الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أنا لستُ مُلحداً

زاهر زمان

2016 / 3 / 3
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


تعريف الملحد : كلمة ملحد يطلقها أساساً وبصفة رئيسية مؤسسو الديانات الابراهيمية ( اليهودية والمسيحية والاسلام ) وأتباعهم على من حاد عن المشروع الفكرى الثقافى الاجتماعى السياسى ، الذى ينتمون اليه ، ويطبقون أحكامه وتشريعاته وطقوسه التعبدية ، والمسمى اصطلاحاً بكلمة ( الدين ) ، وذلك لطعنه فيه ، وانكاره لوجود الإله الذى يؤمن به هؤلاء بالكلية ، وبالتبعية هو يرفض الاعتراف بمصداقية من يعتبرهم أتباعهم أنبياء أو رسل من عند الإله الذى لا يعترف الملحد بوجوده ، والنظر الى هؤلاء الأنبياء أو الرسل على أنهم مجرد بشر زعموا اتصالهم بالسماء ، لتحقيق أهداف ذاتية خاصة بشخوصهم وأهداف مجتمعية خاصة بالأقوام الذين ظهر فيهم هؤلاء الذين يطلق عليهم أتباعهم والمؤمنون بهم وبشرائعهم وأحكامهم مصطلح ( الأنبياء ) أو ( الرسل ) ! ولإن مؤسسو الديانات وأتباعهم ، يعتبر كلً منهم أن دينه هو الحقيقة الوحيدة المطلقة التى تضمنت نهجاً كاملاً لتنظيم حياة البشر على سطح هذا الكوكب ، فإنهم ( مؤسسو الديانات الابراهيمية وأتباعهم ) يعتبرون كل من يخرج عن دينهم ، هو شخص لا يريد الكمال الذى يعتقدونه قاصراً على معتقدهم الدينى ، وأنه ( الملحد ) شخص تملكه الشيطان الذى هو فى عقيدة مؤسسو الديانات وأتباعهم أس البلاء والشقاء لبنى البشر ! وانطلاقاً من ذلك الاعتقاد ، فإن ذلك الشخص المفارق لما يعتقده هؤلاء الكمال المطلق ، هو شخصُ يتصف بكل الصفات الشيطانية الشريرة ، التى نسبها مؤسسو الديانات الابراهيمية الى ذلك الكائن الخرافى ( الشيطان ) ، من تحريض على القتل والسرقة والاغتصاب والغش والكذب والتدليس وغيرها من أنواع الشرور التى قد لا تخطر على بال بشر ! وذلك لعمرى هو الظلم المبين الواقع على كل من يرفض الاعتراف بما جاء به مؤسسو الديانات الابراهيمية وماسار علي نهجه أتباعهم من بعدهم ! وذلك لعمرى هو التجنى الفج والصارخ من قبل هؤلاء وأتباعهم على كل من يرى نقصاً فى مشاريعهم الاصلاحية التى ألبسوها ثوب القداسة ، فلا يقبلون فيها مجرد التشكيك فى جزئية من الجزئيات أو كلية من الكليات بزعم أنها منزلة من إله هو بكل شىء عليم ! حسناً ، ذلك اعتقادهم هم ومن أسسوا لهم المنهاج الذى يتبعونه ويسيرون عليه ، وذلك حقهم فى حرية التفكير والتعبير والاعتقاد ! لكن الذى ليس من حقهم هو أن يسلبوا غيرهم نفس الحق الذى يتمتعون به هم أنفسهم ، ويشنون على معارضيهم ارهابا معنوياً وجسدياً ، بزعم أن ذلك ماخوله به وأوصاهم به إلاههم الذى يؤمنون بوجوده ويدعون بأن التعاليم التى يطبقونها هى تعاليمه ! وعلى سبيل المثال وليس الحصر نجد أن مؤسسى الديانات الابراهيمية يوسموا معارضيهم بأنهم ( نَجَسْ ) وأنهم ( لا يتطهرون ) ، وذلك ظلمُ بَيِّنْ ومنافٍ كليةً لواقع الأمور وحقائق الأشياء ! فما يعرفه الناس عن الـ ( النَجَسْ ) هو أنه الحقارة والوضاعة فى السلوك والفعل ، لدرجة أن ( النَّجِسْ ) لا يتورع عن الكذب والقتل والسرقة والاغتصاب وارتكاب أية أفعال تضر ببنى جنسه من البشر أو بالبيئة من حوله كالشجر والحجر والحيوان وممتلكات الآخرين العامة والخاصة ! كيف يمكن لهؤلاء المعارضون الذين ينشدون تلافى السلبيات والنقائص التى شابت مناهج مؤسسى الديانات الابراهيمية ، على مافيها من أمور أخلاقية طيبة ، كانت موجودة حتى من قبل ظهور مؤسسى الديانات الابراهيمية ، وكل مافعلوه أنهم أقروا أقوامهم عليها ، بعد زعمهم أنها أنزلت عليهم من السماء ؛ كيف لهؤلاء المعارضون الذين ينشدون كمالاً فوق مازعمه مؤسسوا الديانات الابراهيمية ، أن يرتكبوا من الشرور مايضعهم فى خانة ( النَجَسْ ) ؟! يقولون عنهم أنهم لا يتطهرون !!! ماهى الطهارة فى عرف مؤسسى الديانات وأتباعهم ؟ هل هى غسل الجسد أو أجزاء منه بالماء النقى عدة مرات يومياً أو أكثر أو أقل ؟! لو كانت تلك هى الطهارة ، فإن الغالبية العظمى من معارضى سلبيات الديانات الابراهيمية ، هم من أرجح الناس عقلاً ، بدليل أنهم أبصروا مافى الديانات الابراهيمية من سلبيات تتناقض مع زماننا ومتطلبات التعايش السلمى بين البشر كافة ، فلا أقل من المامهم بأبجديات الحرص على تطهير الجسد ، حتى لا تتناوشه الأمراض بفعل تراكم الأوساخ عليه نتيجة الحركة والسعى فى الأرض طلباً للعمل والكسب من كدهم وعرق جبينهم ! أما فيما يخص المفهوم الأخلاقى والانسانى للتطهر ، فهو معروف لكل انسان نشأ وتربى فى بيئة انسانية متمدينة متحضرة ، ترفض الظلم والاضطهاد والاعتداء وسلب الآخر وغمطه حقوقه ، وترعى المحبة والعدل والخير والاعمار وتنشر الأمن والأمان والسلام بين مكوناتها الاجتماعية والانسانية ، دون التمييز بين أفرادها على أساس من اللون أو الجنس أو الاعتقاد ، وانما على أساس المواطنة الصالحة . خلاصة القول أننى شخصياً أرفض أن يسمنى مؤسسو الديانات الابراهيمية أو أتباعهم أو يسِمُون غيرى من معارضيهم بكلمة ( ملحد ) ، التى ترتبط فى الذهنية الدينية للعوام والبسطاء بأحط مافى تصرفات البشر من صفات أو سلوكيات تتناقض مع المثالية التى ننشدها لعالم اليوم ! نحن بشر انسانيون عقلانيون واقعيون عصرانيون نرى أن الديانات الابراهيمية على مافيها من مميزات ، قد شابتها سلبيات تهدد الأمن والسلم الدوليين ، وتهدد السلام الاجتماعى فى كل ربوع العالم وبخاصة فى المجتمعات الشرق أوسطية !
مع أطيب التمنيات للجميع
بقلم / زاهر زمان








