الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العزاء الأخير

نبيل محمود

2016 / 3 / 6
الادب والفن


ضوءٌ شحيحٌ يخاتل الشجر الكثيف
أناملُ الهواء
مُبلَّلةٌ بندى الفجر
تتسلّل خلال الأغصان والأوراق
تفرك أجفان الحشاش الغافية
وتوقظ العشب المجعّد تحت فارسٍ نائم
قد لاذ آخر الليل بغابةٍ موحشة
هارباً من المدن المجنونة..
فقدَ قوسه في حروبٍ افتراضية
وحاصرته جيوشٌ مُتخَيَّلة
في رأسه ذكرى مدينةٍ مهزومة
وفي جعبته سهمٌ أخيرٌ ونردٌ خاسر..
***
الأمكنة هي الأمكنة
لكن اختلطت الأزمنة
صمتت الأغنيةُ الصافية
قبل الأنين الجماعي وحسيس الأوقات الحافية
عصرٌ يمزج القشَّ بالدم
ويُهيل ذرّات الذهول على جثث العبث القاني
اعتمد الوطن، أخيراً، التقويم السوريالي
قبل أنْ يقصّ الشريط اللامع الأنيق
مدشّناً المدفن الجديد لمدنه المتحلِّلة
ثمّة قهقهةٌ سوداء في حدقات التاريخ
وهو يرمق ساخراً
اِلتذاذ الفانين بالمشهد الفاني
***
وجدوا رأساً مقذوفةً فوق سطح المبنى
ورجل الإطفاء التقط يداً مبتورةً
كانت متشبّثةً بغصن الشجرة المتفحّمة
لا.. هذا ليس دمي على ملابسي!
كان بيني وبين الانفجار شخصٌ بدين
حظي الحسن.. كحظك الذي أخرّك
نحن أحياء الصدفة
يا لها من مزحةٍ سمجة
الموت أيضاً يمزح أحياناً ويبتكر فنوناً للفكاهة!
***
السلالات امتزجتْ..
ورنين الهياكل البائدة لا يكفّ عن الطنين
أنصتُ إلى الدبيب الجماعي
لكائناتٍ ضئيلةٍ تهيم في شوارع مدنٍ مجعّدةٍ
لا أسمع صوتاً مفردا
بل أسمع همهمةً كرغوةٍ صفراء
سقطْتُ في يميني زهرةً ذابلةً
وفي شمالي سقطْتُ شَعْرةً بيضاء..!
إنتابني الدُّوار فطويتُ أوراقي
وانهمرتُ فوق ظلّي
سائلاً حالكاً لا يُشبه البكاء
كأنّ بئرَ نفطٍ قد تفجّرت في أعماقي
وعظام الأسلاف لا تزال تعزف اللحن الجنائزي
والعنكبوت ينسج خيوط الأكفان بخفوت
والأخطبوط بأذرعه الألف
يثقب زرقة السماء
ويعصر الطحالب فوق البيوت
لمْ يتخلّفْ أحدٌ من الزواحف
عن وليمة حساء الصبّار..!
***
النرد الأصمُّ على الأرض بياضٌ في بياض..
قرب الفارس المنكفئِ على صدره كالساموراي
وجدوا جعبتَه فارغةً
ورأسَ السهم الأخير مخترقاً
قلبه ونافذاً من الظهر..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. منهم رانيا يوسف وناهد السباعي.. أفلام من قلب غزة تُبــ ــكي


.. اومرحبا يعيد إحياء الموروث الموسيقي الصحراوي بحلة معاصرة




.. فيلم -شقو- بطولة عمرو يوسف يحصد 916 ألف جنيه آخر ليلة عرض با


.. شراكة أميركية جزائرية لتعليم اللغة الإنجليزية




.. الناقد طارق الشناوي : تكريم خيري بشارة بمهرجان مالمو -مستحق-