الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ارفع رأسك فأنت سوري رسالة عاجلة إلى مجلس الأمن

أحمد مولود الطيار

2005 / 11 / 23
حقوق الانسان


لا أدري أين سنولّي نحن السوريين وجوهنا ؟
ما علاقتي كمواطن سوري و أتحفظ جدا على كلمة مواطن , اذا كان أصف شوكت متهم بقتل رفيق الحريري؟ وما هو ذنبي اذا كان رستم غزالة قد تأمر مع جنرالات لبنان الأربعة أو الخمسة أو الألف في التخطيط لجريمة سياسية من هذا النوع ؟. (طبعا كما يقول السيد ميليس ).

وهل جلست يوما أنا أو غيري من السوريين الى مائدة ماهر الأسد نتسامر حول شؤون و شجون سورية ؟
ما علاقتي اذا كان السيد رستم غزالة يملك رصيد سائل في بنك المدينة اللبناني عشرين مليون دولار و أنا أتضور جوعا ؟
كذلك سيان عندي ان كان المرحوم غازي كنعان نحر أم انتحر و اذا كان " طريق الحرير" الخط العسكري بين سورية و لبنان قد أغلق أم لا. و ما همني اذا كان تقرير السيد ميليس قد أشار الى السيد فاروق الشرع واتهمه بالكذب. لا على العكس من ذلك سأمدّ لساني الى السيد ميليس و أقول له: صح النوم.
ماذا سيفيدني اذا كان تقرير السيد ميليس قد اشار الى تورط النظام السوري واتهمه بأنه المدبر والمنفذ لجريمة اغتيال السيد الحريري؟
ماذا نابني من المرحوم الحريري عندما كان يوزع هباته و قصوره وهداياه على المسؤولين السوريين في سورية و لبنان؟
تسكعت تسعة أشهر في بيروت هربا من النظام السوري وحاولت جاهدا تأمين أقل عمل يمكن أن أقتات منه لكي لا أمدّ يدي وما فلحت.
رحم الله الحريري وليذهب قتلته الى الحجيم, ولكن لماذا يريدون ذهابنا معهم أيضا الى الجحيم؟
لا أعتقد فيما أفضفض لكم به شؤون شخصية, أنها باعتقادي هموم السواد الأعظم من السوريين عاشوا بين حصار النظام الاقتصادي المستمر منذ عقود والعقوبات الأممية القادمة الينا بسبب جرائم لم نرتكبها نحن السوريين.
لم نعد نفهم حدود الوطن. لم نعد نستطع رسم جفرافية سوريا. ضحكوا علينا وقالوا لنا في كتب التاريخ والجغرافيا والقومية والتربية الإسلامية: سوريا هي القائد و القائد هو سوريا. صدقناهم مرغمين. الآن أيضا يريدون أن نصدقهم: سورية مهددة في هيبتها وكرامتها وعنفوانها.
حاولت منذ عقود أن أرفع رأسي لأني سوري. حاولت جاهدا أن لا أطأطئه وأن لا أخفضه وأن أنظر في عين الشمس. كنت أفشل عند كل محاولة. لم أستطع التحديق في عيني البقال الذي كف عن إقراضي الخيار والبندورة والسمنة والرز والسكر. تركت طفلي ينهش جسده الغض المرض اللعين لأن اجرة المعاينة عند أي طبيب غير مختص لا أقوى على دفعها. كرهت الشتاء ذلك الفصل المغري لأن مصاريفه كثيرة. تشاجرت مرارا مع فواتير الماء والكهرباء وتمنيت لو أن تلك المنجزات العلمية لم تصل الى بلدي. عيني مكسورة أمام طفلي وزوجتي والبقال والطبيب وجباة الماء والكهرباء والهاتف وجاري في الحي الذي استدان ليقرضني. رأسي أخفضه وأقف في وضعية الاستعداد العسكري أمام عناصر الأمن وضباط المخابرات في بلدي وكلما حاولت المحافظة على تلك الوضعية الوضيعة يأتي الخوف ليلخبطها فأرتجف وأهتز فتنهال الصفعات على جسدي الميت من كل الجهات.
في لبنان حاولت مرة أن "أدحش" جسدي الضئيل في حاوية للقمامة مع سوريين اخر كانوا يفلّون مافيها وينثرون محتوياتها بآلية ميكانيكية غريبة وعجيبة. فغر فمي على اتساعه وجحظت عيناي ذاهلة لما ترى. لقد فرزوا ما في الحاوية الى أصناف متعددة وبدأوا باقتسام الثروة. اقتربت منهم, رمقني أصغرهم شزرا. آثرت الابتعاد و السلامة.
كلما يحاول ظهري الانحناء أقومه. متى تحاول جفوني الانسدال أنبهها. متى شعرت أن كفي تحاول أخذ وضعية التسول أقلبها وأخفضها الى جنبي. أنّى شعرت أن قدمي تقوداني إلى طريق الاعوجاج أصححهما. فأنا سوري.
وعندما يحين المساء, أجمع أعضائي كلها ويبدأ لساني الذي لا يكل الخطب والعظات خطبته المعهودة منذ اثنين وأربعين عاما:
أنتم سوريون. قدركم أنكم أبناء هذا البلد الذي يقع على كاهله حماية العروبة. لقد اختارتكم العناية الالهية لكي تكونوا في الخط الدفاعي الاول تذودون به عن العرض والأرض. إن سورية العروبة, سورية القومية, سورية المستهدفة, ستتحطم على أسوارها كل المؤمرات و ستلقن الأمريكان والفرنسيين دروس البطولة ومعنى المقاومة...
...
...
هل في هذ الجسد المنهك ما ينهض ليقول: أنا سوري يا نيالي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. توقف الأونروا عن تقديم خدماتها يفاقم معاناة الفلسطينيين في ق


.. تضامناً مع الفلسطينيين في غزة.. عشرات الطلاب يتظاهرون بالموت




.. ممثل صندوق الأمم المتحدة للسكان في فلسطين: ما رأيته في غزة ي


.. آلاف اليمنيين يتظاهرون في صنعاء دعماً للفلسطينيين في غزة




.. إيرانيون يتظاهرون في طهران ضد إسرائيل