الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عازف المزمار و الاطفال (3)

الياس ديلمي

2016 / 3 / 22
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


و انا في المكتبة اتصفح الكتب زارتني تلك الخرافات الليلية التي رايتها في منامي(1) فقلت ( هي اضغاث احلام صبيانية او تلاعبات روتينية شيطانية فقد نسيت ان اتلو اية الكرسي تحصينا لنفسي ) ، فاستعذت بالله و استغفرته و قمت بإلقاء خمس لترات من البصاق على يساري ثلاث مرات لعلي اقوم بقصف الشياطين فتتركني و شاني ..
قلت لنفسي ( تلك الحكاية الغريبة التي من اجلها تساءلت و احترت و اضطربت ماذا لو بحثت في كتب التاريخ لعلي اتعمق في الفهم و يزول عني الوهم ) ..
ا هي حقيقة ام خرافة ؟
ا هي حكاية شعبية ام اسطورة رمزية ؟
وجدت ان كبار الشعراء و الادباء تغنوا بها و خاضوا فيها امثال ( غوته ) و ( روبرت براونغ ) ، وجدت انه في مدينة ( هاملن ) الالمانية و بالضبط في وسط المدينة يوجد منزل قديم يعود الى العصور الوسطى يدعى من طرف الناس ( منزل عازف المزمار ) و و كذلك وجدت انه في جوانب هذا المنزل كتابة منقوشة جاء فيها ( في 26 يونيو 1284 في يوم القديسين جون و بول 130 طفلا من اطفال هاملن خدعوا و اقتيدوا الى خارج المدينة على يد عازم مزمار يرتدي ملابس ملونة و بعد ان عبروا التلال في كوبربيرغ اختفوا الى الابد ) .
وجدت ايضا القصة مرسومة في زجاج نافذة كنيسة نقش في اسفلها ( 100 عام مضت على رحيل اطفالنا ) ، توجد ايضا مخطوطات المانية قديمة تذكر هذه الحادثة التي في الحكاية المعروفة .
فما الذي حصل ؟
ابعد هذا نقول انها خرافة و الحال اننا تقاطعنا مع عدة شواهد تاريخية تؤكد حقيقة ما حصل ، لكن هل يعقل ان مزمار يصدر الحانا يجعل الجرذان تلقي بنفسها في النهر و الاطفال تتبع دون وعي؟
القرائن و الشواهد تقول ان القصة وقعت حقيقة و لكن التفاصيل تقول انها حكاية شعبية طغت عليها الخرافة
بقي الاحتمال الاخير ..
هل نحن امام قصة حقيقية تم طمسها بعد صياغتها بطريقة رمزية للحفاظ على حقيقة تاريخية مأساوية ؟
بدأت اتصفح الكتب و الابحاث التي تخوض في هذا الموضوع عسى ان اجد قبسا من نور يدلني على انارة هذه الظلمات الغامضة (2) و ها انا اجد ان مضمون الحكاية يتمحور حول ستة نظريات كل واحدة منها كفيلة بإقناع عقل الباحث المتتبع لتفاصيلها .
النظرية 1 / المجاعة الكبرى
تقول النظرية انه بسبب المجاعة التي ابتليت بها اوروبا في القرن الرابع عشر اتلفت المحاصيل الزراعية و انخفاض مخزون الطعام ، لهذا فان بعض الباحثين يرون ان الاطفال تم نبذهم من طرف الاباء في الغابات بعد ان عجزوا على اطعامهم الى جانب تفشي ظاهرة اختطافهم لقتلهم و اكلهم من قبل اكلي لحوم البشر و مع مرور الايام و السنين تم طمس حقيقة تلك الاحداث المؤلمة و لم يتبق منها إلا حكايات شعبية تروى للصغار .
النظرية 2 / الطاعون الاسود
تقول النظرية ان الطاعون الذي وصل من الصين الى اوروبا بحلول عام 1350م قد حصد ملايين الارواح و بقيت هذه الماسي محفورة في الذاكرة .. فذهب بعض الباحثين المحللين الى ان قصة عازف المزمار ما هي الا قصة ذلك الوباء القاتل الذي ضرب المدينة فقد كانت تلك الجرذان رمزا للوسيلة و الطريقة التي بواسطتها تنقل المرض و انتشر بين السكان الى جانب ان العازف الذي زار البلدة فجأة يرمز للموت الذي يرقص طربا و فرحا على اهات السكان و مصائبهم .
النظرية 3 / حملة الاطفال الصليبية
يحاول الباحثون في هذه النظرية الربط بين ما جرى في القصة و بين حملات الاطفال الصليبية و هي حملات سلمية حركتها المشاعر الدينية و كان وراء هذا الحراك صبي الماني يدعى ( نيكولاس ) الذي زعم انه رأى السيد المسيح اثناء رعيه للأغنام و امره بالسير الى القدس ، فتحول الصبي من راعي اغنام الى قديس يعزف على اوتار الدين بخطبه الحماسية ، لهذا يرى المحللون ان قصة العازف ما هي الا تجسيد للفتى نيكولاس الذي استغبى عقول الاطفال و اخهم في سفر نحو المجهول فسرعان ما وقع الاطفال في ايدي القراصنة و بيعوا في اسواق النخاسة فلم يرجعوا الى اهاليهم .
النظرية 4 / الهجرة
تقول النظرية ان الاطفال هم مجموعة من المشردين و الايتام و غير الشرعيين الذين تم بيعهم كرقيق للتجار القادمين من البلقان .
النظرية 5 / العامل الاجرامي
تقول هذه النظرية ان العازف مريض بمرض الغلمانية ( الشذوذ الجنسي الذي يؤدي بصاحبه الى الميل الى اغتصاب الاطفال ) حيث استغل كونه مهرج يعزف لاستدراج الاطفال و اغتصابهم ثم قتلهم .
النظرية 6 / الصراع الديني
مضمون هذه النظرية و بشكل موجز هو ان بعض الباحثين يفترضون ان الاطفال المذكورين في القصة هم اطفال مسيحيين تم اختطافهم و اقتيادهم للغابة المجاورة للبلدة من اجل التضحية بهم للآلهة من طرف الوثنيين و ذلك بإلقائهم في النهر و سبب هذا كله الصراعات الدينية بين القبائل المسيحية و الوثنية الذي استمر حتى القرن الثاني عشر ميلادي .
حقيقة لم احس بالساعات و هي تمر علي و انا اسبح في هذا التناقضات التي زادت من الالام التي في راسي ، و كأن القصة اسطورة من اساطير الانوناكي السومرية فما شأني و شأن العازف ؟
لماذا اقوم باقتفاء اثر لم يبق منه إلا ما تعتمد عليه الجدات للاحتيال على الاحفاد من اجل مساعدتهم على النوم ، انا ذاهب الى المنزل لكي اتحايل على نفسي و انام نوما هنيئا عسى ان يريحني من الاعيب العازف و ينسيني لعب دور الباحث العارف .

