الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


روحاني يؤكد أن إيران تقاتل في العراق دفاعا عن مصالحها القومية العليا

حسين كركوش

2016 / 3 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


في 08/2/20016 نشرت وكالة (مهر للأنباء) الإيرانية على موقعها باللغة العربية نص كلمة القاها رئيس الجمهورية حسن روحاني اثناء مراسم منح أوسمة اللياقة والشجاعة للوزراء والمسؤولين المشاركين في المفاوضات النووية.
روحاني ذكر في كلمته أسباب وعوامل عديدة ، قال لولاها ما نجحت إيران في أدارة مفاوضاتها باطمئنان. سأذكر واحدا فقط من تلك العوامل له علاقة بالعراق.

قال روحاني: ( إذا لم تصون القوات المسلحة أمن البلاد وإذا لم يتواجد قادتنا العسكريون في الفلوجة والرمادي ودمشق ولم يساعدوا الشعب السوري لما شعرنا بالأمن لكي نتفاوض .) أنتهى.




2

كينيث مايكل بولاك Pollack باحث أمريكي في القضايا الاستراتيجية و أحد أهم المتخصصين بالشؤون العراقية والإيرانية. بولاك سبق أن مارس وظائف حكومية مهمة ، فعمل مستشارا استراتيجيا في وكالة المخابرات الأميركية زمن إدارة الرئيس كلنتون ، وبصفته تلك توقع بولاك ، اعتمادا على تحليله للوقائع الجارية وقتذاك ، أن يقدم صدام على غزو الكويت وذاك ما حدث ، مما منح تحليلاته لاحقا قدرا أكبر من المصداقية وساهم في شهرته.
و عمل بولاك مستشارا في مجلس الأمن القومي. و مارس التدريس كأستاذ في كليات ومعاهد عسكرية مشهورة ، وترأس مراكز أبحاث أميركية معروفة.
بولاك من أشد المتحمسين لغزو العراق عام 2003 ، ويعتبر عّراب الغزو من بين المثقفين الأميركيين المؤيدين لغزو العراق .
وهو مؤلف لعدة كتب منها كتابه الذي نشره عام 2002 ، و عنوانه (The Threatening Storm: The Case for Invading Iraq) طالب فيه بإلحاح بغزو العراق. ويعتبره البعض من أهم الكتب التي صدرت في أميركا حول غزو العراق ، وربما وجده صناع القرار الأميركي المتحمسون للغزو مصدر إلهامهم ، مثلما انتقده بشدة معارضو الغزو.
بولاك ما يزال يكتب وينشر عن العراق ( واحد من مقالته ، وهو مهم كما أظن ، كتبه بالاشتراك مع زلماي خليلزاد وتم نشره في شهر تموز 2014 بعنوان كيفية إنقاذ العراق How to Save Iraq ، بعدما هدد المالكي باستخدام القوة من أجل تجديد ولاية ثالثة له. وفي المقال ناقش الكاتبان فرضيات متعددة بشأن مستقبل الوضع في العراق ، بما في ذلك وحدة العراق ، التقسيم ، الفيدرالية والأقاليم ، الحكم اللامركزي ، وكان رأيهما هو تقليل سلطة المركز ومنح المحافظات والمناطق حقوق وصلاحيات أكثر ، والعمل على منع ظهور رئيس وزراء مثل المالكي يقبض وحده على زمام الأمور كلها ).

بولاك يستعرض الوقائع ويجمع المعلومات (وعلى الأرجح معلوماته مستقاة من مصادر حكومية اميركية نافذة ، بما في ذلك مصادر استخباراتية) ويحلل الأمور ويستخلص النتائج ويقدم تصوره المستقبلي للعراق ، ليس كمراقب أميركي محايد ، وإنما كطرف فعال يهمه جدا ما يحصل في العراق ، لكن من وجهة نظر أميركية رسمية ، ودفاعا عن المصالح الأميركية.

