الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تاريخ المسرح في فلسطين

حسام أبو النصر

2016 / 3 / 24
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


المقدمة
عرف المسرح والتمثيل المسرحي في فترة متأخرة جداً من مرحلة النهضة ، حيث كانت هذه البداية المتأخرة عسيرة في فلسطين بالمقارنة مع غيرها من الأقاليم العربية، وذلك بسبب جملة العوامل التي كانت تتحكم في تطور ونهوض هذه الأقاليم في مختلف المجالات التعليمية والفكرية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية؛ والتي كانت استجابة تلقائية للسياسة التي كان يعتمدها الوجود التركي في هذه الأقاليم من جهة ، وكذلك بسبب الجهل والأمية التي كانت سائدة فيها كإحدى أبرز النتائج الصارخة لتلك السياسة التي أوهم الناس في ضوئها بأنه ما دام الحاكم في اسطنبول مسلماً فالدولة بكل رعاياها، على اختلاف قومياتهم هي دولة المسلمين ، فكان الحاكم من قومية أخرى ، حاول تتريك العربية بعد ان رضخت الأقاليم العربية تحت الحكم التركي أربعة قرون.
* المسرح قبل عام 1948
لا تشير المراجع إلى اية نصوص مسرحية فلسطينية قبل الحرب العالمية الاولى على الرغم من انها عرفت التمثيل المسرحي منذ مطالع القرن العشرين وربما قبل ذلك بمثير ولعل اول نص مسرحي كتب في فلسطين هو مسرحية نجدة العرب او مسرحية وفاء العرب وهما عملان كنبهما وفد لبناني امضى حياته في فلسطين هو نجيب نصار الذي وقف عمره على المقاومة الصهيونية والاستعمار البريطاني وراى المسرح اداة للمقاومة ولبعث الوعي القومي في نفوس النظارة ، ولكن الرائد الفعلي لحركة الادب المسرحي في فلسطين هو جميل البحري وقد اثر موته المبكر سنة 1930 في حركة المسرح الفلسطيني .
بدأ البحري ظهوره صحفيت في حيفا فانشأ فيها مجلة زهرة الجميل في 1/9/1921 ثم جريدة الزهرة في 1/5/1922 ويبدو انه لم يزاول التمثيل والكتابة المسرحية الا في عام اللاحق . وفي غضون السنوات السبع الاخيرة من حياته 1923 ـ 1930 كتب البحري اثنتي عشرة مسرحية هذه هي عناوينها نقلا عن محاضرة لنصري الجوزي القيت في دمشق عام 1981 :
1 ـ سبيل الشرف 1926 ، في السجن ، سقوط بغداد ، الوطن المحبوب 1923 ، الزهرة الحمراء ، ظلم الوالد ، الهجوم على بلجيكا ، الحقيقة المؤلمة ، الاختفاء الغريب ، الخائن 1924 ، قاتل اخيه ، سجين القصر 1927 .
اما عبد الرحمن ياغي فينسب إلى جميل البحري مسرحيات التالية :
سجين القصر ، قاتل اخيه ، في سبيل الشرف ، ابو مسلم الخرساني ، الخائن ، زهيرة ، وفاء العرب ، حصار طبرية ، الوفاء العربي ،
والاخيرة من هذه المسرحيات التسع ليست المسرحيات التي اثبت الجوزي نسبها الى بحري . ولعل الاختلاف بين الدارسين حول مال الف البحري راجع الى خلط بين المسرحيات التي الفها هذا الكاتب والمسرحيات التي تولى اخراجها او اشترك في تمثيلها .
ومهما يكن الامر فالمهم ان الرائد جميل البحري ان منجزاته نالت ترحيبا كثيرا من الجمهور ومثلت في كثير من الأقطار العربية الامر الذي من شانه ان يجعله رائد التأليف المسرحي ظلت في صعود ،ففي ابان ازدهار البحري في العشرينات اقدم على الكتابة للمسرح شاب اخر هو صليبا الجوزي شقيق نصري الذي يبدو انه استاذه في الوقت يوم ذاك بالإخلاص لحركة المسرح فلسطين . وقد كتب صليبا الجوزي مسرحيتين الاولى : لابد للحب ان ينتصر 1925 ، وهي صراع اخلاقي بين الحب والمال ينتصر فيها الحب على معوقاته والثانية : امي 1926 وهي مسرحية موضوعها كفاح ام من اجل انقاذ شرف اسرة .
ثم قيضت الايام وريثا لجميل البحري في حركة التاليف المسرحي الفلسطيني هو نصري الجوزي راس فرقة الجوزي للتمثيل والمسرح .
يثبت نصري الجوزي لائحة اعماله المسرحية على النحو التالي :
1 ـ صور من الماضي ، الطرق الثلاث ، عيد الام 1956 ، ذكاء القاضي ، العدل اساس الملك 1956 ، عيد الجلاء ، الشموع المحترقة 1936 ، الحق يعلو 1927 ، اشباح الاحرار ، حطمو الاصنام ، فلسطين لن ننساك ، فؤاد وليلى 1930 ، حفلة العشاء ، امة تطلب الحياة ، عشاق التماثيل ، بدنا ريديو ، تراث الاباء ،
بالاضافة الى ثلاثة كتب للطلبة سماها : سلسلة المسرحية للطلبة 1945 وغيرها من المسرحيات والفصول الاذاعية .
والرجل الثالث في اسرة الجوزي هو جميل شقيق صليبا ونصري . ويذكر نصري ان شقيقه جميلا الذي يصغره سنا كتب مجموعة السبحة وتمثيليات اخرى عام 1952 ، ثم اصدر عام 1978 مجموعة الزوجة الخرساء وتمثيليات اخرى مع مقدمة وافية عن نهضة التمثيل في فلسطين .
وقد ترجم الكثير من التمثيليات الاذاعية وبعده نصري الجوزي اصدق مرجع للمسرحيات والفصول التمثيلية التي مثلت محطة الاذاعة الفلسطينية ومحطة الشرق الادنى للاذاعة العربية االانجليزية من 1946 الى عام 1948
ويبدو ان رابع اسرة الجوزي فريدا لم يكن كاتبا مسرحيا بكل ما تعنيه الكلمة من معنى بل كاتب فصول تمثيلية صغيرة كتبت خصيصا للتمثيل الاذاعي .
وليست هناك معلومات كافية عن الكاتب المسرحي الفلسطيني الاب اسطفان جوزيف سالم المولود في الناصرة عام 1913 ويذكر الجوزي قائمة بعناوين مسرحياته وهي :
السجناء الاحرار اربعة فوصل ، غرام ميت ، قبلة المحبة فصلان ، صراع بين العلم والايمان ، صديق حتى الموت ، يوم الجيش ، دقت الساعة يا فلسطين ، الموسيقى خير علاج هزلية .
وياخذ الجوزي على هذا الكاتب المسرحي ان مسرحياته تخلو من العنصر النسوي الضروري لكل مسرح متقدم .
وباستثناء اسمي طوبي لا يجد الباحث مراة فلسطينية كتبت الادب المسرحي في مرحلة ما قبل النكبة . وقد ازدهر انتاج هذه الكاتبة المسرحي في المرحلة التي تمتد بين مطلع الحرب العالمية الثانية وسنة الكارثة . ويذكر بعض الباحثين ان ثلاثا من المسرحيات اسمي طوبي ربما كتبت ومثلت في فلسطين ولبنان بين سنتي 1925 و 1930 وان تلك الكاتبة الرائدة قد طبعت اولى مسرحياتها في عكا سمة 1925 ويذكر الجوزي اربع مسرحيات من نتاليف طوبي وهي :
نساء واسرار ، صبر وفرج ، اصل شجرة الميلاد ، مصرع قيصر روسيا
وتحسن الاشارة الى بعض الاعمال المسرحية قبل الانتقال الى طور جديد من اطوار المسرحية في فلسطين . فقد كتب برهان الدين العبوشي مسرحية وطن الشهيد من خمسة فصول . وهي تدعو الى توحيد العمل العربي في وجه الخطر الصهيوني . وكتب محمد حسن علاد الدين مسرحية شعرية في اربعة فصول مدارها حياة الشاعر امرىء القيس وموته . وكتب محمود محمد بكر هلال مسرحية عنوانها فلسطين . وكتب محي الدين الحاج عيسى الصفدي مسرحية عنوانها كليب ، في خمسة فصول نظمت شعرا ، ومدارها حرب البسوس بين كليب وجساس . وقبل الحرب العالمية الثانية كتب فؤاد الخطيب مسرحية شعرية حول فتح الاندلس نالت اعجاب الشاعر الكبير خليل مطران .
