الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
عازف المزمار و الاطفال (2)
الياس ديلمي
2016 / 3 / 18العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
و انا نائم بعد مشقة تفكيرية اتعبت راسي وجدت نفسي في ارض خضرة ذات سهول نضرة من تحتها انهار جارية ، تساءلت قائلا ( اين انا هل اعيش في نعيم الجنة ام هي الاعيب الشيطان كالعادة ؟ ) ..
فاخترت الاحتمال الثاني لأنني لم اجتز مسابقة البكالوريا الخاصة بالقبر و لا اتذكر ان اسمي موجود في قائمة الحاصلين على تأشيرة دخول الجنة ، فإذا بي اجد رجلا مهلهلا فلا هو متسول محرج و لا هو ساحر مهرج ، تقدمت منه عسى ان اجد اجوبة تشفي غليلي فقد كنت كثير النهم المعرفي اتطفل على كل مكان اشتم فيه رائحة اعمال العقل مثلي كمثل اشعب و بنان ، سألته ( يا سيد انا تائه ابحث عن بوصلة توجهني او حكيم يعلمني؟ ) ، فرد عليا قائلا ( ما انا عليك بسيد و ما انت لي بعبد ، تحرر من قيدك فعقلك بوصلتك و قلبك معلمك ) ، قلت ( علمني مما علمت بشرط ان لا اكون لك تابعا ) .
قال ( او انت خير من النبي موسى ؟ ) ، قلت ( هو فعل ذلك لكي اعتبر و اتدبر و افهم فها لي البشرى ) ، قال ( و هل انت حر؟ ) ، قلت ( ستجدني ان شاء الله وقت الكر و الفر ) ..
قال ( انك لن تعرف معي الصبر ، و كيف ذلك و لم يأتك الخبر؟ ) ، قلت ( اما الخبر فمقدور عليه و اما الصبر فهو مدعى عليه ) .
تم الاتفاق و سرنا حتى مررنا ببلدة خاوية على عروشها فقلت ( انى يحي هذه الله بعد موتها ) فإذ بي ارى الى جانب الجدران جحافل من الجرذان ، عندئذ قال الرجل ( انا احيي هذه القرية ) ، فقلت ( و هل انت هو الله حتى تدعي ما تدعيه ؟ ) ، قال ( اصبر حتى يأتيك الخبر ) ، فقلت ( قولك هذا سيؤدي بنا الى سقر ) ، قال ( اتبعني ) .. فتبعته و ما انا بمطمئن .
لما وصلنا وجدنا اناس خائفة ذاهلة فزعة تختبئ في بيوتها و كأن طائف ما سيطوف عليها ، فتقدم اليهم الرجل و كلمهم بكلام لم افهم منه إلا كلمة ( اشلبدش ) الالمانية و التي تعني ( احبك ) نظرا لمجتمعي الذي تزخر ثقافته بشتى انواع المصطلحات الاجنبية التي تخص الحب و العشق و المواعدة ..
فجأة اخرج الرجل شيئا ما من جيبه ، قلت متسائلا ( ما تلك بيمينك يا حكيم ؟ ) ، قال ( هو مزماري فيه اسرار كبرى ابعد بها ضجيج الشياطين و اؤنس بها اذان المحبين و اضمن بها طاعة المتبعين ) ، ثم انطلقنا حتى وصلنا الى هضبة فقال ( هذا ما كنا نبغ ) و قام بالعزف على المزمار بالحان ضاق صدري بها و كأننا في عالم الاموات الذي لا حياة فيها ، الحان حزينة و عزف بطئ لا يعجب السامع ، فإذا بأصوات غريبة و تحركات مريبة صعدت الصخرة فإذا بجحافل الجرذان تسير في ارتال مرتبة و بخطوات مسرعة ..
صرخت متسائلا ( ما هذا ؟ ) ، فرد عليا ( اصبر سيأتيك الخبر ) ..
