الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشغل بعبع الدولة

محمد بوجنال

2016 / 1 / 31
مواضيع وابحاث سياسية




الشعوب العربية شعوب يعوزها امتلاك الوعي بذاتها وبالوجود على السواء؛ بل ومستعمرة عقليا ونفسيا وسياسيا واقتصاديا ودينيا حيث تنظر وتشعر وتسمع وتفهم وتتكلم وتلبس لا كما هي باعتبارها كائنا طبيعيا، بل كما أراد لها الأب الرأسمالي وخدامه أشكال الدولة السلبية العربية. فالشعوب العربية"مكان" تمت هندستها وتشكيل مكوناتها بالشكل الذي غيب فيها القدرة على إدراك أنها كائنات بشرية لها حقوقها الطبيعية والمجتمعية وثقافتها التي يحددها،لا منطق القوة- الدولة المتسلطة-، بقدر ما أنه منطق "العمل". ومن هنا الحملة المسعورة على " التشغيل" لأن فيه وبه "تكون"الثورة أوقل التغيير الذي تقوده الشعوب "بعبع" الأب الرأسمالي وخدامه في المحيط.فأعلى درجات الوعي الذي مصدره "الشغل" تعني، وبالكاد، حصول القطيعة مع النظام الرأسمالي أو قل التغيير الجذري علما بأن ذلك يحتاج تسطير برنامج تحدد الشروط الموضوعية والذاتية مداه. فالشغل هو محرر الشعوب حيث يصبح الكائن العربي هو العالم والسياسي والقاضي والجندي والعامل وفق الممارسة بالتناوب. إنه الوضع الذي لا يؤسس له سوى"الشغل" لا الدولة عدوته التاريخية.
وبلغة أخرى، فالقطيعة مع النظام الرأسمالي تقتضي "الاشتغال" وفق استمرار فكر الصراع الذي نقر بصعوبة تحديد البنية الزمنية اللازمة لحصوله. فالتغيير الجذري نعني به ،وبالكاد، عدم التخصص الأحادي؛ فالمعرفة يجب أن تصبح حقا لمختلف مكونات الشعوب العربية، وفي نفس الآن يجب تمرسها على الجندية دفاعا عن الوطن، وفي نفس الآن امتلاك ممارسة مهنة القضاء، وكذلك مهنة السياسة ومهنة الإنتاج ككائنات عمالية. وفي هذا الإطار نقترح أن" يشتغل" الشخص جنديا مدة وأخرى يصبح قاضيا، وأخرى مفكرا وأخرى عاملا...الخ. إنه المعنى المسمى علميا "بالتناوب" الذي لا يمكن أن يحصل إلا بممارسة "الشغل" الذي هو امتلاك هذه الشعوب العربية ثقتها وقدرتها على بناء ذاتها؛ وما عدا ذلك ،فهو استغلال لها؛ أو قل أنه كلما استمر تهميش عامل"الشغل"، كلما بقيت الشعوب العربية كائنا ناقصا يكون دوما، كما هو الحال سابقا وراهنا، في حاجة إلى الوصاية والانتظارية والتراتبة. لذا، فتهميش "الشغل" في العالم العربي هو تهميش لمختلف أشكال الوعي.
فبغياب استحضار عامل وأهمية "الشغل" في حصول الوعي بالتغيير تبقى هذه الشعوب مستعمرة بشكل شبه شمولي. والقول بغير ذلك هو قول حماسي وغير ناضج إذ الصحيح هو العمل على خلق شروط امتلاكها الوعي بمعنى وجودها لتصبح لها القدرة على الفعل بشكل تنظيمي ومسؤول. فالذات داخليا ناقصة وضعيفة ومنهكة ومؤدلجة ميتافيزيقيا حتى النخاع أو قل مريضة تحتاج، لكي تناضل، التشخيص والعلاج؛ وبلغة أخرى، فالشعوب العربية ما زالت في أمس الحاجة أولا إلى التحرير لتتخلص من زيف ومكر الأب الرأسمالي وخدامه أشكال الدولة السلبية العربية. والخلاص ذاك يكمن في تعميم "الشغل" الذي له القدرة، بفعل الاحتكاك والممارسة والمعرفة في مراحل متقدمة ، على إيقاظها من سباتها.
لا يمنك أن ينتظر العاقل اعتراف الأب الرأسمالي وخدامه أشكال الدولة السلبية العربية بتلك الحقيقة،؛ بل المنطقي أنه سيحارب الحقيقة تلك للتقليل من أهميتها فدعا، موظفا مختلف أبواقه، إلى ما سماه بالنهج "التشاركي" لإيجاد حلول "للتشغيل". فلا شك أن مفهوم" التشاركية" هو مفهوم جد مهم؛ لكن المعنى المنادى به لا يعدو كونه المعنى الماكر و"الموضوي" للالتفاف على الدلالة الحقيقية"للشغل". فالأب الرأسمالي وخدامه استخدموا ووظفوا المفهوم للتغطية على عامل "الشغل"؛ "فالتشاركية" تقتضي الاعتراف بالشعوب وهو ما لا يقبل به الاب الرأسمالي إلا مسرحيا وبلغة المراوغة والمكر. فامتلاك الوعي بمعنى الوجود وبالتالي اعتماد المنهج"التشاركي" يقتضي مستوى متقدم من مستويات الوعي بالوجود الذي كلما ارتقى كلما كانت "التشاركية" أنجع أو قل كلما حصل تعميم "التشغيل" كلما ارتقى الوعي الذي معناه تجذر مطلب التحرير لتصبح الشعوب تلك أمام ممارسة تحررها الذاتي. في هذه المرحلة، مرحلة تعميم "التشغيل"، يصبح منهج" التشاركية" منهجا أكثر ارتقاء أو قل فعالا في تنزيل مشروعية"الشغل" باعتباره جوهر الشعوب التي منها الشعوب العربية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تنشر أسلحة إضافية تحسبا للهجوم على رفح الفلسطينية


.. مندوب إسرائيل بمجلس الأمن: بحث عضوية فلسطين الكاملة بالمجلس




.. إيران تحذر إسرائيل من استهداف المنشآت النووية وتؤكد أنها ستر


.. المنشآتُ النووية الإيرانية التي تعتبرها إسرائيل تهديدا وُجود




.. كأنه زلزال.. دمار كبير خلفه الاحتلال بعد انسحابه من مخيم الن