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ملاحظة على هامش المقال
بارباروسا آكيم ( 2016 / 3 / 4 - 17:42 )
مع ملاحظة صغيرة رفيق زاهر .. وهي أَن كلمة ملحد كلمة عربية لا علاقة لها باليهودية أَو المسيحية

يقول إِبن منظور : ( وَمَعْنَى الْإِلْحَادِ فِي اللُّغَةِ : الْمَيْلُ عَنِ الْقَصْدِ ) ويكمل في نفس السياق : ( وَلَحَدَ عَلَيَّ فِي شَهَادَتِهِ يَلْحَدُ لَحْدًا : أَثِمَ ، وَلَحَدَ إِلَيْهِ بِلِسَانِهِ : مَالَ . الْأَزْهَرِيُّ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ ، قَالَ الْفَرَّاءُ : قُرِئَ يَلْحِدُونَ فَمَنْ قَرَأَ يَلْحِدُونَ أَرَادَ يَمِيلُونَ إِلَيْهِ ، وَيُلْحِدُونَ يَعْتَرِضُونَ . )

لسان العرب ، ابن منظور، جزء 13 -مادة لحد- صفحة 178 ، رقم الطبعة : بلا - سنة النشر : 2013 ، الناشر : دار صادر ، بيروت .


إِذاً كلمة ملحد قد تعني المائل عن الملة ، أَو بمعنى معارض للمجموع ، أَو المخالف للجماعة

الحكيم البابلي ( نسأل له الصحة والعافية ) كان قد إِقترح تسمية بديلة عن ملحد وهي ( مستنير )


2 - الفاضل الأستاذ زاهر زمان
سامح ابراهيم حمادي ( 2016 / 3 / 5 - 14:49 )
السلام عليكم

تحياتي لشخصك الفاضل، وللأستاذ بارباروسا أكيم المحترم

سادتي الكرام
أرسلت قبل قليل مقالاً للموقع آمل نشره بعنوان

كلمة (مستنير) لا تصلح بديلاً عن (ملحد).

أرجو التفضل بقراءة رأيي.
أحببت أن أحاور السيد آكيم، فوجدت تعليقي طويلا بمقدار مقال.

سادتي
أنا متابع لحواراتكم الراقية مع الإخوة الأكارم. حضوري قليل، لكني أبذل جهدي ألا يفوتني شيء من آرائكم القديرة ومواقفكم الإنسانية.

تفضلوا خالص التقدير

اخر الافلام

.. لابيد: كل ما بقي هو عنف إرهابيين يهود خرجوا عن السيطرة وضياع


.. عام على حرب السودان.. كيف يعرقل تنظيم الإخوان جهود الحل؟ | #




.. خالد الجندي: المساجد تحولت إلى لوحة متناغمة من الإخلاص والدع


.. #shorts yyyuiiooo




.. عام على حرب السودان.. كيف يعرقل تنظيم الإخوان جهود الحل؟ | #