الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إسرائيل و الحب المستحيل!

ريهام عودة

2016 / 2 / 14
حقوق الانسان


في أي دولة عادية، عندما يرغب رجل بالزواج من امرأة تحمل نفس جنسيته و لكنها تقطن في مدينة أخرى حدود الدولة ، لا يتجاوز الأمر مدة ساعة بالقطار، و يذهب إليها أو تأتي إليه، ويتم عقد القران بكل بساطه دون أي حواجز أو عوائق للسفر سوى ربما ثمن تذكرة الحافلة أو القطار ، فالزواج من نفس الجنسية أمر مفروغ منه في كافة دول العالم ، و لا يوجد محاذير أو شروط أو مشاكل قانونية تعيق هذا النوع من الزواج ، وهو موضوع لا يتم مناقشته أبدا بتلك الدول، لأنه حق طبيعي لأي مواطن أو مواطنة بالتنقل و السفر و الحركة بحرية في كافة أنحاء الوطن.

لكن بالنظر للمواطنين الفلسطينيين المتواجدين في كل من قطاع غزة و الضفة الغربية ، فالموضوع أشبه بالمستحيل، عندما يريد مواطن من الضفة الغربية أن يرتبط بمواطنة من غزة أو عندما ترغب مواطنة من الضفة الغربية أن تتزوج من مواطن بقطاع غزة ، مما جعل الفلسطينيون بالضفة الغربية ينصحون أبنائهم و بناتهم أحياناً ، بعدم التعلق أو الوقوع في الحب مع أشخاص يسكنون في قطاع غزة ، لأن ذلك هو الحب المستحيل !

و ذلك بسبب القوانين الأمنية للاحتلال الإسرائيلي التي تمنع الفلسطينيين من شقي الوطن بالحصول على تصريح تنقل للزواج أو وثيقة للم الشمل تجمعهم للعيش تحت سقف واحد ، وذلك بغض النظر عن بعض الحالات الخاصة التي ربما سُمح لها من قبل، بالحصول على أوراق ما يسمى "لم الشمل" بعد عدة سنوات من المعاناة في أروقة مؤسسات حقوق الإنسان و محافل المحاكم الإسرائيلية.

إن الغريب بالأمر، و في موضوع عدم سماح إسرائيل لمواطني قطاع غزة للتنقل إلي الضفة الغربية من أجل الزواج بمواطني الضفة الغربية أو العكس ، هو أن معظم القادة الإسرائيليون السياسيون و العسكريون يصرحون دائما ، أن إسرائيل تؤمن بحل الدولتين و أن إسرائيل لا تريد حكم كل من الضفة الغربية وقطاع غزة و أن احتلالها للضفة الغربية هو مجرد مرحلة مؤقتة لحين توفر شريك فلسطيني مناسب لها و مستعد للسلام للنهائي معها حسب معايير الأمن الإسرائيلية ، الأمر الذي يجعلنا نطرح هنا بعض الأسئلة التعجبية و هي:

- طالما لا يوجد نية لإسرائيل لاستمرار سيطرتها على الضفة الغربية و قطاع غزة ، فلماذا مازالت تتحكم إسرائيل بمصير سكان هاتين المنطقيتين حتى الآن؟
- ما هو الخطر الأمني الذي سيهدد إسرائيل في حال تزوج محبين اثنين من الضفة الغربية و قطاع غزة، و اختارا العيش إما بالضفة الغربية أو قطاع غزة ؟
- ولماذا تتدخل إسرائيل في الزواج المختلط بين سكان الضفة الغربية و قطاع غزة ، ماداموا هم مواطنون فلسطينيون، و سوف يعيشون تحت مظلة القوانين الفلسطينية و في كنف السلطة الفلسطينية ؟
- هل تخشى إسرائيل على طبيعة التغيير الديمغرافي بالضفة الغربية في حين حصل نسب مشترك بين أهل الضفة الغربية و أهل غزة ؟ ماذا يهم ذلك الإسرائيليون إذا كانوا بالفعل لا يكترثون بحكم الضفة الغربية للأبد ؟
- هل إسرائيل قلقة على طبيعة الجينات الخاصة بسكان الضفة الغربية في حال تزاوجوا مع سكان قطاع غزة ؟ أم أن الموضوع هو مجرد عقاب جماعي ضد سكان القطاع و سكان الضفة الغربية و مجرد مزاج شخصي لرجل الأمن الإسرائيلي الذي يتحكم بعواطف الفلسطينيين و يُنصب نفسه قاضيا على قلوب الفلسطينيين، فيسمح تارة لمحبين بالزواج و يمنع تارة أخرى زوجين آخرين بعدم الالتقاء و الزواج؟

إن استمرار المنع الإسرائيلي للفلسطينيين للزواج ضمن حدود جغرافية معينة ، لا يوجد له أي مبرر إنساني أو قانوني أو حتى أمني ، سوى حب السيطرة و التحكم بمصائر البشر!

فهؤلاء المحبون، عندما يحصلون على لم الشمل وتصريح المرور، سوف تسري عليهم كافة القوانين الفلسطينية مثلهم مثل أي مواطن عادي يعيش في الأراضي الفلسطينية ، و ليس لذلك أي تأثير على أمن إسرائيل، لأنهم سيعيشون ضمن المناطق الجغرافية التي تتحكم بها السلطة الفلسطينية ، لذا فقد حان الوقت لسلطات الاحتلال الإسرائيلي أن توقف سياسة منع الشمل و إجراءات التفرقة بين الفلسطينيين حسب مكانهم الجغرافي و عليها أن تلغي قوانينها العقابية ضد الشعب الفلسطيني بحجة المحافظة على أمن إسرائيل ، فكيف لإسرائيل أن تُسوق لنفسها أمام العالم ، بأنها الدولة الديمقراطية الوحيدة بالشرق الأوسط و أنها مناصرة لحقوق الإنسان حسب تصريحات قيادتها ، وفي نفس الوقت تناقض نفسها بنفسها و تقبل أن تكون بمثابة حاجز فصل عاطفي عنصري بين الفلسطينيين أنفسهم ؟

لماذا تحرم إسرائيل الفلسطينيين من أبسط حق إنساني لهم، وهو الحق بالحب و الزواج بالأشخاص الذين يرغبون بهم، وذلك تحت ذريعة أوهام أمنية وقوانين إسرائيلية قديمه عفا عنها الزمن، وقد حان الوقت لأن أن تتخلى إسرائيل عنها للأبد و أن تتخلى أيضاً عن احتلالها ليس فقط للأراضي الفلسطينية بل لمشاعر الفلسطينيين الممزقة اللذين يشعرون بالألم و المعاناة بسبب حرمانهم من الحرية و منعهم من التمتع بأبسط حق في الحياة ، حق التنقل و الزواج بمن يحبون.

و أخيرا، أقول هنا و بصوت مرتفع : في عيد الحب و بأمر الحب ، فليُغرم الجميع و ليتزوج الجميع !
فهل نصبت إسرائيل نفسها أيضاً حاكماً عسكرياً على قلوب الفلسطينيين؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. آلاف اليمنيين يتظاهرون في صنعاء دعماً للفلسطينيين في غزة


.. إيرانيون يتظاهرون في طهران ضد إسرائيل




.. اعتقال موظفين بشركة غوغل في أمريكا بسبب احتجاجهم على التعاون


.. الأمم المتحدة تحذر من إبادة قطاع التعليم في غزة




.. كيف يعيش اللاجئون السودانيون في تونس؟