الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما يحدث في العراق هل هو بداية الفوضى ..

سلمان محمد شناوة

2016 / 4 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


ما يحدث في العراق هل هو بداية الفوضى ..

من المعلوم إن هناك ثلاث مكونات أساسية في العراق تشترك وبشكل قاسي الحياة في العراق , وهم ( الشيعة والسنة والأكراد ) , وهؤلاء مهما قلنا عن ضرورة التعايش المشترك بينها , إلا إن خلفيتها التاريخية قاسية لدرجة إن سالت الدماء بينها لا ثبات الحقوق , أو التمرد أو السيطرة فيما بينها , ومهما حلمنا أو قلنا , عن جمال الثقافة العراقية , وتغنينا بالزمن العراقي القديم , إلا أن هذه المكونات وكأنها أجبرت على التعايش معا بصورة مرعبة وقاسية جدا , لم يقتنع السنة على طول قرون طويلة , إلا إن يكونوا هم السلطة المطلقة في البلد , وحاول الكرد والشيعة الحصول على شبه حكم ذاتي أو على أكثر تقدير وزارة هنا أو هناك .

كثيرا ما تحضر لدينا مقولة الملك فيصل الأول حين قال يصف العراق " أقول وقلبي ملآن أسىً… إنه في اعتقادي لا يوجد في العراق شعب عراقي بعد، بل توجد تكتلات بشرية خيالية، خالية من أي فكرة وطنية، متشبعة بتقاليد وأباطيل دينية، لا تجمع بينهم جامعة، سمّاعون للسوء ميالون للفوضى، مستعدون دائماً للانتفاض على أي حكومة كانت، فنحن نريد والحالة هذه أن نشكل شعبا نهذبه وندرّبه ونعلمه، ومن يعلم صعوبة تشكيل وتكوين شعب في مثل هذه الظروف يجب أن يعلم أيضا عظم الجهود التي يجب صرفها لإتمام هذا التكوين وهذا التشكيل.. هذا هو الشعب الذي أخذت مهمة تكوينه على عاتقي .

العراق بعد 2003 , حاول كل الحكماء , إن تكون السلطة والنفوذ والقوة والمال في العراق قد قسم بشكل متوازن بين هذه المكونات , نقول ليس من فراغ إن تتوزع السلطة في العراق بين هذه المكونات بحيث يكون هناك شبه عرف دستوري إن تتوزع الرئاسة في العراق على هذه المكونات بحيث تكون رئاسة الجمهورية للأكراد و ورئاسة البرلمان للسنة ورئاسة الوزراء للشيعة , ولمدة طويلة تم المحافظة على هذا التوازن وعدم الخروج على هذا التشكيل وهذا الاستحقاق , لان النتيجة في مخالفة هذا التوازن هي بحور من الدم لا بد إن تسيل بين هذه المكونات , لذلك باتت المحاصصة جزء لا يتجزأ من العملية السياسية يتقاسم بها هذه المكونات السلطة والنفوذ والمال ...

الاستقرار على هذه التشكيلة وما عرف بالمحاصصة , جعل هذه الاستقرار يتركز وبصورة مؤذية بيد الكتل الكبيرة والأحزاب , بحيث صار شبه مؤكد ان اي برلماني وعضو محافظة لا يستطيع الخروج على إرادة رئيس الكتلة أو الحزب , وأصبح أعضاء البرلمان مؤمياء متحركة , يتحرك بجهاز تحكم بيد رئيس الكتلة , وأصبحت شخصيته مشوهه , يتم دائما السخرية منها من الشارع العراقي .

أساس كل مشروع أو قانون أو تعاون بين السلطات الثلاث , هو التوافق , وحاول الكل المحافظة على اقل قدر ممكن من التوافق , وأحيانا تبادل المصالح , بحيث يكون هناك حالة تعاون , يتم فيه تمرير قانون خاص بكتل ما , على أساس تمرير قانون أخر فيه منافع لكتلة ثانية , من هذا نجد كثيرا , إن تمرير قوانين يتم في سلة واحدة , بحيث يتم الموافقة على عدة قوانين فيها مصلحة أو منافع للكتل , ومن هذا نرى الأزمة التي تحصل في انتخاب شخصيات تحتل الرئاسات الثلاث , دائما تأتي الموافقة عليها في سلة واحدة .

