الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في ذكرى الهجوم على السماء .. ذكرى الكمونة.

جمال البزويقي

2016 / 3 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


"إن تاريخ أي مجتمع حتى الآن ليس سوى تاريخ صراعات طبقية"
مقولة ماركس الأكثر بساطة و الأكثر اختزالية لمجموع الاسهامات الكبيرة و التحليلات و القراءات الرامية لفهم حركة التاريخ و تغير البنى الاجتماعية، اذ و أمام تأكد المقولة يوما بعد يوم في عصر الحروب الاقتصادية و التقاسم الامبريالي للمستعمرات و اعادة تقاسمها (و أمام اسهامات لنين الغنية بهذا الصدد) يبرز يوما بعد يوم كيف يلجأ العالم لتفسيرات ماركس ونظرياته في متستر و حشمة و كيف تدير البرجوازية وجهها عن أهم المحطات التاريخية الموثقة لانتصار البروليتاريا و المؤكدة للمقولة السالفة الذكر و المبشرة بحتمية دولة العمال و الفلاحين، خاصة في يوم كهذا " الثامن عشر من آذار مارس" ذكرى كمونة باريس أول دولة بروليتارية في التاريخ و التي أعلن عنها في مثل هذا اليوم من عام 1871, اذ بعد الانقلاب الذي انتهت به ثورة 1848 و قعت فرنسا طوال 18 سنة تحت نير النظام النابوليوني الذي قاد البلاد الى الخراب الاقتصادي و الهوان القومي فكانت الكومونة انفجارا موضوعيا ناكزا التاريخ ليعير اهتمامه الكلي لهذا المحفل التاريخي، الذي وثق و بانتباه صراع البروليتاريا و العمال و الفلاحين و النساء العاملات والمسلحات ضد الكاوتسكيين و الانتهازيين و البلانكيين و البرجوازية، الحدث الذي سيعتبر الحلقة المركزية في ثورة روسيا و اغناء الرصيد الكفاحي التاريخي لتحرر الشعوب من نير الملكية الخاصة.

