموزه في ليبيا و مصر و اليمن، و لكن مؤسسات النظام السابق لم تنهار كلياً بعد. وصورته واضحة في اليمن و المعارك مع الرئيس السابق. و لم يتمكن الشعب السوري من الوصول إلى هذه المرحلة الأولى بعد!
المرحلة الثانية: هي المرحلة الانتقالية.... و هي مرحلة تتداخل فيها إعادة هيكليات مؤسسات النظام السابق مع التحضيرات للمرحلة القادمة من الدستور و القوانين و الإنتخابات الديمقراطية للبرلمان و لرئاسة الجمهورية.
المرحلة الثالثة: هي البدء في تحقيق أهداف الثورة في كافة المجالات: السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و التعليمية و الإعلامية … إلخ.

بالطبع، رغم العوامل المشتركة في أسباب ثورات الربيع العربي و أهدافها، إلا أن لكلٍ منها خصوصياتها من الناحية السياسية و الاجتماعية و مستوى الوعي الاجتماعي الجمعي. مع الأخذ بعين الاعتبار، مدى تدخل الدول العربية و الإقليمية و الدولية في مسيرة هذه الثورات، و تحريك ما يُسمى ب " الثورة المضادة" لها. كما يجري حالياً في سوريا و اليمن.

من هنا نرى: بأنه من الخطأ الفادح، هو التسرع في الحكم بأن: ثورات الربيع العربي قد فشلت، بحجة أنها لم تحقق أهدافها! كيف لها أن تحقق أهدافها، طالما أنها لاتزال في المرحلة الأولى من الثورة ،( إسقاط النظام السابق) أو في أحسن الأحوال في بدايات المرحلة الثانية ؟( إعادة هيكلية مؤسسات النظام السابق) ؟ أو أنها لم تستطع بعد إسقاط رؤوس النظام السابق ، كما في سوريا، أو أنه لايزال الصراع مع الرئيس السابق في اليمن !
هذه الثورات التي تشكل بدايات النهضة العربية الثانية أو بالأحرى: بدايات النهضة الشرق أوسطية، ستستمر لعشرات السنين، هذ مسيرة اجتماعية طويلة الأمد، و ليست كما كنا نشاهده من انقلابات عسكرية سريعة بين ليلة و ضحاها!
تتميز التغييرات الاجتماعية الجذرية بأنها تحتاج إلى فترات زمنية طويلة، كما ذكرت في بداية المقالة. مئات أو عشرات السنين. نحن قادمون على مثل هذه التحولات، رغم كل التعقيدات الحالية، من محاولات لحرف الثورات السياسية إلى حروب طائفية، و رغم شراء بعض قيادات المعارضات السياسية والعسكرية لأجندات عربية أو أجنبية.
يبقى التساؤل المشروع: ما هي الضمانة لانتصار هذه الثورات و الوصول إلى تحقيق أهدافها؟
الضمانة الأساسية هي المصلحة الحقيقية و الموضوعية للجماهير الواسعة التي تبنت أهداف الثورة و لن تتراجع عنها، رغم كل التضحيات التي قدمتها و التي ستقدمها.
الطريق طويلة، و ليست مُعبدة، و ليست طريق "أوستراد" ! و نحن لا نزال في خطواتنا الأولى على هذه الطريق. و لكن المسيرة دائماً تبدأ من الخطوة الأولى!

الإنتصار دائماً للشعوب المناضلة!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تنشر أسلحة إضافية تحسبا للهجوم على رفح الفلسطينية


.. مندوب إسرائيل بمجلس الأمن: بحث عضوية فلسطين الكاملة بالمجلس




.. إيران تحذر إسرائيل من استهداف المنشآت النووية وتؤكد أنها ستر


.. المنشآتُ النووية الإيرانية التي تعتبرها إسرائيل تهديدا وُجود




.. كأنه زلزال.. دمار كبير خلفه الاحتلال بعد انسحابه من مخيم الن