وقد وجدت في فلسطين حركات مسرحية مدرسية في الربع الاخير من القرن التاسع عشر ، اشتد ساعدها في اوائل القرن العشرين وخصوصا بعد الحرب العالمية الاولى .
نشطت في المدارس العربية الحركة المسرحية ، اذ كانت تقوم كل مدرسة بعرض مسرحية او اكثر في نهاية العام الدراسي ، او في مناسبات الاعياد الدينية والوطنية .
وفي الوقت الذي كانت مدارس الإرساليات تهتم بنقل ادب امتها والتعريف بمؤلفيها وتمثيل المسرحيات التي تتعلق بتاريخها وتراثها ، وامثال مسرحيات موليير وكورني وراسين وشكسبير ، كانت المدارس الوطنية تتجه نحو احياء التراث العربي والتاريخ العربي ، وتذكير الفلسطينيين بتاريخ امتهم . فقد ظهرت الى الوجود مسرحيات : جابر عثرات الكرام ، وجريح بيروت ، وعنترة العبسي ، صلاح الدين ، ومملكة اورشليم ، وطارق بن زياد ، وفتح الاندلس ، وغيرها .
وفي هذه الحقبة ، أي في العشرينات ، اضطلع اثنان من المثقفين الفلسطينيين بدور ملموس في نمو الحركة المسرحية الفلسطينية ذات الطابع الوطني القومي وهما خليل بيدس الذي اخرج بين عامي 1924 و1928 في الناصرة مسرحية السموال او وفاء العرب لانطون الجميل اما الثاني فهو الشيخ محمد صالح مؤسس مدرسة روضة المعارف الوطنية ، وقد مثلت مدرسته عدة مسرحيات اهمها مسرحية عبد الكريم الخطابي التي تندد بالاستعمار الاسباني في المغرب وذلك بين عامي 1927 و 1928 .
زارت الفرق المصرية المدن الفلسطينية . لاسيما القدس بين السنوات 1925 و 1932 لعرض مسرحياتها ، مما الهب الحماسة في قلوب الشبان الفلسطينيين الذين نشطوا واقبلوا على التمثيل .
وكانت الفرق المصرية ثلاثا : فرقة جورج الابيض ، وفرقة رمسيس ، وفرقة نجيب الريحاني . ولعل من ابرز الفرق التي تأسست في الثلاثينات فرقة نصري الجوزي ، وكان يديرها ويكتب فيها ويمثل فيها .
وقد قامت في حيفا عدة جمعيات ادبية تمثيلية منها : جمعية الشبيبة المسيحية التي كان يتراسها اديب جدع ، وفرقة الكرمل التمثيلية برئاسة الممثل اسكندر ايوب ، وقد مثلت راوية هملت لشكسبير ، وكانت من اقوى الفرق التمثيلية ، ووصلت الى مستوى جيد في الاخراج والتمثيل ، وكان الى جانب هاتين الجمعيتين فرقة جمعية الشبان المسلمين .
ووجدت في يافا فرقة الشبيبة الأرثوذكسية ، ونشط في بيت لحم نادي الشبيبة الأرثوذكسية وتأسس بين السنوات 1929 و 1948 اتحاد عكا وكان من اهدافه تمثيل مسرحية سنوية او كل ستة اشهر يخصص ريعها للمشاريع الخيرية .
اما القدس فقد قام نادي المنتدى الادبي سنة 1915 بتمثيل رواية صلاح الدين الايوبي لؤلفها فرح انطون ، وقد تم تمثيل هذه المسرحية في قهوة المعارف في باب الخليل ( القدس ) . وبعد ذلك قامت الفرقة بتمثيل مسرحية لصوص الغاب ، للكاتب الالماني نيتشه ، ثم اعيد تمثيل مسرحية صلاح الدين عام 1920 ، وقد مثلتها فرقة النادي العربي بالتعاون مع بعض الضباط العرب الاحرار .
اخذ الانجليز بعد احتلالهم فلسطين يحضرون فرقهم التمثيلية إلى فلسطين . وقد عرضت هذه الفرق بين عامي 1919 و 1922 مسرحيتي هملت وماكبث .
وبعد الحرب العالمية الاولى ظهر للوجود عدد من الجمعيات الادبية والفنية العربية منها : نادي الشبيبة الأرثوذكسية ونادي الشبان المسلمين ، وجمعية الفنون والتمثيل وفرقة النادي العربي .
ولما تأسست الإذاعة الفلسطينية 1/4/1936 واذا القسم العربي فيها الشاعر ابراهيم طوقان راح يخطط لتنمية حركة التمثيل داخل الإذاعة وتشجيع التأليف والاعتماد على التراث العربي جابهته مقاومة الصهيونيين والسلطات الحاكمة وبعض العرب ، ولكنه ثبت امام كل الصعوبات وشجع فرقة الجوزي ، اول فرقة اذاعية على المضي في تقديم المسرحيات التي تعالج المشكلات الاجتماعية ، وتتناول تاريخ بطولات العربية التي خاضها ابطالنا الميامين . ومن اشهر والفرق التمثيلية العربية ورئيسها موسى سالم سلامة ، وفرقة هواة التمثيل والموسيقى برئاسة شكري سعيد وحسين العفيفي ، وفريق هواة اذاعة القدس ، وجلهم من مذيعي الاذاعة الفلسطينية .
وبعد اربع سنوات من الكفاح اقيل ابراهيم من منصبه فتولى عجاج نويهض ، ادارة القسم فاهتم بتنشيط التمثيل الإذاعي ، وساعده في عمله عصبة من كبار الادباء والشعراء الفلسطينيين . وتولى قسم العربي بعده عزمي النشاشيبي فحذا حذو المديرين السابقين ، ونهج نهجهما في رفع مستوى الادب والفن والموسيقى والتمثيل .
ومن الذين ساهموا في المسرحية الإذاعية موسى سالم سلامة ، الذي ترجم عن الفرنسية بعد فصول لموليير وراسين وفكتور هيجو . وهناك شكري سعيد الذي شارك في التمثيل اولا ، ثم ساهم في تقديم الإذاعات بعدئذ ، وله مجموعة مطبوعة بعنوان القدس الشريف .
والمسرحيات الفلسطينية مسرحيات مؤلفة كانت تعالج المشكلات الاجتماعية والسياسية ، ومسرحيات مترجمة او مقتبسة بتصرف عن تلك اللغات ، ومسرحيات شعرية مؤلفة عالجت موضوعات تاريخية وطنية . ومن اوائل الذين ساهموا بتاليف المسرحية محمد عزة دروزة صاحب رواية ( وفود نعمان على كسرى انو شروان ) التي طبعت في بيروت سنة 1911 ، ثم حولت إلى مسرحية مثلها طلاب من مدرسة النجاح الوطنية في نابلس عندما تولى ادارتها في مطلع العشرينات .
والملاحظ ان حركة المسرح الفلسطيني قبل النكبة كانت تدور حول ثلاثة محاور اساسية : المحور القومي العربي المستند الى تراث في مواجة الغزاة الدخلاء بالاصالة , والمحور الوطني الداعي الى وحدة الصف ومقاومة الانتداب البريطاني والاستيطان الصهيوني . ومحور الاجتماعي الرامي الى النهضة الاجتماعية تدفع بالشعب الفلسطيني على دورب التطور والتقدم . ويذكر ان عدد الفرق المسرحية قبل العام 1948 كان ينوف على ثلاثين فرقة في القدس وحدها
* المسرح بعد عام 1948
وبعد النكبة كان الشعر هو اللون الوحيد القادر على الاستمرار من دون ألوان الأدب الاخرى ، لا لان اللغة العربية بطبعها شاعرية وحسب بل لان الشعر لا يحتاج الى تمثيل كالمسرح ، ولا إلى نشر مطبوع كالرواية والقصة . وهكذا اخذ شعر الفلسطينيين يزدهر منذ الخمسينات وتلته القصة في حين راح الادب المسرحي يغط في النوم الطويل .
