الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أهداف زيارة وفد حماس إلى القاهرة

سامي الاخرس

2016 / 3 / 15
القضية الفلسطينية


أهداف زيارة وفد حماس إلى مصر
تطورت الأمور حيث لَم يَعد أحد قادر على تمييز الغث من الطيب، تسارعت الأخبار عن قيام حماس للتحضير لوفد بناء على دعوة مصر لها، وأنّ هناك انفراجه في العلاقات المصرية وحركة حماس في غزة، يوم أو يومان إلَّا ووزير الداخلية المصري يخرج بتصريح صادم للحركة وللرأي العام الدولي بأنّ من قتلوا واغتالوا النائب العام المصري قد تدربوا بغزة، تصوره البعض إدانة مباشرة لتدخل حركة حماس في الشأن المصري بهذا الشكل الفج والخطير، في حين اعتبره البعض الآخر محاولة ضغط على حماس وربما ابتزاز موقف ما منها قبل زيارتها للقاهرة، والواضح بعد أنّ قام الوفد الحمساوي بعد التصريح بعدة أيام لزيارة القاهرة أنّه تصريح من تصريحات الضغط والإبتزاز، ولكنه هذه المرة ليس من الإعلام المصري بل على لسان وزير الداخلية أيّ من جهة رسمية ذات وزن في الحكومة المصرية، أيّ ما يؤشر إلى أنّ هدف الضغط أكبر ويحتاج لشخصية وموقف رسمي.
بكلِّ الأحوال بدأت حماس تكتسب الخبرات السياسية، وتدرك مفهوم ومعنى أنّ تكون سياسي، وكيف تدير أزمة سياسية بعد أكثر من تسعة سنوات في الحكم، وبعد سيل الأزمات السياسية اّلتي وقعت بها الحركة وقادتها لعدم قدرتهم عن فهم الحالة السياسية، وعدم توفر خبرات سياسية لديهم في إدارة الأزمات السياسية الكبرى، واعتمادهم على نهج الجماعة الأم وردات الفعل، ومعالجة أزمة بأزمة، وتعويلها على قوى اقليمية كبدائل لقوى أخرى، حيث حاولت حماس التعويل على قطر وتركيا كبدائل للسعودية، ومصر، وسوريا، وإيران، إلى أنّ أدركت أخيرًا وبعد عشرات الأزمات الّتي كادت تطيح بها خارج المشهد نهائيًا، وتأزم أحوالها الداخلية والشعبية الفلسطينية بدأت تعي وتفهم ماذا يعني سياسية، وماذا يعني أنّ تكون سياسي، وكيف يمكن لك بناء سياسة تكون منفذك ومنقذك في الأزمات، فبدأت تعيد صياغة سياساتها مع السعودية، وإيران، وأخيرًا مصر، بإنتهاج سياسة متوازنة في الأزمات السياسية الإقليمية، والتحرر ظاهريًا من عباءة الحاضنة الأم جغرافيًا، ورسم شخصية مستقلة لها، وتحقيق خطوات العودة المتأخرة في التقارب مع قوى إقليمية لا يمكن بأيّ حال من الأحوال خلق بدائل لها في ظلّ الواقع الفلسطيني المعقد الذي يتطلب حنكة ودراية في التعامل مع مناخ وتضاريس المنطقة الجيوسياسية.
إنّ السلوك الحمساوي السياسي الأخير يؤكد أنّ هناك حلحلة في الجموع العقائدي السياسي، والتبعية السياسية لبعض المحاور، وأنّ الفهم قد ابتعد عن فتاوي مخازن الآيات وابن تيمية، وأصبح هناك بعد نظر سياسي ينطلق من قراءات سياسية وإدارك حماس بأنّ هناك مصالح مشتركة بينها وبين مصر، بعيدًا عن ناصر جماعتك ومرشدك ظالم أو مظلوم، فلكلّ ساحة ظروفها، ولكلِّ جغرافيا متطلباتها، فلجأت للتقارب مع مصر ومحاولات لتقريب وجهات النظر، وسلخ نفسها عن عداء النظام المصري مع جماعة إخوان مصر وهو إدراك لأهمية ووزن وثقل مصر، وخاصة بالنسبة لغزة، بل وللقضية الفلسطينية، وأنّ لعبة البدائل لا تغني ولا تسمن عن مصر. وربما هذا الفهم جاء نتيجة تطورات الحالتين المصرية والسورية وهما اللتان غرقتا بهما حماس وخسرتهما نتيجة تصلبها وتمترسها خلف مصلحة الأم جماعة الإخوان المسلمين على حساب مصلحة الحركة والقضية الفلسطينية، وبدأت حماس تتسلح بشخصيتها الفلسطينية وإنّ كان بشكل ظاهري نتيجة متطلبات المرحلة، إلَّا أنّه تكتيك صحيح ويدل على إدراكها للعبة السيّاسية في المنطقة, كذلك إنّ هذا التقارب أيضًا هو يصب في مصلحة مصر الّتي أدركت هي الأخرى أنّ الأوضاع في سيناء تحتاج منها إعادة ترسيم علاقاتها مع حكام غزة، بما أنّ غزة تاريخيًا هي إمتداد للأمن القومي المصري، ولا بد من التعامل والتفاعل مع حماس وبناء خطوات ثقة بينهما يساهم في الاستعانة بحركة حماس في مواجهة الخطر في شبة جزيرة سيناء. كذلك تكون مصر قد أدركت أيضًا ضرورة التوازن في السياسات الإقليمية من جديد وخاصة مع تركيا، وربما يتم استدعاء الحنكة السيّاسية المصرية لتشكيل محور مع السعودية، الإمارات، تركيا، وحركة حماس والسلطة الوطنية، وقطر يواجه محاور أخرى تتبلور بقوة بعد سقوط المعارضة السورية وتدخل الدب الروسي.
إذن فالواضح من زيارة حماس إلى مصر هو محاولة لتضييق دوائر الأعداء لدى حماس واللعب على التوازن مع كلِّ القوى والمحاور، وكذلك أنّ هناك مصلحة مشتركة لمصر في خلق قاعدة تفاهم مع حماس.
د. سامي محمد الأخرس
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. توقيف مساعد نائب ألماني بالبرلمان الأوروبي بشبهة التجسس لصال


.. الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين تهز عددا متزايدا من الجامعات




.. مسلحون يستهدفون قواعد أميركية من داخل العراق وبغداد تصفهم با


.. الجيش الإسرائيلي يعلن حشد لواءين احتياطيين -للقيام بمهام دفا




.. مخاوف من تصعيد كبير في الجنوب اللبناني على وقع ارتفاع حدة ال