الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تاريخ مشين للجماعة

أمينة النقاش

2016 / 3 / 12
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



ضد التيار : تاريخ مشين للجماعة


ينطوى كتاب ” تاريخ الإرهاب المتأسلم فى مصر” للكاتب المترجم والمحلل السياسى والرئيس الشرفى لحزب الوفد ” أحمد عزالعرب”الصادر مؤخرا عن دار وعد للطباعة والنشر،على قراءة شديدة العمق ، لتاريخ جماعة الإخوان ، تكشف عن تقلباتها وانتهازيتها السياسية ، وارتباطها منذ النشأة عام 1928بقوى الاستعمار العالمى ، واستنادها فى صراعها السياسى منذ عهد الملك فؤاد مرورًا بعهد فاروق ، وبمصر الجمهورية فى مختلف عهودها وحتى الآن ، بالعنف وممارسة الإرهاب والقتل والتخريب لمواجهة الخصوم، من أجل هدف واحد لا ثانى له ، هو القفز إلى السلطة بأى سبيل ، وليس الدعوة إلى سبيل الله بالموعظة الحسنة ،لإحياء دولة الخلافة، الذى كان نموذجها العثمانى قد سقط قبل نشأة الجماعة بسنوات أربع ، بعد أن قاد المجتمعات الإسلامية ،إلى عصور الظلام التى استخدمت الدين كسلاح للاستبداد السياسى وقمع الشعوب واستغلالها فى القرون الوسطى على امتداد أكثر من أربعةعقود.

يبين الكتاب الدعم الذى تلقاه حسن البنا لإنشاء الجماعة فى مواجهة المد الشعبى والديمقراطى الذى مثلته ثورة 1919 ، وصدور دستور 1923، وقيادة حزب الوفد للحركة الوطنية المطالبة بانهاء الاحتلال البريطانى واستقلال مصر،وإنشاء دولة برلمانية ديمقراطية حديثة على النمط الأوروبى . ويبين كيف تحالفت جماعة الإخوان مع الملك وأحزاب الأقلية ضد حزب الوفد وفصائل الحركة الوطنية ، وكيف استعانت بقوى خارجية لتعزيز مكانتها الداخلية ، وشجعت أنظمة الحكم الجمهورى فى عهدى السادات ومبارك على ترسيخ توجهما الاستبدادى بالتصدى لمعارضى النظامين ، فى صفقات تسمح لها بمعاودة النشاط بعد نحو عقدين من حظر التنظيم فى العهد الناصرى واعتقال وملاحقة قيادته ،وتتيح لها اقتسام مقاعد البرلمان مع الحزب الوطنى الحاكم ، وقطف ثمار ثورة 25 يناير بالاستناد للدعم الذى حظيت به الجماعة من الإدارة الأمريكية ووكالة مخابراتها ، للصعود إلى السلطة . و ظنت الادارة الأمريكية بذلك أن بامكانها تقديم حل نهائى للقضية الفلسطينية ، بموافقة الجماعة عل اقتطاع ربع سيناء وضمه لإمارة حماس فى غزة لإعلان إمارة إسلامية فلسطينية بقيادة حماس الجناح العسكرى للجماعة ، ودعم الحليف الإخوانى فى السودان بالتنازل عن ملكية حلايب وشلاتين .

يسرد المؤلف الملابسات التى أحاطت بمحاولات الجماعة الثلاث الفاشلة للقفز إلى السلطة ، بعد الهزيمة العربية فى حرب فلسطين 1948، وفى أعقاب محاولتها اغتيال الزعيم جمال عبدالناصر عام 1954 ،وسعيها لقلب نظام الحكم فى عام 1965، وحتى تمكنت فى يونيو 2012 من الصعود للمرة الأولى فى تاريخها إلى حكم مصر. ويرجع أحمد عز العرب نجاح الجماعة فى ذلك ،إلى الاتفاقات السرية التى عقدتها الجماعة مع الاستعمار الأمريكى لتنفيذ مخططه للشرق الأوسط الجديد، وهو ما اعترفت به هيلارى كلينتون فى مذكراتها ، فضلا عما أسماه الإهمال الشديد من قبل المجلس العسكرى الذى تولى قيادة البلاد بعد سقوط مبارك. وهذا التقييم السلبى لدور المجلس العسكرى آنذاك ،يمكن المجادلة بأنه غير منصف، لاسيما بعد أن تكشفت فى محاكمات قادة الجماعة أن الاختيارات التى كانت مطروحة أمام المجلس العسكرى بعد فوز الإخوان وأنصارهم الكاسح فى انتخابات مجلس الشعب، ومساندة نخبة من عاصرى الليمون لرئاسة مرسى ،هى تحويل البلاد إلى فوضى شاملة ،أو ترك الإخوان يصعدون بمخالفاتهم. كما أن هذا التقييم لا يتنبه للفوارق التى كانت سائدة فى البلاد بعد 25 يناير وكانت محملة بالتعاطف الشعبى مع الإخوان ، والموقف الشعبى من الجماعة بعد ازحاتها عن السلطة فى ثورة 30 يونيو، وتحويل عدوانها من التصدى لرجال الأجهزة الأمنية ، لتصبح معركتها- كما رصد المؤلف- بحق مع الشعب المصرى بكل فئاته.

كتاب ممتع ، يكتسب أهميته ليس فحسب من الإثبات بأدلة التاريخ ،أن الإرهاب رافد أساسى لتكوينها ، والاقتران بين ظهور الجماعة وانتشار الإرهاب، ولكن أيضا لتوقيت صدوره مع ترويج لدعوات لئيمة للمصالحة معها ،ولأن المؤلف كان نفسه عضوًا بها فى مطلع صباه ،حتى تمرد عليها رافضًا لتدريبه على مبادئ السمع والطاعة العمياء.

وكانت أخلاق الكبار الرفيعة التى يتحلى بها ،هى ما دفعت “أحمد عز العرب”أن يعيد الفضل إلى أهله ، وهو يشكر فى مقدمة كتابه الدكتور رفعت السعيد، الذي كان أول من استخدم مصطلح الإرهاب المتأسلم الذى اختاره عنوانًا لكتابه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيهود باراك: إرسال نتنياهو فريق تفاوض لمجرد الاستماع سيفشل ص


.. التهديد بالنووي.. إيران تلوح بمراجعة فتوى خامنئي وإسرائيل تح




.. مباشر من المسجد النبوى.. اللهم حقق امانينا في هذه الساعة


.. عادل نعمان:الأسئلة الدينية بالعصر الحالي محرجة وثاقبة ويجب ا




.. كل يوم - الكاتب عادل نعمان: مش عاوزين إجابة تليفزيونية على س