تحدثننا طويلا حتى وصلنا إلى درجة اليأس , إننا لا نخالف إن يوجد هناك توزيع حصص بين المكونات الرئيسية , ولكن لماذا التمسك بوجوه , تسببت بحالة يأس للشارع العراقي , طويلا طالبنا بتنواقراط , ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب , حتى تسير الأمور بشكل صحيح , لماذا التمسك بنفس الوجوه ولوزارات عديدة , وكأن هؤلاء البقية الباقية من نهج النبوة , او ان الله لم يخلق غيرهم , إلا يعقل , إن الشيعة لا يوجد بينهم رجال قادرين على إدارة دفة الدولة غير هؤلاء , إلا يعقل إن بين السنة , هناك رجال تنوقراط غير هؤلاء قادرين على إدارة الحصة المقررة للسنة .

هنا كان الصراع بين الشارع وبين رؤساء الكتل , الناس يبحثون عن الأفضل , فليختار كل كتلة من بين رجالها الأفضل , ولكن التمسك بنفس الوجوه ولمدة طويلة وضع العراق في سلسلة من الأزمات , لم يكن حلها بسيطا , يأخذ الكثير من الجهد والمال والدماء والتي سالت في العراق وبشكل يومي .

من هنا كانت أزمة حيدر ألعبادي , حاول إيجاد المعادلة الصعبة , بتوظيف شخصيات نزيهة وتنوقراط , شخصيات جديرة بالمناصب الحكومية , شخصيات قادرة وليس مجرد شخصيات كرتونية , ولكن في نفس الوقت حاول المحافظة على حق كل مكون في السلطة والنفوذ والمال , حاول إن يطرح الأسماء , من داخل الكتل ومن داخل الأحزاب والتي تمسك بقوة وبشكل رهيب بالسلطة والنفوذ والمال , حيث طالبهم ألعبادي , إن يكون التنوقراط من بين رجالهم , ولا تكون هناك إي شخصيات مفروضة , داخل الحيز والذي اعتبره المكون حق أساسي له بحيث لا يمكن أبدا التنازل عنه .

لذلك قدم أكثر من مرة كبينة وزارية للبرلمان , قوبلوا بالرفض من البرلمان , لان هؤلاء لم يكونوا لسبب من الأسباب جديرة بثقة بعض الأعضاء البرلمان . ومن هنا وجدنا كذلك الخلاف بين شخصيات كبيرة ( مقتدى الصدر , عمار الحكيم , سليم الجبوري , إياد علاوي , الأكراد والذين طالبوا إن لا تمس التعديل الوزاري شخصياتهم التاريخية في السلطة أو البرلمان , السنة والذين قالوا , إن المشكلة شيعية , و هم متفقون على نفس الشخصيات , وأيضا لابد إن يمس التعديل الوزارة نفوذهم وسلطتهم سواء بالبرلمان أو الحكومة .
محاول إيجاد المعادلة الصعبة , هو الذي فجر الإحداث تحت قبة البرلمان , لان هناك يطالبون بدولة خالية من المحاصصة , وتم رفض كل كبينة وزارية قدمها ألعبادي , من الكتل التي لا زالت تطالب وتعمل , إلا يخرج التعديل الوزارة من حصتهم في كل وزارة .

