الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدولار ومعيار الذهب

مالوم ابو رغيف

2016 / 2 / 4
الادارة و الاقتصاد


قبل ان يتبع معيار الذهب كمقياس لقيمة الدولار، كان معيار المعادن الثنائي او الـ bimetallic Standard هو المعيار السائد لتحديد قيمة النقود منذ سنة 1792 وقد استمر الى غاية سنة 1900 حيث استخدم معيار الذهب Gold Standard واستمر العمل وفق هذا المعيار الى سنة 1971 عندما تخلى ريتشارد نيكسون رئيس الولايات المتحدة رسميا عنه نهائيا.
يجدر الاشارة الى انه قد تم التخلي عن معيار الذهب بصورة مؤقتة اثناء الحرب الامريكية الاهلية واثناء الحرب العالمية الاولى وكذلك اثناء فترة الكساد الكبير او ما يعرف بـ Great Depression التي بدأت في سنة 1929 واستمرت خلال الثلاثينات وقد اسميت ايضا بـ الازمة الرأسمالية الكبرى.
ففي محاولة للتغلب على الكساد الكبير، وفي مواجهة تصاعد البطالة وتصاعد الانكماش في 1930، وجدت حكومة الولايات المتحدة أنها لا بد ان تفعل شيئا من اجل منع البنوك في الخارج من تفريغ احتياطات البلاد من الذهب ذلك انه كان الخيار الاكثر جدارة بالاعتماد والثقة، وكذلك محاولة منها لتحفيز الاقتصاد ولردع الناس من صرف الودائع واستنزاف امدادات الذهب، كان على حكومات الولايات المتحدة الابقاء على معدلات فائدة مرتفعة، الامر الذي جعل الاقتراض بالنسبة للأشخاص والشركات امرا مكلفا للغاية، لذلك في عام 1933، قطع الرئيس فرانكلين روزفلت علاقة الدولار بالذهب، وسمح للحكومة بضخ الأموال في الاقتصاد واخفاض أسعار الفائدة.
ان التخلي عن معيار الذهب قد ساهم بانشاء نوع جديد من العلاقة بين العملة والسلعة، حيث قد تحررا كليهما، العملة والسلعة من القيود التي فرضت على سعر الذهب من قبل السياسات المالية الهادفة الى إبقاء العملات تحت السيطرة، ليلعبا دورا جديدا في الاقتصاد العالمي.
لقد اصبح الدولار العملة الورقية او ما يعرف بـ Fiat Currency والتي تعني بانها خالية من قيمة داخلية ، لكنها تستعمل كوسيلة للتبادل على العكس مما كان يعرف بالتبادل السلعي حيث يجري التداول بـالسلع مقابل سلع اخرى مثل التبغ والرز والذهب والفضة، فهذه السلع لها قيمة تبادلية خارجية ولها قيمة داخلية لا تحتاج الى موافقة الحكومة ليتم التداول بها.
وان حافظ الذهب على استقرار العملة، لكن، وهو غالبا ما يحدث، عندما تتذبذب العملة، وكما اسلفنا، كان يجري التخلي عن هذا المعيار للحفاظ على احتياطات الذهب.
واذا كان تحرير الدولار الامريكي من معيار الذهب قد سمح له بالتذبذب والتقلب على نطاق واسع، فانه قد مكن قيمة الذهب من البقاء مستقرة، مما جعله ان يكون ملاذا آمنا للمستثمرين يلجأون اليه في أوقات الاضطرابات الاقتصادية والمالية، كوسيلة للتحوط ضد التضخم والركود.
لقد بقيت قيمة الذهب مستقرة مقارنة بالعملات، لكن سعره يتغير بتغير قيمها. فتقلبات سعر الذهب بالدولار الأمريكي يعكس مدى الثقة بالعملة، ان ذلك يتطلب مراجعة مستمرة لقيمة الدولار. بمعنى ان سعر الذهب يسير على عكس اتجاه قيمة الدولار. فارتفاع سعر الذهب هو ايضا مؤشر على انخفاض قيمة الدولار.
فلو اراد احد المستثمرين شراء كمية من الذهب باليورو، فان سعر الذهب في هذه الحالة يعتمد على فرق سعر الصرف بين اليورو والدولار.
ان سعر الصرف يعطينا صورة عن قوة الاقتصاد الوطني في الولايات المتحدة الامريكية وكذلك في منطقة اليورو. فانخفاض سعر صرف الدولار بالنسبة لليورو يشير الى ضعف الاقتصاد الوطني الامريكي مقارنة بالنشاط الاقتصادي لمنطقة اليورو. وعندما يستقر الاقتصاد الامريكي ويستعيد عافيته، فان الدولار سترتفع قيمته.
لا يزال للذهب تاثيرا نفسيا كبيرا على المستثمريين وكذلك على سياسات العديد من البنوك العالمية. فعندما يتعرض الدولار الامريكي الى مشاكل ومصاعب، فان البنوك العالمية والمستثمرون يلجأون الى الابتعاد عن الدولار لصالح الذهب، والعكس صحيح ايضا، فعندما يتعافي الدولار ويعاد تثمينه، تبدأ البنوك بتحويل احتياطياتها من الذهب إلى الدولار، رافعين بذلك قيمته بالنسبة الى الذهب.
لكن العلاقة العكسية بين الدولار وبين سعر الذهب ليس دائما دقيقة، فبعض الاحيان لا يشي سعر الدولار بارتباط سلبي مع سعر الذهب، فمثلا، اذا ما تعرضت عملة دولة ما الى مشاكل ومصاعب، وبقي الدولار مستقرا، فان الذهب والدولار سيكونان اثنيهما مرفئان آمنان للمستثمرين الاجانب الذين يلجئون الى تحويل تلك العملة الى الذهب او الى الدولار فيرتفع حينها سعر الذهب وسعر الدولار ايضا.
كما ان الدولار الأمريكي هو عملة عالمية رائدة لتسهيل النشاطات التجارية الدولية. ولما كانت الثقة بالعملات المحلية في كثير من البلدان النامية ضعيفة جدا، لذلك تتم نشاطات التداول بالدولار.
هل يمكن لمعيار الذهب من العودة مرة اخرى؟ ان ذلك امر مستبعد جدا، آخر لجنة نظرت في اعادة استخدام معيار الذهب، هي تلك التي أنشأها الرئيس رونالد ريغان، حيث جاء التصويت بفارق كبير ضد اعادته. كما ان حجم وتعقيد الاقتصاد الأمريكي يجعل من الصعب للغاية العودة اليه مرة اخرى، ذلك ان العودة اليه تتطلب مقادير هائلة من الذهب وهو ما يجعل سعر الذهب يقفز الى درجات مرتفعة مما يرفع معدلات التضخم بشكل لم يسبق له مثيل ويسبب اضرارا جسيمة للاقتصاد الامريكي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - السيد مالوم أبو رغيف
فؤاد النمري ( 2016 / 2 / 5 - 04:39 )
أنت يا مالوم تدخل حقلاً مليئاً بالأشواك ليس لمن هو مثلك قليل الخبرة أن يقتحمه ويبدو أنك تنقل عن كاتب أجنبي قليل العلم والخبرة
فكيف لك أن تكتب مقالة عن طبيعة النقد ودوره في العملية الاقتصادية وتتجاهل أهم محطتين في هذا الشأن وهما معاهدة بريتون وود 1944 التي استوجبت من الجهة المصدرة لعملتها الخاصة أن يكون لديها من الذهب ما يعادل 20% من مجمل القيمة الاسمية لعملتها . والمحطة الهامة الثانية وهي مؤتمر الخمسة الكبار في رامبوييه وإعلانهم عن تعويم كفالة النقود وقال أن الدول الخمسة الأغنى في العالم متضامنة تكفل نقودها وبذلك أحال تحديد القيمة الفعلية للعملة للجهة المصدرة لها وفي هذا هروب عن مواجهة الحقيقة وكفالة غير مكفولة
في العالم الرأسمالي حيث القية الرأسمالية هي القيمة المطلقة لا بد أن يكون الذهب هو المعاير لكل عملة في السوق بغير قرار صاحب العملة فعندما خرج نكسون من معاهدة بريتون وود اضطرت الادارة الأميركية لأن تعلن عن خفض قيمة الدولار ثلاث مرات في عامي 72 و 73 وكان ذلك في الحقيقة انهيار النظام الرأسمالي في حصنه الأخير وهو ما اضطر الرأسماليين الخمسة الكبار إلى نقل القيمة من البضاعة للنقد


