الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأسرى العراقيون بين التفكيك النفسي وغرف الموت / اسماعيل جاسم الجزء الرابع

اسماعيل جاسم

2016 / 4 / 11
أوراق كتبت في وعن السجن


الأسرى العراقيون بين التفكيك النفسي وغرف الموت / اسماعيل جاسم
الجزء الرابع

غزوة التنظيف الفكري... نهاية محزنة
نعم هي كذلك , هكذا يدوّن المرء ذكرياته الجميلة والمؤلمة التي تترك اثرا عبر محطاته المتعددة , في تلك اللحظة الحاسمة بدأ العد التنازلي للمنازلة , يا له من من هول انما هي أصابعهم تومئ يتحقق كل شيء طبعا لا شيء يفرحك فقط اضافةً اخرى الى ما كان من وجع وحرمان , كادت أيام الصيف تكون اياماً ذات لهب يحرق الدماء تحت اشد الظروف وطأة وعنفاً , غزوة لها مسحتها المخيفة , فيها ما يخفيه امراء الافتاء في قاعة صغيرة لا تتجاوز مساحتها بضع امتار فكيف بالأمراء الباقين الذين يملكون مفاتيح مغاليق العالم ؟ غرفة صغيرة جداً وضعت تحت درج القاعة فيها سريران , على هاتين السريرين يجتمع المخططون برسم خارطة الهجوم او الغزوة لدخول جيوش الفاتح " علاوي الفتلاوي " وانصاره , تم تحرير الاسرى من قيود البعثيين الذين ينفثون سمومهم في عقول البعض . هذه روايتهم وتضليلهم , بعدما اعدوها اعدادا محكماً بسيناريو مخيف غير مفبرك او مدبلج , عانت ثلة من الأسرى كرباً شديداً وكمداً غير مألوف وجرحاً لم تبرئ ذكرياته ولن تنسى ايامه , فقد ظلت هذه المحطات تشكل تساؤلاً وسطوة غلبت مشاهدها تُكتشفُ فيما بعد , شاء سوء حظهم أن يكونوا ضحية لنزوات طائفية منها وسياسية والاثنان في آن , جمعوا هذه المجموعة في باحة القاعة , عدد سكانها قارب الثلاثمائة وعشرون اسير , كالعادة ننهض صباحاً استعداداً للتعداد والرياضة البسيطة نوعا ما . أخبر المسؤولون العراقيون جميع الأسرى إلا العدد القليل ليس له علم بما يدور ,أخيرا قبيل الهجوم المباغت عُزلت هذه الثلة التي لنا معها علاقات ودية وعيش في بيئة واحدة ومصير الجميع واحد , لم يقترفوا زلة أو عملا مخلاً بالنظام العام للأسر , كان الجزء الأكبر على جهة وهؤلاء على جانب آخر , استطيع ان اصف المشهد بمسرحية حقيقية تدور احداثها في باحة متوسطة المساحة , المسرح خال من المدرجات , هناك ثلاثة اطراف , علاوي الفتلاوي ومجموعته الكبيرة ,والمجموعة الثانية , الضحية , المجموعة الثالثة , المشاهدون وهم الرافضون لجميع الممارسات القمعية ,هز المسؤول رأسه . الجانب الثالث يترقب كيف ستكون النهاية ؟ من الطبيعي معلومة هي النهاية ! هجم القوم على بضع اشخاص بعد الصاق التهم التي ما انزل الله بها من سلطان , اول الاتهامات الجاهزة المعروفة لدينا انهم اشتركوا بقتل السيد الصدر او من المؤيدين لقتله وانهم بعثيون وصداميون وجيش شعبي , هذه الاغلبية يجمعهم الخوف اولاً والتزلف , لا ادري لماذا هذا التزلف ؟ الجميع تأكل من قدر واحد وفراش واحد , على حين غرة بدأت الغزوة فهجم اغلب الاسرى على هذا العدد او النفر , في هذه الاثناء اختلط البكاء تعالى الصراخ مع تكبيرات الله اكبر , اصبح الاسرى المغار عليهم تحت الاقدام , المشهد اتصوره كوحوش مفترسة هجمت على فريستها , خلال دقائق معدودات انتهى المشهد التراجيدي بوحشيته وقساوته , فعلاً كما ذكرت سابقا قد نقل التوابون الجدد التجربة والثقافة البعثية لأقفاص الاسر بالممارسة العملية , نحن بين اربعة جدران لا احد يسمع استغاثاتنا ولا منجد ينجدنا او مجيء مصلح يصلح امورنا , بعد انتهاء الغزوة وانسحاب المهاجمين بقيت خلفهم هذه المجموعة المفجوعة طريحة على الارض اجسادها مضرجة بدمائها ووجوهها ممزقة , منهم اصيب بكسور ورضوض , فلا علاج ولا دواء فقط نقلوا داخل القاعة ووضعوهم على اسرتهم ولا يسمح لأي اسير الاقتراب اليهم , هذه العقوبة هي اشارة خوف للباقين ,عقوبة جماعية وجسدية , اصدار الاوامر لم تكن انسانية والاتهام لم يكن حقيقياً . اتذكر بعض الاسماء التي هجمت عليها كلاب الارشد العراقي هم 1- علي خلف كرين / الانبار 2- احمد محيسن /الانبار 3- عباس حمد / الانبار 4 ابو اركان / الطارمية 5- عبد الله حامد الزبير ابو احمد / الموصل وغيرهم هذا ما تبقى في ذاكرتي التي هرمت وهناك كانت وجبة ثانية معدة للتطهير الفكري الذي ينوي المسؤولون العراقيون " التوابون " ان ينفذوا حكمهم الجائر بهم مع العلم ان كل ما كان هو تحت اشراف المسؤولين الايرانيين خاصة ادارة استخبارات المعسكر " ولكن المقترحات كانت تصدر من التوابين انفسهم ,
استخدام القمع والإذلال هي الوسائل التي استخدمت ضد الاسرى بغياب المنظمات الدولية خاصة منظمة الصليب الاحمر الدولية , هذه المنظمة لم يكن لها دور سوى تسجيل الاسرى ومنحهم هوية اسير عليها الاسم وتسلسله وتاريخ الاسر , كنا ننتظر بفارغ الصبر أن نلتقي بأحد اعضاء المنظمة لنشرح لهم ما نعانيه من تعذيب وقسوة وقلة في الاكل اما باقي الخدمات كالملابس الداخلية والمناشف والشراشف والصابون والسكر والشاي كلها كانت طبيعية ولم نشكو من قلتها . في كثير من الاحيان حينما يسمع الايرانيون والتوابون نبأ زيارة وفد من الصليب الاحمر يحيطوننا علما مسبقا وتهديدا فيما اذا تجرأ احدكم من التحدث معهم فسوف يعرف مصيره انهم يذهبون وانتم الباقون .
سبق وأسهبت , ان جميع ممارسات الاذلال والقمع والتعذيب كانت تصب في مسألة طائفية وسياسية خاصة المذهبية , الامر هذا لم يقتصر على طرف دون آخر بل الجميع مشمول به , يعني الشيعي والسني في ذات الوقت فهم مشمولون بنبرات الهستيريا الجامحة والتلذذ بتعذيب الآخرين .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. طلاب الجامعة الأمريكية في القاهرة يتظاهرون بأسلوبهم لدعم غزة


.. إعلام فرنسي: اعتقال مقتحم القنصلية الإيرانية في باريس




.. إعلام فرنسي: اعتقال الرجل المتحصن داخل القنصلية الإيرانية في


.. فيتو أميركي ضد مشروع قرار منح دولة فلسطين العضوية الكاملة في




.. بن غفير: عقوبة الإعدام للمخربين هي الحل الأمثل لمشكلة اكتظاظ