ولعل في ميسور المراقب ان يلاحظ ان روحا حيا قد اخذ يدب في عروق ابناء الشعب الفلسطيني منذ اواخر الخمسينات واتضح فورانه في اواسط الستينات . ومما هو الجدير بالملاحظة حقا ان النمو الحركة الثقافية بين صفوف الفلسطينيين قد سبق التصادم الجديد مع العدو الصهيوني سنة 1965 فمهد لهذا الصدام وهيأ له أصالته وجديته .
ومن رواد الأدب النثري المقاوم في هذه المرحلة غسان كنفاني ولكنه لم يترك في المسرح سوى ثلاث مسرحيات احتلت المجلد الثالث من اثاره الكاملة مصدرة بمقدمة للناقد جبرا ابراهيم جبرا أشار فيها إلى وجود مسرحيات اخرى كتبها غسان كنفاني دون ان يكملها .
كتب غسان مسرحية جسر إلى الأبد وهي ليست مسرحية بالمعنى المصطلح عليه بل مسلسلة كتبت لتذاع في حلقات من احدى المحطات الاذاعية العربية . ولكنها لم تذع ولم تنشر في حياة المؤلف والمسرحيتان الاخريان هما : الباب 1964 والقبعة والنبي 1967 .
يبدأ مع الباب مسرح فلسطيني ذو قسمات إنسانية كونية . فالموضوع المحوري للمسرحية هو هيمنة الانسان علة مصيره ونزوعه الى امتلاك المطلق . ومع ان القضية الفلسطينية لا حضور لها في المسرحية فان الهم الفلسطيني ، هم المجابهة والصمود وحيازة الكرامة هو ما يربض في مطاوي هذه المسرحية .
ولمسرحية القبعة والنبي الجوهر نفسه وان اختلف الشكل الدرامي اختلافا بينا . فبينما كان الشكل في الباب تقليديا اصبح في القبعة والنبي متأثرا بالطراز المسرحي المعاصر فاعتمدت المسرحية على اللغة والحوار ، الأمر الذي جعلها اقرب إلى الشعر منها إلى المسرح .
بعد ظهور " الباب " التي ابتدأ معها تحرك جديد للمسرح الفلسطيني اخذ بعض المسرحين من أبناء فلسطين يكتبون اعمالا تلفت نظر المؤرخ للمسرح دون الناقد الدرامي . فقبيل الخامس من حزيران 1967 مثلت جمعية المسرح العربي الفلسطيني التي تأسست عام 1966 مسرحيتين اولاهما شعب لن يموت التي كتبها رجل يسمى فتى الثورة واخرجها صبري سندس وثانيتهما الطريق التي كتبها واخرجها نصر الدين شما . وفيما بعد انتجت الجمعية عدة مسرحيات منها : الكرسي التي كتبها معين بسيسو واخرجها خليل طافش ، والزيارة وهي من اعداد ممدوح عدوان واخراج حسن عويني ، ومسرحية اميل حبيبي لكع بن لكع من اخراج وليد قوتلي .
وقد رافق عرام الثورة الفلسطينية اثر حرب 1967 نهوض ملموس في الادب المقاوم من ناحية الكم على الاقل . وهكذا كثر الذين كتبوا للمسرح في السنوات العشر الاخيرة . ولعل اول اسم يستحق الذكر الشاعر سميح القاسم . فقد كتب عام 1969 اولى مسرحياته الشعرية " قرقاش " رمز المؤسسة العسكرية الإسرائيلية وكتب عام 1973 مسرحية الابن وتمتاز هذه المسرحيات بمضمون وطني ولكنها لا ترقى الى المستوى المسرحي المرجو .
وكتب الشاعر معين بسيسو مسرحيتين وربما اكثر عنوان الأولى ثورة الزنج وعنوان الثانية شمشون ودليلة وتتبعثر المسرحية الأولى بين عدة موضوعات : زنج البصرة ، والهنود الحمر ، والثورة الفلسطينية . والغرض من ذلك الايحاء بالصلات الكونية بينها .
اما الشاعر الثالث الذي كتب للمسرح فهو هارون هاشم رشيد . وقد نشر مسرحية شعرية عنوانها السؤال تسودها اللهجة الخطابية السردية .
وفي عام 1975 مثلث في مهرجان المسرح العربي مسرحية نثرية للكاتب الفلسطيني رشاد ابو شاور. وليس في الضفة الغربية نشاط كبير في التأليف المسرحي في حين ان عدد الفرق المسرحية يجاوز العشرين وهذه القائمة بأسماء بعض المسرحيات التي مثلت خلال السبعينات في الضفة الغربية :
1 ـ قطعة حياة ، العتمة ، ثوب الامبراطور ، نشرة احوال الجو ، تعال نخرفك يا صاحبي ، ترباتك يا عمي ، الحق الحق ، الانتظار ، عمارة من ورق ، بير المية ، لما انجنينا ، مهما صار ، لمن نصفق ، الطاعون ، سؤء تفاهم .
ولا تشير المراجع الى اسم أي مؤلف من هذه المسرحيات باستثناء مسرحية الحق الحق التي كتبها ابراهيم جبيل .
وتجدر الاشارة هنا الى عدد من المسرحيات يمكن ان تؤخد عينات لادب المقاوم كتبه مسرحيون ليسوا فلسطينيون :
1 ـ غصن الزيتون لافرد فرج مصر 1970 ، زهرة من دم لسهيل ادريس لبنان 1968 ، حفلة سمر من اجل خمسة حزيران لسعد الله ونوس سوريا 1972 ، الفلسطينيات لعلي عقلة عرسان سوريا 1970 ، الغرباء لعلي عقلة عرسان 1974 ، عراضة الخصوم لعلي عقلة عرسان سوريا 1978 ، قراءات على شهادات مقبرة قاسم ، لجان الكسان سوريا 1973 .
ويبدو مما ذكر ان حركة المسرح الفلسطينية لم تبلغ أقصى مداها المأمول فقد عجز الكتاب والمؤلفون الفلسطينيون عن نقل المأساة الفلسطينية على خشبة المسرح نقلا تراجيديا صحيحا على الرغم من ان مأساة الشعب الفلسطيني اتخذت كواقعة تاريخية بعدا عالميا .
* كتاب المسرح
ومن رواد كتابة المسرحية نجيب نصار صاحب جريدة الكرمل ، التي تصدر في مدينة حيفا . وقد كتب مسرحية شمم العرب 1914 وهي مسرحية في اربعة فصول . وله مسرحية ثانية هي وفاء العرب كتبها سنة 1929 . وكان يهدف من وراء كتابة المسرحيتن الى تعريف بني قومه بمآثر الآباء والأجداد ، وتصوير عادات العرب وتقاليدهم .
وفي اوائل العشرينات قام جميل البحري بتاليف المسرحيات التالية : قاتل اخيه 1919 ، سجين القصر 1920 ، بنكرتون واللص الظريف 1922 ، والوطن المحبوب 1923 ، حصر طبرية 1924 ، الخائن 1924 في سبيل الشرف 1926 ، وفاء العرب ، الاختفاء الغريب ، الزهرة الحمراء ، ظلم الوالد . وبعض هذه المسرحيات مؤلف و بعضها مترجم او مقتبس بتصرف عن الافرنسية .وجميع هذه المسرحيات المطبوعة تخلو من العنصر النسائي ، ويبرر المؤلف ذلك بقوله ان روايات الغرام ، مهما كانت نبيلة شريفة ، لا تصلح لان تمثل على مسارح المدارس ، فضلا عن انه يصعب ايجاد من يوقوم بتمثيل الادوار النسائية بين الشبان .
والف بندلي صليبا الجوزي عددا من المسرحيات بين السنوات 1915و 1925 ثم راح يكتب للمسرح فوصلا تمثيلية تعالج مشكلات المج0تمع الفلسطيني ، وتدعو الى الاقبال على العلم . ومن بين المسرحيات التي الفها مسرحية لاب.د للحب ان ينتصر ، وهي اوبريت في ثلاثة فصول تمثل الصراع بين الحب ان ينتصر وهي امي التي مثلتها وغنت ادوارها وسيدات وانسات نادي الشبات الأرثوذكسيات .
