الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وقفة مع - حديث النهايات – ..

شامل عبد العزيز

2016 / 3 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


الفيلسوف لا يقفز من الوقائع من أجل إنقاذ مثله المنتهكة . قد تكون هذه مهمة رجالات الدين والأخلاق . أما الفيلسوف فانه يجابه ما يحدث ويصدم بتفكيك آلته المنطقيّة ومنظومته الخلقيّة من أجل دعامة ترتيب علاقته بأفكاره وصياغة مواقفه من جديد . المفكر علي حرب .
سبق وأن ذكرنا في العديد من المناسبات أنَّ من يظن أو يعتقد بأنه بصدد تغيير العالم عليه أن يغيّر نفسه أوّلاً .
علينا التوقف عن لعب دور الأنبياء كما قال كارل بوبر .
يبدو بأن تغيير الذات أصعب بكثير من تغيير الكون . أو أن تغيير الكون أسهل بكثير من تغيير الذات .
يجب علينا التوقف عن لعب دور الوصي وفرض الوصايا على أفكار الناس وأن نتخلص من عقدة " من ليس معي فهو ضدّي " وأن نؤمن بعبارة ماركس " سر في طريقك ودع الناس يقولون ما يشاؤون " وكذلك علينا أن نفهم مقولة الإمام الشافعيّ على حقيقتها " رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب " . هذه هي الحرّية وهذا هو احترام الرأي الأخر .
الناس أحرار في الإيمان والاعتقاد والأفكار ..
يجب أن نتخلص من أوهامنا في أننا نسعى لتغيير العالم وعلى المقابل أن ينصاع لما نقوله مع العلم أننا لا نقول شيئاً .
يجب علينا تغيير أنفسنا وإعادة النظر في تفكيرنا وما نحمله من مفاهيم علماً أنها مفاهيم استهلاكيّة لم ننتجها نحن ..
علينا التوقف في محاولاتنا العقيمة في أن نجعل الناس " أمة واحدة ",, هذه فاشية وأصوليّة صرفة ولا فرق بيننا وبين أي حركة أصوليّة تؤمن بالحقيقة المطلقة وللعلم الأصوليّة ليست دينيّة فقط بل هناك أصوليّة ماركسيّة – ليبراليّة – قوميّة .. إلخ .
كثيرة هي المفاهيم التي يتم تداولها على وسائل التواصل الاجتماعيّ والصحف الإلكترونيّة وهي مفاهيم عصريّة يختلف مفهومها بين شخص وأخر .. منها على سبيل المثال لا الحصر :
الامبرياليّة – العولمة – المثقف . التغيير ..
الامبرياليّة تهمة يطلقها أهل الشعارات لكل مخالف لهم وقد تبدو تهمة معيبة وعار وخيانة وجريمة في نظر هؤلاء ولكنها عند الكثيرين هي على العكس من ذلك .
كذلك مفهوم العولمة وما بينهما سيكون المثقف حاضرًا ودوره في التغيير .
هل هناك مثقف وهل هناك تغيير أو هل المثقف بقادر على التغيير ؟ قد يبدو رأيي مزعجاً لكم ولكن لا يهم فهو مجرّد رأي !
قالت العرب ذات مرة " خذوا من كل شئ أحسنه " .
وأحسن ما سوف أخذه من كتاب المفكر علي حرب – حديث النهايات – هذه المفاهيم التي ذكرناها أعلاه من خلال حوار طويل أجرته معه الشاعرة اللبنانيّة والمترجمة صباح الخراط زوين . بتصرف ..
قبل الدخول في تفاصيل هذه المفردات والتي سيكون لمفردة – المثقف – النصيب الأكبر أحب أن أشير إلى ما قاله سعد الله ونوس بهذا الخصوص :
إننا نحنُ المثقفين سلطة ظلّ شاغلها الأساسيّ أن تصبح سلطة فعليّة أو أن تنال فتاتاً في السلطة الفعليّة . إننا قفا النظام ولسنا نقيضه أو بديله ولهذا ليست لدينا طروحات جذريّة ولا آفاق مختلفة والمراوغة تطبع عملنا وتشكل جوهر سلوكنا يا للخيبة ويا للحزن !!!! انتهى ..
وعلى نفس السياق ماذا قال علي حرب :
أن المثقف الذي أفنى حياته النضاليّة يدافع عن حرّية الناس ومصالح الجماهير أو يطالب بتغيير الواقع والمجتمع ، لا يرى الآن ما يحدث من تغيرات يتحرر معها الناس من وصاية النخب أو بيروقراطيّة الإدارات والدول . مما يدل على تعلقه الكاذب بالحرّية أو على جهله بمعنى الحرّية ، بقدر ما يؤكد على أن المثقف لا يحسن سوى انتهاك ما يدعو إليه ، أو على أنه الوجه الآخر للسياسيّ الذي يعارضه ، إذ الصراع بينهما ليس من أجل الجماهير بل عليها . وتلك هي الفضيحة :
