الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثقافتنا ... ثقافة فرد أم ثقافة مجتمع

زاهر نصرت

2016 / 1 / 28
العولمة وتطورات العالم المعاصر


نحن اليوم بحاجة ملحة ان نفهم انفسنا وان نتأمل حياتنا وان نعرف السبيل الحقيقي الى نهوضنا وتطورنا وارتقاءنا ، لكن قبل العمل يجب ان نفهم وندرك معنى المجتمع وبنيته القائمة على التكافل والتفاعل والتضامن المشترك والمتبادل . ان مشكلتنا تتمثل في اننا نعيش وقد استقر في وعينا الباطن اننا تجمع بشري ... لا مجتمعي ، اننا افراد ... لا بنية مترابطة ، الكل يرسم مصيره ومستقبله لا مصير المجتمع ومستقبله ، الكل يتحدث عن الثقافة الذاتية حديثاً غائماً مبهماً دون ان يملك وعياً علمياً بمعنى الثقافة الاجتماعية ومن بعد ذلك نتباهى بثقافة تاريخية لها تأصيلاً ذات حركة اجتماعية ومنطلقاً يميل الى نزعة محورية عصبية دون ان يدرك او ندرك تنوع الثقافات بوصفها ضرورة اجتماعية تاريخية كانت اساساً للتسامح ومعززة لديناميكية التطور الاجتماعي الذي تشهده الان الدول المتقدمة الذي كان ضامناً لنهضتها .

ان ارتقاء الحياة الانسانية في شتى المجتمعات وعلى مدى التاريخ البشري كان رهناً بتنوع الثقافات وتفاعلها وتباين الرؤى واختلاف الآراء وتوفر آلية اجتماعية تكفل التفاعل الايجابي الحر ... ومن حقنا للضرورة الثقافية ان نطرح بعض الاسئلة التي تنفذ في الفكر النقدي نبض الحياة ، وتنزع عن العقل الراكد غمامة طال أمدها ... وانها تحفزنا الى ان نتأمل حياتنا وان نفهمها : ليس من انا ؟ بل من نحن في علاقاتنا الاجتماعية في الحاضر وفي التاريخ ؟ ولماذا تفككت اواصر روابطنا الاجتماعية ؟ ما الذي حدث في تاريخنا الاجتماعي ؟ فاصبحنا على ما نحن عليه الان من وضاعة حال وقناعة لا تذر بماضي الاجيال البعيدة .

واقع اليوم ... الجميع سواء وما يصدق على هذا يصدق على ذاك ولا مجال للتنوع ولا مجال للحوار مع الاخر ولا مجال للتسامح مع مخالف في الرأي ، ولا نسعى الى فهم اسباب الاختلاف او السبيل الى الوحدة مع التباين والتنوع والاختلاف وان سبب هذه الخطيئة !!! اننا نظن ان الحقيقية واحدة مطلقة في الزمان وفي المكان . ان ثقافتنا المعيشية تُعلمنا ان الحقيقة مصدرها خارج الذات وانها يقين مطلق وليست وليدة فعل وتفاعل وحوار بين الذوات المشتركة وتفاعلهم مع الواقع ومع انفسهم ، واننا نغفل ان تعدد الواقع وتغير الزمان يمثلان تعدد الحوار وبالتالي تغير مضمون هذا الحوار على مستوى المجتمعات زماناً ومكاناً .

ان فرصة افراد المجتمع للتطور تكون اكبر كلما زادت درجة التشابك وعمق الترابط المتبادل بين بعضهم والبعض الاخر في اطار صورة عقلانية مشتركة للمجتمع ، وهذا ما يعبر به عن جوهر الانتماء الايجابي وهنا تتوحد اللغة أي الفكر وتتماثل الاهداف وتتكامل الجهود وتتعزز الروابط . ان الحياة البشرية بطبيعتها متحورة تاريخياً ، أي بمعنى انها حياة ذات تاريخ وطبيعية تفاعلية تحولية دائماً وابداً ، انها التجربة الانسانية القائمة على الفعل والفكر وعلى التفاعل الذي يمثل جوهر روح المعاشرة الاجتماعية والجذر الذي انشأ الثقافة ، فالثقافة منتج اجتماعي لتكييف فرص ومناخ الفعل والتفاعل الاجتماعيين .

ومن اجل ان تمضي حياتنا ولا تتوقف امام الغاز فيجب علينا ان نعي واقعها وتاريخها في اطار جديد ، اطار من التسامح والعقلانية التي تحفزنا الى رؤية انسانية اشمل وكما قال الفيلسوف الهندي " رادهاكريشنان " (( اذا ما تعالينا عن مظاهر الاختلاف بين المعتقدات والثقافات ، فسنجدها جميعاً واحدة لان الانسانية في جوهرها واحدة وان تنوعت وتعددت ثقافاتها )) ... نحن الان في امس الحاجة الى نزعة انسانية جديدة وان نعيها ونعقلها وان لا نستنزف طاقاتنا في مسارب وهمية خارج الانسان والمجتمع والطبيعة وبعكس ذلك ان نوظفها ونروضها عن وعي عقلاني تصب في قنوات الارتقاء بالمجتمع الانساني بدلاً من مهاوي الجمود والتخلف .



زاهر نصرت








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل باتت الحرب المفتوحة بين إسرائيل وحزب الله أقرب من أي وقت


.. حزمة المساعدات الأميركية لأوكرانيا وإسرائيل وتايوان..إشعال ل




.. طلاب جامعة كولومبيا الأمريكية المؤيدون لغزة يواصلون الاعتصام


.. حكومة طالبان تعدم أطنانا من المخدرات والكحول في إطار حملة أم




.. الرئيس التنفيذي لـ -تيك توك-: لن نذهب إلى أي مكان وسنواصل ال