اما جميل الجوزي فقد اختص بالترجمة عن اللغة الانكليزية ، كما ساهم في تمثيل والاخراج . وقد ترجم ما يربو على الخمسين مسرحية اذاعية ، وله مجموعتان مطبوعتان هما " السبحة وتمثيليات المترجمة بين 1936 و 1948 .
وفي عام 1934 قام المدرسان شفيق ترزي ووديع ترزي بتاليف مسرحية " في سبيلك يا وطن " طبعت في المطبعة العصرية في القدس الشريف ، وقد لاقت نجاحا مرموقا .
ومن الذين ساهموا في نشر التمثيل المسرحي الارشمنديت استيفان جوزيف سالم ، وهو من مواليد الناصرة وكان يعلم اللغة العربية في بيت لحم والقدس . وله عدة مسرحيات مدرسية هي : السجناء الاحرار ، وغرام ميت ، وقبلة المحبة ، وصراع بين العلم والايمان ، وصديق حتى الموت ، ويوم الجيش ، ودقت الساعة يا فلسطين ، والموسيقى خير علاج .
* تأثير الثقافة والتعليم على المسرح
لم يتمكن المسرح في فلسطين من النهوض كفن تمثيلي بارز ، بسبب عدم توفر الإمكانيات المادية من جهة ، وضالة الجمهور من جهة اخرى ، وهذا إلى جانب أسباب اخرى وجبهة أدت الى تقلص هذا اللون من الفن ، وفي طليعة هذه الأسباب ، سبب ثقافي يعود الى الجهل والأمية المتفشية بسبب الاستعمارين العثماني ثم الأوربي الذين لم يشجعا العلم . فلو عدنا إلى اواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين لوجدنا ان المدارس الرسمية التي تشرف عليها الدولة العثمانية كانت في حال من الفوضى والإهمال وعدم العناية .
كان حل الثقافة والتعليم في فلسطين في الربع الاول من القرن العشرين سيئا فكيف لنا ان نطمح إلى الكثير من التقدم الأدبي في هذه الفترة ؟ واذا كان الفلسطيني في مواجهة سياسية ساخنة تحولت في كثير من الأحيان إلى مواجهات ثورية مسلحة ساخنة تحولت في كثير من الأحيان الى مواجهات ثورية مسلحة قبل وعد بلفور سنة 1917 وبعده ، خاصة في انتفاضات ثورية متعددة سنة 1919 وسنة 1929 وسنة 1936 وسنة 1947 وغيرها . ونعني اذا كان الفلسطيني في مواجهة قتالية شبه دائمة في النصف الاول من القرن العشرين فكيف له ان يتفرغ للمسرح وكتابة الروايات المسرحية ، والمسرح يحتاج الى هدوء والامن والسلام ، الى جان الثقافة العميقة الواسعة ، والحضارة والرخاء . هذا الى جان الوضع الاقتصادي السيء الذي كان يعيشه الفلسطيني . فالفقر المستشري دفع بهذا الإنسان إلى البحث عن ضروريات الحياة ، وعن لقمة العيش لابد منها لمتابعة المسيرة ومواجهة الظلم ، فليس من المعقول ان يكون الإنسان محتاجا وجائعا ويفكر في متع كمالية كالمسرح وغيره من وسائل الترفيه الثقافي .
في الوقت الذي كانت فيه حركة المسرح العربي تتلمس طريقها ، وبخاصة في مصر وسوريا ولبنان في النصف الثاني من القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين ، كان كتابنا ومثقفونا في فلسطين يحاولون مع بداية هذا القرن ، بناء عمل مسرحي في حدود إمكانيتهم . الا ان الظروف المعوقة التي اعترضت سبيل المثقفين الفلسطينيين ، وقد ذكرنا بعضها حالت الى حد بعيد دون نجاح أدبائنا في بنا المسرح ادبي فني جيد .
غير انه لابد من الإشارة هنا الى الحركة التمثيلية التي نشطت في معظم المدن الفلسطينية وبلداتها ، مع انه لم يكن في فلسطين فرق تمثيل بالمعنى المتعارف عليه ، ولكن الاندية كان لها لجان تمثيلية من الشباب الهواة يقومون بتمثيل بعض المسرحيات في مدارسهم . اما مكان العرض فكان المدرسة او النادي او المقهى او احدى دور السينما .
والروايات التي مثلت كانت اما مترجمة او عربية تاريخية ، وكان الاخراج يحظى باهتمام كبير ، كما ان اللغة العربية كانت تنال عناية خاصة لإيمانهم ان اللغة الصحيحة تزيد قوة الرواية في روعة التمثيل ( فلسطين 16/4/1929 ) . وما ينشر عن المسرح والمسرحيات في الصحف كان اما للمدح او الذم والتعليق على مدى اتقان الممثلين ادوارهم ... ولم يكن هناك نقد فني فيما يتعلق بالنص ...
وكانت الفرق التمثيلية العربية الأجنبية تزور فلسطين لاحياء بعض الحفلات ، منها الاجواق الثلاثة ( جورج ابيض والشيخ سلامة موسى وعبد اله عكاشة ) ( فلسطين 13/4/1913 ) وفرقة رمسيس ( مثلث روايات كرسي الاعتراف ، والعرش ، وغادة الكاميليا والمجنون وراسبتين والاستبعاد ) ( فلسطين 30/4/1929 ) ، وفرقة فاطمة رشدي رواية المائدة الخضراء ، ورواية عبد الحميد ، ورواية الحب ) ( فلسطين 18/7/1929 ) ، فرقة نجيب الريحاني ( قدمت ليلة في بغداد ، وياسمينة ، وليلة حظ ) ( فلسطين 16/7/1913 ) .
وقد مثلث فرقة مسرحية المانية رواية ليخشنشتين ، وهي رواية تاريخية المانية غرامية ( فلسطين 8/7/1913 ) ، كما قدم الجوق الفرنساوي التمثيلي ثلاث روايات عصرية تاريخية ( لويس الحادي عشر ، اديب الملك وغانية الاندلس ، وراوية نابليون وجنحة الغوارية ) وكان ربيع الحفلات يصرف في الغالب على المشاريع الخيرية .
وما بين ايدينا من روايات تمثيلية جميعها تقع في مجال الرواية التمثيلية المعربة المقتبسة . وبعضها اتخذ منحى المسرح المدرسي ، وهو لا يرتقي الى المستوى الفني الذي نطمح له . وهناك اسماء لمسرحيات ذكرت في ثنايا الكتب الادبية والفهارس ولكننا لم نتمكن من العثور عليها على الرغم مما بذلناه من جهد والأغلب على ما نظن ان هذه المسرحيات قد ضاعت وأتلفت مع النكبة عام 1948 م . وهناك جهود متواضعة لانتاج بعض كتابنا في هذا المجال فهو جهد جيد قيم اذا قيس بالظروف التي اكتنفت ظهوره ، وهو بالتالي ارهاصات لا يستهان بها لبناء مسرح فني جيد .
كتابنا الذين اهتموا بالرواية التمثيلية او المسرحية هم : نصري الجوزي وجميل الجوزي وبرهان الدين العبوشي ومحي الدين الحاج عيسى الصفدي ، ومؤيد ابراهيم ايراني ، والاب اسطفان يوسف ، ومحمود سيف الدين الايراني وعبد الحميد الانشاصي ، وانور عمرو عرفات وجميل البحري .
والشاعر برهان الدين العبوشي ساهم في وضع عدد من المسرحيات الشعرية ومنها قبل عام 1948 : وطن الشهيد طبعت سنة 1947 . اما بعد النكبة فله : شبح الاندلس مسرحية شعرية طبعت سنة 1948 ، عرب القادسية ( مسرحية شعرية طبعت سنة 1951 ) . وله مسرحية شعرية رابعة بعنوان الفداء طبعت سنة 1965
وللشاعر مؤيد ابراهيم ايراني مسرحية بعنوان مجنون ليلى ، اعتنى ايراني بنظم الشعر وكرس مجهوده في هذا المجال ونشر ديوانا بعنوان الدموع طبع في حيفا سنة 1931 .
والشاعر الكاتب محي الدين الحاج الصفدي نظن المسرحية الشعرية وله مسرحيتان الأولى مصرع كليب وهي مسرحية شعرية طبعت في القاهرة سنة 1947 والثانية بعنوان اسرة الشهيد وهي مسرحية شعرية تصور لونا من الوان الثار الفلسطيني .
