الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في تسييس الضمير الفلسطيني

جهاد الرنتيسي

2016 / 1 / 18
الادب والفن


يراوح الجدل الدائر حول رواية "مصائر .. كونشرتو الهولوكوست والنكبة " للفلسطيني ربعي المدهون بين "نقد الرواية" و "نقد النقد" دون مفارقة احتمالات نقد "تسييس الضمير" و"تنميط المثقف" ليتناسب ايقاع حركته مع اوركسترا السلطة .
حماس الناقد فيصل دراج غير المبرر للرواية مثار الجدل دفعه لوصفها بانها تنتسب ضمنياً، إلى رواية الراحل غسان كنفاني "رجال في الشمس" مشيرا إلى أنها أضافت بعداً لم تعرفه الرواية الفلسطينية من قبل، من حيث "بلاغة الحنين" التي أخذ بها المؤلف، ما جعل من روايته عملاً أدبياً ريادياً نفذ إلى قرار المأساة واضاف الى غسان كنفاني وجبرا ابراهيم جبرا واميل حبيبي ما لم تعرفه الرواية الفلسطينية من قبل .
والواضح ان دراج الذي تقدمه بعض الاوساط الثقافية باعتباره الناقد الذي لا يشق له غبار اعتقد بان "صك الغفران" الذي منحه للمدهون رافعة تتيح للاخير تجاوز العلامات الفارقة في الرواية الفلسطينية وتعفي روايته من اية انتقادات لاحقة .
لكن اعتقاد دراج تبدد عند اولى القراءات الجادة لكتاب فلسطينيين اثارتهم عبثية التصنيفات و استسهال اطلاق الاحكام والاستخفاف بذائقة ووعي قارئ الرواية الفلسطينية .
الناقد وليد ابو بكر مثلا التقط في الرواية اخطاء معرفية يصعب تمريرها على اميي الفلسطينيين الذين لا يتقنون القراءة والكتابة من بينها ان " الشهيد أبو على مصطفى والشهيد مصطفى علي الزبري ليسا اسما لشخص واحد، بل هما لشخصين" وفي ذلك جهل بعلم وطني فلسطيني كان لاستشهاده وقع الصدمة عندما قصفته الطائرات الاسرائيلية من نافذة مكتبه، وان "باب الواد" احد ابواب القدس وليس منطقة قرب القدس جرت فيها معركة في عام النكبة، كما تنقل الرواية موقع استشهاد عزالدين القسام من "يعبد" التي تتغنى بها الاهازيج الفلسطينية الى حيفا .
الالتقاطات المعرفية التي سجلها ابوبكر قابلتها التقاطات اسلوبية ومنهجية واخرى تتعلق بجدة الموضوعات اوردها الاكاديمي عادل الاسطة في مقالة مطولة حرص من خلالها على تفكيك رواية المدهون و ورؤى دراج .
بين التقاطات الاسطة وقد لا يكون اهمها مقاربته بين بطل الرواية "وليد دهمان" وشخوص رواية غسان كنفاني "رجال في الشمس" من خلال الاشارة الى تخلي دهمان عن فلسطينيته مقابل الجنسية البريطانية وهي ملاحظة تستحق الاهتمام وان كان ينقصها الاشارة الى سيرة ربعي المدهون على غلاف الرواية التي تتضمن حصوله على الجنسية البريطانية وكأنها ميزة مثل مكان ميلاده او درجة علمية ما .
كما تضمنت مقالة الاسطة شواهد على تأثر المدهون باساليب الثلاثي "كنفاني ـ جبرا ـ حبيبي" دون ان تكون هناك اية اضافة نوعية تذكر سواء على صعيد الشكل او الموضوع .
ولا شك في ان التقاطات ابوبكر والاسطة تستند الى ارضية صلبة من الانتقادات حيث كان الروائي والشاعر والناقد الفلسطيني محمد الاسعد قد كتب نصا مطولا حول رواية "السيدة من تل ابيب" التي تعد الجزء الاول من رواية مصائر .
يرى الاسعد في مقالته ان المدهون وشخصيته الروائية يتقمصان وصف "العربوش" الساخر الذي يطلقه "عاموس عوز" و"عاموس كينان" على الفلسطيني والعربي حيث يجرد الفلسطينيون في "سيدة من تل ابيب" من انسانيتهم فيما يتم تقديم المستعمر الصهيوني انسانا كامل الاوصاف، ويشير الى استعارات الرواية من الخطاب الثقافي الاسرائيلي مثل التعامل مع عودة الفلسطيني الى بلاده باعتبارها خرافة واطلاق وصف المليشيات المسلحة على حركات المقاومة، لينتهي الى ان الرواية لم تكن فضاء حرا بقدر ما هي فكرة مسبقة تستولي على كيان الكاتب .
اندفاعة فيصل دراج غير المبررة لتكريس المدهون مجددا ومحدثا في الرواية الفلسطينية تفسرها سرعة تحولاته تجاه النصوص والروائيين الذين اعتاد على تناول نتاجاتهم في كتبه ومقالاته .
ففي نهايات عقد التسعينيات من القرن الماضي اصدر دراج كتابه "بؤس الثقافة في المؤسسة الفلسطينية" الذي يتضمن قراءات نقدية تتناول نتاجات كتاب وشعراء فلسطينيين حيث بذل جهدا في ابراز سلطوية يحيى يخلف وعاد بعد بضعة سنوات ليقدم رايا مغايرا في روايته "جنة ونار" ويصفها بانها "وثيقة روائية فلسطينية استثنائية، تحاور أكثر من ذاكرة وتحتفي بروح فلسطين، كما كانت وكما يجب أن تكون، وتضيف إلى الرواية الفلسطينية نصاً مبدعاً جديداً" رغم مديح الرواية لحزب السلطة .
منح "صكوك الغفران" لروايتي المدهون ويخلف عثرة من عثرات الناقد في تعامله مع الحالة الثقافية الفلسطينية وليست العثرات كلها ففي كتابه "الهوية ـ الثقافة ـ السياسة: قراءة في الحالة الفلسطينية" بناء متكامل لفكرة الهوية المتحولة مع الزمن الواردة في كتاب " الهويات القاتلة " لامين معلوف دون اشارة لصاحب الفكرة .
مقالة الروائي رشاد ابو شاور "بؤس مثقف فلسطيني .. فيصل دراج في المؤسسة" المنشورة في عدة مواقع الكترونية خلال اذار 2014 تقدم بعض التوضيحات لتقلبات دراج ومن بينها ان يخلف استقطب الاخير ليعمل مستشارا بمرتبة مدير عام في وزارة الثقافة الفلسطينية ولا شك في ان مثل هذا الموقع يرتب عليه تقديم تنازل هنا واخر هناك على حساب رؤاه وادواته النقدية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فنانون يتدربون لحفل إيقاد شعلة أولمبياد باريس 2024


.. السجن 18 شهراً على مسؤولة الأسلحة في فيلم -راست-




.. وكالة مكافحة التجسس الصينية تكشف تفاصيل أبرز قضاياها في فيلم


.. فيلم شقو يحافظ على تصدره قائمة الإيراد اليومي ويحصد أمس 4.3




.. فيلم مصرى يشارك فى أسبوع نقاد كان السينمائى الدولى