الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نقد الشافعي, الحلقة (12 / 29): دعوى الإجتهاد الجزء 3

انور سلطان

2016 / 4 / 7
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


نقد الشافعي, الحلقة (12 / 29): دعوى الإجتهاد الجزء 3

الاجتهاد في معرفة العدل من الناس

قال تعال: (واشهدوا ذوي عدل منكم) (الطلاق: 2). وقال: (ممن ترضون من الشهداء) (البقرة: 282).

قال الشافعي معلقا: (وأبان أن العدل العامل بطاعته، فمن رأوه عاملا بها كان عدلا، ومن عمل بخلافها كان خلاف العدل). (الرسالة: 38) وقال أيضا: (فأمرهم أن يشهدوا ذوي عدل، والعدل أن يعمل بطاعة الله، فكان لهم السبيل إلى علم العدل والذي يخالفه). (الرسالة: 25).

وقال أيضا: (كُلفنا أن نقبل عدل الرجل على ما ظهر لنا منه ونناكحه ونوارثه على ما يظهر لنا من إسلامه. وقد يكون غير عدل في الباطن). (الرسالة: 482).

وقال:(وليس للعدل علامة تفرق بينه وبين غير العدل في بدنه ولا لفظه، وإنما علامة صدقه بما يُختبر من حاله في نفسه). (الرسالة: 493).

نقاش الاستدلال على الشاهد العدل

يعتبر الشافعي أن صدق الشاهد يُعرف بالطاعة الدينية. وفصل الشافعي الصدق عن الطاعة للقول بوجود علامة. والسؤال الذي يطرح نفسه: هل العدل هو من يعمل بطاعة الله ومن ذلك الصدق، أم العدل هو الصادق؟ ومن قال أن الطاعة دليل على الصدق، فقد توجد في الإنسان معاص، بل شرك، ولكنه لا يكذب كما فعل أبو سفيان مع هرقل عندما سأله عن النبي. وقد يوجد من يعمل بطاعة الله في أكثر شأنه وهو أكبر الكاذبين.

فإن كان العدل هو الصادق فالصادق يُعرف بصدقه، وإن كان العدل هو من يعمل بطاعة الله، فالعامل بطاعة الله يعرف بعمله بطاعة الله. فلا مبرر لفصل الصدق عن الطاعة وجعل الطاعة دليلا عليه، بل الصدق هو أول طاعة في جميع الطاعات، وبالتالي فهو جزء جوهري من ماهية العدل. ولا توجد في كلا الحالتين علامة. وما يوجد هو مغالطة.

فالشافعي في أول كتابه لم يفصل الصدق عن الطاعة، وجعل تعريف العدل هو العلامة، وهذه مغالطة. ثم فصلهما بعد ذلك كما يظهر من كلامه. وجعل الطاعة دليل على الصدق، وهذه مغالطة أخرى. لقد تردد الشافعي بين مغالطتين ليربك القارئ.

إن قول الشافعي أن العدل من يعمل بطاعة الله، وبالتالي جعل الله لنا السبيل لمعرفة العدل من الناس بالطاعة، أو دليل على الصدق وهو جزء من الماهية، عبارة عن مغالطة تقوم على الفصل بين الكلمة ومفهومها، أو جزء من مفهومها.

تعريف العدل ليس دلالة على الرجل العدل من الناس إلا كدلالة كلمة العدل نفسها عليه. فالتعريف شرح للمعنى (المفهوم)، وهذا المفهوم يعطي للكلمة دلالتها ويجعلها دالة على الشيء الذي وضعت له. إن الكلمة وتعريفها هما دلالة واحدة على شئ واحد. أو بتعبير آخر، تعريف الكلمة مرادف لها في الدلالة. كلمة إنسان وتعريفها بأن الإنسان حيوان ناطق، يحملان معنى واحدا في دلالتهما على هذا النوع المعروف من المخلوقات. فإذا قلت سلم على كل إنسان تلقه، والإنسان هو الحيوان الناطق، فكأني قلت سلم على كل حيوان ناطق تلقه. فلم أزد شيئا في المعنى ، ولا أكون قد وضعت علامة تدل على الإنسان.

لقد فصل الشافعي بين الكلمة ومفهومها (معناها)، وبينهما معا وبين الشئ الذي تصدق عليه (الماصدق)، وجعل المفهوم هو الدلالة -العلامة الدالة- بين الكلمة وبين المدلول. ولا يوجد فصل بتاتا، فالمفهوم منتزع من مجموع صفات الماصدق، يُختزل في كلمة، ويعطيها معناها، ويجعلها دالة على ما وضعت له. وعليه، فالقول أن العدل هو العامل بطاعة الله هو محاولة فهم مقصد الآية من كلمة العدل، يحدد معناها ويعطيها دلالتها، هو فهم للدلالة، وكأن الآية قالت (واشهدوا رجلين عاملين منكم بطاعة الله).

إن تحديد معنى العدل ليس دلالة على العدل من الناس، لكنه دليل مثل كلمة العدل نفسها على مايصدق عليه من الناس، لأن التعريف ليس إلا إعطاء الكلمة مضمونها الدال على مدلولها لأنه مأخوذ منه.

إن العدالة وغير العدالة صفة في الإنسان تُعرف بالعقل من سلوكه، والسلوك هنا ليس علامة على العدل أو خلافه، بل الجوهر الذي يعطي العدل أو خلافه صفته، كما أن النطق (العقل) في الإنسان ليس علامة بل صفة جوهرية، مع الحيوانية، تجعل الإنسان إنسانا. وقول الشافعي أن الله جعل لهم السبيل في علم العدل من الناس والذي يخالفه عندما أبان معنى العدل كعلامة، كالقول جعل لهم السبيل إلى معرفة السارق والذي يخالفه. فالسارق من يسرق من حرز، والسرقة من الحرز علامة على السارق.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أكبر دولة مسلمة في العالم تلجأ إلى -الإسلام الأخضر-


.. #shorts - 14-Al-Baqarah




.. #shorts -15- AL-Baqarah


.. #shorts -2- Al-Baqarah




.. #shorts -20-Al-Baqarah