الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مقهى الناصرية

احمد عبدول

2016 / 2 / 17
الادب والفن


من العادات التي أدمنتها مؤخرا ، اني اخذت ارتاد مقهى قريبة من محل عملي، في منطقة العلاوي ، لأسباب عدة ابرزها حجم الروتين ، وثقل ساعات الدوام الرسمي التي تضطرنا بدورها الى الخوض باحاديث السياسة التي تستدعي الهم ، وتجلب الغم ، فتشحن القلب غيظا ، وتملأ الصدر حزنا .
مقهى الناصرية ، الذي يعبق بشذى الماضي الجميل ، الذي اصبحنا نتوق اليه ، ونحنّ الى ايامه ، اصبح يمثل لي محطة استراحة لا بد منها ، حيث استرخي هناك فوق مصطبات المقهى، واتنقل بين زواياه التي يلفها دخان ( الأراكيل )، وتكنتفها قرقرت زجاجاتها الملونة .
امور كثيرة لفتت انتباهي داخل المقهى ،. فجمهوره ، لا يقتصر على شريحة دون اخرى من شرائح المجتمع ، فهناك مختلف الشرائح التي تحظى بحسن الخدمة ، وكرم الضيافة على يد الفتى (نصير) الذي يتنقل من اريكة الى اخرى .
حضور الشباب داخل مقهى الناصرية ، يثير التساؤل ، فهم يشكلون اغلب رواد المقهى ، لكنهم هنا لا يتنازعون ، ولا يتنابزون ، ولا يتقاطعون ، وهم ابعد الناس عن احاديث السياسة، كما هو حال غيرهم من شرائح المجتمع التي ادمنت حديث السياسة ، دون علم او هدى او كتاب منير . الشباب هنا ليس لديه وقت يزهد به ، فقد حدد هدفه ،ورسم مساره ، من خلال تركيزه على شاشات الموبايل بما تحويه من عوالم متنوعة وآخاه.
لا شك ان هؤلاء الشباب يمثلون طاقة كامنة، قد اهملتها الدولة ، وعطلتها الحكومة ، ولو انها احسنت استثمارها ، لما كانت المقاهي تغص بتلك الشريحة، وحضور تلك الفئة ، بل كانت تشهد حضور فئات اخرى ممن خبر الحياة ودروسها ، وجرب الدهر وتقلباته .
وجود شباب بهذا الشكل داخل المقهى ، منذ اوقات الصباح الباكر، حتى منتصف النهار ، دليل واضح على تقصير حكومتنا ، وعجز مؤسساتنا ،عن توظيف تلك الشريحة ، وتوجيهها توجيها سليما. وبالتالي استثمار ما يمتلك هؤلاء من امكانات وقابليات يمكن ان تغير الكثير في مسار العملية التنموية والاقتصادية في بلد اصبح يترنح تحت واقع اقتصادي هش وغير متوازن .
يذكرني مقهى الناصرية بعالم الاجتماع الراحل علي الوردي ، عندما كان ينصح الباحثين والاكاديميين، بارتياد المقاهي لغرض الاستفادة من تجارب الاخرين وحكمهم وحكاياتهم وامثالهم وقيمهم الاجتماعية ، الا ان الوردي لو رجع الينا هذه الايام ، لغير رأيه ، وغادر قناعاته ، فالمقاهي اليوم ليست مجالا للدرس ، ولا موطنا للرصد ، كما هو حالها ايام الوردي طيب الذكر ، بل هي مكان لمن يهرب من واقعه المؤلم ، الذي لم يوفر له فرصة للعمل ، وفسحة للرزق.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شراكة أميركية جزائرية في اللغة الانكليزية


.. نهال عنبر ترد على شائعة اعتزالها الفن: سأظل فى التمثيل لآخر




.. أول ظهور للفنان أحمد عبد العزيز مع شاب ذوى الهمم صاحب واقعة


.. منهم رانيا يوسف وناهد السباعي.. أفلام من قلب غزة تُبــ ــكي




.. اومرحبا يعيد إحياء الموروث الموسيقي الصحراوي بحلة معاصرة