3
بعد تحرير الرمادي من سيطرة داعش نشر معهد بروكينغز ( Brookings) المشهور ، في 29 كانوان الأول 2015 مقالا مطولا كتبه بولاك بعنوان :
( ماذا يعني تحرير الرمادي بالنسبة للعراق وإيران والولايات المتحدة What The Liberation of Ramadi means for Iraq , Iran , and the US).
وكعادة من يكتب في مؤسسات بحثية لها سمعة عالمية ، مهما كانت مواقفهم وأفكارهم وأرائهم ، كتب بولاك مقاله بمهنية و بأعصاب باردة ، بعيدا عن المبالغة والحماسة و العاطفة والأمنيات والصخب الآيدولوجي.
المقال طويل وفيه يتحدث بولاك عن الأوضاع العراقية بمعرفة واسعة وعميقة وتفصيلية. سألخص أهم ما ورد في المقال خصوصا ما له علاقة بالفقرة الأولى من هذه السطور، أي ما قاله روحاني.

1)يقول بولاك إن عملية تحرير الرمادي تأجلت كثيرا لأسباب مختلفة ومتعددة منها دخول الطرف الإيراني على الخط ، أو بطريقة أكثر وضوحا ، قادة المليشيات الشيعية المدعومة من إيران ، كما يوضح.
فقادة السنة العراقيون والولايات المتحدة ، كما يؤكد بولاك ، أخبروا الحكومة العراقية بشكل لا لبس فيه بأن الطرفين كليهما يرفضان تحرير الرمادي واستعادتها من سيطرة داعش إذا شاركت في القتال المليشيات الشيعية المدعومة إيرانيا. ويقول إن هذا الشرط لم يلق ترحيبا من قبل الكثير من قادة الحشد ، وخصوصا أولاءك الذين تربطهم علاقات وثيقة مع إيران.
و وفقا لما يقوله بولاك فأن قادة الحشد المدعومين من إيران بذلوا كل جهدهم لمنع تحرير الرمادي بدون مشاركتهم. و ينقل بولاك معلومة مفادها أن حلفاء إيران من قادة الحشد هددوا جنرالات عراقيين بإلحاق الأذى بهم وبعائلاتهم ، ورشوا آخرين ، وهددوا بإعاقة العملية العسكرية قدر ما يستطيعون ، إذا منعوا من المشاركة في تحرير الرمادي.
ويفرق بولاك بين الأسباب التي تقف وراء إصرار إيران على مشاركة المليشيات المتحالفة معها في تحرير الرمادي ، من جهة ، وبين الأسباب التي تقف وراء إصرار قادة المليشيات أنفسهم على المشاركة ، من جهة أخرى.
يقول بولاك إن إيران كانت تؤيد ما قام به قادة الحشد المدعومون منها ، لأن الإيرانيين يريدون أن يضمنوا ، ولو بالحد الأدنى ، بأن ما من نجاح عسكري في العراق بإمكانه أن يتم دون أن يدعوا بأنهم وراءه.
أما بالنسبة لقادة المليشيات العراقيين المتحالفين مع إيران فأن عملية تحرير الرمادي بدون مشاركتهم تمثل طريقا بديلا نحو عراق تصبح فيه خدماتهم – كمدافعين عن السكان الشيعة – غير مطلوبة لان القوات العراقية النظامية المسلحة مدعومة بمساعدة اميركية ستتكفل بالمهمة.


2) لا يتفق بولاك مع من يقول بإن جميع الشيعة العراقيين لديهم تصور واحد وموحد و واضح فيما يخص العلاقة مع نظام الجمهورية الإسلامية الإيرانية. فهو يفرق بين ما يسميهم حلفاء إيران المقربين لها ، أمثال هادي العامري وقيس الخزعلي وأبو مهدي المهندس ، وبين بقية الشيعة في العراق. و يقول بولاك إن الأكثرية الواسعة من العراقيين ، بما في ذلك آية الله السيستاني وعمار الحكيم (المجلس الأعلى) ومقتدى الصدر يكرهون هولاء الرجال ( العامري والخزعلي والمهندس) ويريدون إبعادهم حالما يزول التهديد الأمني الحالي الذي ينشط بفضله هولاء الرجال.