وللاب اسطفان يوسف مسرحيات ذكرها يعقوب العودات في كتابه من اعلام الفكر والادب بدون ان يذكر تاريخ كتابتها او نشرها بحيث ان ترك مجالا للشك والتخمين في هل الفت او ترجمت قبل عام 1948 او بعده ، ولكن تاريخ ولادة الكاتب سنة 1913 في مدينة الناصرة تجعلنا نظن ان بعض هذه المسرحيات قد كتب قبل عام 1948 . وهذه المسرحيات : ابليس المجرب مجرب تمثيلية نقدية مترجمة عن الكاتب الايطالي بابيني ) ، السجناء الأحرار مسرحية ، غرام ميت .
* المسرح بعد عام 1967
جائت هزيمة 1967 هزة في مفاصل الوعي العربي ، وشملت المواجهة الفلسطينية للاحتلال الصهيوني في كل نواحي الحياة الاجتماعية والاقتصادي والأدبية والفنية . وكان المسرح بالطبع ، احدى الساحات التي شملها النضال الفلسطيني ، فهو اكثر الادوات الثقافية جماهيرية وأقربها الى نفس وأشدها التصاقا بقضايا الناس ومشاكلهم .
بدأت المحاولات المسرحية الاولى في الضفة الغربية تتلمس دربها قبل الاحتلال الاسرائيلي . فقد أسس المخرج طارق مصاروة فرقة مسرحية لم تعمر طويلا ، مع انها قدمت عروض . وكان لبلديتي البيرة ورام الله دور في المساهمة في الحركة المسرحية من خلال المهرجانات الصيفية التي كانت تقام في هاتين المدينتين ، اذ كان يتخلل المهرجانات الصيفية التي كانت تقام في هاتين المدينتين ، اذ كان يتخلل هذه المهرجانات بعد اللقطات المسرحية التي لم تتطور الى اعمال مسرحية متكاملة . لان الاهتمام كان منصبا في هذه المهرجانات علة الاوبريت الغنائية والرقصات الشعبية .
أضف إلى ذلك الأعمال المسرحية التي قدمها الهواة في المعاهد والكليات والجامعات في فلسطين . وفي منتصف الستينات بدأت تنشا فرق مسرحية محترفة : المسرح الشعبي ( الناصرة 1964 ) المسرح الحديث ( الناصرة 1965 ) المسرح الناهض ( حيفا1967 ) . وقد اقتصرت هذه الفترة على نصوص مكتوبة ومستوردة ما عدا بعض النصوص المحلية لسميح القاسم وسليم خوري وتوفيق فياض وادمون شحادة ، واميل توما ، وقد غلب على معظمها طابع النص الادبي المدون ، ونادرا ما خرج مسرحيا امام الجماهير .
وبعد عام 1967 اتسمت الحركة المسرحية بالنضج الى حد ان اصبحت ابرز ظاهرة فنية في الأراضي المحتلة ، لا يجاريها أي فن من الفنون الأخرى في استقطاب الجماهير والتأثير عليها .
وفي اواخر عام 1970 تكونت في رام الله فرقة مسرحية صغيرة من الهواة هي عائلة المسرح التي بدأت تتدرب على مسرحية قراقاش للشاعر الفلسطيني سميح القاسم . الا ان سلطات الاحتلال الصهيوني حالت دون تقديم هذه المسرحية فاتجهت الفرقة الى تنظيم امسيات تقرا فيها قصائد للشاعر التركي ناظم حكمت وغيره من الشعراء الثورين ، مصحوبة بالموسيقى والحركات التعبيرية .
وفي هذه الأثناء عاد إلى القدس المخرج المسرحي الفلسطيني فرانسوا ابو سالم بعد ان درس الإخراج المسرحي في باريس وفي نيته انتاج فيلم سينمائي عن القضية الفلسطينية . ولكن التكاليف المادية منعته من اداء مهمته فاتجه الى المسرح وساعده بعض الشباب الفلسطيني المهتم بالعمل الفني في القدس طامحين في تاسيس فرقة مسرحية . وتم التنسيق بين عائلة المسرح في رام الله وفرانسوا ابو سالم وصحبه في القدس وجرى اتفاق على تاسيس فرقة بلالين اول فرقة للمسرح الثوري في الارض المحتلة . وفي البدء تالف فرقة البلالين من عدة اشخاص هم : فرانسوا ابو سالم ، سامح العبوشي ، هاني ابو شنب ، علي حجاوي ، ناديا ميخائيل ، حسام التميمي ، ماجد الماني ، اميل عشراوي ، مايكل قسيس ، فيرا تيماري ، ثم انضم اليهم فيما بعد مصطفى الكرد وسميرة عشراوي وامل تلحمي ، وكان لطبيب الفرنسي المستوطن في القدس فرانسوا غاسبار دور طليعي في تأسيس فرقة البلالين .
وتؤمن فرقة البلالين بالعمل الجماعي المشترك طريقا للتطوير المسرح الفلسطيني بناء على الاسس التالية :
1 ـ مخاطبة الناس باللهجة العامية
2 ـ خلق لون مميز للمسرح الفلسطيني يعمل على خلق انطباع جديد لدى الناس .
3 ـ ايجاد نواة لمسرح متنقل يعمل في المدن والقرى على السواء .
4 ـ ايجاد مسرح المقهى
ويتعرض العاملون في المسرح في الارض المحتلة لحصار وقمع فكري من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلية وليس صدفة الا يتميز الكثير من الاعمال المسرحية بطابع سياسي .
والمشكلة الرئيسة التي واجهت الفرق المسرحية هي عدم الاستمرار والديمومة ، لا بسبب تقصير العاملين بالمسرح وانما بسبب واقع الاحتلال نفسه المعوق الرئيس للعمل باستخدام أساليب كثير تتدرج من المحاصرة الى الاعتقال والابعاد ، فضلا عن منع تقديم أي نشاط دون اذن خطي من الحاكم العسكري ، وعلى سبيل المثال قدمت فرقة نجوم مسرحية التي تأسست عام 1970 في رام الله طلبا للحاكم العسكري للترخيص لها بعرض مسرحية فكاهية مقتبسة عن موليير طبيب على الرغم منه وانتظرت الفرقة سنة كاملة حتى حصلت على هذا الترخيص فقامت بعرض المسرحية على مسرح المدرسة الفرندز وعلى مسرح دار المعلمات وعلى جمهور من سكان القرى المجاورة كانوا يتوافدون يوميا ويجلسون على ارض منتزه البيرة لمشاهدتها . وتألفت فرقة نجوم النجوم من حاتم الدجاني وسهيل الشوا وسفيان الشوا وعوني مسعود وحامد الحيات وليلى خلف وسمية الشوا ونبيل العبيدي وفيكتور لاما وفرح سهيل .
ولقد شهد العقدان الأخيران حركة نشوء فرق مسرحية حادة بدات تتلمس دربها للبحث عن شكل مميز وجديد للمسرح الفلسطيني ، منها : دبابيس وصندوق العجب ، والفرافير والمسرح الفلسطيني والفنون المسرحية والكشكول ، والامل الشعبي ، وبلاـ لين انشقت عن بلالين والحكواتي ، والمسرح الجوال والنجوم ومجموعة انصار المسرح الحر ، والمسرح الحر والمسرح البلدي ، ومسرح البلد ومسرح بيت الصداقة ، والمسرحي الشعبي الجوال ، وفتافيت السكر والغربال ، ومسرح الكروم والمسرح البلدي مجد كروم ، وصابرين ، والمسرح التجريبي و30 اذار .
