الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الكبار لا يموتون إلا واقفين (تحية لهوغو تشافيز في ذكرى رحيله)

محمد بن زكري

2016 / 3 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


الأشجار تموت واقفة - كما عبّر الشاعر الفلسطيني معين بسيسو- وكذلك الكبار لا يموتون إلا واقفين ، فهم لا ينحنون أبدا للعواصف ولا يساومون على المبادئ ؛ ومن ثم يفرضون احترامهم حتى على الخصوم والأعداء ، ذلك هو ما شهدت به البيانات الصادرة - في حينه - عن النظم اليمينية في أميركا اللاتينية ، وهي تؤبن بأبلغ عبارات التقدير والإكبار الزعيم اليساري البوليفاري ورئيس فنزويلا الراحل : الرفيق هوغو تشافيز ؛ الذي تحول إلى رمز للنضال ضد الهيمنة الامبريالية للولايات المتحدة على دول القارة ، وأيقونة لملايين الفقراء في أميركا الجنوبية وفي العالم .
منذ ثلاث سنوات مضت (5 مارس 2013) ، رحل القائد البوليفاري واقفا ، كزعيم يساري صعد إلى السلطة من بين صفوف الفقراء ، فظل منحازا إليهم ، وبإعادة توزيع الثروة الوطنية للشعب الفنزويلي ، تمكن تشافيز من تحقيق نوع من العدالة الاجتماعية ، لصالح الارتقاء بالمستوى المعيشي لملايين الفقراء والمعدمين ، وقضى على الأمية بينهم ، وأوصل إليهم خدمات الرعاية الطبية في أقصى قرى الريف الفنزويلي .
منذ ثلاث سنوات ، رحل الرجل الذي خرج بوطنه فنزويلا من الدوران في فلك التبعية لأميركا ، والذي سخّر عائدات بيع النفط للتوظيف في مشاريع التنمية الشاملة لبلده ، والذي كرس حياته منحازا لمصلحة المحرومين والمهمشين من أبناء شعبه ، إلى الدرجة التي جعلت منه رمزا للدفاع عن الفقراء ، والذي حاول أن ينأى بأميركا اللاتينية عن الارتهان لشروط وابتزاز البنك الدولي وصندوق النقد الدولي (كأداتين للعولمة والاستعمار الجديد) ..
رحل هيوغو تشافيز واقفا ، وقد أعاد بناء فنزويلا من الصفر ، بعد أن كانت غارقة في الفقر والتخلف والتبعية والفساد ، حيث كانت الطبقة الحاكمة من الوكلاء التجاريين والسماسرة تستأثر لنفسها بثروة البلاد من عائدات النفط ، بالتقاسم مع الاحتكارات الأميركية .
ورغم ما قد يؤخذ على الرجل ، فإنه يظل أحد رموز النضال من اجل الحرية والعدالة الاجتماعية ، وأحد الزعماء الذين لن ينسى لهم التاريخ اختيارهم الانحياز لشعوبهم .. في مواجهة مباشرة مع امبراطورية الشر أميركا ، وضد قوى الاستغلال والاستحواذ المحلية المرتبطة - ارتباط تبعية وعمالة - بالنظام الراسمالي العالمي
على أن العبرة الأهم في قيادة تشافيز للتجربة الاشتراكية البوليفارية في فنزويلا ، هي كونه رئيسا عاش ومات نظيف اليد .. لم يستطع ألدّ الخصوم والأعداء بالداخل والخارج ان يسجلوا عليه أي قدْر من الفساد ، وذلك هو ما يميز الثائر الحقيقي واليساري الحقيقي والاشتراكي الحقيقي عن الأدعياء .
ومن ثم فليس غريبا إذن أن رأينا الملايين من الشعب الفنزويلي ، وقد خرجت تبكي القائد الذي أحسن الإصغاء إليها ، وأحسن الامتثال لرغبتها والتعبير عنها ، فأحبته زعيما وبكته رمزا ، و ليس مستغربا أن يظل هوغو تشافيز بعد ثلاث سنوات من رحيله ، حيا و حاضرا في ذاكرة الملايين من أحرار العالم ، و هو الرئيس الذي لم يتردد في طرد السفير الإسرائيلي من كراكاس ، و سحب سفير بلاده من تل أبيب ، ردا على عدوان إسرائيل على قطاع غزة (2008 – 2009) ، و نقلت عنه وكالات الأنباء قوله : " ينبغي جر الرئيس الصهيوني إلى محكمة دولية ، ومعه الرئيس الأميركي ، لو كان لهذا العالم ضمير حي " .
ويظل هوغو تشافيز - في ذاكرة الملايين - الرئيس الذي لم يكن ينحني إلا ليقبل أيدي أبناء شعبه الفقراء .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل ينهي الرد المنسوب لإسرائيل في إيران خطر المواجهة الشاملة؟


.. ما الرسائل التي أرادت إسرائيل توجيهها من خلال هجومها على إير




.. بين -الصبر الإستراتيجي- و-الردع المباشر-.. هل ترد إيران على


.. دائرة التصعيد تتسع.. ضربة إسرائيلية داخل إيران -رداً على الر




.. مراسل الجزيرة: الشرطة الفرنسية تفرض طوقا أمنيا في محيط القنص