الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كلا لسنا أخوة، أحباء، ولا يحترم بعضنا البعض

بيتر ابيلارد

2005 / 11 / 12
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


نعيش في عصر يتمتع بصورة تفوق غيره من العصور بمى يمكن أن يسمى التعددية الدينية والسياسية وهذا في حد ذاته شيء أكثر من رائع. في نفس الوقت يتمتع العصر ذاته بأكبر تأثير للنسبية، سواء كان تعبير النسبية مُعلن وبصورة واعية بجمل مثل "هذا حقيقي بالنسبة لك ولكن ليس بالنسبة لي" أو سواء كان معلن بطريقة مبطنة من خلال إدعاء عدم إمكاننا معرفة أي شيء. وعلى المستوى الإجتماعي، الديني، والسياسي تظهر هذه النسبية بصورة أكبر وأكثر كثافة سواء من أتباع أي دين أو ممن يعلنون عدم إتباعهم لأي دين. وفي كل دول العالم تقريبا نجد أن هناك دعوة عامة لقبول الآخر وإحترامه فجميعنا أخوة وكل الطرق تؤدي إلى نفس النهاية.
بإختصار ما هو منتشر الآن هو ما يُعرف بالنسبية الدينية.
وأنا لا أعني هنا الدين كمجموعة من الطقوس والشعائر ولكن الدين كإلتزام أعلى لأي من أتباعه. سواء كان لهذا الدين طقوس وشعائر كالديانات المعروفة أو لم يكن لهذا الدين أي طقس أو شعيرة كالماركسية والدارونية.
فالدين ليس مجرد التعامل مع طقس أو كائن أعلى أو إله أو غيره ولكن الدين هو رؤية منهجية متكاملة للحياة بمختلف أبعادها إن كل الفلسفات والديانات المعروفة للبشر تتعامل مع نفس النقاط وإن كان برؤية أو رؤى مختلفة.
• من أين أتي أي شيء أو كل شيء.
• ما هي مشكلة الإنسان
• كيف تحل
• وما الذي نسعى له.
حتى إتخاذ موقف سلبي من كل هذه الأمور هو رؤيه دينية.
ولو وضعنا في الأعتبار هذه النقاط سنكتشف أن أي علاقة أو حوار بين أي فلسفات مختلفة سيصل إلى النهاية إلى تعارض في السلطة المطلقة لكل فلسفة منهما. سواء كان هذا في الموقف الميتافيزيقي لكلاهما أو في الموقف المعرفي.
وما يحاول الجميع فعله في هذا العصر هو الوصول إلى ما يبدوا أنه إما أنه معرفة موحدة أو لا معرفة على الإطلاق. وهذا ليس أكثر من عودة لبداية تاريخ المعرفة البشرية أو بالأحرى إعلان إفلاس.
فلو حاولنا التعايش على أساس النسبية الفكرية – دينيا أو غيره – فنحن ببساطة نقول إن كل الأمور هي صحيحة بالنسبة لمن يتبعونها أو نقول إننا لا نستطيع أن نعرف صحة أي شيء.
ولكن إذا كان الجميع على صواب إذن فليس هناك من هو على خطأ، أو إذا كنا لا نعرف ما هو الصواب فلا يمكن أن نعرف ما هو خطأ.
وسيجد الذين يشجعون التعايش من خلال فكرة النسبية الدينية أنهم مضطرون لتأيد أو على الأقل التاسامح مع أفكار مثل النازية، الإستالينية،الماوية،... أو عدم القدرة على إدانة أشخاص كموسيليني، جنكيز خان، بوش، صدام، الحاكم بأمر الله،... أو القبول بمذابح مالتي حدثت لليهود في بداية الإسلام، أو للمسلمين على يد جنكيز خان، أو للمسلمين على يد الحشاششين، الحروب الصليبي، مذابح الأرمن، محاكم التفتيش، حرق المخالفين للبابا، إعدام الساحرات في أمريكا،...
إن كل الفلسفات، الديانات، النظم المعروفة في التاريخ البشري تحتوي على صفحات حالكة السواد في تاريخها وليس هذا حكرا على الديانات المنظمة ولا السياسات الشمولية. حتى ما يحاول البعض ترويجه على أنه ليس بفلسفة كالدارونية كان لها نصيبها من التاريخ الأسود مثل ما حدث في أستراليا من قتل أكثر من مائتين من الإستراليين وسلق رؤوسهم في ماء يغلي لكي يتم التخلص من الأنسجة ومن ثم إرسال هذه الجماجم إلى بريطانيا لدراستها، وذلك أنهم أعتبروا أن الأستراليين الأصليين ليسوا بشر بالكامل وليسوا حيوانات بالكامل بل هم حلقة وسيطة بسبب إختلاف شكل عظام الفك السفلي.
هل فعلا يمكن التعايش بين الفلسفات المختلفة؟
في إعتقادي بالطبع هذا التعايش ممكن، لازم، واجب تحقيقه.. ولكن لا يمكن أن يقوم هذا التعايش على النسبية الدينية ولكن على فهم طبيعة الخلاف بين الفلسفات وعدم محاولة تمييع الخلاف أو ردم الهوة لكن قبولها والتعامل معها كصراع فكري؛ وطالما نتعامل مع أفكار فكل هذه الجمل التي يتم ترديدها عديمة المعنى وعديمة الجدوى، فلا معنى هناك من إحترام أو قبول فكر لمن يرفض هذا الفكر. فلكل شخص الحق في إحترام أو عدم إحترام ما يرى، وله الحق في أن يحب أو لا يحب من أو ما يرى.. ولكن ليس من حق أي شخص فرض هذا الفكر على غيره باي قوة سوى قوة الإقناع. ربما وقتها سنتخلص من تلك الصورة المُقيئة التي تظهر علينا بين الحين والآخر لشيخ وقس يقبلون بعضهم البعض في نفس الوقت الذي نعرف فيه جميعا أن هذه القبل ليست تعبيراً عن القبول والإحترام ولكن تعبير عن الخنوع والذل السياسي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عرب ويهود ينددون بتصدير الأسلحة لإسرائيل في مظاهرات بلندن


.. إيهود باراك: إرسال نتنياهو فريق تفاوض لمجرد الاستماع سيفشل ص




.. التهديد بالنووي.. إيران تلوح بمراجعة فتوى خامنئي وإسرائيل تح


.. مباشر من المسجد النبوى.. اللهم حقق امانينا في هذه الساعة




.. عادل نعمان:الأسئلة الدينية بالعصر الحالي محرجة وثاقبة ويجب ا