وتميزت بعض هذه الفرق بخوضها تجربة جديدة لايجاد اطار خاص تصب فيه طاقات ابداعها ، الا ان سلطات الاحتلال كانت دائما تلاحق وتراقب . وتعرضت الفرق المسرحية لنوعين من الضغوط الرقابية ، فالفرق المقدسية وفرق داخل الخط الاخضر ، كانت مضطرة ان تقدم مسرحيتها في فترة لاحقة الى مجلس الرقابة عل الافلام والمسرح بينما كانت باقي الفرق في الضفة الغربية وقطاع غزة خاضعة مباشرة لمراقبة الحاكم العسكري . وقد توقفت عروض مسرحية منها ( لما انجنينا ) العمل المسرحي الوحيد لفرقة صندوق العجب بعد اعتقال مصطفى الكرد احد اعضائها مع العلم ان الفرقة استطاعت ان تجد ممثلا اخر يحل مكانه فاستمرت لفترة قصيرة في عرضها ، وجاءت المسرحية لما انجنينا دمجا لمفاهيم فرقتي بلالين ودبابيس في العمل المسرحي . فهي تطرح مسائل وقضايا اجتماعية وسياسية في قالب شعبي ولغة عامية وخصائصها الشعبية في امثلتها في حكمها واستعاراتها ، واوقفت مسرحية السلام المفقود لفرقة مسرح البلد ، بعد عرضها الثالث واستدعي اعضاءها للتحقيق بعد كل عرض . ومن جملة المسرحيات التي منع عرضها : مسرحية انا راجع يما لمسرح اذار ، ومسرحية رجال في الشمس لمسرح بيت الصداقة في الناصرة ، ومسرحية المستنقع لمسرح المركز الثقافي البلدي في الناصرة ، ومسرحية كان الموت ونحن على الميعاد لمسرح ابناء شفا عمرو . ومنعت الشرطة بشكل مباشر فظ عرض مسرحيتين كان مفروض ان تعرضا في مهرجان المسرح العربي الاول في فلسطين المحتلة ، وهددت عدد من المشاركين في المسرحيتين بالاعتقال ومداهمة القاعة اثناء عرض المسرحية وضربهم على خشبة المسرح . ومسرحيتان هما ثمن الحرية لمسرح عبلين ، ومسرحية الناطور ، لمسرح الشبيبة الشيوعية في طمرة . كما تم منع عرض المشاهد المسرحية من امسية يوم الطاحونة يوم التي اشرفت عليها المؤسسة الشعبية للفنون واحتجزت الرقابة نص مسرحية اجازة لمسرح الغربال ستة اشهر ، ثم اضطرت الى السماح بعرض المسرحية .
وكان للمسرح الناهض الحيفاوي 1967 دور هام في ارساء خلفية وجو يشجعان العمل الدرامي في فلسطين ، اذ عمل لسنتين على عرض مسرحيات وانتاجها لطلاب المدارس ، وقدم حمس عشرة مسرحية مثل وبعيدن وحلاق بغداد والبيت القديم والزوبعة ، ومهما صار . وحاولت مؤسسة بيت الكرمة التي يعمل اليوم في اطارها مسرح بيت الكرمة احتواء مسرح الناهض وذلك ان مسرح بيت الكرمة يخضع للمراقبة الشديدة من قبل وزارة المعارف والثقافة مقابل السماح له بعرض اعماله المسرحية على طلاب المدارس .
ومما زاد في ضعف المسرح الناهض انقسام مجموعة عنه عام 1971 اطلقت على نفسها اسم المسرح الحر . واما فرقة المسرح الحديث النصراوية 1965 فانقسمت عنها 1969 مجموعتان : انصار المسرح والمسرح الشعبي .
وتنزع الحركة المسرحية في الارض المحتلة منزع الواقعية الثورية وذلك ان اغلب المسرحيات التي تقدمها تنطلق من ارضية الواقع الاجتماعي والقومي الذي يحياه الناس تحت الاحتلال . ومن هنا كانت اغلب النصوص المسرحية التي قدمت نصوصا محلية وضعها كتاب محليون او فنانون عاملون في صفوف الحركة المسرحية
ويرى القاص والناقد محمود شقير ان مستوى الحركة المسرحية في الارض المحتلة ما زال ، من حيث الشكل الفني ، يتسم بالتواضع ، ومع ذلك فان تلك الحركة تتجاوز اخطاءها وترفع باستمرار من المستوى الفني لاعمالها .
وفي بداية 1973 تشكلت فرقة دبابيس من بعض ابناء عمال البناء في رام الله والبيرة ممن لهم تجارب سابقة في العمل الفني . وقدمت الفرقة مسرحيات الطرشان والحق الحق وخوازيق ، وكانت اخرها الحشرة الي اعتقل بسببها أغلبية اعضاء الفرقة بتهمة الانتماءات السياسية . وتقوم النوادي والجامعات الفلسطينية بمساهمات مسرحية رائدة مثل نادي حطين نابلس الذي قدم مسرحية مجانين ومسرحية حب حسب الاصول ومحتكمة الكبار ، النادي الارثذكسي في بيت ساحور . ومنذ 1975 قدمت فرقة المسرح الجماعي في جامعة بيرزيت ، مسرحيات فرافير يوسف ادريس ، وحصحص الحبوب توفيق الحكيم ، والمفتاح عبد اللطيف عقل وغيرها .
واما فرقة المسرح الجامعي في جامعة النجاح في نابلس فقد قدمت ابتداء من 1975 مسرحيات محكمة الفوضى والارض واليتيم وهي من اخراج هاني المصري . وقدمت فرقة المسرح الجامعي في جامعة القدس مسرحية الصحابي المتوج سراقة بن مالك .
وقدم اتحاد مجلس الطلبة في جامعة بيت لحم مسرحية العرس على مسرح الجامعة في 1976 وعرضت فرقة نالس للمسرح والفنون الفلسطينية مسرحية بياع الصبر عام 1976 في بلدية نابلس . وقدمت فرقة الانوار باكورة إنتاجها عريس لأختي في نفس العام على مسرح كلية تراسنطا للبنين في بيت لحم . وغي نابلس نشطت فرقة مسرح الزيتون التابعة للمجلس البلدي في نابلس واللجنة الثقافية للمسرح الفلسطيني . وفي عام 1976 عرضت على مسرح بيرزيت مسرحية الارض .
وبعد اندثار المسرح الناهض ظهرت فرق مسرحية اخرى لا يزال بعضها يعمل في ظروف صعبة ولم قو بعضها الاخر على الاستمرار .
من الفرق التي تعمل اليوم فرقة مسرح غربال في شفا عمرو تأسست عام 1977 وقد قدمت حتى الان ثماني مسرحيات منها رجال الشمس وبنادق السيدة كرار والملك هو الملك والحضيض والصوت الغجري . واصدر مسرح غربال كتابا يتضمن النص الكامل لمسرحية كفى التي عرضها على خشبته . وبادرت فرقة الغربال الي اقامة مهرجان المسرح العربي الاول في فلسطين ، وقد عقد في شاف عمرو 1982 وشاركت فيه بعض الفرق المسرحية في الجليل . ومنعت السلطات الاسرائيلية عرض المسرحيتين في المهرجان هما ثمن الحرية وفرقة مسرح البلد المغار ـ عبلين ) و( الناطور ) . وقامت الشرطة باستدعاء مجموعة من المشرفين والمشاركين في مهرجان المسرح في محاولة لثنيهم عن اعمالهم .
وبعد انهاء اعمال مهرجان المسرح العربي الاول في فلسطين اتفقت الفرق المشاركة على إنشاء رابطة المسرح العربي التي اقيم احتفالها التأسيسي في قرية المكر 1983 . وكانت قد ظهرت في الاراضي المحتلة هيئات وطنية ترعى شؤون الفن والفنانين ، وتقدم لهم الدعم المعنوي والمادي ، فنشأت في 1982 المؤسسة الشعبية للفنون ( مقرها حيفا ويديرها الشاعر سميح القاسم ) وقد قدمت المؤسسة أمسية فنية جمعت فيها خيرت المواهب الفنية العربية في البلاد ، وتخللها الرقص والغناء والتمثيل والقاء الشعر ، وعرفت تلك الامسية بيوم الطاحونة يوم . وفي طيبة المثلث يقوم مركز احياء التراث الذي يديره صالح برانسي برعاية الحركة الفنية المرتبطة بالتراث والفلوكور والمسرح وتنشيطها .
وفي الثلاثين من اكتوبر 1983 وقعت فرقة الحكواتي عقدا لاستئجار مبنى سينما النزهة في القدس لتحويله الى مركز ثقافي مسرحي هو الاول من نوعه في فلسطين .
وقد أنشئت فرقة حكواتي عام 1977 ، وهي تضم ممثلين اشتركوا في تجارب مسرحية شتى ( بلالين ، بلا ـ لين ) وغيرها .
