الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أمريكا وداعش والسنة والشيعة بالعراق

محمد لفته محل

2016 / 4 / 2
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


كل فترة تطلع علينا إشاعة عن قصف أمريكا للقوات العراقية التي تقاتل داعش، رغم أن الحالات الحقيقية التي قصفت فيها أمريكا بالخطأ قوات عراقية لا تتعدى الخمسة مرات باعتراف أمريكا نفسها، فما سبب هذه الإشاعات ومن يقف ورائها؟ ولماذا يصدقها العراقيين بسهولة؟ إن معرفة الأسباب والنفسية والاجتماعية وراء تصديقها سيقودنا إلى معرفة أسباب وجودها.
منذ ظهور داعش والناس تتحدث عن الأصول اليهودية لخليفتها (أبو بكر البغدادي) وان اسمه الحقيقي على الفيس (كوهين)! ويتحدث الجنود الحكوميين عن امتلاك داعش لقناص إسرائيلي الصنع مداه بعيد بالكيلومتر وقد شاهدوه الجنود (بأعينهم)! وتحدث البعض عن الأسلحة التي تلقى لهم بالحاويات من الجو، ودليل هذه الأقوال كله هو القسم والمشاهدة الشخصية أو رواية عن صديق أو قريب كما يدعي مروجوها، ولا يوجد أي فيديوا موثوق عن هذه التهم ولهذا صنفتها في باب الإشاعات لان من المستحيل أن لا توثق هذه التهم بكاميرات الهواتف المتاحة لأبسط طفل وفي وجود أقمار صناعية وقنوات فضائية تتصيد حتى بالماء العكر ولا يمكن أن تفوتها مثل هكذا أحداث.
إن أول ملاحظة على هذه الإشاعات أنها تظهر حين يكون هناك انكسار أو جمود حربي بالمعركة وتختفي هذه الإشاعات في الانتصارات! فهي تبرير وشماعة يعلق عليها الفشل أو الخسارة لأنها قلب للمعادلة الحقيقية إن داعش رغم تعرضها للقصف الجوي تهزم الجيش أو تصده، فتأتي الإشاعة جواباً تبريرياً على هذه الحقيقة، لكن هل العراقيين ساذجين لهذه الدرجة حتى يصدقوا هذه الإشاعات؟ الأمر لا يتعلق بسذاجة بل بعلم النفس الاجتماعي فالشخصية العراقية لها استعداد لتقبل هكذا إشاعات لأنه يتوافق مع نفسيتها ذات النمط النرجسي لأنها تعتقد أنها من خير أمة، وأحسن دين، ومن الفرقة الناجية والنسب الأصيل، وإنها الأشجع قتالا والأكثر شرفاً وخلقاً ومروءة، ولا يمكن أن تخطأ (حاشاها من الخطأ) وترفض الاعتذار اعتبارا لذلك، وكل أخطائها مبررة بالخارج (المؤآمرة، والخيانة، والدسائس، والفتن) وان تخلفها يرجع لان الأمم الأخرى سرقت (علومها) وتقدمت عليها! وورثت هذه الشخصية أيضاً عقدة تاريخية (تهويد الخصوم) لتكون المعادلة كالتالي (أمريكا=اليهود) أوجدت داعش ومولته بالسلاح وتقصف الجيش العراقي فيخسر المعارك معها!! وهذا كله للتغطية على حقيقة أن داعش هي نتاج الفشل والانقسام والفساد والطائفية والحزبية السياسية التي مهدت لدخول داعش بعد ضعف الحكومة والجيش وانقسام مجتمعنا. وهذه الإشاعات هي تحويلنا من جناة إلى ضحايا المؤامرات والخيانة، فتبقى مشاكلنا تتكرر وتتوالد دون تشخيص ومعالجة، ونبرئ أنفسنا من أي مسؤولية تاريخية تجاه بلدنا، لأننا نكافح النتائج وليس الأسباب الحقيقية. ونبقى نستجدي الرحمة الإلهية بالدعاء وانتظار قرب ظهور المنقذ.
من المسؤول عن سقوط الموصل؟
غالباً ما يتهم عامة الشيعة السنة ساسة وعامة بتسليم محافظاتهم للإرهاب/داعش، وهذا الاتهام لا يستثني حتى النازحين الذين اتهموا فوق ذلك بأنهم تخلفوا عن الالتحاق بالحشد للدفاع عن أراضيهم وأعراضهم، فالنناقش هذه الاتهامات التي انتشرت على الألسن كأنها حقيقة واضحة، فهي تبرئ الجيش وتحمل المدنيين مسؤولية سقوط المحافظات! أي أنها تبرئ الحارس وتحمل المحروس مسؤولية الحارس! أكان يجب أن يحرس المحروس الحارس! أليست هذه مغالطة منطقية ساخرة أن يحمي الأعزل المسلح؟ ثم إذا كان داعش مسلح بمعدات جيش استحوذ عليها من الجيش السوري وزادها جيشنا الذي ترك معداته ليزيد جيش داعش تسليحا وعدّة وعتاد، فماذا عسى من المدنيين العزل أن يفعلوا؟ وإن كانت داعش تواجه الجيش السوري والعراقي مع قصف التحالف فهل من المعقول أن يوقفها المدنيين؟ وإذا كان الجيش في بيئة معادية أو غير متعاونة معه وهي سبب هزيمته كما يزعمون الم يكن الجيش الأمريكي في بيئة معادية ومسلحة بالعراق دون أن يخلي الميدان ويهرب؟ ثم هل نسينا أن مهمة الجيوش مسك الأرض وصيانة الحدود مهما كانت الظروف؟ وهل نسينا أن الشيعة أنفسهم قالوا أن أفراد الجيش يخدمون من أجل الراتب فقط وانه لولا الحشد لسقطت بغداد! فلماذا يتهم السنة بعد هذا بمسؤولية سقوط المحافظات؟ وإذا تغابينا عن كل تلك الأسئلة المحرجة وصدقنا بسذاجة الاتهام، ترى ماذا سنقول حين نتذكر أن الجيش انسحب حتى من المناطق الشيعية!! (تل اعفر، آمرلي) وهي مناطق غير "معادية"؟ سيسارع الشيعي إلى القول أن المناطق الشيعية حملت السلاح ضد داعش عكس المناطق السنية التي رحبت به، وهذا جواب عجيب ومحير وأغرب من الاتهام نفسه!! لأن الجيش انسحب في الحالة الأولى بسبب كره السنة وانسحب في الحالة الثانية لان المدنيين سيقاتلون بدله! وفي الحالتين سينسحب! حتى لو قاتل السنة معه!! وهذا الجواب يبرر الانسحاب بقتال المدنيين بدلا عنه وهو هروب من حقيقة أن انسحاب الجيش لا علاقة له "بكره المدنيين السنة" ومدينة (حديثة) شاهد على ذلك حيث قاتلت هذه المدينة داعش والجيش تركها وانسحب! أفليس أحرى بالجيش أن يتكاتف مع المدنيين في قتال داعش ولا يتركهم وحدهم؟ وإن كان الجيش انسحب على أساس هذه "الخطة/الهزيمة" أي قتال المدنيين بدلا عنه فأولى به أن ينحل ويسلح المدنيين لأنه تخلى عنه مهمته الأساسية وهي حماية المدنيين، ثم أن هذه المقارنة تتجاهل بديهية معروفة أن الشيعة مكفرون ومباح دمهم لداعش بينما السني لا، مادام غير معترض عليهم، ويجب أن نتذكر إن هذه المناطق كادت تسقط لولا تدخل الجيش والحشد الذي أنقذهم من إبادة محققة لعجزهم عن مواجهة هذا التنظيم، فلماذا لا نتخيل أن مصير السنة لو قاوم داعش سيكون مماثلا للشيعة إذا لم تأتيهم المساعدات مثلما حدث مع عشيرة (البو فهد)؟ لكن هناك سؤال نسينا طرحه على فرضية مسؤولية السنة عن سقوط محافظاتهم وهو لماذا كره السنّة الجيش؟ الجواب غالباً ما يكون (لأنهم يكرهون الشيعة أو لأن الحكومة شيعية) لدوافع طائفية بحته، وهذا ما يقوله عامة الشيعة، ترى ماذا نقول على انتخاب (أياد علاوي) في المناطق السنية وهو شيعي النسب علماني التحزب؟ أو فوز (نوري المالكي) في بعض المناطق السنية في دورته الأولى وهو شيعي النسب والتحزب؟ أليس الجواب لان كلا الاثنين ليس طائفي (المالكي في دورته الأولى فقط) وإن السنة يريدون مثل الشيعة الأنصاف والعدل؟ ثم من يستطيع أن ينفي أن الجيش لم يكن أقل كرهاً للسنة والذي يرى معظم أفراده أنهم/السنة "إرهابيين" وأنه مارس التمييز إن لم يكن انتهاكات ضدهم لان قادته هم من أزلام المالكي؟ بعد هذا ماذا تدل هذه الاتهامات التخوينية؟ هل هي سوء تشخيص أو تقدير ويمكن تصحيحها بالأدلة؟ لو كانت كذلك لهانت المشكلة لكنها اتهامات سياسية (مالكية) دبرها فريقه مع علمه الكامل ببطلانها لكونها تلقى التصديق لدى العامة التي تميل للتلقين وقبول كل ما يتوافق مع ميولها، وإلا كيف يقبل عاقل اتهام (النجيفي، وبارزاني) بالخيانة والمؤامرة وراء داعش والمالكي بيده وزارة الدفاع والداخلية والقائد العام للقوات المسلحة وجميع القادة العسكريين من حزبه أو من يضمن ولائه! ولو افترضنا أنها خيانة فإن هذا لا يبرئ صاحبه ولا يجعله ضحية بل جانيا لسوء تقديره أو قلة خبرته، لأن أي مؤامرة لا تنجح ما لم تكن ثغرات وهفوات ونقاط ضعف وضعف خبرة. والغرض واضح وهو تبرئة ساسة الشيعة من الكارثة وتحميل السنة وحدهم المسؤولية! فتبقى السلطة في معسكر الحق وتبقى السنة في معسكر الباطل! وبهذا يبرر لساسة الشيعة طائفيتهم وفسادهم وتمييزهم ضد الشعب العراقي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القناة 12 الإسرائيلية: اجتماع أمني تشهده وزارة الدفاع حاليا


.. القسام تعلن تفجير فتحتي نفقين في قوات الهندسة الإسرائيلية




.. وكالة إيرانية: الدفاع الجوي أسقط ثلاث مسيرات صغيرة في أجواء


.. لقطات درون تظهر أدخنة متصادة من غابات موريلوس بعد اشتعال الن




.. موقع Flightradar24 يظهر تحويل الطائرات لمسارها بعيداً عن إير