الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السعادة الزوجية أو الحلم المفقود

تركي لحسن

2016 / 4 / 11
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


الكل يتلهف للحصول على هذه الخلطة السحرية التي تحقق هذه السعادة الضائعة، إلا أننا ننسى أن عقلنا العربي، كما قال الجابري، قد تكون داخل بنية ثقافية اجتماعية صراعية، صراع إثني- قبلي، إقليمي- جهوي، أما الصراع الأساسي فهو الصراع الذكوري- الأنثوي...هذا الصراع الذي لا زال قائما داخل لاشعورنا الجماعي منذ أن قرر أعراب الجاهلية وئد البنت، حيث كان هذا السلوك بمثابة الآلية النفسية الاجتماعية التي يثبت بها الذكر ( الأب ) سلطته، فذريعة العار كانت مجرد غطاء لا واعي للسيطرة الذكورية..
نحاول الآن،عبثا، تناول ظاهرة الطلاق بالدراسة و معالجة المشاكل الناجمة عنها، لكننا نتجنب، في ذات الوقت، لب المشكل وهو خلل العلاقات الزوجية( الصراع الذكوري – الأنثوي القابع في عقلنا الباطن )...الصراع في مجتمعاتنا العربية بين الرجل و المرأة أزلي، صراع مغروس في البنية اللاشعورية للعقل العربي، أما معالمه فواضحة جلية....
تنشأ البنت في بيئتها النسائية المفعمة بالوصايا التحذيرية من مكائد الرجال، فتكبر و هي ترى في الرجل الخصم المرغوب فيه و المحبوب الذي يجب احتوائه و تقليم أظافره....و ينشأ الولد بالكيفية نفسها...
فعلى الرغم من الفطرة التي تدفعهما للوصل و الود و الانسجام، إلا أن البنية اللاشعورية للعقل الجمعي العربي و التنشئة الاجتماعية النمطية تفرض عليهما هذا الصراع الوهمي...صراع يتوهم من خلاله الذكر أن عالمه الرجولي أسمى و أرقى من العالم الأنثوي استنادا لفهم خاطئ لما جاء في القرآن الكريم ( الرجال قوامون عن النساء ) سورة النساء الآية 34....إلا أن القوامة ليست أفضلية في الجنس بقدر ما هي خصوصية في الوظائف الفيزيولوجية و الاجتماعية...
لكن العقل العربي في تكوينه، و من المنطلق الذي كان يَنظر منه للمرأة كما أشرنا سابقا، فهِم القوامة على أنها أفضلية في الترتيب الإنساني...فهمٌ يخدم معتقده الذي و إن كان قد أسقط صنمه إلا أن جذوه في عقله الباطني بقيت سليمة....
إذن، منذ ذلك الحين و نحن نبحث عن السعادة و الانسجام بين الرجل و المرأة داخل بنية اجتماعية ثقافية صراعية في باطنها...أما إذا أردنا أن نتحقق من ذلك فما علينا إلا مراجعة نظرة مجتمعاتنا العربية للرجل المطلق ثم نظرتها للمرأة المطلقة، نظرتها للرجل العقيم ثم نظرتها للمرأة العقيمة، نظرتها للرجل الأمي ثم نظرتها للمرأة الأمية....
فإّذا راجعنا ذلك من منظور موضوعي علمي علمنا أن المجتمعات العربية لا زالت تنظر للمرأة نظرة دونيّة، الشيء الذي يرسخ أسس هذا الصراع الباطني. إذ كيف يعقل لهذه السعادة أن تتحقق داخل بنية اجتماعية ثقافية يرى الرجل نفسه فيها على أن أنه صاحب الأولوية و الفضل، و الدليل على ذلك أن الشارع ميزه بأن أعطاه الحق في الزواج من أربعة نساء، و أن حقه في الميراث يعدل حق الأنثيين، و أن شهادة الرجل تعادل شهادة امرأتين....
إذا علمنا أن، داخل المجتمعات المحكومة بالعقل الوجداني العاطفي لا يقبل الشخص أن يٌقوَم و يٌصحَح أو يٌوجَه من قبل مَن يعتقد أنهم دون مستواه في الترتيب الاجتماعي، فكيف يُعقل أن يقبل شخصا كهذا أن ينقاد أو حتى يصغى للمرأة التي منحه الشرع و العرف حق التحكم في زمام أمورها.
إما إذا قال البعض أن السعادة الزوجية هي ضالة كل المجتمعات دون استثناء، نقول أنها قريبة المنال في المجتمعات الغربية المتحضرة منها إلى مجتمعاتنا العربية بحكم هذا المنظور الصراعي الذي يزيد من تعقيد الأمور.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روان الضامن، المديرة العامة لمؤسسة إعلاميون من أجل صحافة إست


.. لينا المومني منسقة منظمة سيكديف بالأردن




.. اختتام أعمال ملتقى عمان الإقليمي وشبكة مناهضة العنف الرقمي ض


.. -اخترت الفن التجريدي كونه يحررني من كافة القيود-




.. تربية الحيوانات الأليفة جزء من الطبيعة التي تعتز بها الريفيا