الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ايران : مجلسى الشورى و الخبراء من يحكم من

محمود جابر

2016 / 2 / 11
مواضيع وابحاث سياسية




قرابة أسبوعين ويتجه نحو 54 مليون ناخب في إيران (من إجمالي 78 مليونًا) يوم 26 فبرايرلإجراء انتخابات مجلس الشورى (البرلمان) الإيراني، من اجل اختيار 290 عضوا من 6200 عدد المرحشين، إضافة إلى انتخاب مجلس خبراء القيادة في البلاد، في الوقت الذي تتجه فيه أنظار العالم بأكمله إلى طهران ترقبا لما سوف تسفر عنه أول انتخابات في البلاد في أعقاب توقيع الاتفاق النووي مع الغرب، ورفع العقوبات عن البلاد في ظل منافسة شديدة بين صقور النظام ( المتشددين) وحمائمه ( الاصلاحيين).
مجلس الشورى وصلاحياته
يتألف مجلس الشورى الإيراني من 290 عضوًا يتم انتخابهم من خلال اقتراع مباشر كل 4 سنوات، وينص الدستور على أن يكون أعضاء البرلمان مسلمين عميقي الإيمان بالإسلام، ويمثل المسيحيون الأرمن بمقعدين في حين يمثل كل من الزرادشتيين واليهود والمسيحيين الآشوريين بممثل واحد لكل منهم.
يهيمن على البرلمان الأخير المنتخب عام 2012 أغلبية محافظة في ظل انقسام ساد صفوف التيار الإصلاحي قبل الانتخابات حول جدوى المشاركة أو المقاطعة.
حيث قاطع الإصلاحيون المحسوبون على الحركة الخضراء المؤيدون لرئيس الوزراء السابق والمرشح الرئاسى الأسبق، مير موسوي، الخاضع للإقامة الجبرية، ومهدي كروبي، الرئيس الأسبق للبرلمان الإيراني، الانتخابات في حين شارك فيها الإصلاحيون من أنصار الرئيس الإيراني الأسبق محمد خاتمي.
وقد شهدت الانتخابات الماضية لأول مرة اصطفافات داخل التيار المحافظ في البلاد، بشكل رئيسي بين الموالين للرئيس الإيراني الأسبق أحمدي نجاد وبين المعارضين له، وقد شهدت هذه الانتخابات هيمنة كبيرة للتيار السيد الخامنئى الذي هيمن على أكثر من 3 أرباع مقاعد البرلمان مقابل تواجد محدود لأنصار نجاد والإصلاحيين.
وقد شهدت الانتخابات البرلمانية المقبلة ارتفاعا ملحوظا في أعداد المرشحين الذين بلغ عددهم 12 ألف مرشح، وهو رقم قياسي منذ قيام الثورة الإسلامية، ومثلت النساء 11 في المائة من إجمالي عدد المرشحين (مقابل 8 في المائة في عام 2012) كما ارتفعت نسبة المرشحين تحت سن الـ50 عاما إلى 73 في المائة من إجمالي عدد المرشحين. إلا أنه قد جرى استبعاد عدد كبير من هؤلاء المرشحين من قبل مجلس صيانة الدستور حيث شملت القوائم النهائية التي أعلنت عنها وزارة الداخلية الإيرانية 6200 مرشح فقط بينما تم استبعاد 5298 متقدمًا، وقد ضمت قائمة المستبعدين بعض النواب الحاليين داخل البرلمان الإيراني ومن ضمنهم النائب الإصلاحي ((علي مطهري))، وهو ما استدعى انتقاد الرئيس حسن روحاني والإصلاحيين الذين نقلوا أنه من بين أكثر من 3 آلاف مرشح إصلاحي تم قبول أوراق 30 مرشحًا فقط.
جدير بالذكر أنه يتولى الإشراف على الانتخابات أمين مجلس صيانة الدستور أحمد جنتي – خطيب جمعة طهران، وهو من المحافظين المتشددين، والمعروفين بقربهم من السيد القائد على الخامنئى.
وفي أعقاب انتقادات كبيرة من قبل رئيس الجمهورية حسن روحاني ورئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام علي أكبر هاشمي رفسنجاني (تم استبعاد ابنه وابنته من خوض الانتخابات)، فقد أعلن مجلس صيانة الدستور مؤخرا طعون 1500 من المستبعدين والسماح لهم بخوض الانتخابات، مؤكدًا أنه يجري النظر في طعون مئات آخرين. ويناضل التيار الإصلاحي من أجل الضغط لعودة جميع مرشحيه قبل موعد الانتخابات.
تتمثل صلاحيات البرلمان في المصادقة على المعاهدات التي برمتها الحكومة وإعلان حالة الطوارئ وسحب الثقة من الوزراء والرئيس. إلا أن البرلمان له صلاحيات محدودة جدا في رسم السياسات الخارجية والأمنية للبلاد. وهو يخضع لسيطرة ما يعرف بـ”مجلس صيانة الدستور” المخول بالنظر في القوانين التي يجيزها البرلمان للنظر في مدى موافقتها للدستور والشريعة الإسلامية، إضافة إلى فحص أوراق المتقدمين للبرلمان أو حتى الرئاسة وإجازتهم أو استبعادهم. ويختص مجلس تشخيص مصلحة النظام بالفصل في الخلافات التي تنشأ ما بين البرلمان ومجلس صيانة الدستور.
ملفات شائكة فى المعركة الانتخابية:

