الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دفاتر نقدية -6- الدين العسكري والتجنيد الألزامي فرض مقدس.

وليد عبدالله حسن

2016 / 4 / 3
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


معسكرات الله في الدين الاسلامي -6
صور الرب والتجنيد الالزامي فرض مقدس.
الاشكالية التي تواجهنا الان في قراءة تنوع صور الرب ليس اصل التنوع لانه يمثل ظهورات قابلة ان تحل مشاكل متعددة للعقول المؤمنة بالغيب بل في استيلاء صورة واحدة على الظهور التاريخي للرب في حياة المسلمين وتقديس هذة الصوة واعتبارها حقيقة مطلقة وجعل الرب العسكري الظهور الامثل والصورة الأحق التي يجب ان تعبد وتقدس مما تشكل لدى الذاكرة الجمعية للمسلمين صور الرب العسكري الذي بدا يكبر يوما بعد يوم .
ويظهر الله العسكري باشكال مختلفة تتنوع مع تنوع التاريخ والحياة والتطور واصبحت الصورة الوحيدة في الدفاع عن الدين والحياة الايمانية بل اصبحت معظم الفروض الدينية الاخرى والمدنية منها تحمل نفس قوة الامر الالهي في تادية الشعائر والطقوس والتفاصيل الدينية كاْوامر عسكرية وحتى في عملية تخيل الرب الاسلامي من قبل المؤمنين او توهم الصور الالهية او صور الحياة الاخرى تميل الى الظهور العسكري للرب وقوة ملامحة وصفاته حتى اصبح الديني الاسلامي يميل بشكل واضح الى هذة الصورة العسكرية للرب، ففي بعض الخطابات المقدسة نرى الرب يتتدخل ويتحسس ويتأفف ويشارك بشكل مباشر الاحداث ويشجع على قتل الاعداء بشكل قاسي ويحث على التواصل في اتخاذ شعار الحرب والقتال كحقيقة وجوبية وامر مباشر منه، ولقد ذكرنا ان لهذا الشكل الظهوري في الدين الاسلامي ضرورات تاريخية وواقعية مبرره دنوييا مع اي ثورة او ايدلوجية تريد قيادة الحياة وبناء دولة لاكن تبقى الاشكالية قائمة في دخول الرب لعبة الصراع المباشر واعلان الشراكة الجوهرية لقيادة الحياة الدينية وكل الحياة الاخرى بقوة الحرب والسيف.
يبقى هذا التساؤل مفتوحا رغم وجود اجابات من داخل الذاكرة الدينية قد ترضي المعتنقين والمؤمنين لكنها تبقى اشكالية اساسية لاحل لها في دائرة الممنوع الديني(اللاممكن التفكير فيه )، وقد يكون التنوع الصوري لاشكال الظهور الربوبي في القران من الامور المهمة التي تفتح افاقا معرفية كبيرة لأدراك الغيب ومداراته الامتناهية. ولاكن التسؤال المثير والغريب هو اتخاذ الصورة العسكرية للرب كحقيقة تامة ومطلقة والتنازل عن الصورالاخرى التي نراها في القران والحياة الاسلامية الاولى وهذا الشكل العسكري خلف لنا كوارث معرفية وفكرية وعقائدية وسبب اساسي في تشظي الدين الاسلامي الى ملل وعقائد ونحل كثيرة وكذاك الى تواصل صناعة الحرب ودوامية مفهوم القتل والتصفية الجسدية والفكرية لكل مخالف للرب العكسري، فنرى عباد الله المتعسكرين بنظام القتال والحرب (الجهاد) ينظرون الى الله بالشكل الذي يوفر لهم شروط الاستمرار وصياغة الحياة وفق منطق( الصراع الدموي) في سبيل الله ، فيرون الله يتمثل لهم وفق(آيات الحرب والقتال) وكذلك الاحاديث النبوية التي ذكر فيها القتال تمثل مرجعية واضحة للمتعسكرين دينيا وتبين بشكل واضح في آية ( كتب عليكم القتال) وتوجيبة كحقيقة مقدسة.
ان الرب يعلم جيدا ان الانسان يكره الحرب لكن وفق السياق الرباني لمفهوم العسكرة الشاملة فيها خير يعلمه الرب ولمصالح ستكون لها منافع وخيرات ترجع تارة للدفاع عن الرب امام اعدائة وكذلك قد تكون لها خير في منافع دنيوية للمؤمنين في الدفاع عن ارضهم ومعتقداتهم وخيراتهم وفي كل الاحوال لها خير كبير للمؤمنين المحاربين المضحين باموالهم وانفسهم في سبيل الله وتحصيل رضاه وتعويضهم على هذة الخسارة الرابحة جنات فيها كل المنافع واللذات الدنوية والاخروية.
اذن وفق رؤية اصحاب التعسكر في الدين ان الحرب شرط وجودي والهي في تكوين الحياة الدينية بشكل خاص و الانسانية بشكل عام و اقرها الرب في خطاباته المقدسة وسلوكه العملي في الحياة والتاريخ والواقع واصبحت وجوبية في سنة الدين وعلى المتدينين تطبيقها ليس في زمن الحرب والقتال فقط بل كسلوك عملي لتحشيد كل طاقاتهم العبادية والمعاملاتية من اجل تاكيدعسكرة الايمان الديني لكل تفاصيل الحياة في حالة الحرب او السلم .