لا يريد المثقفون للجماهير أن تتحرر من السيطرة والوصاية. انتهى ..
نقرأ العولمة وما بعد العولمة – الحداثة وما بعد الحداثة – الأصوليّة وما بعد الأصوليّة – العالم المتوحش – كثيرة هي المفردات بهذا الخصوص ولا ننسى اللبيراليّة اليمينيّة أو الصهيونيّة والنقد اللاذع للغرب ليل نهار من قبل أهل الشرق ولكن السؤال الحقيقيّ هل هناك مقارنة ما بين الغرب وما بين الشرق ؟ وهل على أهل الشرق أو من ينتمون إليه أن يوجهوا سهام نقدهم للغرب أم لأنفسهم .. هذا هو بيت القصيد أو مربط الفرس كما يقولون .
من أشهر منتقدي الغرب – تشومسكي – أليس كذلك ؟ ولكن هل هو على حق وما هو رأي علي حرب في هذا النقد :
( نقد تشومسكي هو في نظري دليل على قوة المجتمع الأمريكيّ وحيويّة الثقافة الأمريكيّة والغربيّة عامة . أما دفاعه عنا فهو ملتبس بل خادع إذ هو يجعلنا نتشبث بواقعنا وعجزنا. فالأولى بنا نقد ثقافتنا وسياستنا كيلا نزداد ضعفا وفقرا، ويزداد الغرب قوة واقتدارا. ولذا فإن نقدي، لهويتي لا يعني دفاعي عن الغرب . إنني لا اعتبر أننا مؤهلون لإلقاء الدروس على الغرب في الإنسانيّة ، انطلاقا مما نحن فيه ، ولا بالاستناد إلى المرجعيات والنماذج القديمة ، للإنسان اللاصوتيّ او الماورائيّ ، الاصطفائيّ أو النرجسيّ . فالأولى عندي ان ننتقد هويتنا للعمل على أنسنة عقائدنا وشرائعنا ومؤسساتنا ، على الأقل لكي ننتج صيغا حديثة تتيح لنا نسج علاقات فيما بيننا لا تقوم على النبذ والاستبعاد ، ولا عي الارهاب والاقصاء،.) .
الماركسيّ إقصائيّ – الليبراليّ لا يختلف عنه – القوميّ على شاكلتهما – المتدين مسلم – مسيحيّ المتشدد ألعن من الجميع وعلى هذا المنوال . حسب ما أرّ هذا سبب رئيسيّ بل هو أبو الأسباب في كوننا لا نزال محلك سر .. لا تستقيم الحياة بهذه الطريقة هي بلا طعم ولا لون ولا قيمة ولا فائدة .. اللون الواحد حالة شاذة يتنافى مع قيم الحياة ثمّ لماذا هذا الاصرار على اللون الواحد والحياة مليئة بالألوان المتعددة ؟ والأنكى ندعي الحرّية والعقلانيّة والتنوير والتغيير ونحن نخالفها ليل نهار ..
بالعموم أنا مع الأفكار الواردة ولكن هذا ليس معناه أنني على صواب بل هذا ما أراه حسب الواقع فهو خير دليل بينما المقابل بدون دليل أو لا دليل لديه ..
العولمة واللبس الحاصل حولها بمفهوم علي حرب هي :
( اللبس عندما تفهم العولمة كمذهب سياسيّ أو نظريّة اقتصاديّة أو عقيدة فلسفيّة ، على غرار ما تفهم مثلا الليبراليّة أو الاشتراكيّة أو الماركسيّة . في حين أن المسألة تتعلق بجملة اجراءات وعمليات حضاريّة أو تاريخيّة ، هي ثمرة الثورة العلميّة والتقنيّة التي تتيح تحويل المعطى إلى معلومة رقميّة ونقله بسرعة الضوء , العولمة كتحول تاريخيّ أو كإنجاز تقنيّ ، إنما تتوقف أهميتها وخطورتها على كيفية التعاطيّ معها ,, لا مراء بأن العولمة كواقع جديد يقوم على إدارة العالم بواسطة المعلومة وبسرعة الضوء ، إنما تخربط علاقة الإنسان بهويته ، في كل مكان ، الأمر الذي يخلق ما يسمى اليوم بأزمة الهوية . ولكن الأمر لا يقتصر علي العرب وحدهم ، وإن كان إحساسهم بالأزمة هو أكثر حدة بسب نرجسيتهم الثقافية أو لكونهم عاجزين عن المشاركة الفعالة في صناعة العالم وادارته. هناك فرنسيون وأوروبيون وأمريكيون يشعرون بالمأزق تجاه المتغيرات مما يدل على أن الأمر عام . لا يليق بأحدنا أن يتحدث عن الغزو الثقافي . حديث الجاهل بالثقافة أو يقف موقف العاجز المستبد ، على ما يفل الذين يهاجمون لفظة العولمة لكي يدافعوا عن هوية لا تولد سوى العجز والاخفاق .) .