الجرذان تسير و تقود بعضها البعض الى نهر عريض ، هل هي ذاهبة للشرب ام لفعل امر اخر ؟
لا ، بل هي تقفز و كأن لقفزتها محفز . . .
يا الله ما هذا ا لهذا الحد تفعل الموسيقى افاعيلها ..
بعد برهة من الزمن كل تلك الجحافل اختفت و عادت الحياة للبلدة و كأنها من جديد ارتوت ..
قال الحكيم ( اولم اقل لك اني سأحيي البلدة ؟ ) ، فقلت ( ان الله امات كل تلك الجرذان بعد ان غرقت فات بها من جديد فبهت الذي لا ادري أكفر أم من سنن الله يسخر ) ، فانطلقنا لحاكم البلدة و بعد جدال لم افهمه كعادتي يصحبه صراخ تم طردنا من البلدة بعد ان ابوا ان يضيفوننا فسألته يا حكيم ( اهذا جزاء سنمار فكم انا محتار؟ ) ، قال ( اصبر فستأتيك الاخبار ) ، قلت في نفسي ( تبا لمن يصاحب الاحبار ..وعود ثم وعود الى غاية اللحظة ان لم تبذل الجهود لن تأت الاخبار) ، فانطلقنا الى حيث يلعب الاطفال و الغلمان فاخرج الحكيم مزماره فقلت ( يا ويلي هل جن الرجل ؟ هل سيفعل بالأطفال كما فعل بالجرذان؟ ) .
شرع العازف في العزف و يا سبحان الله ... يا له من عزف كأن ملائكة النور تلقي بظلالها علينا او اننا نشم نسيم امواج الجنة ، اعادت الاحداث نفسها مع تغيير طفيف .. الاطفال تجري و تمرح و تتجمهر حول العازف ثم بدا بالسير و الجحافل كالعادة تتبع ، لم استطع لحاقهم من شدة الجوع الذي اضعف جسمي فاختفوا و معهم الحكيم في مغارة بابها صخري لم استطع له نقبا ..
و ايقنت ان ابليس ذاته من كنت بصحبته فلا انا استفدت من الرحلة و لا انا وجدت لبطني لقمة .
تمكن مني التعب و العطس فلا انا نعسان و لا انا جوعان ، استلقيت تحت شجرة فلم اشعر إلا بشخص ينادي انهض ، انهض .. انه الحكيم حاملا بيده رغيف خبز .
قال ( انهض و اشبع بطنك لكي تشبع فيما بعد عقلك ) ، قلت ( أبشر انت أم شبح ماذا فعلت بالغلمان و ماذنبهم حتى تقودهم الى مغارة ؟ ما هذه التصرفات؟ لو كنت اعلم ان رحلتنا ستكون على هذه الشاكلة لما صاحبتك ) ، قال ( سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا و لم تحط به خبرا ) ...
تبا ..
رجعت النفس للجسد بعد رحلة مجنونة فقد اشرقت الشمس و اتى المدد ..
انه مدد والدتي التي قامت بإيقاظي و بهذا ضاعت الرحلة و تبخر شخص الحكيم و انتهت الفسحة فلا انا تنبأت بالتأويل و لا انا فهمت سر المزمار ، و بدا يوم جديد لأفكر و أتفكر في ساعاته لعلي استرجع تفاصيل حلمي المسكين فلربما استعين بكتاب ابن سيرين او اتصل بقنوات تفسير الاحلام ..
يتبع ..
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. الشريعة والحياة في رمضان| سمات المنافقين.. ودورهم الهدّام من
.. كيف تحول متجر بجوار المسجد الحرام إلى قبلة لمحبي التراث المك
.. نور الدين - إزاي إبليس وسوس لآدم في الجنة ...فضيلة الشيخ علي
.. نور الدين - لماذا أخذنا الله بذنب سيدنا آدم وخرجنا كلنا من
.. مصر بلد الحكماء وليس بلد الأنبياء