الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قبض الريح - زي الهوا

محمد عبد القادر الفار
كاتب

(Mohammad Abdel Qader Alfar)

2016 / 2 / 27
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


لم يمرّ عليّ أعمق من "زي الهوا" في تلخيص التجربة البشرية (الهشة المدهشة القصيرة)

تفاعل الكلمة واللحن والأداء وتفاعل المستمعين صراخا وتصفيقاً، مشهد مهيب بل حضرة عظيمة> انظر الى تلخيصها لعلاقة الإنسان مع العالم، وعلاقة الإنسان مع الله، ثم علاقة الإنسان بالإنسان، ثم اكتشاف الإنسان ل"مندالة" الحياة الرملية، حين يدرك أنه لا يمسك بأي شيء يتصور أنه يقبض عليه، وإنما هو دائما "ماسك الهوا".

لحن بليغ حمدي وإيقاعاته الراقصة وعصبيته وتمرده جاء كل منها في مكانه الصحيح ليعطي لكل كلمة صدى هائلا...

خايف..ومشيت وانا خايف.. إيدي بإيدك وانا خايف - إحالة إلى جدلية العلاقة بين الحب والخوف... تحب فتخاف أن تفقد الحب، وتعلم أن ذلك لا محالة حاصل (أحبب من شئت فإنك مفارقه) فتخاف من الحب، ثم لا تملك إلا أن تحب رغم الخوف.

وخدتني من إيدي ومشينا: هي لوحة خلق آدم لمايكل أنجلو إذ تحوّلت إلى كلمات تُغنى على لسان عبد الحليم، وصوّرت لهفة الخالد على الفاني، وفرحته به (هكذا أحب الله العالم) - دي دنيتي انت اللي مليتها، وتردّد الفاني وخوفه:

وياما قلت لك انا .. واحنا فى عز الهنا

قلت لك يا حبيبي

لا hنا قد الفرحة دية .. وحلاوة الفرحة دية

خايف لا في يوم وليلة .. مالاقيكش بين ايدٌية

تروح وتغيب .. تغيب عليٌ يا حبيبي .. يا حبيبي

..

وفي عز الكلام .. سكت الكلام - هو الخوف من الفراغ، من نهاية الكلام، من توقّف سيل اللوغوس... هو الموت أيضاً حين يأتي فيتوقّف كل شيء فجأة.


وقلتلي راجع بكرا انا راجع - هي فلسفة انتظار المخلّص - وفضلت مستني بآمالي....


وفي لحظة لقيتك يا حبيبي زي دوامة هوا - هي صورة المسيح على الصليب...وتلفّته بحثا عن المخلّص، ليتحوّل هو لاحقا إلى المخلص.


الأغنية حوار مطوّل صريح بين الفاني والخالد - إلهام أجاد التعبير عن هواجس الحب والخوف والاستمرار والنهاية والفراغ والمعنى.


هي رثاء للحقيقة العدمية المرة التي لا مناص منها مهما احتال المرء عليها بالكلام والمعاني - تطلّ كالبومة الوادعة كلّما رقّ الزجاج ورقّت الخمر (والوصف للسهروردي المقتول - الفاني الذي قتله حب الخالد)...


ولأغنية في جوهرها تناول بين الخالد والفاني - وحين كتبت وحين لحّنت وحين غنّيت - كان التناول بينهما حاضرا - خافتاً (وما رميت إذ رميت) ..


الفاني متعلّق بالدنيا كما يتعلّق الطفل الصغير برداء أمه ويخاف أن يتركها في الزحام، يخاف أن يضيع (خايف ومشيت وانا خايف).... لا نعرف شيئا سوى هذه الحياة ولا وجودا غير هذا الوجود.... هو المعطى الوحيد - and we take it for granted?

فالتعلق نشأ قبل أن ينشأ ما يمكن أن يتعلق به الإنسان دون أن يفقده.... هو الموضوع المفقود والبحث عن المستحيل... معضلة الخلود.... دموع جلجامش المنسكبة على إنكيدو إلى الأبد - أو حتى تجفّ؟


أو كما يعبّر كامو عن ذلك بقوله: ثم جاء البشر، و أراد البشر أن يتشبثوا، لكن لم يكن هناك ما يمكن التشبث به
And then came human beings----;---- humans wanted to cling but there was nothing to cling to



فليشهد الخالد مماتنا وولادة غيرنا، وموتهم ... ولنواسي في حياتنا القصيرة ذاكرة الكون الطويلة، التي حملت عبء آلام كثيرة، وأفراح تلاشت، وجماعات تفرّقت...

ألا كل شيء ما خلا الله باطل - قبض الريح - زي الهوا









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -بيتزا المنسف-.. صيحة أردنية جديدة


.. تفاصيل حزمة المساعدات العسكرية الأميركية لإسرائيل وأوكرانيا




.. سيلين ديون عن مرضها -لم أنتصر عليه بعد


.. معلومات عن الأسلحة التي ستقدمها واشنطن لكييف




.. غزة- إسرائيل: هل بات اجتياح رفح قريباً؟ • فرانس 24 / FRANCE