الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أصول التكنوقراطية الأسلامية

عزيز الخزرجي

2016 / 4 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


أصول ألتكنوقراطيّة آلإسلامية:
يمكننا و من خلال تجربة الدّولة الأسلامية المعاصرة التي أثبتت ريادتها على صعيد تحقيق التقدم العلمي و الحضاري و المدني بحيث فاقت حتى أصول التكنوقراطية الغربية التي إتّبعت طويلاً, حين إختصرت 3 قرون غربية بـ 3 عقود إسلامية معلومة .. لتصل إلى نفس المستوى العلمي و التقني الذي حقّقه الغرب منذ عصر النهضة و إلى اليوم؛ يُمكننا على ضوء هذا الفارق الكبير؛ تحديد مفهوم (التكنوقراطية الأسلاميّة ألعصرية) المطلوبة كمعيار للعراق و الأمة الأسلامية بثلاث أبعاد رئيسية هي:

ألأول: ألتقوى و آلنّزاهة ألتي يُحدّدها المنهج الفكري و الولائي الذي يؤمن به المرشح من خلال آلمرجع الديني و الفكري الذي يرجع إليه في أحكامه الكبيرة و الصغيرة, بجانب ملاحظة ألمميزات و آلملامح العامة لحياته و ممتلكاته الخاصة, و من أهمّ المعالم و آلصّفات العامة التي يجب ملاحظتها على هذه الشخصية؛ هي التواضع و البساطة و الأخلاص للولاية ألتي هي الأصل الأساس في حركة و سعي الأنسان.

ألثاني: هو الأختصاص آلأكاديمي, و نعني التّخصص في المجال العلميّ و حصوله على شهادة الدكتوراه على الأقل, هذا إذا لم يكن ما فوق الدكتوراه أي شهادة (البوست دكتورين), و كذلك شهادات علمية و عملية أخرى لها علاقة بذلك المجال الذي نعنيه, و يكون من الأفضل حصول ألمرشح المعني على براءة أختراع أو أنجاح مشروع معين أثبت نجاحه و فائدته للمجتمع.

ألثالث: التّخصص في علم آلأدارة الحديثة, و أسس التنمية البشرية و الصناعية و الزراعية و المالية, لأنّ المسؤول الذي يجهل هذه العلوم ألأساسية أياً كان إختصاصه .. لا يمكن أن يكون مُنظّراً لأدارة وزارته ألمعنية بشكل متميّز بجانب عدم قدرته على حلّ المشكلات التي قد تصادف مناهجه أثناء التطبيق إن لم يكن مسلّحاً بكافة تلك العلوم المنهجية القديمة - الحديثة.

و آلسؤآل الذي يرتبط و يجمع تلك الأبعاد الثلاثة مع البعض في حال تزاحم المرشحين على منصب معين, هو:
أيّ بُعدٍ من الأبعاد الثلاثة الآنفة يتقدم على الآخر كضامن للنّجاح, حيث نادراً ما يتفق بوجود شخص تكنوقراطي يجمع تلك الأبعاد الثلاثة بشكل كامل و مجزئ؟

الجواب بإختصار شديد هو:
ألتقوى و آلنّزاهة و حسن السيرة لها الأولوية على الشّرطين الأخرين, وهو شرط أساسيّ لتحمل المسؤوليات الكبيرة التي ترتبط بها مصير و حقوق الناس, حيث يتقدم على الأختصاصات الأخرى نسبيأً رغم أهميتها, ولا نعني من يصلي صلاة الليل و يصوم و يتظاهر بآلتقوى فقط, بل لا بد من ملاحظة مجمل الوضع العام لهذا المرشح!

و لو فرضنا وجود مرشحين يحملان مواصفات متقاربة؛
لكن ألأول: يفوق بتقواه و منهجه الأنسانيّ و نزاهته إختصاصه و علمه آلاكاديمي في مجال معيّن.
أما الثاني: يفوق بإختصاصه ألمنهج الأنساني و النزاهة التي يتصف بها.. فأيّهما آلافضل لأختياره لمنصب المسؤولية أو لرئاسة الدولة؟

