الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مؤمن سمير في حواره ل جريدة «البديل»المصرية : الأنظمة تتجمل بالإبداع.. ولكنها تخشى شرطه الأساسي وهو الحرية

مؤمن سمير
شاعر وكاتب مصري

(Moemen Samir)

2016 / 3 / 11
مقابلات و حوارات


مؤمن سمير في حواره لـ جريدة «البديل»المصرية : الأنظمة تتجمل بالإبداع.. ولكنها تخشى شرطه الأساسي وهو الحرية
الخميس, 12مارس 2015 | محمد الحسيني |

مؤمن سمير.. شاعر سويفى يعيش بمركز “الفشن” البعيد تنمويًّا وإعلاميًّا عن الجميع. وكحال كل شيء بهذا المركز، يأتى المثقفون والأدباء ليعيشوا لحظات من التهميش الكبير على مدار السنوات الماضية؛ ولذلك حرصت “البديل” على لقاء شاعر متميز ينظر له الوسط الثقفى ببنى سويف نظرة احترام وتقدير؛ لنتعرف على الكثير من جوانب الحياة الثقافية والواقع الذى يعيشه الأدباء والمثقفون بالصعيد.

نريد أن نعرفة بداية انضمامك للحياة الثقافية، من أين بدأت؟ وكيف وعلى يد من؟

بدأت مبكراً نتيجة الوحدة، حيث ولدت لأبوين في الغربة، وعشنا في مدينة صحراوية قضيت معها طفولة وحيدة أجبرتني على الاعتماد على الخيال كبديل عن التواصل.. بدأت بالرسم ثم الكتابة.. خواطر.. قصص.. حكم، ثم اتجهت للشعر الذي أسرني، ونشرت أول قصيدة في عام 1996، ونشرت ديواني الأول مبكراً عام تخرجي في الجامعة 1998، ثم ألحقته بعشرة دواوين على مدى السنوات السابقة، ونشرت كذلك كتباً مسرحية وكتابًا نقديًّا، حتى بلغت كتبي حتى اليوم 15 كتاباً، ونشرت موادي في أغلب الدوريات العربية، وكتب عن تجربتي العديد من النقاد.

وخلال الفترة الماضية بالطبع كانت هناك ملامح أثرت فى تكوينك الثقافى والفكرى، فمن من الأدباء كان له أكبر تأثير فى أعمالك؟

بدأت بالشعر العمودي، ثم كتبت القصيدة التفعيلية، لكني لم أصل لصوتي الخاص إلا مع قصيدة النثر، وتعرضت لكثير من المواقف – ربما وحتى الآن – من الرفض والتشكيك في هذه القصيدة، رغم أنها القصيدة التي يتشكل منها غالبية المشهد الإبداعي بالطبع رغم تواجد الأشكال الأخرى. هذه القصيدة سرها الكبير هو الحرية، وهي القيمة التي صبغت كتاباتي المختلفة. قد أكون على المستوى الإنساني خجولاً مثلاً، لكني لا ألمس شجاعتي إلا وأنا أكتب. وبالنسبة للتأثير فقد فتحت القوس حتى نهايته، فقد يتساوى عندي شاعر عربي مع نظيره الفرنسي مثلاً في الأهمية. فالفن تعبير إنساني مشترك.

وعلى مدار السنوات الماضية، كيف ترى المقارنة بين الأدب العربى والأدب الإنجليزى والفرنسى مثلاً؟

للأسف المقارنة ليست في صالحنا؛ بسبب الانفتاح والحرية في الوعي والتكوين عند الأدباء الغربيين مقارنة بالخوف الغريزي الذي نتشربه من طفولتنا ويكبر معنا، مع محاولات هتك إنسانيتنا طول الوقت، رغم أن الكتابات العربية أصبحت تتمتع بسقف حرية أوسع، لكني أعني الذات المقموعة التي اعتادت أن تختفي حتى ذاتها لتتنفس.. الأدباء الغربيون يوسعون من دائرة تكوينهم بكل المعارف وأكثر اقتراباً من الأسئلة الكبرى الخالدة للإنسان بنفس قدر الاقتراب من الواقع المعيش مع دخول كل المعارف لإثراء الرؤية وتعميقها. نحن مظلومون لأننا نتاج قمع وتخلف واضطراب على كل المستويات.

