الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدولة الكردية بين المشروع الكردي المعلن والمشاريع السنية والشيعية، الايرانية والتركية، والأمريكية الخفية

سامان نوح

2016 / 2 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


بعض ممن يؤمنون باعلان الدولة الكردية خلال اسابيع او بضعة أشهر او في الحد الأقصى عام واحد، انتقدوا التقرير الذي وكالة تسنيم الايرانية، بشأن الخطط الجديدة لتقسيم وادارة العراق عبر تحويله الى ثلاثة اقاليم فدرالية مع اقليم العاصمة بغداد وبصلاحيات شبه مطلقة. طبعا التقرير لم يشر الى حدود تلك الاقاليم التي يتم رسمها تحت الطاولات وليس فوقها، وعبر خيوط مصالح معقدة ودقيقة، وليس بالدم المسال في الميادين وعبر الخنادق فقط كما يرى البعض.
الكرد الذين هاجموا التقرير، وبينهم مثقفون، انتقدوه لأنه لا يتحدث عن انفصال كردستان والدولة الجديدة في المنطقة، ويعتبرون ما ورد في التقرير مجرد كلام فارغ او تحليل بائس وليس "معلومات دبولماسية رفيعة" كما ذكرت الوكالة... خاصة انه يتقاطع مع تقارير او تحليلات بصحف غربية تحدثت عن خرائط جديدة للمنطقة!!.
آخرون من متشددي الجبهة الشيعية هاجموا التقرير، واكدوا ان وحدة العراق ستستمر "رغم انف الانفصاليين" بعد كل الدماء التي سالت من قبل "ابناء الحشد والمقاومة"، واقسموا على ذلك. وكأن القسم يحسم الأمور!!.
في الجبهة السنية، رحب الكثيرون بالمشروع، وعبروا عن رضاهم عنه. وكأنه اصبح أمرا واقعا (رغم الواقع البائس لقياداتهم والتشتت العميق لقواعدهم) مبشرين أنفسهم بان معركة تحرير الموصل وطرد داعش منها، هي ساعة اعلان المشروع وخلاص السنة من "ظلم بغداد وتجاوزات الكرد"!!.
ربما اتفق مع الكثير من وجهات النظر تلك، وربما لا يكون التقرير تسريبات دبولماسية رفيعة كما تقول الوكالة الايرانية، بل مجرد تحليل سياسي من وكالة تطلق بالونات اختبار او رسائل لأهداف سياسية وامنية. رغم ذلك من المهم ان نقرأ ما يكتبه الآخرون، ونطلع على كل ما ينشر في انقرة واسطنبول وطهران ومشهد وقم، بشأن ادارة العراق الجديد وحدوده واقاليمه، كما نتابع ما ينشر في واشنطن التي تقرر عادة بدلا عنا، وموسكو الداخلة على الخط بقوة.
لدى الكرد اليوم، مشروع "غير متكامل" لانشاء دولة كردستان من شنكال (سنجار) الى خانقين بمضمنها كركوك، كما يرى سياسيون كرد ومراقبون، لكن أي مشروع حتى لو كان لانشاء "بسطة" يحتاج الى مقومات ودراسة جدوى (اقتصادية وامنية واجتماعية وسياسية) فهل تلك المقومات متوفرة؟!!.
الجواب طبعا لدى قادة الاقليم، لكن يقينا ان الوضع الاقتصادي لا يساعد في اللحظة الراهنة على اطلاق ذلك المشروع، فكردستان عمليا مفلسة الا اذا ظهرت اموال الاحزاب والقيادات "المخبأة تحت الأرض".
كما ان تمرير المشروع في مناطق مثل كركوك لن يكون أمرا سهلا بالنظر الى عوامل الصراع القومي السياسي والاجتماعي. اما أمنيا فالحديث يطول عن عدم وجود جيش كردي موحد بل جيوش احزاب، قد تختلف في اي لحظة، بغياب قيادة كردية وقرار موحد، على توزيع السلطة والمال والنفوذ، وفي ظل انعدام المؤسسات والبنى الديمقراطية وحتى البنى الادارية والقضائية السليمة.
تضاف الى تلك العوامل المركبة لانشاء الدولة، كما يرى مراقبون، حقيقة ان الاقليم عمليا بلا مؤسسة تشريعية منذ نحو اربعة اشهر، وبلا حكومة فعالة (الحكومة تترنح تحت ضربات الأزمات الاقتصادية والسياسية)، وهناك انقطاع تام بين اكبر قوتين من ناحية حجم الجمهور (الحزب الديمقراطي وحركة التغيير)، وهناك عدم ثقة وصراع شديد بين كل القوى الفعالة الآخرى.
كما ان هناك مؤشرات دولية غير ايجابية (تصريحات وزير الخارجية الألماني، وتسريبات ممثلي الاتحاد الاوربي برفض فكرة الاستفتاء حاليا) والموقف الامريكي الرافض لأي تقسيمات جديدة تثير مزيدا من التعقيدات والصراعات في المنطقة.