2 - السيد فؤاد النمري
مالوم ابو رغيف ( 2016 / 2 / 5 - 12:27 )
السيد فؤاد النمري المحترم
مرحبا بك
الموضوع ليس عن النقد ودوره في العملية الاقتصادية، بل الموضوع عن علاقة الدولار بالذهب، ولماذا اختار الاقتصاديون التخلي عن الذهب كمعيار ـ
وكما جاء في المقال، بانها ليست المرة الاولى التي تخلت فيها الولايات المتحدة الامريكية عن غطاء الذهب لعملتها، فهي وفي كل الازمات تفعل ذلك، حتى تزيل القيود التي يفرضها الذهب على العملة
يقول لياقت احد مؤلف كتاب
lords of finance
بأن 90% من الاقتصاديين يتفقون ان سبب نجاح الولايات المتحدة بالخروج من ازمة الكساد الكبير هو انها كسرت قيد الذهب
انتهى
وكما هو واضح بان التخلص من الذهب يعطي الحكومات حرية التصرف بالاموال وبالفوائد ويحررها ايضا من خوف افراغ الخزائن من الذهب في حالة الازمات حيث تسرع الناس الى البنوك لاستبدال الدولار بالذهب.ـ
اما مؤتمر بيريتون وود فهو موضوع اخر، لم انوي حشره هنا لان جوانبه السياسة متعددة وخاصة وان من اسبابه كانت ايجاد نظام عالمي جديد يقف بالضد من اقتصاد السوفيتي المتعاظم ، كما اشير ان الى الاتحاد السوفتي كان ايضا من ضمن الــ 44 دولة الحاضرة في المؤتمر لكنه لم يرد ان يصبح عضوا فيه ذلك لهيمنة امريكا