برأيك هل الثقافة والفن بمصر يشهدان انحدارًا، أم تقدمًا؟ وما هى الأسباب؟

العجيب في الفن والأدب أنهما وإن عبرا عن لحظتهما التاريخية المنهارة التي نحياها وأنهما نتاج طبيعي ومنطقي لها، إلا أنه نتيجة لطبيعتهما الماكرة لا يزدهران إلا في أوقات الأزمات؛ لأنهما يلمسان العذابات الإنسانية المشتركة ويعبران بها وعنها. الأزمة الحالية ليست في الفن بقدر ما هي أزمة انشغال الناس بأساسيات حياتهم أولاً. لا تكون الثقافة وكذلك الفن من الأولويات في مجتمع تنقصه البديهيات والأوليات.. الخيال رفاهية في واقع شديد القسوة.. ورغم أن المصري يقاوم أوضاعه – أحياناً – بالفن، إلا أنه حزين وروحه ميتة.

تعامل الدولة من ناحية القوانين والدستور والميزانية تجاه الثقافة، هل أنت راضٍ عنه؟

غير راضٍ بحكم انتمائي لطائفة الأدباء، بمعنى أني أتمنى اهتمامًا أكثر من الدولة.. مجلات أكثر.. مؤتمرات أكثر.. معارض فنية… الخ، وبالطبع أدرك أن هذا يتطلب وعياً وإدراكاً من الدولة لدور الفن وطبيعته، وهو الأمر الغائب؛ لأن الأنظمة تتحلى وتتجمل بالفن فقط.. لا تتفهم روحه وطبيعته؛ لأنها تخشاه وتخشى شرطه الأساسي وهو الحرية.. كل سلطة تخشى الخيال والحرية؛ لأنهما أمران يهددان وجودها ذاته.. وأقول رغم كل هذا، إلا أنني أضبط نفسي وأنا غير متعاطف مع أي نشاط في ظل غياب الأساسيات.. طعام وتشغيل المعوزين أم الأوبرا مثلاً؟ مقارنة شائكة أوضاعنا الملتبسة تفرضها.

كيف ترى الثقافة الصعيدية خاصة في بنى سويف بصفة خاصة؟ وما هى أهم الملامح التى تتميز بها الثقافة والفنون ببنى سويف وأشكالها؟

ما زالت فكرة المركزية جاثمة على الصدور، حيث أغلب الأنشطة الثقافية في العاصمة، لكن ثورة الاتصالات أيضًا قربت المسافات وجعلت التواصل بين الجميع واقعاً.. الصعيد ما زال مظلوماً ثقافيًّا؟ طبعاً لأنه مظلوم في كل المجالات، لكن هل هناك خصائص مميزة للصعيد لا تقبل التشابه؟ نعم ودائماً ستبقى الشخصية الصعيدية تحمل داخلها سماتها الخاصة التي نحتتها الأماكن والبشر.

في بني سويف حركة أدبية جيدة متفاعلة مع أجيال الكتابة، وهناك تيارات وأشكال مختلفة للكتابة، وهناك الفن الشعبي المتميز.. المسرح رائع ومتماسك.. الفن التشكيلي… الخ. بني سويف كعينة مصرية تمور بكل التيارات في كل المناحي، وإن كانت أقل صخباً.

وما هى أهم الفنون التى تتميز بها بنى سويف بصفة خاصة؟

المسرح بأجياله وبإصرار العاملين في مضماره على الحلم والأمل رغم نقص الإمكانيات شيء يثير الإعجاب. أما فرقة بني سويف للفن الشعبي التي حازت منذ سنوات قريبة المركز الأول على العالم فهي الروعة ذاتها. النحت والفن التشكيلي قليل، لكن أشكال الكتابة كالشعر والقصة والرواية والنقد والصحافة مجالات منيرة.

وكيف يتم نشر الصالونات الثقافية كما كان فى الماضى وزيادة المشاركة الشبابية للثقافة ببنى سويف؟

تكفلت قصور الثقافة بتجميع الأدباء والفنانين؛ مما جعل فكرة عودة الصالونات الثقافية صعباً.. لكن منظمات المجتمع المدني تفتح الباب للأنشطة المستقلة عن المؤسسة.. أما شباب بني سويف فيحتاج أن يجد دعاية جيدة وأنشطة تخاطب طبيعته السريعة؛ ليتفاعل مع ندوة بقصر الثقافة أو في حزب مثلاً.