أهم الملفات التى يشتعل حولها الصراع الانتخابى ويمكن تصنيفها الى تقليدية وغير تقليدية لهذه الانتخابات. أول هذه العناوين أن مجلس الشورى غالبا ما يستخدم كأداة للنظام السياسي للسيطرة على الرئيس. يستغل الحرس الثوري استبعاد المرشحين الإصلاحيين إضافة إلى عزف الناخبين عن التصويت في المناطق المهمشة في الدفع بمرشحيه نحو البرلمان. وفي ظل المعركة الدائرة داخل إيران حول تداعيات الاتفاق النووي مع الغرب، ومع وجود حزمة كبيرة من القوانين التي يلزم تمريرها لاستكمال عملية الانفتاح، فإن الرئيس الإيراني يرغب في تأمين أغلبية مؤيدة له داخل المجلس خوفا من أن يقع بشكل كبير أسيرًا لنفوذ المتشددين. ومع استعداد روحاني لمعركة الولاية الثانية في عام 2017، فإنه يرغب بشكل سريع في استغلال فوائد الاتفاق النووي في إنعاش الاقتصاد الإيراني المتعثر بفعل العقوبات، وهو ما يتطلب حزمًا تشريعية منفتحة وعاجلة.
يأمل بعض المراقبين في أن يؤمن الاتفاق النووي فرصًا جيدة للتيار الإصلاحي في الحصول على حصة برلمانية مريحة، ولكن خريطة المرشحين لا تزال غير واضحة بعد، في ظل استبعاد معظم المرشحين الإصلاحيين ثم عودة بعضهم وقد تعرض الإصلاحيون لإقصاء كامل ثم سمحت لهم بعودة نسبية وهو ما يعد مؤشرًا على التوازنات التي سيحظى بها البرلمان القادم.
من المرجح أن يلجأ التيار الأصولي إلى التحالف مع بعض الإصلاحيين الأقل انفتاحًا (تيار الثبات أو تيار الاعتدال) في البرلمان، ومما يرجح هذا السيناريو استبعاد 50 مرشحًا من المحسوبين على تيار رئيس مجلس الشورى المتشدد علي لاريجاني. ووفقا لما ترجحه هذه المعلومات حول الانتخابات، فإنه في حال اللجوء لهذا السيناريو سوف تتم تسمية حداد عادل لرئاسة المجلس بدلا من لاريجاني وهو ما يعني أن حكومة روحاني قد تتمتع بعلاقات متوترة نسبيا مع مجلس الشورى.
لا يعارض الأصوليون جميع مقتضيات الاتفاق النووي مع الغرب كما يبدو، ولكنهم يسعون في التحكم في وتيرة الانفتاح وجعلها محسوبة بشكل كبير. يستفيد المحافظون من التدفقات المالية بعد رفع العقوبات في تمويل خطتهم للهيمنة الإقليمية، لذا فإنهم من المرجح أن يتركوا الفرصة لخطة روحاني لإنعاش الاقتصاد في العمل، مع الحفاظ على توازن نسبي داخل البرلمان بما يعني عدم السماح بسيطرة الإصلاحيين بشكل كامل، مع إعطاء تمثيل جيد للنواب الأكثر اعتدالا على حساب التوجهات الأكثر تشددا.

