الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بقينا مع الهذيان، ومع الكذب

جدعون ليفي

2016 / 3 / 8
مواضيع وابحاث سياسية



//ترجمة: أمين خير الدين
شاب كلّ ما فيه أمريكي – شعر أشقر، يزور الكنيسة أسبوعيّا، يعود من ركض الصباح، يقرر الانضمام إلى مقاطعة إسرائيل، سمع عن حركة B.D.S. (حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات على إسرائيل) وعن القهر والاحتلال، جمع كل ما في بيته من منتجات إسرائيل، أو بواسطة شركات تتعامل معها – تقريبا جمع كلّ ما في البيت – وبدأ بإطلاق النار على ما جمع.
فجأة ظهر شاب آخر، واقترح عليه أن يُطْلق النار على التوراة. هو أيضا من إنتاج إسرائيل. تراجع الفتى، واستوعب الرسالة المعروضة في آخر الفيلم القصير: "لا تقاطعوا الله واشتروا منتجات إسرائيليّة".
أنتج هذا الفيلم بواسطة "هيوبيل.كوم" وهي جمعيّة أسسها زوجان من منتسي عمل أحدهم في فيدرال إكسبرس، وهي تخصّصث بتأهيل العائلات، وتأهيل شعب إسرائيل. كما كُتِب في الموقع. هدفهما جلب متطوّعين من أمريكا، ودعم "المزارعين الإسرائيليين" يقصدون المستوطنين. في الموقع، يمكن التبرع بالنقود، ويمكن التبرع بالصلاة من اجل المستوطنين، كما يظهر في الشريط جنود أمريكان "متقاعدون متطوّعون في حقول مستوطنة هار براخا، وهم يرددون "هورا".
كثيرة هي الجمعيّات اليمينيّة المهوّسة، والشاب الذي أقنع صاحبه بعدم مقاطعة الله قال أيضا: " أكثرية الفلسطينيين غير مقهورين، المقهورون تقهرهم حكومتهم، توفر لهم إسرائيل الوظائف، والكهرباء مجانا، والخدمات الصحيّة وأطنانا من المساعدات الإنسانيّة، كنتُ هناك ورأيتُ". أطنان مساعدة، صحيح أو غير صحيح – ليست هيوبيل. كوم وحدها تبثّ هذه الأكاذيب السخيفة. كثيرون يسوّقون هذه البضاعة – منهم حكومة إسرائيل.ربّما ليس لها سوق أكثر جديّة من الخبراء الشواذ الأمريكان المتواجدين في كيرم نبوت على جبل براخا.
ما قاله الإعلامي في الشريط، قاله رئيس حكومة إسرائيل لزميله البريطاني ديفيد كاميرون، حين انزلقت عن لسانه كلمة نقد غريبة عن الاحتلال الإسرائيلي، أنّبه نتنياهو، مستهزئا بفطنته قائلا: "فقط السياسة الإسرائيلية تؤمِّن للسكان العرب في مدينة القدس شوارع، وعيادات وأماكن عمل، أمورًا غير متوفّرة لإخوانهم في الشرق الأوسط".
يمكن أن يكون إعلاميون إسرائيليّون هم الذين يدرّبون "هيوبيل .كوم" وربما هناك أدمغة كبيرة تفكر مثلها، حسب القول الإنجليزي المأثور، لكن لا يمكن تجاهل التغيير المربك الذي طرأ على الدعاية الإسرائيليّة.
عندما لا يتكلم أحد في العالم بجدّيّة عن عمليّة السلام، وعندما لا يتخيّل أحد أن حكومة إسرائيل معنيّة بتقدّم عمليّة السلام، وعندما يصبح حل الدولتين نصبا تذكاريا، يجب على الدعاية أن تطوّر نفسها من جديد. لا يمكن القول "لا يوجد شريك" لأنه من الواضح أنهم لا يريدون، ولا يمكن القول "دولتان" من الواضح أنهم لا يقصدون، يجب أن يقولوا شيئا، لذلك اتجهوا إلى تنبؤات أورويل يانتيت كتلك التي لم يجرؤ جورج أورويل على تخيّلها، سنة "1984" حين لم يذهب بعيدا.
تقوم الدعاية الإسرائيليّة الجديدة على ثلاثة أسس، على الأقل، اثنان منها أكاذيب مطلقة: لا يوجد احتلال، والفلسطينيون يعيشون بصبابة، والله أعطى.
تضع السياسة الجديدة بعد نتنياهو، نائبة وزير الخارجية تسيبي حوطبولي، فتقول بجدية عميقة ليوسي فيرتر (هآرتس 2/26 ): " الاحتلال ليس احتلالا"، ثمّ تضيف شيئا عن الحقّ التوراتي.
هذه أخبار جيدة، حسب أقوال الناطقين الإسرائيليين، حالة الفلسطينيين ممتازة، ليسوا مقهورين – ولا محتلين – بُشْرى سارة، وهناك أيضا أخبار جيدة: العالم معتوه، ومثله الإسرائيليون، ولذلك يمكن بيعه كل شيء بسعر رخيص، والأخبار الأكثر جودة – إسرائيل الرسميّة ترفع، بكامل وعيها، الشعار البالي، يوم القيامة : الله موجود، والاحتلال غير موجود.
مع بداية الاحتلال تجوّل بعض المهوَّسين، وأخذوا يروّجون هذه البضاعة، كثيرون لم يقتنعوا، إشهار هذا السلاح ثانية يدلّ على: انتهت إدعاءات إسرائيل، وبقينا مع الهذيان، ومع الكذب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إنسحاب وحدات الجيش الإسرائيلي وقصف مكثف لشمال القطاع | الأخب


.. صنّاع الشهرة - تيك توكر تطلب يد عريس ??.. وكيف تجني الأموال




.. إيران تتوعد بمحو إسرائيل وتدرس بدقة سيناريوهات المواجهة


.. بآلاف الجنود.. روسيا تحاول اقتحام منطقة استراتيجية شرق أوكرا




.. «حزب الله» يشن أعمق هجوم داخل إسرائيل.. هل تتطورالاشتباكات إ