وخلال النصف الاول والثاني من 1983 قدمت الحكواتي مسرحية جليلي يا علي في فلسطين واسبانيا وهي ابرز الفرق المسرحية الفلسطينية وتضم حشدا رفيعا من الممثلات والممثلين والموسيقيين والعازفين والفنين . ولا يخضع مسرح الحكواتي مباشرة للطابع الشرقي ، وليس فنه بالفن الفلكلوري ، فهو يحبذ اختيار الموضوعات والمواقف والشخصيات التي تدلل بوضوح ودون تهاون على الواقع الفلسطيني في ظل الاحتلال الإسرائيلي .
وعام 1973 تأسست فرقة فرافير المقدسية وقد وضع أعضائها نصب أعينهم معالجة قضايا الجماهير الفلسطينية في ظل الاحتلال الإسرائيلي والعمل على تثقيفها وطنيا عن طريق المسرح الذي هو ادتنا واطارنا الفني الملتزم . واختارت الفرقة سمها فرافير لدلالته التراثية .
وفي عام 1982 ظهر على خشبة المسرح البلدي في حيفا تالقا هما : مكرما خوري ويوسف ابو وردة الذان قدما ( الجزيرة ) في عكا ومعليا وترشيحيا والناصرة ولاقت اهتماما . وبعد العروض كانت تعقد ندوات لمناقشة مضمون المسرحية . ويعمل خوري وابو وردة في اتجاه تنشيط القسم العربي في المسرح البلدي . ومن القائمين على الانتاج المسرحي والاهتمام به حاتم الدجاني وفؤاد عوض ( مخرج مسرحية الدراويش يبحثون عن الحقيقة مسرح بيت الكرمة ، الناصرة وسليم ضو وصبحي داموني .
وفي عام 1983 قدم ستوديو المسرح البلدي في الناصرة ولأسابيع عديدة مسرحية محطة واسمها بيروت من تأليف رياض مصاروة واخراجه في قاعة بيت الصداقة في المدينة . ومصاروة خريج احد معاهد المانيا الديمقراطية . وتعالج المسرحية الاوضاع المستجدة عام 1982 وخلال معركة الدفاع عن بيروت ، فلا تغيب عنها بصمات غسان كنفاني في رجال في الشمس .
وبالرغم من هذا التطور الجاد والرفيع في مستوى الحركة المسرحية في الأرض المحتلة فان هناك معوقات تحد من النشاط المسرحي وتتمثل بتدني الثقافة المسرحية والافتقار إلى الدراسة الأكاديمية والعنصر النسائي وعدم الانفتاح على النص المسرحي الرافد والاقتناع بالمحلي بالرغم ضعفه وعدم تبلور جمهور مسرحي خاص .
ويرى محمد انيس في كتابه الحركة المسرحية في المناطق المحتلة ان هناك مشاكل داخلية اهمها اعتماد الفرق على الممثلين الهواة الذين يملكون كثيرا من الاستعداد والإحساس بالمسؤولية وقليلا من التجربة الفنية والإمكانيات التقنية ، فضلا عن وجود ظاهرة انقسام في الفرق المسرحية بسبب عدم فهم محتوى العمل الجماعي ، او لتضارب الأفكار والاراء السياسية .
وقد بقيت فرقة بلالين حتى منتصف السبعينات اقوى الفرق المسرحية في الأرض المحتلة . وتعتمد هذه الفرقة على النصوص المحلية التي يكتبها عادة سامح العبوشي او فرنسو ابو سالم
* النصوص المسرحية
في عام 1964 اصدر غسان كنفاني مسرحية الباب مضيفا على المسرح الفلسطيني سمة انسانية كونية . فهي عن شاب شديد التطلع نحو الفعل ، ولكنه يريد تبريره والتهميد له بالفكرة . ويغدو الشاب شديد التوزع بين الفكرة والفعل ، ومن هنا فان المسرحية مثقلة بالفكرة السكونية اكثر منها بالفعل الدرامي .
ومسرحية كنفاني الثانية القبعة والنبي 1973 صدرت بعد وفاته ، مع ان كنفاني بدا كتابتها في مطلع 1967 . اما مسرحية كنفاني جسر إلى الابدية تمثيلية اذاعية كتبت لتذاع في حلقات ، ولكنها لم تذاع . كما انها لم تنشر الا بعد وفاة المؤلف .
وفي عام 1965 اصدر توفيق فياض بيت الجنون . وهي مسرحية قصيرة تقع في فصلين وتنهض على أسلوب المنولوغ . وتعبر بيت الجنون من حيث البناء والرمز عن اسطورة الموت والانبعاث وقد افاد توفيق فياض من هذه الأسطورة في الكشف عن مأساة فلسطين التي تمثلت له ارضا حلت عليها اللعنة يوم استولى عليها الصهاينة . وتقف الأرض منتظرة بطلا يخلصها من براثن التنين ويرد لها الحياة ويزرع في أحشاءها بذرة تخصب .
وقد اصدر الشاعر معين بسيسو 1930 ـ 1984 مسرحية مأساة جيفارا عام 1969 معبرا بالتجريد والرمز عن موت جيفارا وانبعاث فكره . وفي عام 1970 اصدر بسيسو ثورة الزنج مستخدما فيها تلك الثورة التي قامت في القرن الثالث للهجرة ( التاسع ميلادي ) وسيلة لإسقاط الأحكام على الثورة الفلسطينية وكل الحركات الثورية التي توالت منذ ثورة الزنج حتى قرننا العشرين هذا . وتجري احداث المسرحية على المستويين : المستوى الاول هو زمن الحاضر ، وفيه مشاغل الثورة الفلسطينية ومشاكلها ، والمستوى الثاني هو القرن الثالث الهجري ابان اندلاع ثورة الزنج .
وتعالج مسرحية معين بسيسو الثالثة شمشون ودليلة 1971 مراحل المسالة الفلسطينية قبل الثورة وبعدها ، مرورا بهزيمة 1967 ، عبر حياة اسرة الفلسطينية تجسد تاريخ الشعب بقطاعاته كافة : الذين نزحو ، والذين بقوا تحت الاحتلال ، والذين حملوا السلاح وانضووا تحت لواء الثورة . ومسرحيات معين بسيسو الثلاث الاخرى الصخرة والعصافير تبني أعشاشها بين الأصابع ومحاكمة كتاب دليلة ودمنة تستلهم التراث وتتكئ على الرمز وتحلق في عامل المثل المتجرد .
وتقع مسرحية قرقاش 1970 للشاعر سميح القاسم في افتتاحية واربع لوحات مكتوبة شعرا ، وتروي قصة طاغية يقود قومه الى السلب والقتل . وتدور حوادث المسرحية في كل زمان وفي كل مكان . وقد صب سميح القاسم احداث مسرحيته في قالب الأمثولة والحكاية ، واستخدام شعرا سهلا ويحمل فكرا واضحا فجائت قرقاش رمزا للمؤسسة العسكرية الاسرائيلية .
وفي عام 1973 اصدر سميح القاسم مسرحية وكيف رد الرابي مندل على تلاميذه مصورا الصراع على الارض الفلسطينية بين العربي ( رضوان ) واليهودي ( شلومو ) . واما في مسرحية الابن فان فكرة سميح القاسم الاساسية هي اليقين المطلق بحتمية العودة المظفرة للانسان الفلسطيني الى ارضه ووطنه . ولسميح القاسم مسرحيات اخرى تعزز موقعه التقدمي .
ومسرحية هارون هاشم رشيد الشعرية السؤال 1973 تأريخ لمسار القضية الفلسطينية منذ الانتداب البريطاني الى ما بعد هزيمة 1967 وانطلاقة العمل الفدائي مرورا بالتقسيم ونكبة 1948 وتعاظم الثورة الفلسطينية واحداث عمان 1970 . وتمتاز المسرحية بوضوح خطها الفكري والسياسي وضوحا تاما ، ويجري فيها الشعر بسهولة وبغير تكلف .