لم يحدث أن تجاهل المؤرخون حدثا تاريخيا باهرا خلال المئة و الخمسة و الأربعين عاما الماضية مثلما تجاهلوا مآثر ثورة و ثوار كومونة باريس عام 1871، حتى غدا كبار المؤرخين و الأنتروبولوجيين و المتخصصين في التاريخ الاجتماعي و السياسي يجهلون هذه المأثرة الا ان سمعوا عنها بالصدفة، فجامعات فرنسا تخلوا من أي ذكر للموضوع اللهم سطور قليلة عابرة تجحف المحطة أيما اجحاف و تَفشَل محاولاتها كلما قال التاريخ كلمته و استذكر ما فات من أحداث و ثورات بأحداث أخرى و ثورات جديدة تلتفت لسالفاتها من التجارب وتطرح تساؤلات التجنيد للثورة العمالية .
و الحال أن هذا التجاهل الطبيعي لكبريات الأحداث التاريخية لحركات التحرر خصلة معهودة لدى الامبريالية و مقرراتها الأكاديمية الممنهجة، و ليس ببعيد عنها تسير البرجوازية الكلونيالية ببلداننا التبعية على خطاها مغيضة بصرها عن تاريخ المقاومة المسلحة بشمال افريقيا و مهرولة في السرد في حق القضية الفسطينية و مطأطئة بخجل رأسها عند الحديث عن تكون البرجوازية التبعية و هكذا، لتجتمع كل التواريخ المجحوفة و المتجَاهَلة ماضية في استذكار عظيم كل مرة ارتسم اليوم على شاكلة ذكرى "الهجوم على السماء" كما أسماها الرفيق ماركس.
يحتم علينا الترتيب الزمني للأحداث و استخلاص الدروس الذي أعتمدته جل النقاشات التاريخية، في كيفية التعامل مع التعاليم الماركسية و اشكالية الجمود العقائدي و الاقتباسات الجافة التي لا تنسجم و قراءة الشروط الموضوعية الراهنة للجماهير والمشهد السياسي العام، و قد علمنا الحراك الجماهيري بالمغرب و تونس و أيضا اسهامات الرفاق بلبنان و مسيرتهم الغنية الكفاحية كيف تم التضحية بحراك الجماهير و لجانها مران عدة و تنظيماتها تحت ذريعة "عدم نضج الشروط" و كيف تسعى الأحزاب المدعية للماركسية – بالمغرب مثلا- في كل مرة في أن تجهظ مخاض الثورة الوطنية الديمقراطية الشعبية باسم النظرية الثورية نفسها (انتفاضات المناطق المهمشة، الاتيان على حركة عشرين فبراير، التكالب على الحركة الطلابية و الخطوط الماركسية اللينينية العالة داخل اطارها باسم الماركسية و باسم اللينينية ... و هكذا) و الحال أن الكومونة تعلمنا من الدروس ما يكفي لنستعيظ عن تكرار الأخطاء و فهم و اتقان الصراع ضد التحريفية ضد الانتهازية ... ضد الانتباذية بالأساس.
لقد تنبأ ماركس بسقوط الكومونة و عدم صمودها لمدة كفاية في أيلول سبتمبر عام 1870 في رسالته الشهيرة التي وجهها باسم الأممية (1) أي قبل ستة أشهور من اعلان الكمونة و أقر في مقالاته المكتوبة بمنفاه في لندن بأن الطبقة العاملة بفرنسا لم تنضج شروطها بعد و لم تسطر برنامجها الواضح و تحتاج لتصفية ذاتها من كل شائب، و الحال أنه مع بداية الاضرابات و السخط العارم لدى عموم الباريسيين لم يكن لماركس سوى أن يدعم عموم الجموع ويقوم بما عليه من اسهام لانجاح قضيتهم متجاهلا توقعاته السالفة و راضخا لرغبة التاريخ، هنا بالضبط تشكلت المقارنة الشهيرة -و الظريفة في الواقع- التي تناولتها مقدمة الترجمة الروسية لرسائل ماركس الى كوغلمان، المقارنة بين موقف ماركس قبل الكومونة و في خضمها و بعدها، و موقف بليخانوف قبل ثورة 1905 و بعدها، و الذي –أي بليخانوف- كان يزين خطاباته و يشحذ همم البروليتارية الروسية بــ"ضرورة تعلم استخدام السلاح و التسلح" ليبدوا بمظهر الحازم و القوي اذ و بعد شهر واحد حين بدأت المعركة لم يحاول بليخانوف قط تحليل أهميتها و دورها في مجرى الأحداث العامة و صلتها بأشكال النضال التي سبقتها "انما أسرع يظهر نفسه بمظهر المثقف النادم قائلا: "لم يكن ينبغي حمل السلاح"، على غرار ماركس الذي حذر جموع العمال الفرنسيين قائلا "ان الانتفاضة ستكون ضربا من الجنون" فاضحا قبل ذلك الأوهام القومية الضيقة للبرجوازية الفرنسية، فمذا فعل ماركس اذا بعد قيام الكمونة و بعد سقوطها، هل تغنى و وبخ البروليتارية الفرنسية بأنه قد سبق و أن حذرها قبل ستة أشهر؟؟ (كما استغل بليخانوف أحداث كانون الأول-ديسمبر) هل استغل ماركس ذلك لـاذلال خصمومه من البرودونيين و البلانكيين الذين قادوا الكمونة؟؟ و هل أخذ يتذمر لقد قلت لكم ذلك لقد حذرتكم؟؟ و هل وجه خطابا كالذي وجهه بليخانوف "ما كان ينبغي حمل السلاح"؟؟ ... انها و ان بدت مقارنة بين شخصين أو فردين في التاريخ الا أنها مقارنة بين نسقين في الحقيقة، و تعلمنا كيف يتعامل المفكر و المناضل بالأساس بتواضع و حزم حركي بروليتاري نكاد معه في هذه المقارنة أن نلمس تعابر وجه رواد الانتهازية بالبلاد و بالحركات الجماهيرية و الطلابية لأنها مسألة نسقية بالضرورة، و قد كتب ماركس بدل ذلك الى كوغلمان رسالة "نكون سعداء لو علقناها في بيت كل رفيق... في بيت كل عامل يعرف القراءة" (2) اذ عندما رأى ماركس في أبريل 1871 حركة شعبية جماهيرية انما تتبع هذه الحركة بكل اهتمام و لهفةِ باحث و مفكر لفهمها و الالمام بها والخروج بما سيكون دروسا و قواعد مجربة تسجل خطوة الى الأمام تخطوها الحركة الثورية التاريخية العالمية.
لقد أغرق البرودونيون (أنصار الموتوالية) "تنظيم التبادل و الاعتماد"، و البلانكيون "لا اله و لا سيد" المنددون بنظرية الصراع الطبقي و فصل مصالح البروليتاريا عن مصالح الأمة، لقد أغرقوا الكومونة بالاتجاهات و النظريات الخاطئة، لكن الغريزة الثورية للطبقة العاملة جعلتها تشق طريقها رغم كل ذلك و تفرض نفسها بحسها الذاتي لنلخص أبرز منجزات الكومونة فيما يلي :
>الاجراءات السياسية للكمونة: - الغاء الجيش الدائم – جميع الموظفين يعينون بالانتخاب و القضاء على البيروقراطية – فصل الكنيسة عن الدولة – تقرير التعليم المجاني .
> الاجراءات الاقتصادية للكمونة: - منع العمل الليلي للخبازبن – منع الغرامات – تسجيل المصانع المتروكة و تسليمها الى جمعيات العمال و التعويض تقرره لجان الوساطة – لا مرتب أعلى من 6000 فرنك – وقف بيع الرهون – تأجيل دفع ايجار الشقق.
انها الماهية و الغريزة الثورية في ذات كل عامل و فلاح، الا أن النقص التنظيمي لهته الجموع سيكلفها الثمن الكبير و سيعطينا درسا يبين أهمية تنظيم جموع الفلاحين و العمال، و سيعتبر ماركس الخطأ الأساسي في تلك المرحلة هو عدم الهيجوم على البنك المركزي و تأمينه لمجالس العمال و أيضا عدم الهجوم الفوري على فرساي و الجيوش البادئة التكتل هناك، و بدل عن الشروع بمصادرة ملكية مغتصبي الملكية تم الانسياق وراء الأحلام باقامة عدالة سامية، زد عليه صفقة "تيير" مع "بيسمارك" و تخلف الجمهوريون البرجوازيون و البرجوازيون الصغار عنها بعد أن خاف بعضهم من طابع الحركة الثوري الاشتراكي البروليتاري و البعض الآخر عندما لاحت له الهزيمة بالاقتراب، لكن لا شيء يضاهي الموقف التاريخي و الذي سطر بوضوح أدبيات قضية تحرر المرأة الطبقية حين ناضلت نساء و ناضل أولاد في الثالثة عشرة من العمر الى جانب الرجال حين تسلحت كل النساء الباريسيات ليستعاظ عن جهاز الجيش و الشرطة حين كتب أحد المراقبين في جريدة الكمونة (3) "لو لم تتألف الأمة الفرنسية الا من النساء فأي أمة رهيبة تكون !" اذ لم تقف النساء مكتوفات الأيدي حين عمد البرجوازيون الى خيانة الجموع المحتجة و اعطاء الأمر باطلاق النار على أزواجهن العزل بل سيتقلدن الأسلحة، فبعد المعركة الدامية ضد الجيوش المرسلة من فيرساي سيكتب التاريخ حروفه بحمام الدم الذي صبغ باريس و الحركة العمالية الى الأبد بعد اتحاد جميع الملاكين العقاريين و رجال البورصة و الصناعيين و جميع المستثمرين مع حلفاء الأمس و المئة ألف جندي فرنسي المفرج عنهم من الأسر الألماني بفضل بيسمارك و ستكون المجزرة التي لم تعرف لها باريس مثلا من قبل موثقة بــ " قتل حوالي 30000 من البارسيين على يد الجنود الأجلاف المتوحشين، و اعتقال حوالي 45000 أعدم كثيرون منهم فيما بعد، و ارسال الآلاف الى الأشغال الشاقة أو نفيهم للاستيطان. و عل العموم فقدت باريس حوالي 100000 من أبنائها بمن فيهم أفضل العمال في جميع المهن."(4).
لقد أشار لنين في أحد مداخلاته القيمة (5) بأن خطأ الاشتراكيين المشؤوم هو السعي وراء الفكرة الوطنية الخاطئة و بأن النضال ضد الرجعية في عوم أوروبا الذي وحد الأمة الثورية كلها آن ذاك- أي وقت الكومونة- لم يكن ليبقي للبروليتاريا أن توحد مصالحها مع مصالح الطبقات الأخرى خاصة بباريس، درس آخر يسد أفواه الانتهازية و الناطقين باسم النظرية الثورية في بقاع البلدان الرأسمالية والتبعية، بغياب أي حل وسط لأن تقر البروليتاريا بقيادة العمال ديكتاتوريتها، أي دولة العمال و ليس كما يدعي مفتعلوا الشوشرة الغاء الدولة بين ليلة و ضحاها بل ان ديكتاتورية البروليتارية ستزيل بشكل تدريجي مفهوم الدولة أي "اضمحلال الدولة" و هنا يكمن جوهر كومونة باريس بوصفها نوعا خاصا من أنواع الدولة "وهذا الجوهر نسيه و شوهه السادة البليخانوفيون و الكاوتسكيون أي الذين يتأرجحون بين الكاوتسكية و الشوفينية" (6)، و هذا التأرجح بين الكاوتسكية و الشوفينية سيمتد لعقود و لقرون الى كافة مراحل التاريخ و الحركات التحررية الوطنية و سيلهي لسنوات جل التنظيمات الثورية عن مهامها الملحة و المستعجلة .. يا ويلي كأن لنين يجلس و ايانا بالمقاهي و يجالس عموم الرفاق حين قال معلقا بتعليقه الشهير على الكمونة و تجربة 1905 "لقد فعلت الانتهازية بالحركة الثورية ما لم تفعله الحكومات و التحالفات البرجوازية" و يضيف قائلا :
