الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثقافة الإسمنت المسلح ...إلى أين ؟

عبد الإله بسكمار

2016 / 3 / 4
حقوق الانسان


وجدت الدول والأمم والشعوب بمفاهيمها الحديثة modernes كي تبني وتشيد لصالح الأفراد والجماعات في إطار ما وصفه روسو بالعقد الاجتماعي Pacte social ، أي أن التاريخ والمجال بالضرورة يجب أن يكونا تقدميين أو متقدمين على الأقل بالقياس لما عاش عليه أجدادنا وأسلافنا وفي خدمة الإنسان لا غير ....هذه بديهية من باب السماء فوقنا والأرض تحتنا ، للأسف الواقع شيء آخر مختلف تماما في بلدنا السعيد ...لسنا ضد حركة البناء والتشييد وتثمين العمران البشري ....لكن هذا الزحف الإسمنتي الكاسح لا علاقة له بحضارة أو تقدم أو بناء للإنسان ...إنه مرتبط بفوضى الرأسمالية المتوحشة والعولمة الكاسحة التي أتلفت الناس عن قبلتهم ، تيهتهم ....وجعلتهم سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب ربك عظيم ....
مساحات خضراء زاهية تتحول بين ليلة وضحاها إلى عمارات سكنية / مناطق سياحية استحالت إلى مجالات إسمنتية مخيفة /حدائق وفضاءات زراعية استولى عليها أباطرة العقار وصادرتها مافيا الإسمنت المسلح لتحولها إلى مشاريع مدرة للدخل ( أعني دخلهم هم ) وليس دخل الشعب المغلوب على أمره / تراث معماري يعود إلى فترات تاريخية مختلفة (آخرها الفترة الكولونيالية ) أصبح أثرا بعد عين وغنيمة مربحة بيد تجارالعقار الذين لا يفقه بعضهم الليف من الزرواطة في التراث ولا في أي علم أو معرفة وحكاية التبييض غنية عن كل تحليل ( من البيض الفاسد وتبييض الأموال أيضا ) / غابات وأشجارباسقة يانعة تمنح الهواء والاخضرار والجمال ، فوتت بقدرة قادر لعصابات الإسمنت المسلح ومافيا العقار دون تخطيط متأن أو تدبيبرحقيقي للمجال ، وفي خرق سافر ومستمر لكل تصاميم التهيئة والنمو والتصاميم المديرية وانصاف المديرية وأرباع المديرية/ مواقع أركيولوجية تعود إلى ما قبل التاريخ طمرت أو هي في طريق الطمر لمجرد الرغبة الجامحة في تحويلها إلى حسابات بنكية وإقطاعيات عولمية / مبان وثكنات ومطاعم عتيقة تحولت إلى تجزئات في المزادات السرية والعلنية /مشاريع مركبات ثقافية وفنية لدعم الشباب وصقل مواهبه وتأطيره حماية له من كل نزعة مريضة أو متطرفة ما زالت تراوح نفسها بسبب ضغط لوبي العقار هنا وهناك ...
لسان الحال يردد مع الفنان عبد الهادي بلخياط " ذبنا فوسط العمارات " والعقبى أن نجد أمامنا أطفالا إسمنتيين ومعرفة إسمنتية وأشجارا إسمنتية ، بعد زحف الكائنات الافتراضية والربوتيكية.....الغريب في كل هذا المسلسل الحامض أن أثمنة العقار رغم كل الزحف المبين لم تعرف إلا الارتفاعات الصاروخية مما أزم وضعية الفئات الوسطى أو المتواضعة الباحثة عن السكن المحترم فعن أي دينامية يتحدث البعض وعلى من يضحكون ياترى ؟؟
السؤال المطروح بحدة ، أين مصالح المياه والغابات من كل هذا الزحف الشرس ؟ أين الأقسام الخارجية بالعمالة وخاصة القسم السياحي والثقافي والمحافظة على البيئة ؟ أين الشيء المسمى وزارة الماء والحفاظ على البيئة ؟ اين اللجان المعنية بالجماعات المنتخبة من أجل التصدي لهذا القبح الزاحف والشر المبين ؟ أين حقوق الناس في المساحات الخضراء والهواء النقي والثقافة والبيئة السليمة ؟ وأخيرا فالحديث عن المجتمع المدني بتازة ما زال من قبيل المجاز لأن للقوم أولويات أخرى( الله يحسن العوان ) ليس أبعدها أكتوبر 2016 ولعلكم أحبتي القراء قد فهمتم المقصود بسوق البهائم والثيران والخنازير - حاشاكم - والذي لا يربطه بشيء يسمى "جمعيات " أو "مجتمع مدني " غير الخير والإحسان ، ومع ذلك فليرفع الغيورون أصواتهم عاليا ليس بحكم الواقع المر ولكن بالضرورة وبمنطوق هذا المنشور العجيب نفسه المسمى دستورا ، إذا كنا فعلا في بلد يمتلك مقومات الدولة وهيبتها ......أمام الزحف المقيت لا نملك نحن إلا الصراخ .....ارحمونا ياقوم ...ارحموا ساكنة تازة....ارحموا مغربنا العميق فلن تجدوا أمامكم بعد عقود قصيرة إلا الدواب الإسمنتية والمدن الإسمنتية والعقول الإسمنتية بعد الكائنات الافتراضية ....

Répondre Répondre à tous Transférer Plus








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. التقرير السنوي لمنظمة العفو الدولية: العالم على حافة الهاوية


.. برنامج الأغذية العالمي يحذر: غزة ستتجاوز عتبات المجاعة الثلا




.. القسام تنشر فيديو أسير إسرائيلي يندد بتعامل نتنياهو مع ملف ا


.. احتجاجات واعتقالات في جامعات أمريكية على خلفية احتجاجات طلاب




.. موجز أخبار الرابعة عصرًا - ألمانيا تعلن استئناف التعاون مع