ألجواب و بحسب ما أسلفنا و ما أكّده نهج البلاغة لامام العدل و الأنسانية الأمام علي(ع) هو:
إختيار الأول – أيّ [الأمين الأقل كفاءة]: فهو الأفضل و آلأأمن إطلاقاً لضمان سير و تحقيق النّجاح و حفظ حقوق الناس, و إن كان العمل ألأنتاجي ربما يسير بشكل أبطأ, لأنّ الأخطاء ألمتوقعة و المحتملة التي قد تُرتكب من قبل [الأمين الأقل كفاءة], ستكون هينة و قابلة للعلاج مع أقل الخسائر و بعض التأخير لا أكثر .. لكنها لا تستهدف أسس بنية النظام ألأقتصادي و الأجتماعي و بناه التحتية و حقوق الفقراء بآلصميم و التي إن هُدرت فقد يكون من المستحيل ردّها, و كما حدث مع جميع الوزراء و المسؤوليين الذين جاؤوا بعد عام 2003م للأسف وسرقوا الناس بحسب "القانون".

أمّا الثاني [الكفوء ألأقل أمانةً] : فإنّه قد يرتكب أخطاءاً جوهرية قاصمة و فساداً كبيراً يُهدد أركان النظام و آلوزارة التي يترأسها و كما شهدناهم مراراً .. و بآلتالي تمسّ عادةً ألبنى التحتية التي ترتبط بها حقوق و ثروات كل الشعب.. لأنها تكون ناتجة عن تخطيط و منهجية و دراية و بشكل تقني يعرف صاحبه بدقة ما يفعل, و لهذا يكون ضرباته قوية و موجعة و بآلصميم و تأثيره السلبي يكون كبيراً و ممتداً لكل مفاصل النظام و لمستقبل الأمة ككل, و هذا ما حصل مع جميع الحكومات التي جاءت بعد 2003م, حيث أصبح العراق بسببهم مديناً لأكثر من 50 مليار دولار و الشعب حيران امام هؤلاء الحيتان العجيبة الغريبة.

هذه هي أهم الخطواط المبدئية لإختيار المسؤول .. خصوصا الرئاسات الثلاثة مع مكوناتها و أعضائها ثم هيئة القضاء ثم القوانين ألمتعلقة بالوزراء و النواب و المحافظين و المدراء!

و قد سارت الدولة الأسلامية المعاصرة على هذا النهج القويم و إستطاعت أن تختزل الزمن و تستثمر الأمكانات الموجودة على أفضل وجه, حتى حققت ما يشبه المعجزات التي حيّرت العالم و الدول الكبرى!

و أقول بعد متابعاتي الدقيقة لخط سير الحكومات العراقية سابقا و لاحقاً .. بأنها لو كانت هذه المبادئ متّبعة في إختيار الوزراء و آلنواب و المدراء و المحافظين في العراق لما كان الحال يصل إلى ما هو عليه, حيث خرجت الدولة الأكثر غنىً في العالم لتكون ليس فقط أفقر دولة .. بل مدينة لأكثر من 50 مليار دولار للبنوك و الشركات التابعة للبنك الدولي و المنظمة الأقتصادية العالمية!

و للأسف حين إطلعت على سيرة الوزارة الجديدة والوزراء الذين إنتخبهم السيد العبادي و جوقته كبديل عن الحكومة السابقة الفاسدة؛ رأيتُ فقدان أكثرهم لتلك الشروط الأساسيّة التي لا يمكن آلأستغناء عنها في إختيار الشخصيات (ألتكنوقراطية) المناسبة لتحمل مثل تلك المسؤولية ألكبيرة, و لذلك نرى أيضاً من الجانب الآخر و للأسف الشديد بأن أعضاء البرلمان بدءا ًبرئيسه الجاهل الجبوري الفاقد لأبسط تلك المقومات التي عرضناها و بقية أعضائه: قد وافقوا على التشكيلة التي سوف لن تكون أفضل من سابقتها بلا شك لفقدانها آلمواصفات آلأساسية الثلاثة التي ذكرناها لأختيار المسؤول التكنوقراطي ألناجح, و لا حول و لا قوة إلا بآلله العلي العظيم.
عزيز الخزرجي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحقيق مستقل يبرئ الأنروا، وإسرائيل تتمسك باتهامها


.. بتكلفة تصل إلى 70 ألف يورو .. الاتحاد الفرنسي لتنمية الإبل ي




.. مقتل شخص في قصف إسرائيلي استهدف سيارة جنوبي لبنان


.. اجتماع لوكسمبورغ يقرر توسيع العقوبات الأوروبية على إيران| #م




.. استخراج طفلة من رحم فلسطينية قتلت بغارة في غزة