الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فيما يتفوق المقاتل الداعشي ؟

حاتم بن رجيبة

2016 / 3 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


من منا ،نحن معشر الحداثيين، لم يصدم بالسرعة الضوئية لاكتساح الدواعش لشمال العراق وانتشارها في الشام وكامل أنحاء العالم ؟لقد كان في سرعته وقوته القاهرة أشبه بجائحة طبيعية أو وباء فيروسي؛ فماهي أسباب هذه القوة الخارقة والفتاكة لهذا التنظيم وكيف استطاعت شرذمة من الهواة والمتطرفين والمغامرين السيئي التسليح والتكوين والتنظيم أن تقهر بتلك السهولة والسرعة جيوشا محترفة تفوقها بكثير في التنظيم والعتاد والتأطير ؟ وهل في متناول الأنظمة الإسلامية التصدي للدواعش عموما ؟

أولا وقبل كل شيء لا يوجد سبب واحد خلف أي ظاهرة بل حزمة من الأسباب تتفاوت طبعا في حجم أهميتها .

-1) السبب الرئيسي هو ضعف الدولة أو السلطة المركزية وهذا ما يفسر صمود الأكراد العراقيين أمام انهيار سلطة بغداد . والجهاز الرئيسي المعني بالوهن والمرض والضعف هو الجيش وليس الأمن والعدل أو النظام السياسي . لأن حماية الوطن أمام الغزو الخارجي هي بالأساس مهمة الجيش ؛ فهو أكثر المؤسسات استقلالية وقدرة على إدارة شؤونه بنفسه فلديه مؤسساته الصحية والتعليمية والإدارية ويمتلك البنى اللوجستية والإتصالية والمخابراتية ...فبإمكان المؤسسة العسكرية أن تحل محل السلطة المدنية في أي لحظة وتسير دواليب الدولة دون أي عقبة فهي مدربة على ذلك . لكن ما هي أسباب ضعف الجيش العراقي خاصة والجيوش العربية عامة ؟

-أ) يختص الجيش العراقي بكونه جيشا منهارا فلقد حطمته الجوش الأمريكية وقوضته ، أما القيادات و الجنود الجدد فلا حول ولا قوة لهم . إذ لا يمكن إنشاء جيش فعال وقوي في عشية وضحاها . هذه الخاصية يتصف بها الجيش الليبي أيضا لذلك تعتبر ليبيا الهدف السهل الثاني وليست سوريا كما خال الدواعش ذلك ، فهذه الأخيرة تمتلك جيشا عريقا ومحنكا وفعالا ولم يتعرض للتقويض والإزالة .

-ب)للجوش الإسلامية خاصية مشتركة وهي الضعف الفادح للجندي البسيط ، المكون الأساسي للقوات المسلحة ؛ فالجندي يفتقر ،على خلاف القيادات ،للتعليم والتكوين والتسليح الجيد . فهو في العموم أمي لا يفقه في العلوم والتقنيات. فلو قارنته بالجندي الغربي أو الإسرائيلي لبدا أبلها ومضحكا وعاجزا .

-ج)ينقص الجندي النظامي الوازع والحافز وهذا أهم ما يعيبه مقارنة بالداعشي !! فالداعشي هو مثل نظيره النظامي أمي وجاهل ومتخلف لكنه متحمس بدرجة رهيبة تجعله أشبه بآلة هدامة وقوة خارقة : هو فقير حاف يرى القصور والكنوز والغنائم في انتظاره . هو مكبوت ومحروم يرى السبايا والحسناوات ف متناول يديه . هو مقهور ومحقور يرى النفوذ والسلطة والجاه على بعد فراسخ منه . هو معدوم ويائس يرى الدنيا والأمل يلوحان له . أما الجندي النظامي فهو محبط لا يرى أي بصيص أمل في تغير أوضاعه نحو الأحسن . فهو معدوم ومقهور وسيبقى كذلك وذويه وذريته إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها .

يمتلك الداعشي الحافز الديني وللإيديولوجيا، فهو مقتنع بكونه يخدم قضية سامية وبكونه على حق والعدو على باطل . مقتنع بكونه سيفوز بالفردوس في الحياة الآخرة ، مقتنع بكونه يحارب الظلم والفساد ويضحي من أجل العدل والحق لذلك تراه لا يخاف الموت و يهاجم العدو بصدر مفتوح و بال هادئ . بينما لا يبغي النظامي سوى الراتب الشهري الهزيل وليس مستعدا للتضحية بنفسه من أجل قائد متكبر ومتعجرف و وطن لم يقدم له سوى الفقر والظلم والحرمان والشقاء . فهل سيصمد هذا الجندي الفارغ والخاوي فكريا ومعنويا وماديا أمام نظيره الداعشي الأشبه بجني ومارد لايقهر ؟ بالطبع لا وسيرمي حتما بسلاحه ويخلع بدلته العسكرية أمام أول مواجهة يكون فيها مهددا بالفعل كما فعل ذلك الجندي العراقي .

