الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أزهار سلمى

محمد عبد القادر الفار
كاتب

(Mohammad Abdel Qader Alfar)

2016 / 3 / 12
الادب والفن


قصيدة "أزهار سلمى" قصيدة كتبت على مدار سبع سنوات، 2008 إلى 2015


(1)

-التجلي الأول-

روحُها الأنثى بدتْ لي
وسْط َ ذاكَ الليل ِ خـصَّــتـْـني برؤيا ..
لم تــُـشاهـَـدْ قط ّ ُ قَبـْـلي
لم تكنْ إنسيـَّـة ً معْ أنـَّها
أنثى .. كشَـكـْـل ِ

* * *
لم تكنْ إنسيَّـة ً
إذ ْ أَنـَّها حقــّاً رأتني .. في الظلامْ
ميَّـزتـني في الزِّحامْ
فضَّـلـتـني
عن أميرِ ِ الجان ِ ممشوقِ ِ الـقَـوامْ
اسْـتباحت عالـَمي ..
ما عادَ من شيء ٍ حرام ْ
* * *

لم يكن ْ غاراً ولا كانت
كجبريل ٍ ولا أصبحتُ للدنيا نبيّاً
أو ولـيـّاً كالإمامْ
***

” ما اسْـمـُـك ِ؟”
ردَّت بلا صوت ٍ :” سَـلام ْ ”
نادِني ما شِـئـْتَ “سلمى” أو وِئام ْ
قلتُ ”سلمى”
ذاكَ أحلى
ذاكَ أشهى
ينتهي والثــَّــغـْرُ مفتوحُ الحِما
كالقوس ِ مرفوعَ السِّهام ْ
لستُ أهوى أيَّ شيء ٍ
ينتهي بالإلـتـئـام ْ
جرحنا ..
أبوابنا..
أجفاننا لمّا تـنام ْ
” لا تخفْ ” قالت فلا قِفـْـلٌ سيَـقوى لاحتباسي
لا ولا صمّامْ
أيُّ سجن ٍ عندَكم لا يحتويني
لا ولا أصنامْ
* * *

كلُّ شيءٍ ينتهي بي عندَ سلمى بابتسامْ
كلّ قول ٍ
كلّ فعل ٍ
كلّ حزن ٍ
مثلَ لحن ٍ
تنتهي أنغامه ب”الراست” عندَ الإنسجام ْ
تلكَ سلمى..
لم يزل يا صاح ِ باق ٍ للكلام ْ
.

.
(2)

-في أسباب النزول-
.

لستُ شخصاً واحدا
معْ أنني لا أصطنعْ
كلُّ ما في الأمر ِ أني
دونَ قصدٍ.. أقتنعْ
بانطباعٍ عندَهم عنّي
جميلٍ أو بـشعْ
كلّما صادفتُ سيناً
صرتُ عبداً لانطباعٍ عندَ سين ِ
مثلَما عوَّدتُه عنّي -ولو زوراً-
ستبقى صورَتي
معْ أنـَّني لا أصطنعْ
لم أكنْ حقاً “أنا” .. إلا هنا في عُـزلَـتي
حتى أتتْ سلمى
لصمتي تستمعْ
قلتُ: يا سلمى لماذا جئتِني
هل لانتزاعي من قيود المجتمعْ ؟
لم تـقلْ لا أو بلى
لكنّها
قالت لأني مثلـُها
لا أصطنعْ !
.
.

