الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ملكة جمال المحجبات: دنيا ودين

أيمن زهري
كاتب وأكاديمي مصري، خبير السكان ودراسات الهجرة

2016 / 4 / 10
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يعاني العالم الإسلامي حاليا من الشيزوفرينيا Schizophrenia الحادة المتمثلة في حالة من الفصام أو إنفصام الشخصية. مثلهم مثل كافة المرضى النفسيين يرفض المجتمع القبول بالمرض، بل يكابرون ويعتبرونه نوعا من الجمع بين الأصالة والمعاصرة من خلال الإنغماس في ملذات الحياة المادية وتطويعها لكي تبدو متوافقة ”من حيث الشكل“ مع الموروث الديني والثقافي الذي يبدو أنه قد أثقل كاهلهم ومنعهم من التمتع بالحياة العصرية التي يعيشها أمثالهم في بلاد الغرب الذي ينعتونه بالكفر والضلال والإنحلال.

الصيغة التوفيقية التي إبتكرها أبناء جيلنا لا تعدو عن كونها مسخا أو وقوفا في المنطقة الوسطى بين الجنة والنار كما يقول شاعر الفيحاء العظيم الأستاذ نزار قباني الذي نعتوه بالزندقة والفجور. فلا هم حافظوا على تراثهم ولا هم تبنوا مستحدثات العصر كما طورها العقل البشري في بلاد الضلال. إلا أنهم في سعيهم للمواءمة بين الموروث القديم الذي تجاوزه العصر والمبتكر الجديد القادم من بلاد الكفر مالوا ميلاً كبيراً.

الأمثلة على تلك المسوخ كثيرة من مسابقة ملكة جمال المحجبات الى طلاء الأضافر الإسلامي، مرورا بالبيرة غير الكحولية والخمر غير الكحولي وسراويل الجينز المقطّعة التي تم حشوها بخلفية رقيقة من القماش الأبيض أو أحيانا بلون الجسد حتى لا يظهر الجسد ذاته من خلال فتحات البنطال، البنطال بذاته لا ينطبق عليه شرط هام من شروط اللباس الشرعي للمرأة وهو ألا يكون صافّا، أي لا يصف الجسد. البنطال الجينز يكاد يكون كطلاء إمرأة عارية باللون الأزرق الفاتح! يمكننا هنا الحديث أيضا عن مصفف الشعر للمحجبات وظاهرة الحجاب فاشون وربطات الطرحة وأسعار تلك الخدمات.

بالنسبة للماكياج وتحديد الحواجب وطلاءات الوجه والوصف والشف فحدث ولا حرج. ناهيك عن الظهور العام في المقاهي والرقص في الأفراح - أما العامة والخاصة - والخلوات الخاصة والخروج مع ”الأجانب“ بغير محرم وصولا الى أن أصبح الزي المدعو بالزي الإسلامي لباسا كأي لباس حتى أن إحداهن - كما سمعت - تذهب للملهى الليلي الذي تعمل به وهي محجبة، تدخل لتؤدي فقرة رقص شرقي بالزي الرسمي ثم تخرج لترتدي حجابها وتعود لبيتها. لا أدري إن كانت هذه السيدة تفعل ذلك مضطرة أم واعية للإزدواجية التي تحياها، أو ربما تستغفر ربها كل ليلة على ما تفعل ... لا أستطيع أن أجزم بشئ.

يريدون أن يتخلوا عن الزي الإسلامي - الرجالي - بينما يحبسون النساء فيه. من المظاهر الغريبة أن تجد شابا حاسر الرأس يرتدي قميصا رياضيا (بولو شيرت) وسروالا يغطي ركبته، بينما قرينته تتشح السواد من أم رأسها إلى إخمص قدميها. هو حر عصري طليق وهي في تلك الخيمة. أما عن الرغبة المحمومة في عدم التنازل عن مُتَع ومباهج الدنيا فتجدهم يقاتلون من أجلها ويحاربون مَن يقفون ضد الخلط بين القيم والعادات الغربية والقيم والعادات الدينية. على سبيل المثال، إستغرق الحديث حول المايوه الإسلامي وقتا طويلا في صيف عام 2014. طبعا المايوه الإسلامي ليس إسلاميا، ”الإسلام لا يعرف شيئا بها الإسم.“ هذا المايوه الإسلامي (لباس البحر) للنساء عبارة عن شيء يشبه لباس الغوص ولونه في العادة أسود، إلا أن ألوانا أخرى قد ظهرت ليفقده كل مواصفات اللباس الإسلامي - لا يصف ولا يشف ولا يكون فتنة في ذاته - فهو يصف على أدق ما يكون الوصف وأحيانا يشف ومن المؤكد أنه فتنة في ذاته.

لا أجد غضاضة في إستخدام تكنولوجيا الغرب التي أنتجتها العقول ”الكافرة“ المجتهدة التي تأخذ بالأسباب بأموال النفط أو بغيره التي منحها الله أناسا كانت وبالا عليهم لحكمة لا يعلمها إلاه، لا غضاضة عندي في ذلك، فما تقرأه الآن وصل إليك بسبب إعمال هؤلاء ”الكفار“ قريحتهم في خلق الله فإبتكروا وأبدعوا وعمّروا الكون. الغضاضة عندي في هؤلاء الذين يريدون أسلمة المجال العام من خلال الإفتئات على منتجات الغربي ”الكافر“ ”القذر“ ومحاولة إستنساخ ما يقابلها بعد صبغه بصبغة دينية ليخدّروا ضمائرهم ويفوزوا بمتاع الدنيا والآخرة والتي وصلت ذروتها بالإعلان عن مسابقات ملكات جمال الحجاب في البلدان الإسلامية ... أخشى أن تتم دعوتي قريبا لإفتتاح أول ملهى ليلي شرعي في شارع الهرم. في النهاية لا يسعني إلا أن أقول ”اللي إختشوا ماتوا.“









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تونس.. ا?لغاء الاحتفالات السنوية في كنيس الغريبة اليهودي بجز


.. اليهود الا?يرانيون في ا?سراي?يل.. بين الحنين والغضب




.. مزارع يتسلق سور المسجد ليتمايل مع المديح في احتفال مولد شبل


.. بين الحنين والغضب...اليهود الإيرانيون في إسرائيل يشعرون بالت




.. #shorts - Baqarah-53