مجلس خبراء النظام صلاحياته وحدوده:

وفقا للصلاحيات الدستورية فإن مجلس الخبراء له اهمية تتعدى أهمية البرلمان، بيد انه لا يحظى بصخب اعلامى واسع خلافا للبرلمان، ويزداد دوره على وجه الأخص خلال الدورة الحالية. يختص مجلس الخبراء بالمهمة الأكثر حساسية داخل النظام السياسي الإيراني وهو تأييد أو عزل المرشد الأعلى للثورة، وتطبيق أركان أسس نظام ولاية الفقيه، ولا يتدخل المجلس بشكل كبير في الشأن السياسي.
ويتكون المجلس من 86 عضوًا (يتوقع أن يزيد عدد المجلس الحالي إلى 99 عضوًا وفق الزيادة السكانية التي طرأت على البلاد) يجري انتخابهم بالاقتراع الشعبي لمدة دورة واحدة تمتد إلى 8 سنوات، بحيث تمثل كل محافظة يبلغ عدد سكانها نصف مليون نسمة بعضو واحد داخل البرلمان، وكلما زادت الكثافة زاد معها تمثيل المحافظة.
ويرأس دورة المجلس الحالية (منذ مارس 2015) المرجع الدينى الشيخ محمد مصباح يزدي؛ رئيس مجمع المدرسين في حوزة قم الدينية الذي نجح في التفوق في التصويت داخل المجلس على الإصلاحي هاشمي رفسنجاني. وقد تم انتخاب يزدي عقب وفاة الرئيس السابق للمجلس محمد رضا مهدوي الذي ينتمي بدوره إلى التيار المحافظ أيضًا. ويجري إعادة انتخاب رئيس المجلس وهيئته العليا كل عامين، إلا أن يزدي قد تم انتخابه اضطراريا لمدة تقل عن عام واحد (تنتهي مع موعد إجراء الانتخابات القادمة في 26 فبراير) بسبب الوفاة المفاجئة لسلفه.
ويرجع الدستور الإيراني اختيار مرشد الثورة إلى مجلس الخبراء بحسب مادته رقم 107، كما أن مجلس الخبراء هو الهيئة الدستورية الوحيدة التي تملك الصلاحيات لعزل المرشد بحسب المادة رقم 111، إلا أن هذه الصلاحية لم يسبق استخدامها إلى الآن.
وقد سيطر علي مسكيني على رئاسة مجلس الخبراء لمدة 24 عامًا متتالية حتى وفاته في عام 2007 حيث جرى انتخاب رئيس للمجلس لأول مرة، وقد جرى انتخاب رفسنجاني رئيسًا للمجلس لمدة 4 أعوام حتى عام 2011 قبل أن يستبعده المحافظون لصالح مهدوي. وقد ترشح حوالي 801 مرشح للتنافس على مقاعد مجلس الخبراء إلا أن مجلس صيانة الدستور قد قام باستبعاد ثلاثة أرباع هؤلاء المرشحين مبقيًا على ترشيح 166 مرشحًا فقط، وقد شملت قائمة المستبعدين حسن الخميني حفيد آية الله الخميني المحسوب على التيار المعتدل رغم أن المرشد الأعلى سبق أن أيد ترشيحه مطالبًا إياه بعدم الإساءة إلى سمعة عائلته. ولا يزال مجلس صيانة الدستور ينظر في طعون المستبعدين من مجلس الخبراء في حين لم يعلن عن عودة أي منهم للسباق إلى الآن.