(3)
.
-شفاعة-


قد غابَ عني وحيُ سلمى مدة ً
حتى فــَــزِعْت ْ….
يا أخت نوفل لا تغيبي
أنت ِ ما أتلو وما يوماً سَمــِعْــتْ
أخشى إذا طال انتظارك ِ
من قنوطي قتلَ نفسي
إن على موتي استطعْـتْ…
أخشى الغرانيق العلى
وأخافُ رفضي إن شَـفعْـتْ
” لا تتركيني شاحباً “
أرأيت ِ كيف غدوتُ أسرقُ وحيَ غيري
إذ ْ مُــنـِِعـْـت ْ !
لا تمنعيني وصلك ِ
بل كمّـلي نقصي وقولي
” أنتَ عبدي.. فاستقم..
هلا ركــَعْت…… “
قالت كفى
لا لستَ عبدي !
لستُ ؟؟
لا !!
ولـِـعلمك َ … الإلحاحُ عندي
ليسَ مندوباً ولا
أرضى بذلٍّ أو نـصَـبْ !
هلا سألتَ عن السبب …
هلا هممتَ بأن تعالجَ ما الغيابُ به وجبْ !
فسألتها
ماذا جرى؟؟
قالت : تــُوُفــِّيَ .. قلت ُ : مـَن ؟؟
صوصٌ ببيتك من شهور !
صوصٌ أيا سلمى ؟؟؟؟!
نعم !
شاهدتــَهُ يذوي فقلتَ : نصيبُه ُ
تبـّت يدا صوصي .. وتب ْ
– لكنني أطعمتــُهُ .. وسقيتــُه
لكن تقلــَّصَ وانتكب ْ
قالت : ولم تحزنْ
ولم تشعر بذنب ٍ .. أو غضب ْ
– أفعلت َ ؟؟
– لا..
– طبعاً .. ولا حتى دمعـْـت ْ
ذاك الصغير أكان يحلم بالبلوغ
أم كان يفزع من نضوج ِ عظامه
في قدْركم…
رُبـَـما بلعتَ صديقــَه ُ… أو أختــَه … أو أمَّــهُ …
في ما بلعــْـتْ…….
يا ماضغاً لحماً ودمّـاً … ذكرياتٍ… أو حناناً
هل شبعـْـتْ ؟؟
هل كنت تلحظ ُ قشعريرة َ قلبه …
ذاك الصغير …
هل كنتَ تسمعها أم استكفيتَ بالتغريد ِ تحسبه غناء ً
إن سَمعْـتْ..
هل كنتَ تسألُ .. ما يقول
إنْ كان يسألُ .. أين أمي
أين حضنٌ دافئٌ ..
بالعش كان مهدهدا…
.
منقاره ُ…
هل كان يفتحه .. ويغلقه
سدى …
مستفسراً
منقار أمي أين غاب؟؟
ماذا يهمك أنت يا من نلتَ حقــَّـك إذ رضعْت..
عجباً ..
تــُرى
هل كان يعلم أنه
لو عاشَ أصبحَ ديككم
أو هل تخيَّـلَ عُرفــَهُ .. أو لونه؟؟
أو صوته لمّـا ينادي موقظاً
من قد يكون مجهّزاً سكــّينه
منذ الصباح لذبحه !
مهما توسـَّـلَ قائلاً ..
يا ذابحي
إني بصبح ٍ كنتُ أوقظه .. ضرعْت…
ماذا ستشعر لو علمتَ بأنه
قد كان يدرك كل هذا
هل ستبكي؟؟
فليكن ! …
قد مات صوصك غائراً
في خوفه
من رعبه … لم يحتمل ْ
لو كنت تشعر ما اعتراه وقد ذوى
ما كنت َ بالدنيا طمعْت…
..
أو كنتَ أبصرتَ الهواء َ مربّـتاً
في ريشه.. من رفقه ِ
.
أو دودةً مسكينة ً
حزنت عليه … وأمّــُها
كانت لأمه لقمة ً ..
لكنها …
غفرت لهم … رغم الأسى
لما رأته يموتُ .. آه ٍ
لو رأيتَ سقوطه ..
هل كنت تسألني لماذا
لم أطق رؤيا بلادة آدمي !
.
والله لولا الدودة المسكينة انتصرَتْ
بموقفها العظيم لأمها
ما كنتُ أدري
كيف يمكن أن أسامحَ .. فاعتذر ْ
إنْ دُستــَها
أو بالحذاء اللامبالي
أختــَها .. يوماً
صفعْتْ..
.
إذ ْ أنني
لولا شفاعتها …
وربّـك ما رجعْت……..


(4)

قداسة
.
.