السؤال المطروح وبقوة وبظل حالة العراق الصعبة والتي مجرد الإحساس بوجود غبن ما , من مكون ما يسيل على أثره نهر من دم , وبظل سياسة أو حكمة عراقية , حاولت إن لا تخرج عن التوافق في إقرار إي قانون مهما كان القانون , هل يكون إلغاء الرئاسات الثلاث وبمثل هذا الشكل , سوف يؤدي إلى الفوضى , خصوصا إن كل مكون سواء الشيعة أو السنة أو الأكراد يملك كل منها مليشيا مسلحة وقوية قادرة إن تدمر البلاد ؟

هل الطريق سوف يفتح بقوة للإرهاب والدم والقتل , اخشي من هذا , لأنه بمجرد إن ينتهي التوافق , من الصعوبة بمكان , إن تجبر قادة الشيعة والسنة والأكراد إن يجلسوا مره أخرى على طاولة واحدة بحيث يتم توزيع المكتسبات بينهم .

معادلة حيدر ألعبادي صعبة وقاسية ولكنها ممكنه بظل التوافق الذي يمكن يحدث تحت قبة البرلمان وفي جلساتهم الخاصة في الكواليس , مهما كانت مأخذنا على قادة الكتل والأحزاب , ولكن هؤلاء كانوا بمقدورهم إجبار جماعاتهم على العودة لبيوتهم , وكان من الحكمة في وقت ما , إن يتم إي إصلاح من خلال قادة الكتل هؤلاء , لان قادة الكتل هؤلاء لو شعروا إتباعهم أنهم غير قادرين على الحصول على حقوق الطائفة , ربما يتمردون حتى على قادتهم و ونحن نعلم ان النزول للشارع صعب ومدمر .

الذي يجمع العراق ألان هو التوافق , ولكن إذا انتهى التوافق , فلا يوجد قانون يجمع هؤلاء تحت سلطته إلا بحاكم مستبد وقوي وشرس , يجبر كل الجماعات على التخلي عن السلاح والعودة إلى دولة ما قبل 2003 , وهذا لا يكون إلا بأنهار من دم , وهذا أيضا أمر صعب جدا , بوجود جيش سني قوي ( داعش ) , والذي يطرح نفسه بديلا للدولة العراقية , وبوجود مليشيات قوية شيعية , هي الوحيدة القادرة للوقوف في وجه داعش ومحاربته , في لحظة انهار بها الجيش العراق , وهو كان عمود الدولة وقوتها وهيبتها .

لا أحاول إن اترك انطباع سيئ , ولكن أحاول إن إقراء المستقبل , بين سطور الحاضر , اخشي من الانقلاب على الدولة وعلى الدستور و ومحاولة إيجاد صيغ جديدة يكون ثمنها الدم ومزيد من الموت , والعراق لم يعد يتسع لمزيد من الموت والقتل .
كنا نأمل أن تنجح معادلة حيدر ألعبادي الصعبة , ولكن اليوم وبعد سقوط رئاسة البرلمان , وبين تفرق الجماعات السياسية وقادتها , كيف يمكن جمعها في مكان واحد , ومحاولة ايجاد صيغة عمل مشترك , الحلول أمام العبادي جدا ضيقة وقليلة وأصبحت مستحيلة , ومهما كانت الكبينة التي سوف يقدمها ألعبادي , فلن تنال موافقة احد بعد اليوم , والحل المطروح وهو إسقاط الرئاسات الثلاث , حل فوضوي وعدمي , ويفتح الباب للمجهول , خصوصا إننا نعلم إن إي انتخابات مبكرة , لن تكون سهلة ولن تكون ممكنة في ظل الأوضاع في البلد اليوم , وكأن السيناريو يسير نحو حرب أهلية , أو يسير نحو انقلاب عسكري و تسيطر به جهة واحدة على إرادة الكل .












التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اتساع رقعة الاحتجاجات في الجامعات الأمريكية للمطالبة بوقف فو


.. فريق تطوعي يذكر بأسماء الأطفال الذين استشهدوا في حرب غزة




.. المرصد الأورومتوسطي يُحذّر من اتساع رقعة الأمراض المعدية في


.. رغم إغلاق بوابات جامعة كولومبيا بالأقفال.. لليوم السابع على




.. أخبار الصباح | مجلس الشيوخ الأميركي يقر إرسال مساعدات لإسرائ