الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفساد لا يبني وطن

صليبا جبرا طويل

2016 / 2 / 3
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية


في غياب الشفافية، ورفع الحصانة القانونية
ومحاسبة، ومسألة، الفاسدين والمفسدين
والتغاضي، والسكوت عنهم لن يتمكن العالم
العربي من تحقيق تقدم، وتطور، ونمو على
الصعيدين المحلي والعالمي.

الفساد الإداري الحاضن لراس المال سبب اولي، ورئيسي لتردى أوضاع العالم العربي. الفاسدون، انتمائهم ليس لأرض او لوطن. بقصد، بعمد، مع سبق الإصرار والترصد ينهبون خيرات الوطن. هم أصحاب نفوذ، وسلطة، وقوة، ومال وتجار دين يجيرون القوانين للدفاع عن مصالحهم أولا وأخيرا. من بعدهم لا عاش مواطن او وطن. النتيجة تعميق الفجوة والفروقات بين أبناء الوطن الواحد.
الفساد يؤدي الى حالة من الترهل في تطبيق القوانين مما يشرع ويبيح نشوء ظاهرة الاحتيال والغش والسرقة والتفنن بهما. انه نوع من اللامبالاة الوطنية التي تنتهي بنشوء ظاهرة الانتماء الوطني النفعي وتعرض كل ما لا ينتمي لهذه الفئة الى نوع من العبودية لأنها ترتبط قسرا بعجلة الاقتصاد ولقمة العيش. فلا يستطيع الانسان امام هذا العبث في مقدرات الوطن الصمود امام متطلبات الحياة، ولا حتى ان يعيش على "أعطنا خبزنا كفاف يومنا".
الخطاب العربي الذي لم نقرأه، لكننا نعيشه يوميا، استوعبناه منذ زمن بعيد، حفظنا فحواه عن ظهر قلب. اعيد نصه للتذكير، مع ادراكي العميق ان هذه الذكرى مؤلمة... في اوطاننا الفساد قائم حتى اشعار اخر. سيعلن الغاء قوانين الطوارئ، ورفع منع التجول حين نهزم أعداء الامة والشعب وكل مناصر وعميل للقوى الأجنبية والرجعية ومن ويسير في ركبها، وكل مثقف يتحدى السلطة او ينتقدها، وكل من يكشف سوء تصرف المسؤولين وعبثهم بمقدرات المواطنين، وكل من لا يميز بين هويه، وعقيدة، ومن لا يقر بالمحسوبية وشرعيتها، وسلطة الحكام المطلقة المعصومة عن الخطاء الخ... لينتهي الخطاب بمطالبة المواطنين الكرام بالصبر. الذي، بالتأكيد سيطول تحمله لعدة عقود قادمة، خطاب تملئه أمنيات يستخدم فيه اسم الله – جل جلاله- كوسيلة تخدير تنطلي على الفقراء والجهال الذين يشكلون معظم عامة الشعب. عسى في النهاية - القابلة الخاضعة للتأجيل والتغير حسب شهوة القادة وأصحاب راس المال- ان يتمتع احفادها بالحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية يوما ما.
على مساحة وطننا العربي الكبير، العزيز على قلوينا جميعا، أزمتنا، وقضيتنا، ومعضلاتنا فيه ليست لاهوتية، او ايمانية، كما يحلو للبعض ان يذهب ويجير، ويغضب ويقتل ويفجر، من أحزاب سياسية دينية، وتنظيمات إرهابية، ودول مساندة لها. أساس قضيتنا وجوهرها، هو غياب وهضم لحقوق الانسان، واخفاقات في تحقيق العدالة الاجتماعية، والتوزيع العادل لعائدات الدولة واستثماراتها التي بدل ان تصرف على مشاريع تنموية يتم توزيعها كمكتسبات للعائلات الحاكمة التي تستنفذ مقدرات الوطن كمزرعة تمتلكها. يساندهم زعماء