يتبع ...
-----------------------------------------------------
1- ارجع للمقال السابق .
2- طالع هذه المصادر للمزيد .
* https://en.wikipedia.org/wiki/Pied_Piper_of_Hamelin
* http://www.indiana.edu/~librcsd/etext/piper/
* http://www.hameln.com/tourism/piedpiper/index.htm
* http://forteantimes.com/features/articles/3805/the_lost_children_of_hamelin.html
* http://www.vlib.us/medieval/lectures/black_death.html
* http://www.historylearningsite.co.uk/medieval-england/the-black-death-of-1348-to-1350/
* http://www.historyguide.org/ancient/children.html
*http://www.kabbos.com/index.php?darck=241
* http://www.webmd.com/mental-health/features/explaining-pedophilia








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عرب ويهود ينددون بتصدير الأسلحة لإسرائيل في مظاهرات بلندن


.. إيهود باراك: إرسال نتنياهو فريق تفاوض لمجرد الاستماع سيفشل ص




.. التهديد بالنووي.. إيران تلوح بمراجعة فتوى خامنئي وإسرائيل تح


.. مباشر من المسجد النبوى.. اللهم حقق امانينا في هذه الساعة




.. عادل نعمان:الأسئلة الدينية بالعصر الحالي محرجة وثاقبة ويجب ا