لهذا يمكن اعتبار ان الجوهرالتعبدي للمؤمن ان يكون جنديا مخلصا للرب الديني وينعكس هذا السوك الايماني على كل جوانب الحياة الاخرى والتي تحمل نفس ملامح وسلوك العنف الحربي والقتالي والعكسري كمارسة المؤمنين لذاتهم الروحية والايمانية وكذلك في ترتيب طرائق حياتهم التفصيلية والتعامل مع الاخر المخالف ،ويغطي هذا السلوك كل تفاصيل الحياة تقريبا وشواهد هذا السلوك واضحة في ترتيب ثقافة الحياة الايمانية بشكل عسكري او جهادي يحاول ان يجند كل مدارات الحياة للمؤمنين والمسلمين وفق سنة الدين والخطاب المقدس وتفسيره من قبل المؤسسة العسكرية للفقهاء والمحاربين.
اذن نصل الى نتيجة واضحة من خلال شكل الرب العكسري ووجوبه للقتال وبناء دولة الله بقوة السيف وبقيادة العسكرين للحياة الايمانية وتثبيت دينة والدفاع عنه بكل الوسائل الى مجموعة من الحقائق الواقعية والسلوكية التي تعتبر مبادئ ايمانية تسيطر على العقل الايماني والحياة الدينية وفق هذا الشكل الظهوري للرب واتخاذه من القتال والحرب وسيلة لتحقيق اهدافه العامة والخاصة وينتج هذا الفهم اطروحة احادية الجانب وجوهرية وتمثل الشكل المفروض اتباعه لاهل الدين وقد تتعدد اشكال هذة الاطروحة الا انها تجتمع في غاية واحدة لها وجوه متعددة منها:
- وجوبية القتال في نشرالدين والدعوة لاقامة شريعة اللة ولها شواهد من النصوص المقدسة وسلوك المؤمنين بشكل عقائدي وهذة الحقيقة تنجز مشروع كبيرفي تجنيد امة بكاملها لخدمة هذا الهدف وليس هناك تخصص للعسكرة بفئة معينية تؤدي وظائف حربية للدفاع عن الدين او الوطن وتجيش أمة بكاملها من خلال الدين الذي هيمنت عليه العسكرة الجهادية المتخذة من السيف والرعب مبدأ وجودي لمسيرة الحياة مما يغيب الجوانب الاسياسية لاهداف الديانات على الارض وتحقيق السعادة والامان الانساني.
- اقرارالرب بحقيقة القتال وتوجيبه على اهل الدين يجعل هذة الحقيقة مستمرة ولايمكن انقطاعها عن الحياة في حال وجود بدائل مستقبلية لتجاوزهذة الازمات ومنح الرب لهذة الحقيقة الارضية المتواجدة منذ ظهورالانسان الشرعية والتبرير الايماني و اعتمادها كمبدا انساني للحياة وهذا خلاف سنة الكون والمنطق الطبيعي في تشخيص الصراع الدموي كمرض وجودي وخطأ انساني فادح يدمر الحياة والانسان معا وهي بقايا حيوانية الانسان واقرارها يعني تثبيت هذا التسافل الوجودي الذي يسعى الانسان لتجاوزة كي لاينقرض على الارض.
- الحرب والقتال والصراع الدامي حقيقة معاشة على الارض ومورست ومازلت تمارس من اهل العقائد المؤمنة اوالملحدة اوالايديلوجيات المعاصرة والدول المتحضرة وهو صراع يمثل امتداد طبيعي لهذة الثقافة التي لانفكاك عنها وقابلة ان تتطور بتسافل انسانية الانسان او تتوقف او ايجاد حلول اكثر تطورا وقدرة على حل النزاعات البشرية لكن في بعض الديانات اصبحت عقيدة اساسية وجوهرية في بناء معتقداتهم الدينية ووجودهم مرتبط بشكل مياشر بهذة الحقيقة الحربية والقتيالة كما في اليهودية والاسلام وكذلك المسيحية القديمة التي مارست شريعة الحرب والقتال وتركت في تاريخها الديني تراث هائل من القرابين البشرية تحت راية حروب الصليب ولم تعتمد المسيحية على نصوص مقدسة في خوض حروبها بشكل واضح بل اضفت عليها القدسية وجيشت معتنقيها باسم الرب ومع ذلك نرى تقاعد (المسيح العسكري) التي صنعته المؤسسات المسيحة وتنازله عن ممارسة الحرب المباشرة باسم الرب تحت ضروف داخلية وخارجية خلصت المسيحية من مشاكل وجودية كبيرة وظهرت بشكل يتناسب مع القيمة الروحية للدين المتواكب مع الانسان( ونتمنى ان لايتم ارجاع المسيح العسكري للخدمة مرة اخرى)، ولاكن مازلت اليهودية والاسلام يتخذان مشروع القتال والمواجهة الدامية جوهرعقائدي ويعتبرانه من اساسيات الايمان والعقيدة مما يجعل هذة الديانتين في بؤرة المواجهة العسكرية المستمرة والتجيش الدائم، وسبب ذلك هو الاقرار الربوبي في النصوص المقدسة وتطبيق هذة النصوص كسلوك فعلي وايماني مقدس.
يتبع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المشهديّة | المقاومة الإسلامية في لبنان تضرب قوات الاحتلال ف


.. حكاية -المسجد الأم- الذي بناه مسلمون ومسيحيون عرب




.. مأزق العقل العربي الراهن


.. #shorts - 80- Al-baqarah




.. #shorts -72- Al-baqarah