وفي عام 1966 تأسست جمعية المسرح العربي الفلسطيني ببادرة من حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح واتخذت دمشق مقرا لها وحددت أهدافها ثلاثة : التوعية بالقضية الفلسطينية ، وعرض تجارب الثورة الفلسطينية النضالية على المسرح ، واحياء التراث الثقافي الفلسطيني
وقد كونت الجمعية فرقة للتمثيل المسرحي قدمت عروضها في عواصم البلاد العربية . وعملت الجمعية ايضا على توحيد الموسيقيين الفلسطينيين في فرقة قدمت حفلات مماثلة كانت تتخللها أغان وأناشيد فلسطينية وثورية وعرض أزياء شعبية . وتبنت حركة فتح تكوين نواة لفرق شعبية من اجل احياء التراث الشعبي وحمايته .
في عام 1980 اصدر الروائي اميل حبيبي حكايته المسرحية لكع بن لكع راويا سيرة نزوح الفلسطيني منذ 1948 حتى اواخر السبعينات ، مرورا بأحداث الأردن ولبنان ومعاهدة كامب ديفيد في ثلاثة فصول ، او ثلاث جلسات امام صندوق العجب .
والحكاية المسرحية لا تتقيد بقوانين الفن المسرحي ، وذلك اننا لا نقع فيها على وحدة الزمان والمكان ، ولا نشعر بترابط الاحداث او تناميها فكل فصل قائم بذاته وكل مشهد وحدة مستقة .
عام 1988 كانت اول مسرحية عن الانتفاضة وعن استشهاد ابو جهاد ، كتبها واخرجها د. محمد ابو غالي وكان عنوان المسرحية " اطفال الحجارة " ومن بين ابطال المسرحية كان حسام ابو النصر واسمه الحقيقي عبد الحميد ابو النصر ولقب في المسرحية " قريد العش " وهو طفل لا يزيد عمره عن 10 سنوات كان مهمته نقل المعلومات والمؤن وهو شقيق الشهيد في المسرحية في حين كان د. ابو غالي يلعب دور والد الشهيد ، ودارت احداث عندما اخبر قريد العش والده والحارة باستشهاد خليل الوزير ابو جهاد ، فقامت مظاهرات عنيفة استشهد خلالها في المسرحية محمد ابو النصر شقيق قريد العش وابن د. ابو غالي في المسرحية ، ورواية المسرحية كانت حول انتفاضة 1987، والتواصل مع الفدائين ، وجنازة الشهيد ، وحزن امه ، وانتفاض الجماهير انتقاما . وعرضت المسرحية في الجزائر عام 1988 في مسرح ابن خلدون وانتقلت بعدها الى عدد من مناطق الجزائر منها شرشال والبليدة عام 1989 ، وشارك فيها ابطال أخريين وكانت سفارة فلسطين بالجزائر مقر البروفات ، وموجود نسخة من المسرحية في التلفزيون الجزائري ، ولم تعرض بعد عام 1989 في أي مكان ، فيما عرضت أعمال أخرى مسرحية في الشتات .
ويذكر ان الدكتور محمد ابو غالي مخرج المسرحية عمل بعد عودة السلطة الوطنية ، مدير مستشفى جنين ، وكان شاهد رئيسي في فيلم جنين جنين الذي جسد اجتياح ومجزرة جنين 2002 .
* التحديات التي واجهها المسرح :
ويرى واصف منصور ان أهم الصعوبات التي تواجه الحركة المسرحية في الأرض المحتلة :
تضييق سلطات الاحتلال الصهيوني ومراقبتها الدائمة .
2 ـ الظروف المادية فالممثلون ليسو محترفين أي انهم مضطرون للبحث عن عمل ليعيشوا منه ، الأمر الذي يؤثر على مستوى أدائهم بسبب عدم التفرغ .
3 ـ ظروف العزلة عن المسرح العربي والعالمي التي يفرضها الاحتلال الصهيوني على فرق المسرحية الفلسطينية الأمر الذي يحرمها من الاحتكاك والتعلم .
4 ـ عدم توفر قاعات مناسبة للعروض المسرحية في كثير من مدن الأرض المحتلة ، ناهيك عن القرى وهو امر يعيق انتقال الفرق المسرحية الى هذه المدن واستحالة ذلك بالنسبة إلى القرى مع العلم بان غالبية الفرق المسرحية موجودة في رام الله والقدس .
5 ـ عدم توفر مقرات للفرق المسرحية تحتوي على قاعات للتدريب وهم امر يجعلها مضطرة لاستئجار قاعات خاصة ترهقها ماديا ، كما انه لا يسمح لها بان تتدرب تدريبا كافيا الأمر الذي يؤثر في جودة تقديم العمل المسرحي .
6 ـ ندرة النصوص المسرحية المحلية الجاهزة فتقوم الفرق حرصا منها على الالتصاق بالواقع المحلي والتعبير عنه بتأليف نصوصها بنفسها بما يشتمل عليه ذلك من محاذير خطيرة كضعف النص مثلا .
7 ـ ندرة الفتيات اللواتي يقبلن بالظهور على خشبة المسرح ، وهذا نابع من طبيعة مجتمعنا المحافظ .

خلاصة
ويرى اهم الكتاب والمسرحيين ان ابرز القضايا والمضامين التي طرحتها هذه المسرحيات تتلخص في النقاط التالية :
1 ـ انتقاد التخلف الاجتماعي وتسليط الضوء على نماذج اجتماعية رجعية ومختلفة .
2 ـ معالجة أوضاع المرأة في المجتمع الفلسطيني وضرورة إعطاءها الفرصة للممارسة حريتها ومسؤوليتها في المجتمع .
3 ـ النقد الحاد للافكار الغيبية التي تسهم في اشاعة روح الاتكالية بين الجماهير
4 ـ ابراز أهمية الارض وضرورة المحافظة عليها وعدم التفريط فيها وصيانتها من طمع الغرباء والغزاة .
5 ـ تصوير الأوضاع القاسية التي تعيشها الجماهير في ظل الاحتلال وضرورة تجاوز هذه الاوضاع بتوحيد الجهود والتكاتف وتحمل المسؤولية .
6 ـ ابراز الدور القيادي للطبقة العاملة في عملية بناء المجتمع وتطويره من حيث هذه الطبقة الاكثر ثورية والمنتجة للخيرات المادية .










مراجع

جبرا ابراهيم جبرا ، هواجس النقيضين في مسرحيات غسان كنفاني ، في : ينابيع الرؤيا .
2 واصف منصور ، قراءة في المسرح الفلسطيني .
3 يعقوب العودات ، من اعلام الفكر والادب في فلسطين .
4 الموسوعة الفلسطينية ، هئية الموسوعة الفلسطينية ، القسم لعام ، ج 4 ، ط 1 ، دمشق ، 1984
5 الموسوعة الفلسطينية ، هئية الموسوعة الفلسطينية ، القسم الخاص ، ج 4 ، ط 1 ، بيروت ، 1990 .
6 محمد عبد ربه ، فرقة مسرح الفرافير الفلسطينية .
7 محمود شقير ، تجربة المسرح الفلسطيني في الارض المحتلة .
8 الموسوعة الفلسطينية ، هئية الموسوعة الفلسطينية ، القسم الخاص ، ج 4 ، ط 1 ، بيروت ، 1990 .
9 نصري الجوزي ، مقالة المسرح الفلسطيني ( 1918 ـ 1948 ) ، مجلة الافلام العراقية ، العدد 6 ، بغداد ، 1980
10 عبد الرحمن ياغي ، حياة الادب الفلسطيني ، بيروت ، 1968
11 علي الراعي ، المسرح في الوطن العربي ، الكويت ، 1980
12 عفيف شلوط ، المسرح العربي في فلسطين المحتلة ، 1948 .
13 راضي شحادة ، المسرح الفلسطيني بين الكر والفر .
14 خليل السواحري ، النهوض المسرحي في الارض المحتلة ، مجلة المعرفة الدمشقية ، عدد 163 ، 1975 .
15 غسان كنفاني ، جسر الابدية ، المسرحيات ، ج 1








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وسام قطب بيعمل مقلب في مهاوش ????


.. مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمريكية: رئيس مجلس ا




.. مكافحة الملاريا: أمل جديد مع اللقاح • فرانس 24 / FRANCE 24


.. رحلة -من العمر- على متن قطار الشرق السريع في تركيا




.. إسرائيل تستعد لشن عمليتها العسكرية في رفح.. وضع إنساني كارثي