3 - الذهب بين التخلي المؤقت و النهائي
سعيد زارا ( 2016 / 2 / 6 - 01:28 )

السيد مالوم

ان التخلي النهائي عن الغطاء الذهبي بشكل رسمي كان في اتفاقيات جمايكا كنغستون في يناير 1976 من خلال اللجنة المؤقتة التي افرزها اعلان رامبويه في نونبر 1975, و ليس سنة 1971 على لسان نيكسون كما تقول اعلاه. يمكنك الرجوع الى خطاب نيكسون 15 غشت 1971 لتتاكد انه كلف الكاتب كونلي لتعليق الغطاء الذهبي مؤقتا.

السؤال المطروح هو: ان كان التخلي عن الغطاء الذهبي يضمن نجاح الاقتصاد و يحرر العملة و البضاعة لماذا اذن تعود اليه الدول الراسمالية بعد كل تخل مؤقت؟
لماذا عادت الدول الراسمالية في اتفاقيات جنوة سنة 1922تهرع الى الرجوع الغطاء الذهبي بعد تعليقه المؤقت خلال اندلاع الحرب العالمية الاولى؟
لماذا عاد روزفلت بعد ازمة الكساد الكبير عند تعليق الغطاء الذهبي مؤقتا يقول ان الرجوع الى الاستقرار النقدي -يجب ان يقوم على الذهب-؟


و لماذا لم تستطع ان ترجع اليه لعد التعليق المؤقت الذي نادى به نيكسون؟؟


4 - السيد مالوم أبو رغيف
فؤاد النمري ( 2016 / 2 / 6 - 05:50 )
عندما كان التبادل التجاري محدودا كان يسك النقد من المعادن الثمينة كالذهب والفضة ولم يكن النقد بحاجة إلى كفالة فهو يكفل نفسه بنفسه أي أن الليرة الذهبية تختزن قيمة محددة معروفة يمكن مضاعفة قيمتها بمضاعفة وزنها
وبعد أن توسعت التجارة لم يعد الذهب المتواجد كافيا لتغطية التجارة فاستعيض عن الذهب بالسندات المالية المكفولة ياستبدالها بالذهب ويذكر في هذا السياق أن الجنرال ديجول أحس مبكراً 1968 أن الولايات المتحدة لم يعد لديها من الذهب ما يغطي عملتها طالبها باستبدال ما لدى فرنسا من دولارات بالذهب وهكذا كان
القانون الأساسي للنقد هو أن الذهب كأغلى بضاعة هو معاير السندات المالية ولذلك تراها موقعة من وزير المالية وحاكم البنك المركزي كفيلين لعملتهما
الأزمة الدورية التي رآها ماركس في النظام الرأسمالي ناجمة عن فائض القيمة أي أن مجموع الأجور أقل من قيمة الإنتاج اليضاعي ولذلك يتم تجاوز الأزمة عن طريق الإنتاج غير البضاعي وهو ما قام به روزفلت لتجاوز أزمة 29 عن طريق التوسع في البنى التحتية وهي ليست بضاعة أو عن طريق إنتاج الأسلحة وهي ليست بضاعة أيضا
في النظام الاشتراكي لا النقد هو نقد ولا الانتاج هو بضاعة