ما أكثرَ التقديسَ في وحلِ الحياه
حرْبٌ مقدّسـة ٌ وأشخاص ٌ وأسماءٌ..
لمن أسماهُ تقديساً..
ومن والاه ْ..
أرضٌ وبلدانٌ وأزمانٌ.. مضتْ
طرق ٌ وأودية ٌ وأنهار ٌ .. جرتْ
يا ويلتي … حتى المياه!
حـُـكــْم ٌ وأحكام ٌ وحكــّـامٌ..
فـسُـلـطانٌ وشاهْ
شعرٌ وأقوال ٌ كذلك قـُـدِّسـَـتْ
حتى الكلامُ .. إذا استزلَّ من الشفاهْ
فسألتُ سلمى : ما المقدَّسُ ؟
قــَبــَّـلـَتْ وجهي وقالت:
قـُبـْـلـَـتي إن شئتَ قدِّسْ، أو شفاهي..
هكذا .. تـُصْبِحْ مُقدسَّـة ً لديكْ

ك”السِّحر” مفردة ُ “المقدّس ِ”
تستمدّ ُمن الحروف معانياً
تفسيرُها يبقى إليكْ
لا شيءَ إلا أنها كـَذِبُ اللغات ِ
فلا تدعها تنطلي يوما عليكْ

أسـَـألتني ماذا “المقدَّسُ” فاستمعْ
صنمٌ بناهُ الناس ثم استكبروهُ
فصدّقوهُ وعظموهْ…
مع أنـّهُ.. لو كان من تمـْر ِ الحجاز تذوّقوهْ..

فسألتـُها : لا شيءَ في الدنيا نقدِّسـُه إذاً ؟
قالت: بلى
ذاك الضميرُ.. أيذكرون ضميرَهم ؟؟
أم أنهم
من زحمة التقديس تاهوا أو نسوهْ!
.
.
وتنـهـَّدَتْ سلمى هنا
حتى هـَمَـمْـتُ بأن “أقدِّس َ”نسمة َ التنهيد ِ
تخرجُ مثلَ عطر ٍ منعش ٍ
كالزهر يفغرُ للربيع ِ الحلو ِ فاهْ
فتبسّمت سلمى وقالت:
أصبح التقديس ُ طبعاً في البشرْ
ها أنت توشك أن تقدس في انفعال الحب ِّ “آه”


(5)
.
.
-عبادة-


قد آن لي
أن ألقي الحملَ الثقيل َ
وأنفضَ الأيدي
وأنسى
ما تفاصيلُ الحكايه…
قد آن لي
بعد النهايات المخيـِّبة الحزينة ِ
أن أفتــِّـشَ عن بدايه…
قالوا بأن الحج يمحو السيئات ِ فصحتُ وجداً
في السما
لبيك ِ يا سلمى بحج ٍ
فامنحي روحي الهدايه
إني سئمتُ مذلتي مما فعلت وما نطقتُ
وما تركتُ وكلِّ ما
كالفأس حطـَّم كبرياي َ
ردَّت : إذاً
يكفيك أن تنسى .. وينسى الناسُ
كي ترضى
وتبدأ من جديد ٍ
أو تفتــِّشَ –إن أردتَ – عن النهايه
لكنهم – يا طفلُ – لن ينسَوا لأنكَ
لستَ تنسى
من أساؤوا … أو أخلـّوا مرة ً
بقواعد ٍ مغروسةٍ في داخلكْ …
فلديكَ – مهما كنتَ تنكرُ- يا صديقُ قواعدٌ
تــَـنـْـفيكَ – مثل َ الآخرين َ –
عن الحقيقةِ … عن مواجعهم لهذا
ليسَ تترُكـُـكَ الخطايا
ما الحجُّ .. قل لي؟
وصفة ٌ ؟؟ أم خارِطه؟
كيف الوصولُ به إلى
تحقيق ِ ما تدعوهُ غايه
لا شيء يمحو فاطمئنّ لأنه
لا شيء يــُـكتبُ ها هنا
فابدأ .. وسرْ
حتى تملَّ .. وعندها
نم واسترح
وابحث لنفسك من جديد ٍ
عن بدايه

