الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التوافقية وافرازاتها في العراق

فلاح أمين الرهيمي

2016 / 3 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


التوافقية وإفرازاتها في العراق
إن أي متتبع للأحداث على الساحة السياسية في العالم يلاحظ أن أية دولة تتعرض إلى خطر خارجي أو كوارث داخلية طبيعية وغير طبيعية تتحد القوى السياسية في تلك الدولة من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار وتشكيل حكومة طوارئ من أجل إنقاذ الوطن والدفاع عنه من الخطر الخارجي وإنقاذ شعبه من الكوارث الداخلية، وحينما ننظر إلى وطننا المذبوح وشعبه المستباح نلاحظ الحالتين قد جثمت بكابوسها عليهما وليس هنالك من ناصر أو معين يقف إلى جانبهما.
إن هذه الظاهرة تكمن ورائها أسباب وعوامل أدت إلى إفراز السلبيات وأوصلت العراق إلى ما نحن عليه الآن وإذا لم تعالج هذه السلبيات فسوف يكون المستقبل أكثر سوءاً لا يعلم به إلّا الله والراسخون بالعلم ..!! لأن التأخر في إنجاز الإيجابيات تؤدي إلى إفراز السلبيات وتراكماتها.
إن الاحتلال الأمريكي للعراق قد أدخله في عنق التاريخ حيث غير لحمته وفتح في جسمه فجوات متعددة استطاعت أن تنفذ من خلالها الطائفية والأثنية والفئوية والقاعدة ومن بعدها داعش ودول الجوار إضافة إلى الولايات المتحدة الأمريكية ودول أخرى مما جعل العراق ساحة لتصفية الحسابات والمصالح بين مختلف الدول مما جعل التفاؤل والتمنيات والرغبات التي غمرت نفوس الشعب العراقي بعد إسقاط النظام الدكتاتوري السابق في التغيير نحو الحرية والاستقلال والديمقراطية ويدخل التاريخ من أوسع أبوابه، إلا أن الواقع كان متناقضاً لحد التعسف واليأس والإحباط حينما سار العراق في اتجاه مغاير لحركته الطبيعية وضد القوانين الموضوعية للتغيير نحو إنجاز وتطور مسيرة التاريخ حيث برزت إلى الواجهة قوى سياسية واجتماعية دفعتها الأحداث في لحظة تاريخية معظمها قوى ماضوية ذات أبعاد مصلحية اتخذت من الطائفية والفئوية والاثنية شعار لها أفرزت مواقفها المعبرة عن مصالحها البعيدة كل البعد عن مصالح الوطن والشعب واحتلت مواقع دينية ومذهبية واجتماعية وسياسية وأصبحت العلاقات التي تربطها بعضها ببعض حسب القاعدة المصلحية التوافقية (أرضيك وارضيني ، أسكت عنّك وإسكت عنّي). وإن كثير منهم يحمل أكثر من جنسية وأكثر من جواز سفر مما جعل ولاءاتهم موزعة ومتفاوتة بين ما هو وطني عراقي وبين ما هو غير عراقي من دون تحديد وتصنيف ..!!
إن الديمقراطية ليست قميص يرتديه الإنسان فيصبح ديمقراطياً، لأن الديمقراطية مجموعة مناهج وبرامج وأسس وجدت مع وجود الإنسان في هذا الوجود. والسياسة ليست بالسكر نضعه مع الشاي فنشربه ونصبح سياسيين وإنما هي علم من العلوم تدرس في الكليات والجامعات. والسياسة الدولية لا تقوم في علاقاتها على الصداقات وإنما تقوم على مصلحة الدولة وفائدتها بعكس العلاقة التي تربط السياسيين في وطنهم وشعبهم التي تقوم على الصداقة والإخلاص والتفاني وتنصهر في بودقة واحدة هو الوطن والشعب.
والآن لابد من سؤال فيه نداء حي واستدعاء صارخ للماضي والحاضر والمستقبل. هل نحن ديمقراطيون حقاً ؟ هل نحن سياسيون حقاً ؟ من خلال هذين السؤالين يجب أن يعرف كل واحد منا ويسأل نفسه أين نحن الآن ؟ لماذا هذا التشرذم والتكتل بين أطياف الشعب الواحد والوطن الواحد ؟ هل أن الديمقراطية والسياسة كلمات مجردة سطرت في الدستور ؟ ما هو الدستور الذي يعتبر العقد الرضائي كوثيقة ارتباط وتعهد بين الدولة الذي يقوم منتسبيها من رئيس الجمهورية إلى أصغر منتسب فيها بموجب عقد يقوم بأعماله بأمانة وإخلاص وتفاني ونكران الذات لقاء أجور (راتب) من كل حسب طاقته ولكل حسب عمله في خدمة الشعب وحمايته واستقراره واطمئنانه في الرقعة الجغرافية التي يعيش فيها (الوطن) حسب قاعدة الرجل المناسب في المكان المناسب، لأن الرجل المناسب حينما يصبح في المكان المناسب فإن ذلك يعني أن هذا الإنسان رجل كان أم امرأة حينما يستلم المنصب الذي يعمل فيه فإن ذلك الموظف يمتلك المعرفة والخبرة وكافة المعلومات التي تؤهله في أداء واجبه الوظيفي في خدمة شعبه ووطنه.
يقول المفكر سلامه موسى : (إن أية حركة أو تغيير يحدث في المجتمع يجب أن يكون ويؤدي إلى التطور والتقدم إلى أمام وليس يبقى جامداً وثابتاً في مكانه أو يرجع إلى الوراء فإن ذلك ما هو إلا فتنة وشعب). كما أن الأحداث التاريخية وتطور المجتمعات لا تخضع إلى حتميات ميكانيكية في سيرورتها ومصائرها وإنما تنتهج نهجاً عاماً مرتبطاً بالتطور في حتمية مسيرة التاريخ وبالتقدم الاقتصادي والإنتاجي. ونحن الآن في العراق مكلومين ومحكومين بالفساد الإداري والعذاب والحرمان بعد ثلاثة عشر عاماً من التغيير وحينما وصل السيل الذي انتفضت جماهير الشعب في حراكه يطالب الدولة التي تعهدت بالدستور وكفلت حمايته ورعايته والمحافظة على ثرواته واستقراره واطمئنان لم يجد غير الصمت الحجري وخراطيم المياه والهراواة وعصابات المافيا. إن أي حدث في التاريخ يبقى محفور في ذاكرة الناس وفي بطون الكتب وإن الأيام تترى وتستعرض الأجيال أمام منصة التاريخ فتشاهد ما تعرّض له الشعب من آلام ومآسي وحرمان من حكامه.



فلاح أمين الرهيمي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عقوبات أميركية على مستوطنين متطرفين في الضفة الغربية


.. إسرائيلي يستفز أنصار فلسطين لتسهيل اعتقالهم في أمريكا




.. الشرطة الأمريكية تواصل التحقيق بعد إضرام رجل النار بنفسه أما


.. الرد الإيراني يتصدر اهتمام وسائل الإعلام الإسرائيلية




.. الضربات بين إيران وإسرائيل أعادت الود المفقود بين بايدن ونتن