وفق ذلك يبدو ان ما يجمع دعاة الدولة الكردي اليوم، هو الاتفاق على "الهدف والشعار" واستخدام ذلك الحق في ظل ظروف متفهمة لحقوق الكرد، دون الخوض في تفاصيل التطبيق وآلياته وشكل ادارة الحكم في اقليم فشل ديمقراطيا بامتياز بعد 25 عاما من الحكم، وفشل اقتصاديا، وفشل في بناء اية مؤسسات حقيقية مع استمرار سطوة الاحزاب وتغولها في مناطق نفوذها. بدليل سلسلة حزم الاصلاح التي اطلقت خلال 15 سنة دون ان تغير الواقع (مشاريع الاصلاحات نهاية التسعينات، مشاريع اصلاح 2007، مشاريع اصلاح 2011) حيث بقيت حبرا على ورق.
طبعا اذا كنا متفائلين يمكن ان تتغير تلك المعطيات خلال اشهر، ويكون الكرد قادرين على تحقيق متطلبات "جدوى واستمرارية" مشروعهم ضمن ما يعرف بالعوامل الذاتية. لكن المشكلة قد تبرز في العوامل الموضوعية والخارجية!!.
وهنا يفرض السؤال نفسه، هل القادة الكرد يقرأون ويطلعون على مشاريع غيرهم، أم يقرأون لأنفسهم فقط ويرددون آمين؟!!.. هم لديهم مشروع مهم وهذا امر جيد، لأنهم دائما كانوا ينتظرون مشاريع الآخرين..... لكن المشكلة تكمن اليوم في انهم لا يلتفتون بالمطلق الى مشاريع الآخرين. المنطق يفرض على قادة كردستان النظر بدقة لتلك المشاريع في ذات الوقت الذي يتابعون كل أسس مشروعهم:
- المشروع السني، المتبنى تركيا وسعوديا: ترى ما طبيعة المشروع واهدافه وجغرافيته، ومكامن قوته وضعفه، وحدود وآفاق التفاهمات مع الجيران؟. (اللقاءات السرية التي اجرها رئيس البرلمان العراقي في امريكا قبل اسبوعين، والمؤتمر الذي تستعد السعودية لتنظيمه للقوى السنية العراقية لاختيار قيادة لاطلاق الاقليم السني).
- المشروع الشيعي، المتبنى ايرانيا: ترى ما طبيعة المشروع واهدافه وجغرافيته، ومكامن قوته وضعفه، وحدود وآفاق التفاهمات مع الجيران؟.
- المشروع التركي الخالص، ترى هل توافق تركيا (التي تبيد كردها، وتعلن انها ستحطم الدينا على رؤوسهم لمجرد مطالبتهم بادارات ذاتية) على ظهور دولة كردية مستقلة في جنوبها؟!.. أم هي تريد "امارة كردية" ضعيفة تابعة لها اقتصاديا وخاضعة لها سياسيا وامنيا؟!!.. الا تستحق المواقف التركية من الادارات الذاتية في سوريا والتي تعتبرها انقرة عدوة، التدقيق والتحليل، كما انتشار قواعدهم الامنية في كردستان، وتغول شركاتهم؟!!.. ثم ماذا لو قررت تركيا ان تعادي يوما ذلك الوليد الكردي هل سيكتب له الاستمرار؟!.
- المشروع الايراني الخالص، هل ايران التي تتدخل في اليمن وتبسط سيطرتها على لبنان وسوريا وبدأت تتحرك في مناطق اخرى من آسيا، غافلة عن اي مشروع في كردستان، وانها توافق على ما يقرره الكرد "احتراما لرغبتهم ولحقوق الانسان ولمبادئ حسن الجوار"؟!!.
- المشروع الامريكي، ماذا عنه وعن أسسه واهدافه وحدوده، وهو مشروع يتغير وفق المعطيات على الأرض، ولا يبقى على حال.. مشروع يمهد له عادة تحت الطاولات وبمفاوضات معقدة مع الدول الاقليمية.. هو المشروع الأهم الذي يجب متابعته لحظة بلحظة وفي دوائر صنع القرار وليس في الزيارات الغربية الخاطفة الى اربيل والسليمانية.
تنويه: يتحدث مستشارون كرد عن وجود أكثر من 60 دولة ستدعم مشروع الدولة الكردية اذا اعلنت... السؤال هل هذه النتيجة ظهرت من مشاورات لقيادة الاقليم لدى حكومات تلك الدول؟!.. ام من دراسة عميقة للمواقف والاحتمالات والتداعيات؟!.. ففي "الف باء" دراسات الجدوى لأي مشروع حتى لو كان محلا صغيرا لبيع المرطبات في حي صغير، تكون هناك سلسلة أسس ومتطلبات يجب النظر فيها بدقة، أما ان يتم الاخذ باستفتاء اهالي الحي وسؤالهم "هل تحبون افتتاح المحل ولن تعترضوا عليه" فاكيد الجواب سيكون ايجابيا، ولن يهم ذلك الحشد خسارة صاحب المحل لكل شيء يملكه اذا افتتح المشروع ولم يلتفت اليه احد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. منها متحف اللوفر..نظرة على المشهد الفني والثقافي المزدهر في


.. ماذا تضم منظومات الدفاع الجوي الإيرانية؟




.. صواريخ إسرائيلية تضرب موقعًا في إيران.. هل بدأ الرد الإسرائي


.. ضربات إسرائيلية استهدفت موقعاً عسكرياً في جنوب سوريا




.. هل يستمر التعتيم دون تبني الضربات من الجانب الإسرائيلي؟