"يتيعين على البروليتاريا اذا شاءت أن تذود عن مكاسب الثورة الحالية و أن تمضي قدما، و تظفر بالسلام و الخبز و الحرية، - أن تحطم على حد قول ماركس، آلة الدولة الجاهزة و تستعيض عنها بآلة جديدة و تدمج البوليس و الجيش و البيروقراطية في الشعب المسلح عن بكرة أبيه. و في سياق السير في الطريق الذي دلت عليه تجربة كومونة باريس في عام 1871 و الثورة الروسية في عام 1905، لا بد للبروليتاريا من أن تنظم و تسلح جميع الفئات الفقيرة و المظلومة من السكان لكي تضع هذه الفئات أيديها بنفسها مباشرة على هيئات سلطة الدولة و تشكل بنفسها مؤسسات هذه السلطة" (7).
أحداث ووقائع تشرح و تبين كيف أن الحركة الماركسية اللينينية مكبولة عن المضي العاجل لمهامها و عموم الجموع من عمال و فلاحين و فقراء، فان كانت مرجعية الفزيائي لانتاج محلول ناجع هي المعادلات الرياضية المتنبئة بتفاعل العناصر الكيميائية، فان مرجعية الثوري هي المحطات التاريخية و التعاليم المتنبئة بحركة الطبقات و المجتمعات و تطورها، و التي تضحى فيها ممارسة الصراع اغناءا للرصيد النضالي و زيادة و تخلصا شيءا فشيءا من الشوائب النظرية و الادعاءات الافترائية من خلال الممارسة الحركية الميدانية، تماما ككومونة باريس التي أثبتت بأن البرجوازية ستقترف أي شيء لافناء عدوها أي البروليتاريا .. و بأن لا يجوز أبدا نسيان بأن النضال الطبقي غالبا ما يكون على شاكلة حروب لا هوادة فيها تحتم افناء العدو دون رحمة و لا شفقة لانتزاع المصانع و ارجاعها الى مالكيها الحقيقيين من عمال و مصادرة الأراضي و ارجاعها لمن يهتم بها من فلاحين.
لقد كانت كومونة باريس نتاج مخاض عفوي و لم يهيئها أحد بصورة واعية منظمة و منهاجية، لكن و رغم ذلك و باعتبار المراحل المتقدمة التي وصلتها ستعتبر كومونة باريس عيدا حقيقيا ليس للبروليتاريا الفرنسية و حسب بل للبروليتاريا العالمية ككل و ستكون أهم دعائم الثورة الروسية و بقية الثورات البروليتارية بالعالم، و ستكون السبب الرئيسي للتعديل الذي سيدخله ماركس و انجلز على البيان الشيوعي .. و ستكون كومونة باريس – كما وصفها ماركس – ثورة العمال المتحمسين لتحررهم و المستعدين للهجوم حتى على السماء، و سيكون قوة المحفل و المأثر مخترقا لمتاريس البرجوازية للتستر عليها و ستصبح قوتها مقترنة بالتشبيه الميثولوجي الذي بصمت به تاريخ الحركة العمالية الأممية بل تاريخ البشرية : انها ثورة الاستعداد للهجوم حتى على السماء.. ثورة الهجوم على السماء .
_____
المراجع المعتمدة :
(1)النداء الثاني من المجلس العام لجمعية الشغيلة العالمية حول الحرب الفرنسية البروسية – ماركس
(2)لنين – مقتطف من مقدمة الترجمة الروسية لرسائل ماركس الى كوغلمان.
(3)مؤلفات لنين المجلد 19 .
(4)"رابوتشيا غازيتا" (جريدة العمال)، العدد 4-5-15 28 نيسان أبريل 1911.
(5)تقرير للنين عنون بـ"دروس الكمونة" و كان عبارة عن مداخلة للرفيق في اجتماع جنيف احتفاءا بذكريات البروليتارية الثلاث (الذكرى 25 لوفاة ماركس، الذكرى 60 لثورة آذار 1848، و ذكرى الكمونة) 18 آذار .
(6)حول ازدواج السلطة – "البرافدا" العدد 27 أبريل 1917
(7)رسائل من بعيد – لنين في مجلة "الأممية الشيوعية" العدد 3-4 صدر لأول مرة في عام 1924.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. WSJ: لاتوجد مفاوضات بين حماس وإسرائيل في قطر حاليا بسبب غياب


.. إسرائيل تطلب أسلحة مخصصة للحروب البرية وسط حديث عن اقتراب عم




.. مصادر أميركية: هدف الهجوم الإسرائيلي على إيران كان قاعدة عسك


.. الاعتماد على تقنية الذكاء الاصطناعي لبث المنافسات الرياضية




.. قصف إسرائيلي يستهدف منزلا في مخيم البريج وسط قطاع غزة