الامبرياليّة ، بما هي توسع وانتشار، ثمرة الانتاج والإبداع ، ونسيان هذه الحقيقة هو جهل بخاصية الحضارة بقدرها هو جهل بمصادر القوة . ومعنى القول أن ما نحتاج إليه نحن ، هو أن ننتج ونبتكر ما به نتوسع ونتبادل مع الغير، كيلا نحول النضال إلى مهنة فاشلة .
الماركسيون أوّلاً :
ماذا يفعل الآن أتباع ماركس ومقلدوه وسواهم من أصحاب المشاريع وحملة الشعارات ؟ إنهم يحولون أفكاره وأفكار هيجل أو كانط وديكارت إلى أيقونات ومتحجرات، أي يحيلون المفاهيم الخصبة إلى معارف ميتة أو إلى مقولات مستهلكة ، والأحرى القول يحولون الابتكارات في مجال العقل والحرّية والاستنارة والتقدم إلى عجز فكري أو إلى قصور عقليّ أو إلى فشل نضاليّ .
العقلانيون – الحداثيون – ثانيًا :
المثقف تحول إلى مجرد داعيّة أو واعظ بعد أن استنفدت الأفكار التي تعيش عليها ، على ما تشهد على ذلك علاقته بمقولات الحرّية والعقلانيّة أو التنوير والتقدم . على هذا النحو الخص وضعه الآن :
فهو يطرح قضايا لا يقدر عليها أو لا يعرف معناها أو لا يحسن الدفاع عنها . وسوف يستمر في التراجع والخسارة ، ما لم ينقلب على ذاته ويغير شبكة مفاهيمه ونماذجه في العمل وسياسته الفكريّة بالذات ، وأعني بها طريقته في إدارة أفكاره وشعاراته .
مشكلة المثقف في أنه لا يعرف أين هو الاشكال . ولنستعرض فعلا وضع المثقف ، ماذا نجد ؟ سلسلة من المفارقات والفضائح ، فهو بات الآن في المؤخرة ولكنه مازال يتوهم أنه في الطليعة . كان داعيّة للتغيير فاذا به يخشى اليوم المتغيرات التي تفاجئه وتصدمه ,, يهاجم الغزو الثقافي فيما هو ثمرة من ثمار الثقافة الغربيّة . يدعي عشق الحرّية ولكنه الأقل ممارسة لها . يمارس . وصايته على القيم والقضايا العامة ولكن الناس لم تعد تهتم بمقولاته ومواقفه . يدافع عن مساع الجماهير، في حين هو يسيء اليها بنخبويته الثقافيّة ، يتعامل مع أفكاراً كنماذج للتطبيق بينما هي شبكات للتحويل .
ما العمل ؟
من هنا فالمهمة الآن هي أن يضع المثقفون على مشرحة النقد والتفكيك ما قادهم إلى الهزال والهشاشة أو إلى التراجع والاخفاق ، أي أفكارهم وممارساتهم : عقليتهم النخبويّة ونرجسيتهم الثقافيّة ، عدتهم المفهوميّة وقوالبهم المعرفيّة ، مشاريعهم المستحيلة ومثلهم الخاويّة ، أساليبهم النضاليّة وأشكالهم التنظيميّة. سياستهم الفكريّة واستراتيجياتهم العمليّة.
أعني أولئك الذين أفنوا أعمارهم يمارسون وصايتهم على الناس باسم العلمانيّة والحداثة والعقلانيّة والحرّية والوحدة ، والآن وبعد فشل مشروعاتهم ونضالاتهم يحملون المسؤوليّة لسواهم . والأطرف هم أولئك الذين يريدون لنا أن نؤجل النقد حتى نسترد عقلنا ونبلغ رشدنا أو حتى ننجز حداثتنا وتقدمنا ، أرأيت مرة أخرى أية آخرة وصل إليها المثقف داعيّة العقلانيّة والاستنارة والحداثة ؟ إنه يتمسك بما يولد ضعفه وعجزه.
للحديث بقية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مهاجمة وزير الأمن القومي الإسرائيلي بن غفير وانقاذه بأعجوبة


.. باريس سان جيرمان على بعد خطوة من إحرازه لقب الدوري الفرنسي ل




.. الدوري الإنكليزي: آمال ليفربول باللقب تصاب بنكسة بعد خسارته


.. شاهد رد مايك جونسون رئيس مجلس النواب الأمريكي عن مقتل أطفال




.. مظاهرة أمام شركة أسلحة في السويد تصدر معدات لإسرائيل