5 - السيد سعيد زارا :حول مؤتمر جاميكا
مالوم ابو رغيف ( 2016 / 2 / 6 - 10:17 )
السيد سعيد زارا
تحياتي لك
ما تفضلت به بان
Kingston, Jamaica agreements in January 1976
كان هو التاريخ الحقيقي للتخل عن
Gold Standard
صحيح جدا، اذ ان هذا المؤتمر قد وضع الاجراءات الرئيسية لانهاء علاقة العملة بالذهب بالغاء السعر الرسمي للذهب ونزع الصفة النقدية عنه ومعاملته معاملة أي سلعة يتحدد سعره بناءا على العرض والطلب خاصة للدول الاعضاء في صندوق النقد الدولي.ـ
ان هذا اثر بشكل كبير على الدول النامية التي غالبا ما تكون عملتها مرتبطة بالعملات الاجنبية،
خاصة وان العالم الرأسمالي إنتقل من مرحلة ثبات الأسعار إلى مرحلة تعويم العملة، اي جعلها خاضعة لعوامل العرض والطلب.ـ
ان ربط العملة بالذهب لا يعني سوى ان الحكومة سوف تطيع عملة اذا كان هناك ذهب في خزانتها، اما اذا فرغ الذهب فانها لا تفعل ذلك لان العملة سوف تكون لا قيمة لها، او انها تطبع رغم ذلك مما ينتج وتائر تضخم عالية جدا، الا تعتقد ان ذلك سيؤثر على النمو الاقتصادي ويعرقل من النشاط الاقتصادي؟
اما رجوع الولايات المتحدة الامريكية الى معيار الذهب، فان ذلك زمن وسياسة قد مضت ولا اعتقد انها ستعود مرة اخرى اليها..ـ
تحياتي


6 - السيد فؤاد النمري: ازمة الرأسمالية الدورية
مالوم ابو رغيف ( 2016 / 2 / 6 - 11:41 )
السيد فؤاد النمري
شكرا للاضافة المفيدة
اشارتك للذهب والفضة كغطاء للعملة هو ما يعرف
bimetallic Standard
لكن الولايات المتحدة الامريكية قد توقفت عن العمل بهذا المعيار وعملت وفق
Gold standard
نحن هنا لا نتحدث عن الليرة الذهبية، بل عن العملة النقدية او ما يعرف بـ
Fiat currency
وهي بذاتها لا قيمة لها، انما القيمة بغطائها الذهبي، وهنا تكمن المشكلة، فان كمية النقود مرتبطة بكمية الذهب الموجود، في خزائن الدولة، فان ارادت دولة معينة، مثل اشارتك الى فرنسا ، افراغ الخزانة الامريكية من الذهب سارعت الى ابدال الدولارات الموجودة لديها بالذهب ، وكذلك، وكما اشرت في المقال، في وقت الاضطرابات السياسية والاقتصادية تسارع الناس الى بيع الدولار مقابل الذهب فتحط قيمة الدولار بينما ترتفع قيمة الذهب وتقل مخزوناته، لذلك، وحفاظا على العملة الوطنية فك هذا الارتباط واصبح الدولار بحد ذاته غطاء للنشاط الاقتصادي
اما عن الازمة الدورية للراسمالية فان ما تفضلت به، الى جانب اسباب اخرى، هو صحيح جدا، اذ ان الكساد الاقتصادي يحصل عندما تكون الاموال اقل من الانتاج واذا ما ضخت الدولة بعملة اضافية، فان وتائر التضخم سترتفع

اخر الافلام

.. تعمير- خالد محمود: العاصمة الإدارية أنشأت شراكات كثيرة في جم


.. تعمير - م/خالد محمود يوضح تفاصيل معرض العاصمة الإدارية وهو م




.. بعد تبادل الهجمات.. خسائر فادحة للاقتصادين الإيراني والإسرائ


.. من غير صناعة اقتصادنا مش هيتحرك??.. خالد أبوبكر: الحلول المؤ




.. عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم الجمعة 19-4-2024 بالصاغة