.
.
(6)
-بعث-

.
هل كنتِ وهماً آخراً
آنَ الأوانُ لركلهِ
نحوَ القمامةِ .. مثلَ غيرك ْ
أم أنه يا ربــَّــتي ..
قِــصَــرُ النَّــــــفـَـسْ ؟
قالت : جوابُـــكَ يا صغيري
ليس عندي
فاستمعْ
هي نبرة الصوتِ التي تـُـفشي بذلكَ
إنما .. حلُّ السؤال بأن تميّزَ
كيفَ تــَـسـمَعُ أذْنـُــكَ الصماءُ صوتــَـكْ
أو كيف ترحلُ يا صديقي نحو روحـِـكَ
نفسُك السكرى بوهمكْ
تلك المسافة بين ما تحيا وما تهوى
جوابـُـكَ عن سؤالكْ
….
ما نبرةُ الصوت الذي لفظَ الكلامْ ؟
ما لحنُه ؟ ..
هل كان زفرةَ مُتعـَــبٍ كاللهثِ في أثناء سيركْ ؟
أم كان صرخةَ ثائرٍ
في العجز يحرق نفسه ..
وإذا به …
جمرٌ جديدٌ … ابنُ نارْ…
….
..
فلتستمعْ
حتى تجاوبَ أيها كان الصراخُ
أثورةً … أم لهثةً
…..
إن كان ذلك ثورةً …
ثـُرْ وانقلبْ
تُــبعَـثْ كفينيقٍ جديدْ
أما إذا كان الصراخ تلهــُّـثاً ..
كـُــنتَ العجولَ … وما أنا
إلا انتظارْ

(7)
-صلاة-

.
.

“كم أنت مثلي”
علــَّـقت سلمى على شيء لعلي قلته ُ
أو بــُحتُ -بالأحرى- به عبر النَّظر ْ
فأجبتُ سلمى : مثلـُـكِ يعني سموا
ليس لي أن أدعيه ِ ولا بوسعي
أن أصدّقَ أنني .. فوق َ البشر ْ
قالت صديقي ما عهدتكَ شاعرا
تــُـطري وتمدحُ
أو تغازلُ مجد َ أصنام ِ القدر ْ
“لكنَّ هذا ما أحسُّ” فجاوبت :
بئس َ الشعور ُ تفوّقي
بل أنتَ مثلي ..
تستحقُّ الحبَّ حتى يملأك ْ
فإذا امتلأتَ تفيضُ مثلي..
كالقمر ْ
ولديك نفسُ نفور ِ سلمى
يا صديقُ من الضّجر ْ
أوليس َ يضجرك الرجاء ْ…
أو مَن يعيش سنينـَـهُ
يسعى إلى إثبات شيء ما .. لمن قد أدمنوا
أحكامـَـهـُم ْ … تلك الدررْ !!
أناْ لستُ قاضية ً لأني مثلــُــك َ..
أو أنتَ مثلي ..
ليس يــُـغريكَ التوسلُ .. والهراء ْ
أرأيتَ من ينهاك عن ذاك الكدر ْ…
.
.
.
(8)
.
-عدن-

.
هناك يا سلمى هناك في عدَن ْ
سألتقيك حين ننتهي غداً

.
عنواننا هناك واحدٌ .. أنا
وأنتِ لا حدٌّ هناك بيننا…

.
أنت الحياة إنما أنا صدىً
لما يدور من حديثٍ في عدَنْ

.
جَنى الجنان طاب حقّاً مِن جنى
طوبى أيا سلمى لمن منكم دنا

.
تذكّري .. تذكّري .. تذكّري
وإن نسيتِ أنتِ لن أنسى أنا

.

.
:ستسمعينني مذكّرا لكم …
لقاؤنا..
مكانه عدن…
زمانه غداً..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اللحظات الأخيرة قبل وفاة الفنان صلاح السعدني من أمام منزله..


.. وفاة الفنان المصري القدير صلاح السعدني عن 81 عاما




.. سماع دوي انفجارات في أصفهان وتبريز.. ما الرواية الإيرانية؟


.. عاجل.. وفاة الفنان الكبير صلاح السعدنى عن عمر يناهز 81 عاما




.. وداعا العمدة.. رحيل الفنان القدير صلاح السعدنى