وما رأيك فى غلق بيت ثقافة “ببا” من حوالى 8 سنوات وحتى الآن؟

طالبنا أكثر من مرة، وكُتبت مذكرات رسمية لكل مديري هيئة قصور الثقافة المتعاقبين وكذلك لوزراء الثقافة والمحافظين.. لكن بلا جدوى. يبدو أن الدولة “ما بتصدق” تتخلص من منبر ثقافي.

ما هى أهم مطالبكم من محافظ بنى سويف الجديد؟ وكيف ترى تعامل المحافظ السابق مع ملف الثقافة؟

مطالبنا هي وضع الثقافة على أجندة الاهتمامات وسرعة افتتاح فرع اتحاد الكتاب الجديد والمركز الثقافي الكبير بشرق النيل وتطوير وافتتاح بيت ثقافة “ببا” ورعاية جائزة محمد أبو الخير وتطويرها والاهتمام بالثقافة في الجامعات ومراكز الشباب. وهي نفس مطالبنا للمحافظ السابق.

و”البديل” من جانبها تنشر جزءًا من أعمال الشاعر السويفى مؤمن سمير:

من قصيدة “ويرنِّمُ بصوتٍ مجروح”

يَسْحَقُ الزجاجَ تحتَ قدميهِ

جفوني تَدلَّت وأصبحتُ قبيحاً

يومَ غابَ صاحبي الشرير

صدرُهُ كان يبرقُ فينفتحَ بابُ المَسَرَّاتِ

وإن أشارَ بإصبعهِ تحجِلُ الذكرى

وأنا وراءها نحو الضوءِ

حتى لو كان هو السارق

الذي ربطَ في ذيلهِ عشرة أعوام مني وهو يهرب

فأنا أصفحُ..

صاحبي العجوز الماكر

الأطيب قليلاً من ركلةٍ مفاجئةٍ

سَابَ عندي ظلهُ الحكيم

وخنقَ الذئب الذي سَدَّ عليَّ الحلمَ

وناوشَ العساكر لأعتادهم قبلَ القتلِ

يُطلقُ ذراعي على أفكارِ العابراتِ

ويقول انسها وسأحفظها

حتى طارت قربَ حِجرهِ

وباعها المجرم

واعتذر في الصباحِ محدقاً بقوةٍ

حتى طأطأتُ رأسي..

هو الذي حَصَّنَنِي ضد الحَيَّاتِ والجرذانِ

كان يأكلهم بنظرةٍ واحدةٍ

ويُخرج ناراً من عظمِهِ

وأمطاراً من ثقبٍ في كفهِ

كنتُ أخافُ لكنَّ قلبي يقولُ المتعةُ اقتربت

والخمرُ تَعَتَّقَ في صندوقِ السفينةِ

قلتُ ماتَ

سخروا مني

قلتُ الخيولُ تدوسُ عليهِ بعد أن حَبَسها في الصور

قلتُ الشجرةُ ركضت وقَبَّلَت ظِلَّهُ بعد اللُّهاثِ الأخير..

قلتُ قلتُ سخروا مني..

صاحبي هَجَرني

وأنا لا أملِكُ إلا جفوناً تتهدَّلُ

فيرفعها بضحكةٍ وبَصَّاتُها تهتزُّ

فيرِبِّتَ عليها..

برصَاصَةٍ..

من قصيدة "الأرواحُ لونُها حزينٌ.. وقديم"

في بلدتِنا تَلٌّ

يَقسمُهَا من محبتها إلى الأطرافِ

ويسمونهُ “الكوم”

الولدُ يُفَجِّرهُ كل يومٍ

ويَسُدُّ برمالهِ عيونَ الوحشِ

المختبئِ في الشَهيقِ وتحتَ الوسادةِ

الناسُ الذين زحفوا ببطءٍ وسكنوا فوقَهُ

خافوا في البدايةِ من النجومِ

التي لا تلقي كلامها عليهِ في الأعيادِ

وبعد أن يناموا

يُفضِّلُ المطرُ أن يُفْرِغَ ذاكرتَهُ في الممراتِ الوحيدةِ

لكنهم أحبوهُ عندما أظهر لهم دفئَهُ في أحلامهم

وبعدها أَعْلَمَهم بالخبيئةِ:

أغاني الرَحَّالةِ الذين ذرفوا دمعتين لأجلِ حبيباتهم المأسوراتِ

والجوارحُ التي اختطفت الضحكَ الكاذبَ من فمِ الأميرةِ

ذَهَبٌ على هيئةِ فلاحينَ في حدائقِ الفرعون

تمائمُ وتماسيحُ

قرابينُ وصمتٌ وحُفَرٌ ورقصاتٌ

دبيبُ الولدِ الذي يصنعُ الطلقاتِ ويجري

نحو أبعدِ بيتٍ في الناحيةِ

ويقف فجأةً ويلهثُ

ويَلِفُّ رأسَهُ ببطءٍ نحو النار

التي تثيرُ الطبولَ وتفتح سماءً في الليلِ..

عندنا تَلٌ عجوز

كان يتمنى أن يكون مُصَوِّرَ أحزانٍ

وينجبَ أولاداً وينطَّ على سجادةِ الهواءِ

يبيتُ في غَبَشِ الصبحِ

ويرنِّمُ بصوتٍ مجروحٍ..

في بلدتِنا شَبَحٌ

يُكوِّمون عندهُ الذكرياتِ

ولهذا يسمونَهُ “الكوم”..

من قصيدة "براءةُ الألَمِ"

فَزَّ الزجاجُ إليَّ

من طاقة الطائرِ المرسومةِ

في عَيْنِ البنتِ..

وتمشَّى فوقَ هالةِ العضوِ المُجَنَّحِ

النافذةُ

عابثةٌ كشمسٍ في العَظْمِ

قويةٌ بينَ الحبوِ تحتي

والإبط

على فخذٍ طيبٍ حقاً

الجبانُ يلهو

والزجاجُ قَسَّمَهُ ببلطةِ القَنَّاصِ الغامضِ

ثم في سكةِ الغدير على قَوْسْ..

حضنُكَ تائهٌ في الدم

يوم انسلَّت الطَيِّعَةُ من رفقةِ الخديعةِ

هو الماءُ الساخنُ الذي ربَّتَ على الجَبَلِ

هو اللهُ صدقيني

من أحبَّنا وخَبَّانا في الخَرَابةِ

ودَعَكَ اللمعةَ في فلقتها

وشافَ القبلةَ تصطادُني من الكهفِ مشطوراً..

أشارَ على قمةِ الشَعْرِ من اليمين

والشارع الخاوي من القلبِ

كأن الرحمةَ إذا دخلت الأسهمُ فينا

تنفلتُ

أو كأن الكَفَّ المقطوعَةَ هناكَ..

وراءَ ثديها..

كان فقط ، يُوائِمُ أشباحهُ

لرتقِ ألمٍ جَوَّالٍ وثائرٍ في أكياسهِ

أو لتكديرِ فَرْجٍ ينبضُ

من فرطِ البراءةِ..

عن الشاعر:

مؤمن سمير شاعر ينتمي لجيل التسعينيات. من مواليد 15/11/ 1975.. أصدر حتى الآن 15كتاباً: أحد عشر ديواناً، وثلاث مسرحيات وكتابًا نقديًّا. من دواوينه: غاية النشوة 2002، بهجة الاحتضار 2003، ممر عميان الحروب 2005، تأطير الهذيان 2009، تفكيك السعادة 2009، يطل على الحواس 2010، رفة شبح في الظهيرة 2013، عالقٌ في الغَمْرِ كالغابةِ كالأسلاف 2013.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ضربة إيران لإسرائيل: كيف غيرت قواعد اللعبة؟| بتوقيت برلين


.. أسو تخسر التحدي وجلال عمارة يعاقبها ????




.. إسرائيل تستهدف أرجاء قطاع غزة بعشرات الغارات الجوية والقصف ا


.. إيران قد تراجع -عقيدتها النووية- في ظل التهديدات الإسرائيلية




.. هل ستفتح مصر أبوابها للفلسطينيين إذا اجتاحت إسرائيل رفح؟ سام