واصحاب راس المال، ومرتزقون يلتفون من حولهم. الى جانب ذلك كله يعملون على حجب الحريات ومنعها، وعدم توفير فرص العمل. فالدولة التي لا يتمتع فيها الانسان – الانثى والذكر- بهذه الحقوق وبالتساوي لا يمكن ان توفر لمواطنيها الحرية، والعدالة، والمساواة، والحياة الكريمة. المحصلة انتاج فساد يحارب ويناهض هذه الحقوق، ويقف سدا منيعا امام تحقيقها ليزعزع الاستقرار السلمي المحلي، ويفتعل الصدام الفكري والإرهاب الجسدي، والسجن القسري والمحاكمات الصورية، تحت ذريعة، نشر فكر الحادي، والتعدي على الذات الالهية، او على الحاكم بأمر الله. ليتبعها فشل في الحوار الداخلي -او افشاله، وهو الاصح- لتختلط الاوراق والانتقال الى انتفاضات فكرية تتصاعد حدتها لتصبح صراعا يليه حربا أهلية دموية -كما يحدث في بعض دولنا العربية- لتصحيح الوضع وتمكين أسس المواطنة السليمة العادلة، هذا ان تمكنت القوي الثورية العلمانية من الوصول الي الحكم. وما عداها سيخلق تجدد وتكرار لحالة الغليان والعودة الى العنف.
الوطن لا يبنى ما لم نضع مصلحته أولا ومصالح المواطنين ثانيا. ولكن في ظل وجود المسترزقين لن يكون التغير سهلا، لأنهم سيخسرون. فالانتماء الحزبي من اقصى اليمين الى اقصى اليسار – يعتقد انه هو الاجدر بتحقيق الازدهار- في حال استلم السلطة سيعمل على نقل عناصره الى مؤسسات السلطة لتصبح في معظمها ذات لون سياسي واحد. ويغيب المواطنون عن هذه المراكز الحساسة. اليس الوطن وترابه مصلحته فوق الجميع لكننا للأسف نعبش في مجتمعات همها ذاتها تسعى للكسب للربح بالغش بالسرقة فمن سار على هذا الدرب ندعوه بالشاطر. الشاطر مفهوم سلبي نطلقه على من استطاع اغتيال وسرقة الوطن بدل من حمايته.
مللنا الانتظار، وسئمنا الحديث عن هذا الموضوع. يوميا نرى ونسمع عن اشخاص يثرون بشكل مفاجئ بالرغم ان أحدهم لم يرث أحد ولم بكدح صاحبه يوما ما. الفساد يرافقنا منذ ولادتنا حتى مماتنا. يطل برائسه في معظم مناحي حياتنا في شوارعنا وارصفتنا. في مؤسساتنا الحكومية والأهلية من مستشفيات ومدارس الخ... بطالة تتصاعد بشكل صاروخي مع تخريج دفعات تتراكم سنويا من المدارس والمعاهد العليا... الرواتب لا تكفي ومعظمنا يعيش تحت خط الفقر. المؤسسات القضائية والتنفيذية لا تقوم بواجباتها شكل سليم. الضعيف يستضعف والقوي يقوى... المواطن يبحث عن امن وامان واستقرار الخ.. اليست هذه مسؤولية الدولة؟
سيبقى المواطن العربي يئن ويناجي الله وأصحاب الضمائر الحية. وينتقل من احباط الى اخر. عسى ان ينعم يوما ما بدفء وطنه، وبحقوقه كاملة كانسان.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الإسرائيلية تعتقل متظاهرين خلال احتجاج في القدس للمطا


.. الشرطة الأميركية تعتقل عدة متظاهرين في جامعة تكساس




.. ماهر الأحدب: عمليات التجميل لم تكن معروفة وكانت حكرا على الم


.. ما هي غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب؟




.. شرطة نيويورك تعتقل متظاهرين يطالبون بوقف إطلاق النار في غزة