الأهمية القصوى للمجلس:

يكتسب مجلس الخبراء أهميته القصوى هذه الدورة من تردي الحالة الصحية للمرشد الأعلى السيد الخامنئي، ما يجعل المجلس القادم مرشحا بقوة للقيام بدور اختيار المرشد الجديد للبلاد، وهو ما يزيد من شراسة المعركة بين المحافظين والإصلاحيين، حيث يسعى المحافظون إلى استخدام الأدوات الدستورية من أجل ضمان استمرار هيمنتهم على المجلس، وبالتالي عملية اختيار المرشد الجديد، في حين يخوض الإصلاحيون معركة مستميتة لضمان أغلبية أو على الأقل تمثيل جيد داخل المجلس، إلا أن جهودهم تتم إعاقتها عبر عمليات الاستبعاد.
وللتدليل على مدى أهمية هذه الانتخابات، تجدر الإشارة إلى أن كلًا من الرئيس الإيراني حسن روحاني ورئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام علي أكبر هاشمي رفسنجاني، يخوضان بقوة هذه الانتخابات، إضافة إلى حسن الخميني الذي جرى استبعاده.
يبقى السؤال حول هوية من سيخلف المرشد الحالي وهذا هو السؤال الأهم في السياسة الداخلية الإيرانية، وهو السؤال الذي تمت تنحيته جانبا بفعل الجدل الكبير حول الاتفاق النووي ما بين إيران والقوى الكبرى. تصريحات رفسنجاني، في ديسمبر 2015، وحديثه عن لجنة لانتخاب مرشد للثورة الإسلامية في حال حدث طارئ.

تاريخيا، كان مجلس الخبراء طرفا في الصراع الأبرز داخل أروقة النظام السياسي الإيراني شديد الحساسية. اجتمع مجلس الخبراء لأول مرة، سنة 1983، واختار فقهاء المجلس حسين علي منتظري خليفةً للسيد الحمينى، قبل أن يقوم السيد الخمينى بعزله بفعل خلافات نشبت بينهما ما تسبب في انتقادات كبيرة لمجلس الخبراء . لم يعين المجلس خليفة آخر منعا للخلاف، ولكنه قام بتعيين السيد الخامنئي في منصب المرشد الأعلى عام 1989 بعد دعم كبير من هاشمي رفسنجاني قبل أن يشتعل الخلاف بين الرجلين. ترتبط انتخابات مجلس الخبراء بشكل أكبر بالصراع المكتوم بين المتشددين ولاصلاحيين، وتصريح رفسنجانى الذي قال أنه يعد حسن الخميني لخلافة خامنئي قبل أن يجري استبعاده. حيث تم تهميش رفسنجاني بشكل كبير منذ عام 2009 بعد سيطرة الحرس الثوري على الدوائر المتنفذة فى النظام . ويرغب الحرس في تأمين انتقال سلس لمنصب المرشد إلى أحد الأوجه المحافظة، بهدف الحفاظ على النفوذ السياسي والإمبراطورية الاقتصادية المتشابكة للحرس الثوري. في حين أن رفسنجاني والرموز الإصلاحية يرغبون في خوض معركة نحو تعديل النظام السياسي بما قد يشكل تقليص صلاحيات المرشد الأعلى، وهم يرون أن مجلس الخبراء هو المحطة الأبرز في هذه المعركة.
على الجانب الآخر، وعلى عكس المرونة النسبية والحلول الوسطى التي قد يلجأ إليها المحافظون في التعامل مع مجلس الشورى، فإن معركة مجلس الخبراء ربما تكون مختلفة بشكل كبير، حيث أنه من غير المرجح أن يسمح المحافظون والحرس الثوري بنفوذ كبير لرفسنجاني وتياره في عملية اختيار المرشد القادم التي باتت وشيكة. وفي ظل استبعاد حسن الخميني ومحاصرة رفسنجاني وانشغال روحاني بالاتفاق مع الغرب، فإن الأصوليين يعدون العدة للحفاظ على سيطرتهم داخل مجلس الخبراء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ضربة إسرائيلية ضد إيران في أصفهان.. جيمس كلابر: سلم التصعيد


.. واشنطن تسقط بالفيتو مشروع قرار بمجلس الأمن لمنح فلسطين صفة ا




.. قصف أصفهان بمثابة رسالة إسرائيلية على قدرة الجيش على ضرب منا


.. وزير الأمن القومي الإسرائيلي بن غفير تعليقا على ما تعرضت له




.. فلسطيني: إسرائيل لم تترك بشرا أو حيوانا أو طيرا في غزة