-د)الجيوش العربية هي عامة سيئة السمعة عند شعوبها. فالجيوش التي تقدم نفسها على أنها قوية وجيدة التسليح وضخمة العدد مثل الجيش المصري والسوري والعراقي والجزائري والليبي فشلت فشلا ذريعا أمام الجيوش الغربية والإسرائيلية ولم تهد شعوبها إلا الموت والخزي والعار والمذلة .

-2)الدواعش يمتلكون حاضنة شعبية. فالشعوب الإسلامية تمقت حكامها و تتوق لبديل ربما يزيل عنها الفقر والظلم والشقاء والفاقة وهذا ما يبشر به المقاتلون الجدد ويعدون به .

-3) الشعوب الإسلامية هي في سوادها متزمتة ومتبنية للفكر الداعشي أي لتطبيق الشريعة الإسلامية ونظام الخلافة وهذا مرجعه فشل الحكام والبروباغندا الوهابية والشيعية و توظيف الساسة للدين لتخدير العامة أو لمحاربة اليسار الإشتراكي .

-4) سواد الشعوب الإسلامية لن يلحقها أي ضرر إن حكمها الدواعش بل هناك بصيص أمل في تحسن الأوضاع !! المتضرر الكبير هم المستنيرون والحداثيون والمثقفون و الفنانون وهم قلة، أما الأثرياء فلن يصيبهم أي ضرر إن لم يعادوا الحكام الجدد.

-5) الغرب لن يمانع أبدا في مساندة الدواعش إن لم يضر هؤلاء بمصالحهم أي إن لم يؤمموا ثرواتهم المنجمية وتركوا الشركات الغربية تنهب خيراتهم و إن وقفوا سدا منيعا ضد الهجرة نحو أراضيها وإن كفوا عن محاولة نشر أفكارهم عندهم وترهيب رعاياهم.

-6)ضعف الجيوش النظامية أصبغ المقاتل الداعشي بطابع المارد الذي لا يهزم والخارق للعادة مما يساهم بدوره في مزيد إضعاف القدرات القتالية للجندي النظامي !

بناء على ما تقدم تكون الإصلاحات الطارئة والعاجلة كما يلي :

-أن يعتمد على جيوش محترفة ويستغنى عن جيش الإحتياط وأن لا يقع انتداب إلا ذوي التعليم الجيد كأن يكون الجندي متحصلا على شهادة الباكالوريا مثلا وأن يقع الرفع الملحوظ من رواتبهم وتأمينهم وفتح الآفاق أمامهم وحسن تسليحهم وتكوينهم .

- شن حرب إعلامية ضد الفكر الداعشي وفضح فكرهم الشمولي وطرقم العنيفة والفظيعة .

-الإسراع بسن إصلاحات للنهوض بالمقدرة الشرائية للمواطن .

-البدء بتأميم استغلال الثروات الطبيعية .

-الشروع في تحديث البنية التحتية وتحسين ظروف العيش كتوفير الماء الصالح للشراب والكهرباء والطرق المعبدة والنقل والصحة ...حتى يتقبل العامة الأنظمة الحالية ولا يتوقون لتغييرها .

-إرساء منهجيات شفافة في الإنتداب و تسيير شؤون الدولة والقضاء على المحسوبية والفساد.

أما الحلول الجذرية فتتمثل أساسا في :

- إرساء النظام الديمقراطي الليبرالي و الدولة المدنية و فصل ألدين عن السياسة .

- اعتماد التعليم الحديث وتعميمه والحرص على جودته العالية والقضاء على الأمية.

-الشروع في التصنيع .

- الحد من النسل .

...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ترامب يواجه محاكمة جنائية بقضية شراء الصمت| #أميركا_اليوم


.. القناة 12 الإسرائيلية: القيادة السياسية والأمنية قررت الرد ب




.. رئيس الوزراء العراقي: نحث على الالتزام بالقوانين الدولية الت


.. شركات طيران عالمية تلغي رحلاتها أو تغير مسارها بسبب التوتر ب




.. تحقيق باحتمالية معرفة طاقم سفينة دالي بعطل فيها والتغاضي عنه