3) يقر بولاك بأن لإيران دائما وأبدا مجموعة مصالح داخل العراق ، يصفها بأنها واسعة وعميقة. و هو لا يميل للرواية المتداولة بعدم وجود أي نقاط تلاقي بين إيران والولايات المتحدة فيما يخص العراق. يقول بولاك ، صحيح ، هناك صراع نفوذ بين إيران وأميركا داخل العراق ، بالإمكان تلخيصه بجملة واحدة هي : ما هو جيد لإيران يعتبر سيئا لأمريكا ، والعكس صحيح. لكن ، مع ذلك هناك نقاط مشتركة يلتقي حولها الطرفان في العراق.


4) يميز بولاك بين السياسة الواقعية البراغماتية لإيران فيما يخص تعاملها مع الوضع العراقي ، وبين تفكير حلفائها الأكثر ولاء لها من العراقيين. وكأن بولاك أراد أن يقول إن هولاء ، في دفاعهم عن إيران ، يبدون ملكيين أكثر من الملك.
ويشرح بولاك وجهة نظره كالتالي : إذا تمكنت القوات العراقية النظامية و معها الأميركيون بإعادة توحيد العراق وإعادة السّنة ثانية للمشاركة ، و نجح الطرفان في نشر الاستقرار والحقوا الهزيمة بداعش ، فأن هذه الأمور كلها ليست بالضد من مصالح إيران. إنها في الغالب أمور جيدة لها. صحيح ، ان تحقيق هذه الأمور سيعطي الولايات المتحدة نفوذا أكبر مما كان عندها عام 2014 ، ولكن إيران ستظل تحتفظ بسيطرة هائلة في العراق. فوق هذا أن إيران باقية في مكانها بينما ان الولايات المتحدة لن تظل في العراق إلى ما لا نهاية. وبالمقابل فأن إيران ستعمل على وضع حدد للحرب الأهلية في العراق ، لأن هذه الحرب تخلق مشاكل هائلة لإيران وللمجتمع الإيراني. وانتهاء الحرب الأهلية قد يؤدي أيضا إلى ظهور حكومة موحدة تكون للشيعة العراقيين الغلبة فيها ، و من المحتمل أن تربطها ، على الأقل في الحد الأدنى ، علاقات طيبة أن لم تكن وثيقة مع إيران.


4

نعود لما قاله الرئيس الإيراني : (إذا لم يتواجد قادتنا العسكريون في الفلوجة والرمادي لما شعرنا بالأمن لكي نتفاوض. )
كلام روحاني لا يتناقض ولا يتعارض مع القراءة الأميركية التي قدمها بولاك ، بل يتطابق معها .

ما قاله روحاني ليس له سوى شرح أو معنى واحد ، هو: لنا مصالحنا القومية في العراق ، و قادتنا المتواجدون في العراق و ينشطون في صفوف فصائل الحشد الحليفة لنا ، يدافعون عن مصالحنا القومية العليا.

بمعنى أخر أن القائد قاسم سليماني وزملاءه ، الذين يتواجدون مع التشكيلات الأقرب لهم داخل الحشد ، لا يقاتلون دفاعا عن مصالح العراق ، أنما يقاتلون دفاعا عن المصالح القومية الإيرانية ، ولكن بأيدي عراقية وبأموال عراقية. وبدلا أن تكون جبهة القتال على الأراضي الإيرانية ، ها هي إيران تقاتل على الأراض العراقية لتصفي حساباتها مع الولايات المتحدة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصادر: مقتل مسؤول في منظومة الدفاع الجوي لحزب الله بغارة إسر


.. قبيل عيد الفصح.. إسرائيل بحالة تأهب قصوى على جميع الجبهات| #




.. مؤتمر صحفي لوزيري خارجية مصر وإيرلندا| #عاجل


.. محمود يزبك: نتنياهو يفهم بأن إنهاء الحرب بشروط حماس فشل شخصي




.. لقاء الأسير المحرر مفيد العباسي بطفله وعائلته ببلدة سلوان جن