الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نوروز وبداوة تفكيرنا

محسن لفته الجنابي
كاتب عراقي مستقل

(Mohsen Aljanaby)

2016 / 3 / 20
كتابات ساخرة


الصخب اليومي في العمل مهرجان يومي يتكرر , مليء بالقبلات والمجاملات وتتخلله أحياناً بعض الشتائم من المواطنين الكرام تنهال على رؤوسنا بأعتبارنا موظفين بالدولة تتطلب صبراً جميلاً أو تدخلاً للشرطة , وفي غمرة هذا المهرجان وردتني ثلاثة مكالمات شديدة اللهجة تؤكد على وجوب جلب (سمكة) للبيت وتحذر من العواقب الوخيمه في حال نسيانها فهي في هذا اليوم تكون مجلبه للرزق والصحة مع كثير من الـ(كلاوات) التي تضيفها الناس بحسب حاجتها أبتداءاً من تسهيل الحصول على مليار دينار وأنتهاءاً بالهجرة الى كندا , فإذا دمجنا الأدب المقارن مع تاريخ الأعياد نكتشف أن هذا اليوم هو (أم الحلس) الخاص بعيد نوروز اللذي صار أقرب الى مهرجان للأستعراض والأماني والهلس
فكرت بحل سريع لأتخلص من المأزق ولم أجد سوى أن أكلف زميلتان في العمل بتلك المهمة , والجميل أن الزميلتين رحبتا وكانتا على أهبة الأستعداد للمساعدة , فهن لايعملن شيئاً سوى التثاؤب وكش الذباب عن أنوفهن طوال وقت العمل فكانت فرصة لهن للتزويغ والذهاب بفسحه هانئة وهل هناك أجمل من قضاء الوقت بالـ (شوبنك) و(الفرران) على المحلات لقواريرنا !
وبعد ساعتان وكنت قد نسيت المسألة , عادت الزميلتان بخفين من البلاستك أبو الأصبع ولم تحصلا سوى على باقتين صفراوين من الكرفس .. السمك أختفى من الأسواق بمناسبة نوروز فجأة !
تسترسل أم هديل على طريقتها بالتهويل بأن الـ (سمجه بطول الأصبع) وصل سعرها ستة آلاف وخمسمائة دينار ليس بالأقساط بل نقداً , كانت تفتح فمها بزاوية مئة وسبعين درجة وهي تروي ماجرى وصرّحت وهي تعتذر (دخيلك ربّي يمكن الوادم تسودنت)..
صدقوا أنني اليوم فكرت أشتري سنارة (شص) وأذهب للـ (الشط) كي أصطاد بنفسي سمكة , وحين هممت أن أفعل تدخل القدر وأنجدني حين ألتقيت بأخٍ قريب كان يحمل أسماكاً جلبها من بحيرة نائية فأنقذني بواحدة , غمرني فرح مثل طفل يحصل على لعبة يلعب بها غيره , أخذتها كي يقطعوا رأسها ويعلقوه في واجه الـ (الحوش) , وبعدها يجهزون (صينية) فيها شموع وسبعة أشياء تحتوي على حرف السين , سمسمية , كرفس , خس , ملبّس , ساهون , سمبكسن , نستلة .. والأختيار بحسب الميول والأتجهات والرغبة
تلك الطقوس لم أركز عليها في تاريخ حياتي البالغ السرعة , فهي تشبه عيد زكريا و نذور خضر الياس وحكايات المقامات والطرائح والتكية , لكنني اليوم أراها تترسخ خصوصاً عند النساء في البلد , رغم أغلبها أتت من روايات شعبية أو حكايات خيالية , ربما لها جذور أوليس لها سند
ولمن يستغرب تلك التقاليد القديمة أو المستحدثة سأكتمه السر بسر آخر يؤمن به الناس عندنا , فالرياح (التي نراها اليوم تلك المشبعه بالغبار والعشوائية في مسيرها) تواكب على الدوام عيد نوروز , يقول الناس أنها تستمر لسبعة أيام وهي في الأصل أستجابة لدعاء أمرأة عجوز كان لها مجموعة من الإبل فات وقت تلقيحها بسبب أن المرأة كبيرة في السن (زهايمر وغيره)ولم تعرف الوقت حينها , فطلبت من ربها أن يعيد الوقت للوراء ويجعله في أجواء الشتاء كي تجلب الجمال للناقات وتحبل , فحقق الله حلمها , بعيداً عن علاقة فصيلة الأبل بالقطط لكني أؤمن بتلك الحكاية العابرة كما يؤمن أغلبكم
يقول زميلي أبو حيدر أن الناس في قديم الزمان كانوا يعيشون على الفطرة , ولذلك (يمكن) أن يستجاب دعائهم , أما أبو عادل فيقول : تلك الفرصة أنتهت فالناس هذه الأيام جعلوا الله أداة لتمشية أمور دنياهم فأغلق سمائه وتبرأ منهم , تكلمنا كثيراً بسبب الفاصوليا فهي رغم طعمها اللذيذ لكنها (تنفخ) , ورغم النفخ أقول : عيد نوروز سعيد وعسى أن يكون (قرد العام) نشيطاً وماهر في القفز ليقطف لنا ولكم المزيد من الموز ولكن أحذروا قشوره فهي تنزلق!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الحكي سوري- رحلة شاب من سجون سوريا إلى صالات السينما الفرنسي


.. تضارب بين الرواية الإيرانية والسردية الأمريكية بشأن الهجوم ع




.. تكريم إلهام شاهين في مهرجان هوليود للفيلم العربي


.. رسميًا.. طرح فيلم السرب فى دور العرض يوم 1 مايو المقبل




.. كل الزوايا - -شرق 12- فيلم مصري يشارك في مسابقة أسبوع المخرج